• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة

خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2023 ميلادي - 20/7/1444 هجري

الزيارات: 3183

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (35)

أحداث السنة الثامنة من الهجرة

 

الحمد لله رب العالمين، وأُصلِّي وأسلِّم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

فمرحبًا بكم أيها الكرام في برنامجكم خاتم النبيين، وقد أسلفنا في الحلقة الماضية الحديث عن غزوة ذات الرقاع، وعن مشروعية صلاة الخوف فيها، وأيضًا عن مواقف عظيمة مُشرِّفة للصَّحْب الكِرام رضي الله عنهم في تلك الغزوة، وعرَّجنا أيضًا على حديث أسامة رضي الله عنه في قتل الذي قال: "لا إله إلا الله"، وذكرنا ملابسات ذلك الحَدَث، ثم ختمنا الحلقة بقصة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في إحرامهم لعمرة القضاء، مستلهمين من ذلك عددًا من الدروس والعِبَر من تلك الأحداث الجليلة، وفي حلقتنا هذه نذكر شيئًا من أحداث السنة الثامنة من الهجرة، فمن هذه الأحداث إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن أبي طلحة رضي الله عنهم، ففي شهر صفر من السنة الثامنة من الهجرة قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص رضي الله عنهم إلى المدينة؛ ليسلموا، فلمَّا رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها))، ففي مسند الإمام أحمد وغيره بسند حسن أن عمرو بن العاص رضي الله عنه لما انصرف من الأحزاب قال: جمعت رجالًا من قريش كانوا يرون مكانتي فيهم، ويسمعون منِّي، فقلت لهم: إني رأيت رأيًا فماذا ترون فيه؟ قالوا: وما رأيت? قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي في الحبشة، فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومِنا فنحن عند النجاشي وتحت ولايته، فهو أحَبُّ إلينا من محمد، وإنْ ظهر قومنا على محمد لحقنا بهم وأصبنا خيرًا، فقالوا: إنَّ هذا لهو الرأي الرشيد، فقلت لهم: اجمعوا شيئًا نهديه إلى النجاشي حال قدومنا عليه، فلمَّا قدمنا عليه أهديناه وحدَّثناه، فإذا هو يدخل عمرو بن أمية الضمري أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي في شأن جعفر وأصحابه، فكلَّمه ثم خرج من عنده، يقول عمرو: فخرجنا، ثم استشرت أصحابي في قتل هذا الرسول، وهو عمرو بن أميَّة، فشجعوني على ذلك فرجعت إلى النجاشي وقلت: أيها الملك، إنَّ هذا الرجل الذي خرج من عندك هو رسول رجل عدوٍّ لنا، فأذن لي لأقتله، فغضب النجاشي غضبًا شديدًا، يقول عمرو: فشقَّ ذلك عليَّ كثيرًا، ثم قال النجاشي: أتسألني قتل رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي لموسى؛ ولكن أطعني يا عمرو واتِّبِعْه؛ فإنه والله لعلى الحقِّ، وليظهرن على مَنْ خالفَه، فلمَّا قال النجاشي ذلك لعمرو انشرحَ صدرُ عمرو للإسلام، فترك أصحابه وخرج عامدًا إلى المدينة؛ ليُسْلِم، يقول عمرو: فلقيت خالد بن الوليد وهو خارج من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان? فقال خالد: والله لقد استقام الطريق، وإن هذا الرجل لنبيٌّ حقًّا، فسألحق به لأسلم، فقال عمرو: والله، ما جاء بي إلا هذا، قال عمرو: فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدنا منه خالد فأسلم، وشهد شهادةَ الحَقِّ، وأمَّا أنا فدنوت وقلت: إني أُبايعك على أن يغفر لي ما تقدَّم من ذنبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله، وإنَّ الهجرة تجُبُّ ما كان قبلها))، قال فبايعتُه ثم انصرفت، فلما أسلم خالد وهو من هو في الشجاعة والقوة، وأسلم أيضًا عمرو بن العاص وهو من هو في الدهاء والذكاء والفطنة أسلم الناس بإسلامهما.

 

وروى مسلم في صحيحه أن عمرو بن العاص بعد إسلامه قال: ما كان أحدٌ أحَبَّ إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجَلَّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سُئلت أن أصِفَه ما أطقتُ؛ لأنِّي لم أكن أملأ عيني منه، وأمَّا خالد بن الوليد رضي الله عنه، فكان من قصة إسلامه أنه قال: كنت أعرف محمدًا أنه سيظهر على العرب والعجم، وما زلت أُعاديه وأحبُّ قتله حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في عمرة القضاء، فخرجت أنا مع خيل المشركين وتعرَّضْتُ له مرارًا لأقتله؛ ولكنه يصرف عنِّي، فقلت: الرجل ممنوع ومحروس، فلمَّا صالح قريشًا في الحديبية على الشروط المعروفة، ففكرت في الخروج إلى النجاشي أو إلى هرقل أو غيرهما فأتلبس باليهودية أو النصرانية، فبينما أنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، فتخلَّفت ولم أشهد دخوله بغضًا له، وكان أخي الوليد بن الوليد قد أسلم ودخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبني أخي فلم يجدني، فكتب إليَّ كتابًا يقول فيه: إني لم أرَ أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وأنت مَنْ أنت? وهل مثلك يجهل الإسلام، وقد سألني عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أين خالد?))، فقلت: يأتي به الله، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته مع المسلمين على المشركين لكان خيرًا له، ولقدمناه على غيره))، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك وقد فاتك مواطن صالحة كثيرة، قال خالد: فلما قرأتُ كتابه زادني ذلك رغبةً في الإسلام، ورأيتُ أيضًا كذلك في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجتُ إلى بلاد خضراء واسعة، فقلت: إنها لرؤيا حق، فذكرتُ تلك الرؤيا للمفسِّرين فقالوا: هو مخرجك الذي هداك الله للإسلام، وأمَّا الضيق فهو الشرك، فأجمعتُ نفسي على الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت صفوان بن أمية، فأشرت عليه بصحبتي إلى محمد، فأبى أشدَّ الإباء فافترقنا، فلقيت بعده عكرمة بن أبي جهل، فقلت له بالصحبة، فأبى كذلك أشد الإباء، فذهبت إلى منزلي فارتحلت راحلتي، فلقيت عثمان بن أبي طلحة، فذكرت له الصحبة، فأسرع الإجابة، فاتفقنا على الخروج من مكة بوقت مختلف، وكان موعدنا مكانًا يُقال له يأجج، وهو على بعد من مكة بثمانية أميال، فمن أتى قبل صاحبه فلينتظره، فالتقينا فجرًا في يأجج، ثم غدونا إلى المدينة، فلقينا عمرو بن العاص على راحلته، فقال: مرحبًا بالقوم، ما الذي أخرجكم؟ قلنا: أخرجنا الدخول في الإسلام، قال عمرو: وهذا الذي أخرجني، قال خالد: فاصطحبنا جميعًا حتى دخلنا المدينة، فأنخنا ركابنا بالحرة، فجاء مَنْ أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومنا، ففرح بنا، فلبست من صالح ثيابي، ثم قصدت الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقيت أخي الوليد، فقال: أسرع، فقد جاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومك وأصحابك، فهو ينتظركم، فأسرعنا المشي، فلمَّا رأيته فإذا هو يبتسم إليَّ منذ أن رآني حتى وقفتُ عليه وهو يبتسم، فسلمت عليه، فرَدَّ عليَّ السَّلام بوجْهٍ طَلْق، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلًا رجوت ألا يسلمك إلَّا إلى خير))، فطلب خالد رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بالمغفرة عمَّا مضى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الإسلامُ يجُبُّ ما كان قبله))، وقال خالد بعد إسلامه بسنين: لقد منعني كثيرًا من قراءة القرآن الجهاد في سبيل الله، وكان إسلام هؤلاء الثلاثة في أوائل السنة الثامنة من الهجرة، وأسلم بإسلامهم خلقٌ كثيرٌ، فهؤلاء منهم من اتصف بالشجاعة والقوة؛ كخالد بن الوليد، ومنهم أيضًا من اتصف بالفطنة والذكاء والدهاء؛ وهو عمرو العاص، وأيضًا عثمان بن طلحة كان يملك مفتاح الكعبة، فبعد إسلامهم أسلم بإسلامهم خلق كثير، وفي هذه السنة نفسها أيضًا السنة الثامنة نزل تحريم الخمر التحريم القاطع، وقد كان تحريمها على مراحل: الأولى: هي في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾ [النحل: 67]، فكأنَّ الآية جعلت السَّكَر غير الرزق الحسن، ثم المرحلة الثانية في تحريك الوجدان بقول الله تعالى: ﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 219]، وهذا يُوحي بأن الترك هو الأحسن، والمرحلة الثالثة: حرمت في وقت الصلوات الخمس، وهي خمسة أوقات، وأيضًا متقاربه في قوله تعالى: ﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ [النساء: 43]، ثمَّ جاءت المرحلة الرابعة حيث تهيَّأت النفوس للتحريم النهائي، وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90] الآيات، فقالوا: انتهينا انتهينا، ثم سكب الصحابة رضي الله عنهم ما عندهم من الخمور على اعتياد بعضهم عليها، فما أحسن استجابتهم وأطوعها وأتمَّها رضي الله عنهم وأرضاهم!

 

أيها الكِرام، لعلَّنا نختم حلقتنا تلك ببعض الدروس والعِبَر، ونستكمل سردنا التاريخي في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فمن هذه الدروس والعِبَر الدروس التالية:

الدرس الأول: حسن استثمار المكان والمكانة وتسخيرها في الدعوة إلى الله تعالى، فالنجاشي لما كان في مكانه بالحبشة وبمكانته الكبرى فيها، وجاء إليه عمرو بن العاص قبل إسلامه أرشده النجاشي إلى اتِّباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقال له: إنه على الهدى؛ فكانت الشعلة الكبرى في اتجاه عمرو بن العاص للإسلام، فكلٌّ مِنَّا له مكان ومكانة حسب مستواه العلمي والاجتماعي والتربوي، فماذا لو أدَّى كل مِنَّا ما يجب عليه في المكان والمكانة الخاصين به في دعوة الآخرين حسب قدرته واستطاعته، وحسب ما يحسنه؛ لحصل من ذلك خيرٌ كثيرٌ وكبيرٌ، فالمُعلِّم في مدرسته، والمُعلِّمة في مدرستها، والإمام في مسجده، وكذلك الأب والأم مع أولادهم وهكذا، فلا تحقرنَّ شيئًا تفيد به مسلمًا من المسلمين؛ فذلك صدقة جارية لك بلا مالٍ ولا جهدٍ ولا تعبٍ، وتلك والله الغنيمة الباردة العظيمة، فلنكن كذلك مع الأباعد والأقارب.

 

الدرس الثاني: إن من أهم الأشياء في إسلام خالد سؤالَ النبي صلى الله عليه وسلم عنه في عمرة القضية؛ حيث أخبره أخوه بذلك، فالسؤال عن الآخرين اهتمامًا بهم واطمئنانًا عليهم هو سلوك جميل وجليل خصوصًا إذا تمَّ إرسال السلام إليهم مع هذا السؤال، فهذا ممَّا يوصل القلوب بعضها ببعض، ويوجب المحبَّة، ويُزيل ما في النفوس من غِلٍّ، فالمناسبات واللقاءات والزيارات ونحوها هي مجالات خصبة لتحقيق ذلك الهدف النبيل لا سيَّما إذا كان السؤال من الأكابر عن الأصاغر في حين أن ذلك لا يكلف شيئًا، وهو ضمن كلام الجالسين وحديثهم.

 

الدرس الثالث: في قصة عمرو وخالد أوضح لهما النبي صلى الله عليه وسلم أن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحوه، وفي هذا ترغيب أيما ترغيب في عظيم أثر التوبة على صاحبها، فهي كما أنها تمحو الذنب والخطيئة فهي أيضًا تُبدِّلها بالحسنات، يقول الله تعالى: ﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾ [الفرقان: 70]، وهي أيضًا سبب في فرح الله تبارك وتعالى الشديد الكبير بتوبة عبده، ففي الحديث: ((للهُ أشدُّ فرحًا بتوبةِ عبده))؛ الحديث، وهي أيضًا سببٌ في دعاء الملائكة للتائب، قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]، وهي أيضًا سبب في الدعاء له بدخول الجنة مع الآباء والأزواج والذرية، قال الله تعالى على لسان الملائكة: ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ [غافر: 8]، وهي أيضًا سبب في الوقاية من السيئات، قال تعالى على لسان الملائكة: ﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ﴾ [غافر: 9]، فهذه جملة عظيمة من فوائد التوبة، فكيف لا يقبل العاصي بالتوبة عن معصيته وهو يقرأ ذلك في كتاب الله تعالى صباحًا ومساءً؟! وإنني بالمناسبة أُحذِّر من يستديمون المعصية؛ كالإسبال والعقوق والقطيعة وحلق اللحية والغيبة ونحوها، فأُحذِّر هؤلاء وأمثالهم من مزيد سيئاتهم ونقص حسناتهم مع الوقت، فإنهم لا يعلمون متى تكون نهايتهم لكن لعلهم يرجعون، ولعلهم ينيبون، ولعلهم يتذكرون، والذكرى تنفع المؤمنين.

 

الدرس الرابع: في كتابة الوليد بن الوليد لأخيه خالد بن الوليد يدعوه إلى الإسلام ويخبره بما قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه، في ذلك درسٌ لنا جميعًا أن نتواصى فيما بيننا بالمراسلات التي تُقوِّي الإيمان، وتوثق عرى التقوى، فما أجمل أن يقرأ أخوك رسالةً منك ورقيةً أو في وسائل التواصل تُوصيه فيها بخير أو تُحذِّره من شرٍّ، أو تُشعره بخطأ يجب أن يتخلَّى عنه!

 

فيا أخي الكريم، لا تبخل على نفسك وإخوانك بذلك؛ ولكن عليك بالأسلوب المناسب، وأن تذكر شيئًا من محاسن أخيك قبل أن تذكر له شيئًا من مساوئه، فإن هذا أدعى للقبول والتقبُّل، وأُهنِّئك بالأجر العظيم الذي يعود لك وعليك من خلال ذلك، ومن أمثلة ذلك أن أحدهم أرسل رسالةَ جوَّال لصاحبه، فيها الدلالة على ركعتي الضُّحى فصلَّاها صاحبه بعد تلك الرسالة عشر سنين وما يزال يُصلِّيها فيا بُشراهما جميعًا بذلك الخير العظيم، فاجعل لك مع تلك الرسائل منهجية مدروسة ولا تغفل عنها.

 

الدرس الخامس: عندما يريد أحدُنا عملًا من الأعمال الحسنة، فقد يجد بعض العقبات، فعليه بتجاوزها ما أمكن؛ فإن خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما أراد القدوم على النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام طلب من صفوان بن أمية أن يصحبه، فأبى وردَّ عليه ردًّا سيئًا، وكذلك طلب من عكرمة بن أبي جهل فأبى كذلك أشدَّ الإباء؛ ولكنه تجاوز تلك العقبات وأمثالها، وشد رحله، وخرج إلى المدينة، فهو تجاوز تلك العقبات ولم يقف عندها، فعندما تريد شيئًا حسنًا، فاستمرَّ، ولو وحدك؛ فسيُيَسِّر الله تعالى أمرك، ولا يتوقَّف مشروعك على الآخرين، فمَنْ توكَّل على الله كفاه وأعانه وسدَّدَه.

 

الدرس السادس: عندما قدم خالد بن الوليد على النبي صلى الله عليه وسلم يريد الإسلام، فإن النبي عليه الصلاة والسلام عندما رأى خالدًا من بعد ابتسم وبشَّ في وجهه حتى وصله ورحَّب به؛ ولهذا ذكر خالد بن الوليد هذا وأعجبه، وصار لهذا الفعل البسيط؛ وهو الابتسامة والبشاشة مكانٌ كبيرٌ في نفس خالد بن الوليد، فعلينا جميعًا أيها الكرام حال لقاءاتنا بمن نعرف ومن لا نعرف البشاشة والابتسامة؛ فهي صدقة جليلة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة))، ولم يقيد بالمعرفة أو القرابة والصداقة ونحوهما، وذلك بخلاف من يعبس حتى في وجه من يعرفه حال اللقاء، فالابتسامة سلوك تربوي بديع، يشرق في وجه صاحبك ووجهك أكثر من إشراق الكهرباء، وهو دليل على المحبَّة وسلامة الصدر وطيب النفس.

 

الدرس السابع: تأمَّل كيف كانت استجابة الصحابة رضي الله عنهم عندما حرمت الخمر مع أنها كانت مشروبًا مفضلًا عند الكثيرين منهم؟! ولكن بعد تحريمها كان مكانها الإهراق في السكك والطرق تخليًا عنها واستجابة لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام، فعلينا أن ننظر ما اعتدناه من سلوكنا ممَّا لا يرضي الله تعالى ورسوله، فلنتخلَّى عنه؛ كالغيبة والإسبال والقطيعة والهجر نحوها، فهي سلوكيات سلبية تهدم ولا تبني، ففكِّر أخي الكريم في ساعتك تلك عمَّا وقعت به مما لا يرضي الله تعالى ولا رسوله عليه الصلاة والسلام محاولًا التخلِّي عنه، وأبشر بعد ذلك بالخير العظيم والعميم من الله تعالى الكريم بالإعانة والسداد والرشاد.

 

الدرس الثامن: في إجلال عمرو بن العاص رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه أثرٌ عظيمٌ من آثار الإيمان، وإن كان ذلك من عمرو رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فلنعمل نحن على إجلال سُنَّته بعد وفاته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فعندما تعمل صالحًا أو تترك محرَّمًا ليصحب ذلك العمل والترك إجلال وتعظيم للآمر والناهي، فإن هذا من أسباب الثبات على الإيمان ورسوخ القدم والرغبة في العمل الصالح، وهذا قد لا يحتاج إلى جهد كبير منك إنما هو شعور داخلي يسري في ذهنك وفكرك وقلبك بتعظيم الشعيرة والشارع، فيا بُشْراك إن كان ذلك سجية لك.

 

الدرس التاسع: إنَّ من المبشِّرات الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له، فإنَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه رأى تلك الرؤيا، فكان تأويلُها مِفْتاحَ خيرٍ له، وموقف المسلم من الرؤى أنه قد ورد في الشرع أنها إن كانت صالحةً؛ فإنه يحمد الله تعالى عليها، ويسأل عنها، ويُخبِر بها مَن يحب، وأمَّا إن كانت سيئة فإنه يستعيذ بالله من شرِّها ومن الشيطان، وينفث عن شماله ثلاثًا، ولا يخبر بها أحدًا، فإنَّها بعد ذلك لا تضرُّه بإذن الله تعالى، وإنَّنا لنعتب على بعض إخواننا وأخواتنا أن كل ما كان في منامهم من الخير أو الشر فهو على ألسنتهم للناس سؤالًا وإخبارًا، وهذا مسلك خاطئ وهو من الجهل، فعلى المسلم أن يسلك المسلك الصحيح حفظًا لنفسه ولغيره.

 

وفي الختام أيها الكرام، هذه هي السيرة النبوية ملأى من الدروس والعِبَر والأحكام والحكم، فهي منهج قويم يسير عليه المسلم في دينه ودنياه، فما أجمل أن نجعل لنا مع أولادنا وأنفسنا جلسات مع تلك السيرة المباركة! علمًا وعملًا واستخراجًا لكنوزها من الدروس والعبر ورسمها على أرض الواقع لنا ولأولادنا حتى تتصحح مفاهيمنا وتصوُّراتنا وتحسن أيضًا سلوكيَّاتنا وأقوالنا وأفعالنا، وهي أيضًا باب كبير من أبواب طلب العلم الموصل إلى الجنة بإذن الله تبارك وتعالى، فلنجعل ذلك واقعًا عمليًّا لنا في بيوتنا، فسنعرف أثر ذلك بعد وقت يسير من هذه المُدارسة والمناقشة بيننا وبين أولادنا حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فلا بُدَّ أن يظهر لها أثر؛ لأنها هي المعجزة الخالدة.

 

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده المفلحين الذين لا خوف ولا هم يحزنون، اللهُمَّ أوصلنا دار السلام بسلام، واجعلنا ممَّن يُؤتى الحكمة، واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين، وصلَّى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة
  • خاتم النبيين (33)
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم
  • خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة
  • خاتم النبيين (37)
  • خاتم النبيين (38)
  • خاتم النبيين (39)
  • خاتم النبيين (40)
  • الهجرة وأثرها على الشباب المسلم

مختارات من الشبكة

  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (لا نبي بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (17) الأحداث بين بدر وأحد، وعددها 15 حدثا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (19) تكميل لأحداث غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (22) بعض الأحداث بين أحد والخندق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (21) بعض الأحداث بين أحد والخندق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (20) بعض الحكم والأحكام في أحد مع استكمال بعض أحداثها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب