• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

القول العذب السلسبيل في أنه ليس للكافرين على المؤمنين من سبيل (خطبة)

القول العذب السلسبيل في أنه ليس للكافرين على المؤمنين من سبيل (خطب)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2023 ميلادي - 18/7/1444 هجري

الزيارات: 6952

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القول العذب السلسبيل

في أنه ليس للكافرين على المؤمنين من سبيل


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كُلِّ عملٍ يُقرِّب إلى النار، اللهم آمين.


اعلموا عباد الله أنَّ المؤمنَ عزيزٌ على الله، حبيبٌ إلى الله، فهو مؤيَّدٌ منصورٌ، وعدوُّه مبغوضٌ مقهورٌ، فمن كان الله القويُّ الجبَّارُ معه؛ فما هي قوَّةُ من يعاديْه ويقفُ ضدَّه؟!

 

لكنْ إذا ضعُفَ الإيمانُ في القلوب، وأصبحتْ الآذانُ سمَّاعةً لكلِّ ناهقٍ، ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 47]، والجماهيرُ مطيعةٌ لكلِّ ناعقٍ؛ بحثَ ضعفاءُ الإيمانِ عن القوَّةِ التي عند أعدائهم المعادين، وابتغوا العِزَّةَ عند الكافرين، وطلبوا الرِّفعةَ عند الضالِّين المضلِّين، وانخدعوا بالمهرِّجين! وكلُّ ذلك على حساب الشريعة والدين، والأعراف والتقاليد؛ تقليدًا للمشركين، والإعراضِ عن موالاةِ المؤمنين.

 

فمِنْ عَلَامَاتِ المنافقين مُوَالاةُ الكُفَّارِ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِين، قَالَ تَعَالَى رب العالمين: ﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا * الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾[النساء: 138 - 141].

 

أي والله؛ لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا، وفي هذه المناسبة عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي -الزوجة- الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة تَكُونُ تَحْتَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ الْيَهُودِيِّ، فَتُسْلِمُ هِيَ، قَالَ: (يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ)؛ (طح) (5267)، (عب) (10073)، وصحَّحه الألباني في الإرواء تحت حديث: (1268).

 

فالزوجة إذا أسلمت بانت من زوجها الكافر، لا تحتاج إلى طلاق، ولا تحتاج إلى خُلْع، يكفي إسلامُها للتفريق بينها وبين زوجها، فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.

 

أمَّا العمل عند الأعداء، و[إجارةُ المسلمِ نفسَه -لعدوه- برضاهُ لا يُعَدُّ سبيلًا]؛ الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (4/ 510).

 

هكذا قال العلماء، وكذلك البيع والشراء، وسائر المعاملات المشروعة بيننا وبين أعدائنا، لا يعدُّ سبيلًا لهم علينا.

 

[وبهذا يظهر معنى قوله سبحانه: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾، فالآيةُ على عمومِها وظاهرها، وإنَّما المؤمنون تُصدُر منهم من المعصية والمخالفة التي تضادُّ الإيمان؛ ما يصيرُ به للكافرينَ عليهم سبيلٌ، بحسب تلك المخالفة.

 

فهُم الذين تسبَّبُوا إلى جعل السبيل عليهم، كما تسبَّبُوا إليه يومَ أُحُدٍ بمعصيةِ الرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفتِه، واللهُ سبحانَه لم يجعل للشيطانِ على العبْدِ سلطانًا، حتى جعَلَ لَه العبدُ سبيلًا إليه - فالعبد يجعل للشيطان سبيلًا عليه وإليه وذلك- بطاعتِه والشركِ به، فجعل اللهُ حينئذٍ له عليه تَسَلُّطًا وقَهْرًا.

 

فمن وجدَ خيرًا فليحمدِ اللهَ تعالى، ومن وجدَ غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه]؛ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 101).

 

إذن لا تسألْ عن هذه الآية فتقول: هي مشكلة، ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾، واليوم! أين أمَّةُ الإسلام اليوم؟! وكيف حالُها من الضعف الذي فيها؛ ضعف الإيمان، وهناك قلوب مريضة تعتزُّ بغير الله، وتعتزُّ بما عند أعدائها لتتقوَّى، وتبتغيَ العزَّة من عند غير الله، فماذا حدث لها؟ نسأل الله السلامة، ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾.

 

فالمؤمنُ عزيزٌ وغالٍ عند الله، ولو كانَ من أفقَرِ الناس، أو كانَ من أضعفِ الناس، أو كان من أقبحِ الناس وجْهًا، فالعبرةُ بالإيمانِ، وليس بالمالِ والصورِ والأبدان، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَجَلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) -بدوي- (اسْمُهُ زَاهِرٌ، يُهْدِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ))، (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلَا يُبْصِرُهُ) - النبيُّ صلى الله عليه وسلم جاءه من الخلف، واحتضنه وهو لا يبصرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ أي: لا يراه، حكمه النبيّ صلى الله عليه وسلم كي لا يراه- فَقَالَ الرَّجُلُ -زاهر-: (أَرْسِلْنِي؛ مَنْ هَذَا؟!) فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ لَا يَألُو -أي: لا يقصر- مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: ((مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟)) - مع أنه ليس بعبد، وهو عبد لله، لكن من باب المزاح- (-وَكَانَ زاهر رَجُلًا دَمِيمًا-)؛ -أي: قبيحًا-، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا وَاللهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا)، -لن تربح مني شيئًا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَكِنْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ))؛ (حم) (12669)، (حب) (5790)، وصحَّحه الألباني في مختصر الشمائل: (204)، وصَحِيح الْجَامِع: (2087)، وصحيح موارد الظمآن: (1933)، وفي رواية: ((بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ))؛ (حب) (5790).

 

فما الذي جعله يكون غاليًا؟ هل هو جمالُ وجهِه، أو قوَّةُ بُنْيَتِه، أو كثرةُ ماله؟ لا؛ بل إيمانه بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وموالاة الأعداء لا تكون إلا من ذوي القلوب المريضة بالشهوات والشبهات، من أجل التقوِّي بهم؛ خشية الدوائر، والحصولِ على فتات من فتات الدنيا من عندهم، قَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 51 - 53].

 

فالمؤمنُ مقدَّم على غيره من غير المؤمنين، عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه -كان ممن بايع تحت الشجرة، ثبت ذلك في البخاري، وسكن البصرة، ومات في إمارة ابن زياد، وله عند مسلم في الصحيح حديثان- (أَنَّهُ جَاءَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ) -وأبو سفيان لم يكن قد أسلم بعد، أسلم يوم الفتح أو بعده، ففي تلك اللحظة جاء هو وأبو سفيان- (وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) -جالس و- (حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ)، فَقَالُوا -أي الصحابة-: (هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، وَعَائِذُ بْنُ عَمْرٍو)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((هَذَا عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو سُفْيَانَ، الْإِسْلَامُ أَعَزُّ مِنْ ذَلِكَ، الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى))؛ (هق) (11935)، (قط) (ج3/ ص252/ ح30)، وحسنه الألباني في الإرواء: (1268)، وصَحِيح الْجَامِع: (2778)،

فقدَّم صلى الله عليه وسلم عائذًا المواطنَ العاديَّ، على الرئيسِ المسئولِ؛ أبي سفيان الذي لم يكن قد أسلم حينئذٍ.

 

فالإيمان لا يقاسُ حاملُه بمنظره؛ بل بمخبره، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم- (لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ): ((مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)) - الذي مَرَّ قبل قليل- فَقَالَ: (رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ)، قَالَ: (فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ)، (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) -يسأل نفس الرجل الجالس-: ((مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟))، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الـمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَلَّا يُنْكَحَ) -أي ما أحد يزوجه- (وَإِنْ شَفَعَ أَلَّا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَلَّا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ)، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ((هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا))؛ (خ) (6447).

 

أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

والأسئلة تتوالى: نحن مؤمنون مسلمون والحمد لله، فما السببُ في تسلُّطِ المشركين علينا في مشارق الأرض ومغاربها؟ ولنستمع أيضًا -إعادةً لما سبق تأكيدًا للجواب- والسبب الذي يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا هم المؤمنون أنفسهم، من حيثُ إنهم يجهلون مقدارَ الإيمان الذي تحمله قلوبُهم، ونقْصٌ في التوحيد الذي تُكِنُّه صدورهم، قال ابن القيم رحمه الله: [فمن نقص إيمانُه؛ نقص نصيبُه من النصر والتأييد]، قوةُ الإيمان تأتي بقوة النصر، والتأييد من الله، وضعف الإيمان يضعف نصر الله لنا، نسأل الله السلامة، [ولهذا إذا أصيبَ العبدُ بمصيبةٍ في نفسه أو ماله، أو بإدالِة عدوِّه عليه]، -تكون لعدوه الدولة عليه- [فإنما هي بذنوبه؛ إمَّا بترك واجبٍ، أو فعلِ محرَّمٍ، وهو من نَقْص إيمانه.

 

وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾].

 

• وما زال الكلام لابن القيم رحمه الله: [ويجيب عنه كثير منهم]؛ أي: من العلماء عن هذا المعنى وهذه الآية- [بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الآخرة]، وهذا رأيٌ، وهذا معنى من المعاني [ويجيبُ آخرون بأنه لن يجعلَ] الله [لهم عليهم سبيلًا في الحُجَّة]، حجة المسلمين وأدلتهم أقوى من الكافرين.

 

• يقول ابن القيم-: [والتحقيق: أنها مثل هذه الآيات، وأنَّ انتفاءَ السبيلِ عن] المؤمنين [أهل الإيمانِ الكامل، فإذا ضعُف الإيمانُ؛ صارَ لعدوِّهم عليهم من السبيلِ بحسْبِ ما نَقَصَ من إيمانهم، فهم]؛ أي: المؤمنون [جعلوا لهم عليهم السبيلَ بما تركوا من طاعة الله] سبحانه و[تعالى].

 

[فالمؤمنُ عزيزٌ غالبٌ]، وما زال الكلام لابن القيم رحمه الله [مؤيَّدٌ منصورٌ، مكفيٌّ مدفوعٌ عنه بالذاتِ أينَ كان]، أبشر بقوة إيمانك، والله لن يتسلَّط عليك كافر ولا مشرك، ولا حاقد بأمر الله، قوِّ إيمانك يا عبد الله، قال ابن القيم: [ولو اجتمع عليه من بأقطارها]، الأرض بأكملها يجتمع من عليها لن يضرُّوك إلا بما كتب الله سبحانه وتعالى، هذا [إذا قامَ بحقيقةِ الإيمانِ وواجباته، ظاهرًا وباطنًا].

 

[وقد قال] الله [تعالى للمؤمنين: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، وقال] سبحانه و[تعالى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 35].

 

فهذا الضمانُ إنَّما هو بإيمانِهم وأعمالِهم، التي هي جنْدٌ من جُنُودِ الله]، عندك أنت تستطيع أن تأتي بهذه الجنود، جنودك أنت طاعة الله عز وجل، والبُعْد عن معصية الله، جنديان مهمان تستطيع أن تقهر بهما كل الأعداء بأمر الله، والأعداء ما يتغلبون عليك إلا بضعف هذين الجنديين، نسأل الله السلامة، قال: [فهذا الضمانُ إنَّما هو بإيمانِهم وأعمالِهم، التي هي جنْدٌ من جُنُودِ الله، يحفظُهم بها، ولا يفردُها عنهم]، لا يأخذها منهم ربُّ العِزَّة ولا يقطعها عنهم، [ويقتطُعها عنهم، فيُبْطِلُها عليهم، كما يَتِرُ الكافرينَ والمنافقينَ أعمالَهم؛ إذ كانتْ لغيرِه، ولم تكنْ موافقَةً لأمرِه]؛ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 182، 183).

 

لذلك يا عباد الله كونوا مع الله، كونوا مع الصادقين، كونوا من المتقين، اعملوا على قدر جهدكم وطاقتكم أن تتقرَّبوا إلى الله فيزيل الله عنَّا الهَمَّ ويرفع عنا الغَمَّ، ويجعلنا من الذين نسأل الله أن يجعلنا منهم، ممَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

صلوا على رسول الله، فقد صلى الله عليه في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهُمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهَدْيه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهمَّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجْته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا أو سجينًا أو مهاجرًا إلا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا رب العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين)
  • تفسير: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا)
  • تفسير: (ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار)
  • تفسير: (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا)
  • تفسير: (وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • النهي عن قول المملوك: ربي وربتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: باسم الله أَرقيك، وقول: باسم الله يبريك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قرة العيون بإشراقات قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب