• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى: عيدنا طاعة وعبادة
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    خطبة عيد الأضحى: الامتثال لأوامر الله
    محمد بن عبدالله بن فياض العلي
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الثابتون على الحق (7) خباب بن الأرت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    { فلا اقتحم العقبة }
    ماهر غازي القسي
  •  
    خطبة العيد بين التكبير والتحميد
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    تفسير: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات صحة القلب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    علو الهمة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    المرأة في القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    خواتيم الأعمال.. وانتظار الآجال (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

شبهة تعارض آيات في القرآن والرد عليها

شبهة تعارض آيات في القرآن والرد عليها
د. محمد أحمد صبري النبتيتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/11/2022 ميلادي - 7/4/1444 هجري

الزيارات: 12811

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شبهة تعارض آيات في القرآن والرد عليها

 

شبهة مكونة من شقين:

الأول: يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [البقرة: 146]، ويقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [الأنعام: 114].

 

هذا في العلم بأنه صلى الله عليه وسلم على الحق؛ لكن يقول تعالى من موضع آخر: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ [الشورى: 14]، وغيرها من الآيات، كيف يجمع بينهما؟

 

والشق الثاني: وهو شك المشركين، هل هم في شك من أنه صلى الله عليه وسلم على حق كما في بعض الآيات أم أنهم يعلمون أنه على الحق كما في آيات أخرى؟

 

واسمح لي أن أخبرك بسعادتي في التواصل معك، وإعجابي بأسلوبك في الكتابة وتدبُّرك لآيات الله وجَمْعِكَ الجميل بين الآيات؛ وهذا يدلُّ على أنك قارئ ممتاز لكتاب الله ومُتدبِّر جيد، أمَّا ردِّي فهو كالتالي:

فإن مثل استشكالك هذا استشكلَه بعضُ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا استشكالاتهم له صلى الله عليه وسلم، فأجابهم بما يقرُّ أعينهم ولم يُعنِّفهم، ومثاله: ما أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لما نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، فظاهر هذه الآية ﴿ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ بأيِّ ظلم، مَن الذين وُعِدوا بالأمن والاهتداء في الآخرة، ولهم نصيب بذلك في الدنيا؟ هم الذين لم يلبسوا إيمانهم- لم يخلطوا إيمانهم- بظلم، "فشق ذلك على المسلمين، وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟"فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس ذلك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]))؛ [الحديث أخرجه مسلم، حديث (124)، وأخرجه البخاري في "كتاب الإيمان"، "باب ظلم دون ظلم"، حديث (32)، وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير، "باب ومن سورة الأنعام"، حديث (3067)].

 

فمثل هذه الاستشكالات والاستفسارات ما دامت لطلب الحق واليقين فلا حرج فيها، أمَّا بالنسبة إلى سؤالك الجميل:

الشق الأول:

هنالك آيتان وهما: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146]، ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 20].

 

قال شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري في تفسير الآية الأولى: يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ﴾ أحبارَ اليهود وعلماء النصارى، يقول: يعرف هؤلاء الأحبارُ من اليهود، والعلماءُ من النصارى أن البيتَ الحرام قِبْلتُهم وقِبْلةُ إبراهيم وقبلةُ الأنبياء قبلك، كما يعرفون أبناءَهم؛ (جامع البيان ٧٦٦/١).

 

وقال في تفسير الثانية: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾ التوراة والإنجيل، يعرفون إنما هو إله واحد لا جماعة الآلهة، وأن محمدًا نبيُّ مبعوثٌ ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾؛ (جامع البيان ٣١٤٨/٣).

 

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والمُرادُ بِقَولِهِ: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾ أحْبارُ اليَهُودِ والنَّصارى؛ ولِذَلِكَ عُرِّفُوا بِأنَّهم أُوتُوا الكِتابَ؛ أيْ: عَلِمُوا عِلْمَ التَّوْراةِ وعِلْمَ الإنْجِيلِ.

 

وقَوْلُهُ: ﴿ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ بِالعِنادِ في أمْرِ القِبْلَةِ، وفي غَيْرِهِ مِمَّا جاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وذَمٌّ لَهم بِأنَّهم يَكْتُمُونَ الحَقَّ وهم يَعْلَمُونَهُ، وهَؤُلاءِ مُعْظَمُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ قَبْلَ ابْنِ صُورِيَّا وكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، فَبَقِيَ فَرِيقٌ آخَرُ يَعْلَمُونَ الحَقَّ ويُعْلِنُونَ بِهِ، وهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اليَهُودِ قَبْلَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلامٍ، ومِنَ النَّصارى مِثْل تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وصُهَيْبٍ.

 

أمَّا الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ الحَقَّ فَضْلًا عَنْ أنْ يَكْتُمُوهُ فَلا يُعْبَأُ بِهِمْ في هَذا المُقامِ ولَمْ يَدْخُلُوا في قَوْلِهِ: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾ ولا يَشْمَلُهم قَوْلُهُ: ﴿ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ﴾.

 

وقال ابن كثير في تفسير الآيتين: يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَ صِحَّة مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ كَمَا يَعْرِفُ أحدُهم وَلَدَه؛ (عمدة التفسير ( ١٧٧/١، وانظر صفحة ٦٧٣ -٦٧٤).

 

 

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [الأنعام: 114]، يقول ابن كثير: ﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾؛ أَيْ: مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، ﴿ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾؛ أَيْ: بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ (عمدة التفسير ٧١٤/١).

 

وكذلك المشركون من غير أهل الكتاب يعلمون صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكنهم بسبب ظلمهم يجحدون آيات الله، قال تعالى: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33].

 

والله سبحانه حينما يرسل رسولًا يرسل معه من الآيات ما يجعل قومه يُوقِنون بصدقه، فكيف بأشرفهم صلى الله عليه وسلم الذي قال أبو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى الله إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

 

أخرجه مسلم حديث (152)، وأخرجه البخاري في "كتاب فضائل القرآن"، باب كيف نزل الوحي وأول ما نزل"؛ حديث (4981).

 

أما بالنسبة إلى قوله تعالى: ﴿ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ [الشورى: 14].

 

قال القرطبي: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ ﴾ يُرِيدُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ﴿ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾؛ أَيْ: مِنْ بَعْدِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقِّ ﴿ لَفِي شَكٍّ ﴾ مِنَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَالْكِتَابُ هُنَا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَقِيلَ: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ ﴾: قريش، ﴿ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ من بعد اليهود النصارى، ﴿ لَفِي شَكٍّ ﴾ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى ﴿ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ مِنْ قَبْلِهِمْ، يَعْنِي مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَهُمُ الْيَهُودُ والنصارى.

 

وقال السعدي: ﴿ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾؛ أي: لفي اشتباه كثير، يوقع في الاختلاف، حيث اختلف سلفُهم بغيًا وعِنادًا، فإن خلفهم اختلفوا شكًّا وارتيابًا، والجميع مشتركون في الاختلاف المذموم.

 

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ يَعْنِي: الْجِيلَ الْمُتَأَخِّرَ بَعْدَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ الْمُكَذِّبِ لِلْحَقِّ ﴿ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾؛ أَيْ: لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ مُقَلِّدُونَ لِآبَائِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ، بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرهان، وَهُمْ فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَشَكٍّ مُرِيبٍ، وَشِقَاقٍ بَعِيدٍ.

 

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: فالمُخْبَرُ عَنْهم بِأنَّهم في شَكٍّ: هُمُ الَّذِينَ أُورِثُوا الكِتابَ مِن بَعْدِ سَلَفِهِمْ.

 

وقَدْ جاءَ نَظْمُ الآيَةِ عَلى أُسْلُوبِ إيجازٍ يَحْتَمِلُ هَذِهِ المَعانِيَ الكَثِيرَةَ وما يَتَفَرَّعُ عَنْها، فَجِيءَ بِضَمِيرِ (مِنهُ) بَعْدَ تَقَدُّمِ ألْفاظٍ صالِحَةٍ لِأنْ تَكُونَ مَعادَ ذَلِكَ الضَّمِيرِ، وهي لَفْظُ (الدِّينِ) في قَوْلِهِ: ﴿ مِنَ الدِّينِ ﴾، ولَفْظُ (الَّذِي) في قَوْلِهِ: ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الشورى: 13] و(ما) المَوْصُولَةُ في قَوْلِهِ: ﴿ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الشورى: 13]، وهَذِهِ الثَّلاثَةُ مَدْلُولُها الإسْلامُ، وهُنالِكَ لَفْظُ (ما وصَّيْنا) المُتَعَدِّي إلى مُوسى وعِيسى، ولَفْظُ (الكِتابِ) في قَوْلِهِ: ﴿ وإنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الكِتابَ ﴾، وهَذانِ مَدْلُولُهُما كِتابا أهْلِ الكِتابِ.

 

وهَؤُلاءِ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ هُمُ المَوْجُودُونَ في وقْتِ نُزُولِ الآيَةِ، والإخْبارُ عَنْهم بِأنَّهم في شَكٍّ ناشِئٌ مِن تِلْكَ المُعاداتِ لِلضَّمِيرِ، مَعْناهُ: أنَّ مَبْلَغَ كُفْرِهِمْ وعِنادِهِمْ لا يَتَجاوَزُ حالَةَ الشَّكِّ في صِدْقِ الرِّسالَةِ المُحَمَّدِيَّةِ؛ أيْ: لَيْسُوا مَعَ ذَلِكَ بِمُوقِنِينَ بِأنَّ الإسْلامَ باطِلٌ؛ ولَكِنَّهم تَرَدَّدُوا ثُمَّ أقْدَمُوا عَلى التَّكْذِيبِ بِهِ حَسَدًا وعِنادًا، فَمِنهم مَن بَقِيَ حالُهم في الشَّكِّ، ومِنهم مَن أيْقَنَ بِأنَّ الإسْلامَ حَقٌّ، كَما قالَ تَعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146]، ويُحْتَمَلُ أنَّ المَعْنى لَفي شَكٍّ بِصِدْقِ القُرْآنِ أوْ في شَكٍّ مِمّا في كِتابِهِمْ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَفَرَّقُوا فِيها، أوْ ما في كِتابِهِمْ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى مَجِيءِ النَّبِيِّ المَوْعُودِ بِهِ وصِفاتِهِ.

 

فَهَذِهِ مَعانٍ كَثِيرَةٌ تَتَحَمَّلُها الآيَةُ، وكُلُّها مُنْطَبِقَةٌ عَلى أهْلِ الكِتابَيْنِ، وبِذَلِكَ يَظْهَرُ أنَّهُ لا داعِيَ إلى صَرْفِ كَلِمَةِ (شَكٍّ) عَنْ حَقِيقَتِها.

 

وفي قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ [هود: 110]، قال السعدي: وبقوا في شكٍّ منه مريب.

 

وإذا كانت هذه حالهم مع كتابهم، فمع القرآن الذي أوحاه الله إليك، غير مستغرب، من طائفة اليهود، ألَّا يؤمنوا به، وأن يكونوا في شكٍّ منه مريب.

 

والخلاصة أخي الحبيب من كلام العلماء الذي نقلتُه، أن قول العلماء فيما يعود عليه الضمير في قوله تعالى: ﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾ سواء كان القِبْلة أو الإسلام أو التوحيد أو الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم، وإن كان أشمل الأقوال وأعمُّها قولَ ابن كثير المتقدِّم، وهو صحة ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا معلوم لأحبارهم علمًا يقينيًّا؛ لما ذكره الله من صفاته وصفات أصحابه في كتابيهما؛ بل كانوا يستفتحون به على العرب؛ ولكن الشك الذي حصل، فهو إما أن يكون شكُّهم- أي: الأحبار- بما معهم من التوراة والإنجيل، فكيف بما بعدهما من القرآن، وهذا يظهر من قوله تعالى: ﴿ مِنْهُ ﴾، وإما أن يكون من فريق منهم وهو عامَّتُهم؛ لجهلهم بما في التوراة والإنجيل، وإما أن يكون معنى الشك؛ أي: إنهم لم يؤمنوا بالقرآن والرسول لمجرد الشك؛ لا ليقينهم ببطلان الإسلام، وهذا يتطلب منهم مزيد بحث؛ لا العمل بالظن والشك، وإما أن يكون هنالك فريقان: فريق يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وهو منقسم إلى قسمين: من آمن بمجرد العلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما قصَّ الله علينا من خبرهم في المائدة والإسراء، ومنهم مَن أصَرَّ على عناده وكِبْره.

 

والفريق الثاني: من ليس له علم؛ ومِن ثَمَّ هو في شكِّه وريبه يتردَّد، وإما أن يكون من يعرفون ما جاء به الرسول حق المعرفة هم الشاكُّون؛ لأن المعرفة التي لا تدفع إلى الإيمان لا تُثمِر يقينًا؛ بل تنتج الشك والريب، فكم من أناسٍ لمرض قلوبهم وهواها لم يزدادوا بالمعرفة إلا شكًّا وريبًا، واقرأ قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10]، وقوله: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110]، بخلاف المؤمن منهم الذي سرعان ما يدخل في الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 83]، وقال: ﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 107 - 109]، وقال: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [التوبة: 124].

 

أما بالنسبة لشقِّ سؤالك الثاني، وهو (شك المشركين: هل هم في شك من أنه صلى الله عليه وسلم على حق كما في بعض الآيات أم أنهم يعلمون أنه على الحق كما في آيات أخرى؟)، ففي الخلاصة السابقة ردٌّ عليها أيضًا، بالإضافة إلى أن المشركين كانوا يعلمون صدق النبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، ثم بعث الله معه من الدلائل والبراهين ما يؤمن به البشر كما قدمنا في الحديث السابق؛ ولكنهم شكُّوا في بعض الأمور وغالبها إن لم يكن كلها راجعٌ إلى عدم قدرهم لله حق قدره وعدم معرفتهم بقدرة الله الكاملة؛ كشكِّهم في حادثة الإسراء مثلًا، وشكهم في البعث، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [الجاثية: 32]، وقال: ﴿ يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً * قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ﴾ [النازعات: 10 - 14].

 

وأخيرًا أنصح بإدمان النظر في كتب المفسِّرين؛ ليظهر لك دُررُهم وكنوزُهم وليذهب عنك استشكالك وحيرتك في بعض الآيات، وسيكون لك شأنٌ كبيرٌ بإذن الله، ومن الكتب المؤلفة في ذلك: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي، وهذه قائمة في هذا الرابط تُعنى بالمشكل من الآيات:

https://vb.tafsir.net/tafsir47601/


والحمد لله أولًا وآخرًا على نعمة الإيمان واليقين، ونعوذ بالله من الكُفْر والارتياب، ونسأله الثبات حتى الممات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ترتيب الآيات في القرآن الكريم
  • مشاهد من عبودية الطير في القرآن
  • القرآن واللبن: شاربهما ممدوح أم مذموم

مختارات من الشبكة

  • شبهات حول القرآن (2) شبهات علمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية في القرآن الكريم: توجيهات تربوية لبعض آيات القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شبهة استدلال المعتزلة على أن القرآن الكريم مخلوق بآية متشابهة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهة والرد عليها في حجية السنة: الاستدلال بآية (وما آتاكم الرسول فخذوه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول القرآن والرد عليها(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • شبهة حول تدبر القرآن والرد عليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهة دليل الأعراض (حلول الحوادث) والرد على الشبهات المتعلقة بذلك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صحيح ما ورد في فضائل آيات وسور القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 18:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب