• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: أهمية العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    المرأة بين حضارتين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    رجل يداين ويسامح (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    من فضائل لا إله إلا الله
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين
    د. ربيع أحمد
  •  
    خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ...
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    شموع (111)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة البقرة (8) آيات الصدقة والإنفاق

سورة البقرة (8) آيات الصدقة والإنفاق
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2022 ميلادي - 28/5/1444 هجري

الزيارات: 54209

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (8)

آيات الصدقة والإنفاق


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ، الْجَوَادِ الرَّحِيمِ؛ جَادَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْهُدَى، وَدَلَّهُمْ عَلَى مَسَالِكِ التَّقْوَى، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ طُرُقِ الْهَلَاكِ وَالرَّدَى، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]، فَأَخَذَ بِهِ السُّعَدَاءُ الْفَائِزُونَ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ الْأَشْقِيَاءُ الْخَاسِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ بِالْقُرْآنِ، فَيُطِيلُ الْقِيَامَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، امْتِثَالًا لِأَمْرِ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: 1-4]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعْصُوهُ؛ فَإِنَّ الْمَوْعِدَ قَرِيبٌ، وَالْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَالْجَزَاءَ خُلْدٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي السَّعِيرِ: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 38-39].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الْمُكَرَّرَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَوْضُوعُ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ؛ إِذِ الْآيَاتُ فِيهَا كَثِيرَةٌ؛ فَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ ثَنَاءٌ عَلَى الْمُتَّقِينَ وَهُمْ ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 3]، وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالزَّكَاةِ فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 110]. وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ طَيِّبِ الْمَالِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 267]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَمَرَهُمْ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ أَطْيَبِ الْمَالِ وَأَجْوَدِهِ وَأَنْفَسِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّصَدُّقِ بِرُذَالَةِ الْمَالِ وَدَنِيِّهِ -وَهُوَ خَبِيثُهُ- فَإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لِبَنِي آدَمَ لِيَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِنْفَاقِ ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 268]، «أَيْ: يُخَوِّفُكُمُ الْفَقْرَ، لِتُمْسِكُوا مَا بِأَيْدِيكُمْ فَلَا تُنْفِقُوهُ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعَ نَهْيِهِ إِيَّاكُمْ عَنِ الْإِنْفَاقِ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ، يَأْمُرُكُمْ بِالْمَعَاصِي وَالْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ وَمُخَالَفَةِ الْخَلَّاقِ».

 

وَفِي مَقَامٍ آخَرَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَحْقَ الرِّبَا وَمُضَاعَفَةَ الصَّدَقَةِ، وَحِفْظَ أُجُورِ الْمُزَكِّينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 276-277].

 

وَالزَّكَاةُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي كُلِّفَ بِهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَأُخِذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقُ بِإِيتَائِهَا، لَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهَا وَلَمْ يُؤَدُّوهَا ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 83].

 

وَالزَّكَاةُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 177]. وَهِيَ أَعْمَالٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْعَامِلِينَ بِهَا وَتَقْوَاهُمْ.

 

وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ رَتَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْفَاقَ عَلَى الْغَيْرِ بِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَالْحَاجَةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 215]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَالصَّدَقَةُ تُضَاعَفُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ يَشْمَلُ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، وَالْإِنْفَاقَ عَلَى الْقَرَابَةِ؛ فَكُلُّهَا مُضَاعَفَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 261]، وَمُضَاعَفَةُ الْإِنْفَاقِ إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفَ مُرْتَهَنٌ بِالْإِخْلَاصِ وَحَالِ الْمُنْفِقِ وَالْمُنْفَقِ عَلَيْهِ.

 

وَحَذَّرَ سُبْحَانَهُ مِنَ الْمَنِّ وَالْأَذَى فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِبْطَالِهَا، وَذَهَابِ أَجْرِهَا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 262-263]؛ فَرَدُّ السَّائِلِ بِكَلَامٍ طَيِّبٍ، وَدُعَاءٍ مُبَارَكٍ؛ خَيْرٌ مِنْ إِعْطَائِهِ مَعَ الْمَنِّ عَلَيْهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ.

 

وَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْمَنِّ وَالْأَذَى فِي صَدَقَاتِهِمْ، وَضَرَبَ مَثَلًا عَظِيمًا لِمَنْ يُنْفِقُ مُرَائِيًا، وَلِمَنْ يُنْفِقُ مُخْلِصًا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 264]، فَإِنْفَاقُهُ كَتُرَابٍ عَلَى حَصَاةٍ مَلْسَاءَ، إِذَا انْهَمَرَ عَلَيْهَا الْمَطَرُ زَالَ التُّرَابُ عَنْهَا، وَبَانَ أَنَّهَا لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَيَزُولُ أَجْرُ الْمُنْفِقِ رِيَاءً كَزَوَالِ التُّرَابِ مِنْ عَلَى الصَّخْرَةِ الْمَلْسَاءِ إِذَا أَصَابَهَا الْمَاءُ. «وَالْمَعْنَى فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَحْصُدُونَ مِنْهُ زَرْعًا».

 

وَأَمَّا الْمُخْلِصُونَ فِي نَفَقَاتِهِمْ، فَنَفَقَاتُهُمْ كَجَنَّةٍ أَرْضُهَا طَيِّبَةٌ، إِذَا نَزَلَ عَلَيْهَا مَطَرٌ عَظِيمٌ تَضَاعَفَتْ ثَمَرَتُهَا، وَإِذَا أَصَابَهَا مَطَرٌ خَفِيفٌ أَثْمَرَتْ بِحَسَبِ مَا أَصَابَهَا، لَكِنَّهَا تُثْمِرُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ الْمُخْلِصُونَ فِي نَفَقَاتِهِمْ يَجِدُونَ أَجْرَهُمْ مُدَّخَرًا لَهُمْ بِحَسَبِ إِخْلَاصِهِمْ ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 265]، «وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ لَهُ ثَوَابٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ -مَعَ ذَلِكَ- مُتَفَاوِتٌ عَلَى تَفَاوُتِ مِقْدَارِ الْإِخْلَاصِ فِي الِابْتِغَاءِ وَالتَّثْبِيتِ كَمَا تَتَفَاوَتُ أَحْوَالُ الْجَنَّاتِ الزَّكِيَّةِ فِي مِقْدَارِ زَكَائِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُخَيِّبُ صَاحِبَهَا».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَالْإِخْلَاصَ فِي أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا وَنَفَقَاتِنَا وَصَدَقَاتِنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَاتٌ مُتَوَالِيَةٌ فِي ذِكْرِ الْإِنْفَاقِ وَفَضْلِهِ وَأَجْرِهِ، وَجُمْلَةٌ مِنْ أَحْكَامِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 270]، وَعِلْمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِنْفَاقِ يَقْتَضِي جَزَاءَهُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ نَفَقَةَ فَرْضٍ أَمْ نَافِلَةٍ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لِلْإِخْلَاصِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ جَوَازَ إِظْهَارِ النَّفَقَةِ لِمَصْلَحَةٍ إِذَا تَحَقَّقَ الْإِخْلَاصُ فِيهَا، وَأَنَّ الْإِسْرَارَ بِهَا أَفْضَلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي إِعْلَانِهَا مَصْلَحَةٌ ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 271].

 

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ إِنْفَاقَ الْمُنْفِقِينَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 272].

 

ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ جُمْلَةً مِنْ صِفَاتِ مَنْ يَسْتَحِقُّونَ الصَّدَقَةَ؛ لِيَعْرِفَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَتَقَعَ صَدَقَتُهُ فِي مَوْقِعِهَا ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 273].

 

وَمَنِ اعْتَادَ الْإِنْفَاقَ أَنْفَقَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ مَا خُتِمَتْ بِهِ آيَاتُ الْإِنْفَاقِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 261]، فَيُخْفُونَ صَدَقَاتِهِمْ حَيْثُ يَسْتَطِيعُونَ، وَيُعْلِنُونَ بِهَا حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْإِخْفَاءَ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي الْإِنْفَاقِ.

 

وَبِهَذَا يَظْهَرُ كَثَافَةُ ذِكْرِ الصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ؛ لِمَكَانَتِهَا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَلْحَظُ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَتِهَا فَقَالَ: «اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موضوعات سورة البقرة (1)
  • موضوعات سورة البقرة (2)
  • موضوعات سورة البقرة (3)
  • موضوعات سورة البقرة (4)
  • موضوعات سورة البقرة (5)
  • موضوعات سورة البقرة (6)
  • موضوعات سورة البقرة (7)
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)
  • لمن تحل الصدقة؟
  • سورة البقرة (10) تطهير البيت وبناؤه
  • سورة البقرة (11) آيات الحج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الوسطية منهج وقيمة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مائدة التفسير: سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة العصر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أستراليا: مظاهرة مناهضة لبناء مسجد تنتهي بوضع رأس خنزير على سوره(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/1/1447هـ - الساعة: 16:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب