• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

من أقوال السلف عن عالم القبور وأحوال أهلها

من أقوال السلف عن عالم القبور وأحوال أهلها
فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/10/2022 ميلادي - 22/3/1444 هجري

الزيارات: 40030

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أقوال السلف عن عالم القبور وأحوال أهلها

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:

فلكل شيء نهاية، ونهاية الإنسان في هذه الحياة الدنيا الموتُ، ثم الدفن في القبور إلى يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين فيحاسبهم على أعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشر.

 

القبور ظاهرها تراب، وهي في الحقيقة إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، فما هي حال المشيعين للموتى إلى تلك القبور؟ يقول الإمام الغزالي رحمه الله: "اعلم أن الجنائز عِبْرَةٌ للبصير، وفيها تنبيه وتذكير، قال أسيد بن حضير: ما شهدت جنازة فحدثتني نفسي بشيء سوى ما هو مفعول به، وما هو صائر إليه".

 

وقال الأعمش: "كنا نشهد الجنائز، فلا ندري من نعزي لحزن الجميع".

 

هكذا كان خوفهم عند الموت، والآن لا ننظر إلى جماعة يحضرون جنازة إلا وأكثرهم يضحكون ويلهون، ولا يتفكر واحد منهم إلا ما شاء الله في جنازة نفسه، وفي حاله إذا حُمل عليها، ولا سببَ لهذه الغفلة إلا قسوةُ القلب بكثرة المعاصي والذنوب، حتى نسينا الله تعالى واليوم الآخر، والأهوال التي بين أيدينا، فصرنا نلهو، ونغفل، ونشتغل بما لا يعنينا، فنسأل الله تعالى اليقظة من هذه الغفلة، فإن أحسن أحوال الحاضرين على الجنائز بكاؤهم على الميت، ولو عقلوا لبكَوا على أنفسهم، لا على الميت.

 

كم في القبور من مواعظَ وعِبَرٍ، لو كانت القلوب حية! نسأل الله الكريم الرحيم أن يوقظ قلوبنا من غفلتها.

 

للسلف أقوال عن عالم القبور وأحوال أهلها، يسر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

أول عدل الآخرة القبور:

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "قال بعضهم: إذا أردت صورة مصغَّرة ليوم القيامة، فاخرج إلى المقبرة تجد فيها الشريف والوضيع، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، كلهم سواء، كلهم تحت التراب... ما هناك أحد له قصرٌ، ولا أحد عنده خدم، ولا أحد عنده شيء، ولهذا قيل: أول عدل الآخرة القبور، ومما يدل على ذلك قصة الأعرابي؛ حيث جاء أعرابي إلى بلد فيها حاكم، فإذا الحاكم قد مات، فسأل عنه فقالوا: إنه مات، قال: أين ذهب؟ قالوا: ذهب إلى المقبرة، فجاء إلى المقبرة يرى الأبهة يريد الخدم والحشم، فلما دخل لم يجد إلا حفَّار القبور، قال: أين الحاكم الفلاني؟ قال: الحاكم الفلاني هذا، قال: يا ويله، ثم قال: وهذا الذي بجواره ما هو؟ قال: هذه امرأة عجوز ناقصة عقل مشهورة في السوق، وكان قبرها مرشوشًا إذ إنها قد دُفنت قريبًا، وقبر الحاكم يابس، قال: يا ويله هذه تُسقى ماء وهذا لا يُسقى ماء، وجلس يتعجب، فقال له حفار القبور: هذا الأمر كما رأيت... فهذا هو العدل رجل حاكم لا يُدخَل عليه إلا باستئذان وامرأة ناقصة العقل هما سواء".

 

وجودُ قبورٍ أجسادُ أصحابها صحيحة في سنة (276هـ):

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "في هذه السنة انفرج تلٌّ بنهر الصلة في أرض البصرة يعرف بتل بني شقيق، عن سبعة أقْبُرٍ في مثل الحوض، وفيها سبعة أبدان صحيحة أجسادهم وأكفانهم يفوح منها ريح المسك، أحدهم شاب وله جمة، وعلى شفته بلل كأنه قد شرب ماء الآن، وكأن عينيه مكحلتان وبه ضربة في خاصرته، وأراد أحدهم أن يأخذ من شعره شيئًا فإذا هو قوي الشعر كأنه حي فتركوا على حالهم".

 

صرف أبصار العباد عن مشاهدة ما يحدث للميت في قبره لئلا يتدافنوا:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "الميت قد يُشاهَد في قبره، حال المسألة، لا أثر فيه من إقعاد وغيره، ولا ضيق في قبره ولا سعة... والظاهر أن الله تعالى صرف أبصار العباد وأسماعهم عن مشاهدة ذلك، وستره عنهم إبقاء عليهم لئلا يتدافنوا".

 

العمل الصالح مهاد الإنسان في قبره:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ﴾ [الروم: 44]؛ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "قال بعض السلف: في القبر؛ يعني: إن العمل الصالح يكون مهادًا لصاحبه في القبر؛ حيث لا يكون للعبد من متاع الدنيا فراش ولا وساد ولا مهاد، بل كل عامل يفترش عمله ويتوسَّده من خير أو شر".

 

الاضطجاع في القبر من باب الموعظة عمل غير سديد:

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "بعض الناس يذهب إلى المقابر، ويضطجع في القبر، يقول: إني أفعل ذلك من باب الموعظة نقول: هذا ليس بسديد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: اضطجعوا في القبور فإنها تذكر الآخرة، بل قال: ((زوروا القبور))؛ فزيارة القبور يحصل بها من الاتعاظ وتذكُّر الآخرة ما لا يحصل بهذا، فهذا لا ينبغي فعله، والإنسان إذا كان لا يتعظ إلا إذا اضطجع في القبر، فهذا معناه أن قلبه أقسى من الحجر".

 

وقال رحمه الله: "كان بعض الناس فيما سبق يحفرون قبورًا لهم، ومِنَ الناس مَن أحدثوا في هذه بدعة، وصار كل يخرج يوم إلى هذا القبر الذي حفر ويضطجع فيه، ويزعم أن هذا موعظة وتذكير، ولا شك أن هذا بدعة".

 

حفر الإنسان لقبره قبل أن يموت:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا يُستحَبُّ للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك هو ولا أحد أصحابه، وأيضًا فإن الله تعالى يقول: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ [لقمان: 34]، والعبد لا يدري أين يموت، وكم من أعد له قبرًا وبنى عليه بناءً، وقُتل أو مات في بلد آخر! وإذا كان مقصود الرجل الاستعداد للموت، فهذا يكون بالعمل الصالح".

 

أثر الإيمان بعذاب القبر ونعيمه:

قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: "الميت يُعذَّب في البرزخ أو يُنَعَّم، سواء قُبِرَ أم لم يُقْبَرْ، فإن كان من أهل الخير ناله النعيم والفرح والسرور، وإن كان من أهل الشر ناله العذاب والألم والحزن الشديد، ويبقى كذلك كلٌّ منهما في هذا البرزخ الذي هو بين الدنيا والآخرة.

 

ويؤمن المؤمنون بأن هذا البرزخ حاجز بين الدنيا والآخرة، وأن الإنسان بعد مفارقته للدنيا لا تنعدم روحه، أما بدنه، فإنه ينعدم ويفنى، قد تأكله الأرض ويصير ترابًا ورفاتًا، وقد يُحرق ويُذرى ولا يبقى له بقية، ولكن روحه تبقى، وهي التي يكون عليها العذاب والنعيم، ويقدِّر الله أن يوصل إلى بدنه - ولو كان ترابًا - ما يتألم به أو ما يتنعم به.

 

والعبد متى آمن بهذا استعدَّ له، فمتى صدَّقت بأن هذا القبر إما نعيم، وإما جحيم، حملك ذلك على أن تتأهب بالأعمال الصالحة وبالعقيدة السليمة، حتى تنجو من العذاب، وحتى تَسْلَمَ منه، وحتى تظفر بالنعيم الذي هو مقدمة بين يدي نعيم الآخرة".

 

قد يُكشف لبعض الناس عن عذاب القبر:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: "عذاب القبر ثابت بالقرآن، والسنة، والحِسِّ، أدلة الحس: أنه قد يُكشف لبعض الناس عن عذاب القبر، واسأل الذين يكونون ليلًا عند المقابر تسمع عنهم ما يعجب؛ فأحيانًا يسمعون صياحًا عظيمًا، وإفظاعًا، وأهوالًا؛ مما يدل على ثبوت عذاب القبر".

 

عذاب القبر عذاب دائم، وعذاب منقطع:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "عذاب القبر... نوعان:

نوع دائم، سوى ما ورد في بعض الحديث أنه يخفف عنهم ما بين النفختين؛ فإذا قاموا من قبورهم قالوا: ﴿ يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ﴾ [يس: 52].

 

ويدل على دوامه قوله تعالى: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ﴾ [غافر: 46].

 

ويدل عليه ما تقدم في حديث سمرة الذي رواه البخاري في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((فهو يُفعَل به بذلك إلى يوم القيامة)).

 

النوع الثاني: إلى مدة، ثم ينقطع، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفَّت جرائمهم، فيعذب بحسب جرمه، ثم يخفف عنه، كما يعذب في النار مدة، ثم يزول عنه العذاب، وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء، أو صدقة، أو استغفار، أو ثواب حج...".

 

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: "عذاب القبر على نوعين:

النوع الأول: عذاب دائم وهو عذاب الكافر؛ كما قال تعالى: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ﴾ [غافر: 46].

 

الثاني: يكون إلى مدة ثم ينقطع؛ وهو عذاب بعض العصاة من المؤمنين، فيُعذَّب بحسب جرمه ثم يخفف عنه، وقد ينقطع عنه العذاب بسبب دعاء أو صدقة أو استغفار.

 

من قيل له في قبره: "نَمْ صالحًا"، فهذا حاله أحسن من الدنيا بألف مرة:

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((أبدله دارًا خيرًا من داره))؛ الدار الذي سينتقل إليها أول ما ينتقل من الدنيا هي القبر، لكن هل يمكن أن تكون خيرًا من داره؟

 

الجواب: نعم، ولولا ذلك ما دعا الرسول بها؛ إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعو بأمر محال، والقبر يكون خيرًا من الدنيا إذا فُسح للإنسان مدَّ بصره، وقيل له: نم صالحًا، وفُتح له باب إلى الجنة، أتاه من روحها ونعيمها، وفُرش له من الجنة، فمن كانت هذه حاله، فوالله إنها أحسن من الدنيا بألف مرة، بل ولا يُنسب".

 

الإنسان في قبره إما في نعيم وإما في عذاب:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الإنسان منذ أن تفارق روحُه بدنَه هو إما في نعيم وإما في عذاب، فلا يتأخر النعيم والعذاب عن النفوس إلى حين القيامة العامة، وإن كان كماله حينئذٍ، ولا تبقى النفوس المفارقة لأبدانهما خرجة عن النعيم والعذاب ألوفًا من السنين إلى أن تقوم القيامة الكبرى؛ ولهذا قال المغيرة بن شعبة: أيها الناس، إنكم تقولون: القيامةَ، القيامةَ، وإنه من مات فقد قامت قيامته".

 

وقال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "برزخ: هو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ، يتنعم المطيعون، ويُعذَّب العاصون، من ابتداء موتهم واستقرارهم في قبورهم، إلى يوم يبعثون؛ أي: فليعدوا له عدته، وليأخذوا له أُهْبَتَه".

 

أجساد في التراب، قد أمِنت العذاب، تنتظر الثواب:

قال صفوان بن عمرو: "أنعم الناس أجسادًا في التراب قد أمِنتِ العذاب، تنتظر الثواب".

 

العاقل من ينظر إلى قبور غيره فيرى مكانه بين أظْهُرِهم:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: "البصير هو الذي ينظر إلى قبر غيره، فيرى مكانه بين أظهرهم، فيستعد للحوق بهم، ويعلم أنهم لا يبرحون مكانهم ما لم يلحق بهم، وليتحقق أنه لو عرض عليهم يوم من أيام عمره الذي هو مضيِّع له، كان أحب إليهم من الدنيا بحذافيرها؛ لأنهم عرفوا قدر الأعمار، فإنما حسرتهم على يوم من العمر ليتدارك المقصِّر به تقصيره، فيتخلص من العذاب، فإنهم عرفوا قدر العمر بعد انقطاعه، فحسرتهم على ساعة من الحياة، وأنت قادر على تلك الساعة، ثم أنت مضيِّع لها".

 

ما يؤنس العبد في قبره:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العبد إنما يؤنسه في قبره عملُه الصالح، فكلما أكثر من الأعمال الصالحة – كالصلاة، والقراءة، والذكر، والدعاء، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر - كان ذلك هو الذي ينفعه في قبره".

 

السر في تخصيص البول والغيبة والنميمة بعذاب القبر:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وقد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول والغيبة والنميمة بعذاب القبر، وهو أن القبر أول منازل الآخرة، وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثواب.

 

والمعاصي التي يُعاقَب عليها العبد يوم القيامة نوعان: حق الله، وحق العباد، وأول ما يُقضَى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاةُ، ومن حقوق العباد الدماءُ.

 

وأما البرزخ، فيُقضى فيه في مقدمات هذين الحق ووسائلهما؛ فمقدمة الصلاة: الطهارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدماء: النميمة والوقيعة في الأعراض، وهما أيسر أنواع الأذى، فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والمعاقبة عليهما.

 

أكثر أصحاب القبور معذَّبون:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "أكثر أصحاب القبور معذبون، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيَّات، وفي باطنها الدواهي والبليَّات، تغلي بالحسرات، كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها، وقد حِيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.

 

تالله لقد وعظتْ، فما تركت لواعظ مقالًا، ونادت: يا عُمَّار الدنيا، لقد أعمرتم دارًا موشكة بكم زوالًا، وخربتم دارًا أنتم مسرعون إليها انتقالًا، عمرتم بيوتًا لغيركم منافعها وسُكناها، خربتم بيوتًا ليس لكم مساكن سواها".

 

الأسباب المنجية من عذاب القبر:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "من أنفعها: أن يجلس الإنسان عندما يريد النوم لله ساعةً، يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحًا بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على ألَّا يعاود الذنب إذا استيقظ، ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته، مات على توبة، وإن استيقظ، استيقظ مستقبلًا للعمل، مسرورًا بتأخير أجله حتى يستقيل ربه، ويستدرك ما فاته.

 

وليس للعبد أنفع من هذه التوبة، ولا سيما إذا عقِب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النوم، حتى يغلبه النوم، فمن أراد الله به خيرًا وفقه لذلك، ولا قوة إلا بالله".

 

مواعظ ورقائق:

• كان الحسن بن صالح إذا أشرف على المقابر يقول: "ما أحسن ظواهرك! إنما الدواهي في بواطنك".

 

• قال ميمون بن مهران: "خرجت مع عمر بن عبدالعزيز إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى، ثم أقبل عليَّ، فقال: يا ميمون، هذه قبور آبائي بني أمية، كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم وعيشهم، أما تراهم صَرْعَى قد حلَّت بهم المَثُلَات، واستحكم فيهم البِلَى، وأصابت الهُوام أبدانهم، ثم بكى".

 

• قال الإمام الغزالي رحمه الله: "تفكَّر أولًا فيما يقرع سمع سكان القبور من شدة نفح الصور؛ فإنها صيحة واحدة، تنفرج بها القبور عن الموتى، فيثورون دفعة واحدة؛ قال تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]، فتفكر في الخلائق، وذلهم وانكسارهم، واستكانتهم عند الانبعاث؛ خوفًا من هذه الصعقة، وانتظارًا لما يُقضى عليهم من سعادة أو شقاوة، وأنت فيما بينهم منكسر كانكسارهم، متحير كتحيرهم، بل إن كنتَ في الدنيا من المترفين، والأغنياء المتنعمين، فملوك الأرض في ذلك اليوم أذلُّ أهل الأرض وأصغرهم وأحقرهم، فتفكر في حالك، وحال قلبك هنالك".

 

• قال بشر الحارث رحمه الله: "نعم النُّزُلُ القبرُ لمن أطاع الله عز وجل".

 

وختامًا: فالقبور فيها مواعظ وعِبْرٌ لأصحاب القلوب الحية، فهذا ثالث الخلفاء الراشدين، أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان إذا وقف على قبر يبكي، حتى يبلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه، فما بعده أشد منه))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه))؛ [أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وحسنه العلامة الألباني].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أقوال السلف في الدعاء
  • من أقوال السلف في الصدقة
  • من أقوال السلف في الصلاة
  • من أقوال السلف في العفو والصفح
  • من أقوال السلف في المعاصي والذنوب
  • من أقوال السلف في آداب الأخوة والصحبة
  • من أقوال السلف في قيام الليل
  • من أقوال السلف في الإخلاص
  • من أقوال السلف في حلاوة العبادة والطاعة
  • من أقوال السلف في التحذير من صحبة الأشرار
  • من أقوال السلف في الحث على صحبة الصالحين
  • من أقوال السلف في ذكر الله عز وجل
  • من أقوال السلف عن فلسطين والمسجد الأقصى
  • من أقوال السلف عن يوم عرفة
  • من أقوال السلف عن الخذلان

مختارات من الشبكة

  • أقوال وأحوال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من أقوال السلف في الموت وأحوالهم عند الاحتضار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال الفقهاء حول تفضيل إعانة الفقراء والمحتاجين على تكرار نافلة الحج والعمرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال وحوارات حول الثقة بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة قطعة من أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من أقوال السلف في أهل السنة والجماعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في البدع وأهلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال علماء أهل السنة في الشيعة الروافض (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب