• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / التاريخ
علامة باركود

عبر من قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح الخضر (خطبة)

عبر من قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح الخضر (خطبة)
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2022 ميلادي - 19/3/1444 هجري

الزيارات: 33450

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبر من قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح الخضر

 

الحمد لله...

فإن الله تعالى قد قصَّ في كتابه قَصصًا؛ لنعتبر بها، ونتفكَّر في مآلاتها، ونستلهمَ عِبرها، ونقتديَ بمواطن الاستقامة فيها، ونزيدَ بصائرنا نورًا بضيائها؛ فقال جل اسمه: ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 176].

 

ومن تلك القَصص قِصة عجيبة فريدة؛ وهي قصة موسى الكليم عليه السلام مع العبد الصالح الخَضِر؛ فقد روى الشيخان عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((قَامَ مُوسى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحى اللهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ فَانْطَلَقَ، وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ، وَضَعَا رُؤُوسَهُمَا وَنَامَا فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ مُوسى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، قَالَ مُوسى: ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ - أوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ - فَسَلَّمَ مُوسى فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ، فَقَالَ: أَنَا مُوسى، فَقَالَ: مُوسى بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا؟ قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا، يَا مُوسى، إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلاَّ كَنَقْرَةِ هذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْرِ، فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا، قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ؛ فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسى نِسْيَانًا، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بَغَيْرِ نَفْسٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا؟ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقَامَهُ، قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسى: لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، قَالَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُ اللهُ مُوسى لَوَدِدْنَا لَو صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا)).

 

قال السِّعدي رحمه الله تعالى: "وفي هذه القصة العجيبة الجليلة من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله، فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقيَ النَّصَب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.

 

ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.

 

ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره؛ لقول فتى موسى: ﴿ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾ [الكهف: 63].

 

ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصبٍ، أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقًا؛ لقول موسى: ﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ [الكهف: 62].

 

ومنها: استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعًا؛ لأن ظاهر قوله: ﴿ آتِنَا غَدَاءَنَا ﴾ [الكهف: 62]، إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعًا.

 

ومنها: أن المعونةَ تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله يُعان ما لا يُعان غيره؛ لقوله: ﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ [الكهف: 62]، والإشارة إلى السفر المجاوز لمجمع البحرين، وأما الأول، فلم يشتكِ منه التعب، مع طوله.

 

ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه ليس نبيًّا، بل عبدًا صالحًا؛ لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيًّا، لذكر ذلك كما ذكره غيره.

 

وأما قوله في آخر القصة: ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ [الكهف: 82]، فإنه لا يدل على أنه نبي، وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغير الأنبياء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [القصص: 7]، ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ﴾ [النحل: 68].

 

ومنها: أن العلم الذي يُعلِّمه الله لعباده نوعان:

علم مكتسَب يدركه العبد بجده واجتهاده، ونوع علم لدنِّيٍّ، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده؛ لقوله: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: 65].

 

ومنها: التأدبُ مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطفَ خطاب؛ لقول موسى عليه السلام: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66]، فأخرج الكلام بصورة الملاطفة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكِبر.

 

ومنها: تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه؛ فإن موسى - بلا شك - أفضل من الخَضِرِ.

 

ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها؛ لقوله: ﴿ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ﴾ [الكهف: 66]؛ أي: مما علمك الله تعالى.

 

ومنها: أن العلم النافع هو العلم المرشِد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشدٌ وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارًّا، أو ليس فيه فائدة؛ لقوله: ﴿ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66].

 

ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعِلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثيرٌ من العلم، فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر - يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه - إنه لا يصبر معه.

 

ومنها: الأمر بالتأني والتثبُّت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يُرَاد منه وما هو المقصود.

 

ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وألَّا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول ﴿ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 69].

 

ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله؛ فإن موسى قال: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ﴾ [الكهف: 69]، فوطَّن نفسه على الصبر ولم يفعل.

 

ومنها: أن الناسيَ غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد؛ لقوله: ﴿ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ﴾ [الكهف: 73].

 

ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفوُ منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم؛ فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.

 

ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتُعلَّق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء، وغيرها؛ فإن موسى عليه السلام أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحِب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبرَ، وعدمَ المبادرة إلى الإنكار.

 

ومنها: القاعدة الكبيرة الجليلة؛ وهو أنه يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير، ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإنَّ قَتْلَ الغلام شرٌّ، ولكنَّ بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرًّا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها داخل في هذا.

 

ومنها: القاعدة الكبيرة أيضًا؛ وهي أن عمل الإنسان في مال غيره، إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير، كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم، فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان، بل شُرع له ذلك؛ حفظًا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن.

 

ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب؛ لقوله في قتل الغلام: ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74].

 

ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.

 

ومنها: أن خدمةَ الصالحين، أو من يتعلق بهم، أفضلُ من غيرها؛ لأنه علَّل استخراج كنزهما، وإقامة جدارهما أن أباهما صالح.

 

ومنها: استعمالُ الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: ﴿ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾ [الكهف: 79]، وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: ﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]، كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]، وقالت الجن: ﴿ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾ [الجن: 10]، مع أن الكل بقضاء الله وقدره.

 

ومنها: أنه ينبغي للصاحب ألَّا يفارق صاحبه في حال من الأحوال، ويترك صحبته، حتى يُعتِبَه، ويُعذَرَ منه، كما فعل الخضر مع موسى.

 

ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قَدَرٌ محض أجراها الله، وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورًا يكرهها جدًّا، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجًا من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة.

 

بارك الله لي ولكم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة موسى عليه السلام (8) التيه
  • قصة موسى عليه السلام (9) موسى والخضر
  • قصة موسى عليه السلام (10) بقرة بني إسرائيل
  • قصة موسى عليه السلام (11) قارون وطغيان المال
  • قصة موسى عليه السلام (12) وفاة موسى عليه السلام
  • قصة موسى عليه السلام (13) ما ورد من صفات موسى
  • 10 وقفات وتوجيهات تربوية وإيمانية من قصة موسى عليه السلام مع فرعون
  • عاشوراء وقصة موسى عليه السلام مع فرعون (خطبة)
  • "فحج آدم موسى" (خطبة)
  • {وألقيت عليك محبة مني}: كيف ألقيت على موسى المحبة وقد لقي من العداوة ما لقي؟

مختارات من الشبكة

  • عبر من قصة نوح عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة العبر في خبر من عبر (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عبر وعبرات من ذكريات معتمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحياة عبر الزمن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أتعرض للابتزاز بسبب علاقة محرمة عبر الكاميرا(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • خطبة المسجد النبوي 9/1/1434 هـ - عبرة من قصة موسى - عليه السلام - وفرعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر وفوائد من قصة أصحاب الكهف (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: {إنا وجدناه صابرا} دروس وعبر من قصة نبي الله أيوب عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القصص القرآني: عبر ودروس(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب