• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الأول)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

أجمل ابتسامة في التاريخ

أجمل ابتسامة في التاريخ
عامر الخميسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2022 ميلادي - 5/12/1443 هجري

الزيارات: 8870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أجمل ابتسامة في التاريخ


مرِض الحبيبُ صلى الله عليه وسلم مرضه الأخير، واشتدَّت عليه وطأة الحمَّى وغاب وجهه عن الصحابة، واكتووا بألَمَ الفراق عليه أيامًا كانت كثِقَلها سنوات ودهورًا، ثم فجأة يُطل عليهم من باب حجرته ويكشف الستر، فيراهم وهم يصلُّون، فيبتسم في وجوههم تلك الابتسامة الجميلة المشرقة، فيضطربون في صلاتهم وتتحرك مشاعرهم، ثم يسدل الستار مرة أخرى ويعود إلى مرضه...

 

ندع الحديث إلى أنس بن مالك ليحدِّثنا عن سحر تلك الابتسامة، فيقول: إن أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلي لَهُمْ فِي وَجَعِ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ الذِي تُوُفيَ فِيهِ، حَتى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصلاَةِ، فَكَشَفَ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَن وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُم تَبَسمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصف، وَظَن أَن النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ خَارِجٌ إِلَى الصلاَةِ فَأَشَارَ إِلَيْنَا النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ أَنْ أَتِموا صَلاَتَكُمْ وَأَرْخَى الستْرَ فَتُوُفيَ مِنْ يَوْمِهِ..".

 

هذا آخرُ مشهد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيه أصحابه، ونظر إليهم ونظروا إليه، فليت شعري عن ماذا نتحدث، عن تلك النظرة الساحرة، أو ذلك الوجه الذي كأنه ورقة مصحف، أو مشهد الوجع الأليم، أو تحية الوداع الأخيرة، أو عن ماذا، كل تلك المشاهد تأخُذ بالقلب وتؤثر فيه، وتحفر فيه أخاديد الذكريات المحزنة يومها، لكن دعونا نتحدث عن تلك الابتسامة التي تصنِّف كأجمل ابتسامة لإنسان مرَّ من على هذه الأرض..

 

إن أنسًا وهو خادم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومِن ألصقِ الناس به هو مَن قصَّ علينا ذلك الخبر كأني به يتكلم من قلب الحدث، ويصوِّر مشهدًا من أرق المشاهد وألطفها وأجملها وأروعها...

 

ها هو يشاهد تلك الابتسامة بنفسه كأني به وهو يتحدث عنها يرسم بريقَها يحفَظ تفاصيلها، يروي حكايتها، يتحدث عن وقعها الفاتن وجمالها الخلاب، وسحرها الخاص ورونقها البديع وطلعتها الآسرة.

 

بحديثه عنها يصور مشهدًا ما رأى مثله من قبلُ في حياته، يصوغ وصفًا كالذهب المصفى، والإبريز النفيس، كل جمالٍ في الدنيا تُغني عنه هذه الابتسامة، وكل فرحٍ في الدنيا تُعبر عنه هذه الابتسامة، وكل عناءٍ تزيله هذه الابتسامة، ولا ابتسامة تعدل ابتسامة الحبيب...

 

تلك البسمة كأنها الغمام نثر وابلَه، أو الصباح تنفَّس عن تباشيره، تنبئك تلك البسمة عن طلاقة وجي وضي، وجمال رضي..

 

يا لها من بسمة تزدهي بالرياض النواضر، وإشراقة تحار فيها الأعينُ النواظر، فهي بسمة طالعة كالشمس في رابعة النهار، ملأ الكونَ أرجُ نشرها، كساها بَدر الكمال بُرد الجمال، فغدت كفريدة لؤلؤة في سِلك، أو رحيق خُتم به المسك..

 

كأن الشمس ترسم آيةَ جمال تلك البسمة على رقٍٍّ منشور، محت طرة الدجى بغُرتها البيضاء، ماست بنسيم لُطفها معاطف البان، فهي فوق ما تصف الألسن، ففيها ما أبهج قلوب الصحابة، بل كاد يفتنها، وفيها ما الْتَذَّت بها أعينُهم، بل سُحروا بها، عندما ابتسم لهم صلى الله عليه وسلم كأن نسمات السحر حيَّتهم بشذا نفحاتها، لَمعت بين الصحابة بوارقها، فرَوَى أفئدتهم زلالُ صفوها ورائقها..

محاسنٌ حارَ فيها لُبُّ ناظرِها
وفتنةٌ دُهِشَتْ منها ذَوو الفكرِ
كأنما ذاتُه من لطفها خُلِقت
من نفثةِ السحر أو من نَسمةِ السحَرِ
بديعُ حُسنٍ يقولُ الناظرون له
تباركَ اللهُ ما هذا من البَشرِ

 

لستُ أشبهها إلا كنفح الروض باكَره السحاب الماطر، أو نافحة الشميم من خالص الصميم، وقد أبدى فيها الحبيبُ صلى الله عليه وسلم الشوق الكامن وبثَّه، وساقَ ركبَ الود وحثَّه..

 

تعالوا ننظر أيضًا مشهدًا آسرًا يبعث الحياة في الأرواح المثقلة بالعناء والنفوس الرازحة تحت ثِقَل وطأة الحياة، ومَن منَّا مَن لا تعرُكه الحياة وتلقي عليه بثقلها، وتذيقه صنوفًا من آلامها؟! لا أحد..

 

فالإنسان خُلق في كبدٍ، وهو في عناء منذ أن جاء إلى هذه الحياة، وهو في ضنك من مصارعتها إلى أن يوسَّد في التراب، وقد عرض هذا العناء حتى لأطهر وأشرف جيل مرَّ على هذه الدنيا، جيل الصحابة، فقد ورد عند الترمذي أن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: وقع عليَّ من الهم ما لم يقع على أحدٍ، فبينما أنا أسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، قد خفقتُ برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخُلد في الدنيا".

 

لقد وقفتُ مليًّا أمام كلمات زيد وهو يصوِّر لنا هذا المشهد، فهذا الهم الذي نزل عليه يصفه وصفًا عجيبًا من شدته وثِقله عليه، وأنه قد طأطأ رأسه إلى الأرض في غيبوبة من التفكير العميق الذي سيطر عليه جراء ذلك الهم، وأن سحابة ذلك الهم تواردت عليه، فما كان لها أن تنقشع من شدة ألَمه، وفجأة حصل ما لم يكن في الحُسبان..

 

ما الذي حدث؟

لقد فاجأه النبي صلى الله عليه وسلم بموقف عجيب وطريف، وابتسم في وجهه، فعدَّلت هذه الابتسامة، بل فضَّلت الخلد على هذا الكوكب..

 

أحقًّا ابتسامة الرسول تعادل الخلد في الحياة؟

ماذا عنت له تلك الابتسامة؟

كيف فهِمها زيد؟

كيف أزاحت عنه وبسرعة عاجلة ركامَ الهمِّ؟

كيف أطارت عنه سُحبَ الغم؟

أيُّ سحرٍ حملته تلك البسمة؟

أيُّ لطف؟

أي جمال؟

 

لو وقَفنا أمام زيد وقلنا له: أعد وصف تلك البسمة، لعجز أن يتحدث عنها بمثل ما تحدث، ولا وصف يفوق وصفه أول مرة..

 

كأن بسمة الرسول شفاء من كلِّ داء، وراحة من كل عناء، وطريق سالك لكل ناشدٍ للرضا والهناء..

 

بوصف زيد هذا تخيَّلتُ كلَّ جمال في الدنيا تغني عنه هذه الابتسامة، وكل فرح في الدنيا تختزله هذه الابتسامة، وكل عناء وتعب ومشقة وكدرٍ تزيله هذه الابتسامة، ولا ابتسامة كابتسامة الحبيب..

 

كأن أعظم درسٍ رسمتْه تلك الابتسامة أن هذه الدنيا لا تستحق منك الهمَّ ولا الغم ولا التفكير من أجلها..

 

هذه الدنيا تافهة حقيرة لا تستحق الإطراق بالرأس من نصبها ووجعها مهما تعاظم..

 

ويا ألله ما أجمل أن تحبَّ شخصًا، فيتغلغل حبُّه في قلبك وينفذ ودُّه إلى أعماقك، ويجري الشوق إليه في عروقك جَريان الماء في العود والكهرباء في الأسلاك، ويُصيبك عناءٌ وشدة، فتتفاجأ به فوق رأسك يبستم لك..

 

إذا كانت بسمة حبيبك هذا تمحو عنك كلَّ آثار الهم والغم، فما بالك إذا كان هذا الحبيب هو محمد صلى الله عليه وسلم أعظم وأجمل وأزكى وأنقى وأطهر حبيب أحبَّته القلوبُ وتعلقت به الأفئدةُ، وحنَّت له الأرواح، وفدتُه الْمُهَجُ..

 

كانت البسمة إحدى صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الأصيلة التي تحلَّى بها وتخلَّق، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من مشاعره وصورته، فهو متخلق بهذا الخلق حتى في وقت الغضب، فما بالك في وقت الرضا، وما كانت لتفارق مُحياه أبدًا مع موافقه ومع مخالفه، في حَلِّه وارتحاله، وليله ونهاره، وغضبه ورضاه، وقد صارت عنوانًا له وعلامةً تدل عليه، يُدرك ذلك كل من صاحبه ومشى معه ورافَقه ورآه..

 

ولقد قال عبد الله بن الحارث بن حزم رضي الله عنه كما في سنن الترمذي: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

 

إني لأتخيَّل عشرات الآلاف من البشر ممن التقى بهم عبدالله بن الحارث وعاشَرهم وعرَفهم وسايَرهم أو رآهم، وهو الآن يعطي لك خلاصة لحال هؤلاء مع الابتسامة أثبت فيها أن أكثر شخصية رآها في حياته تُكثر من التبسم شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم..

 

وهذا الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه كما في المتفق عليه يقول كلامًا أحلى من الشهد وأصفى من اللبن: "ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك".

 

وقد جمع الإمام البخاري أحاديث كثيرة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبوَّب لها: (باب التبسم والضحك)، وفي ذلك دليلٌ على الابتسامة التي طاب نشرها وفاح ذكرُها إذا حلَّت بواد تهلَّل بالبِشر والسرور، وتحلَّى بأنواع الجمال والحبور، وترنَّمت بوسيم شمائله أطياره، وتفتحت بنسيم خلقه أنواره..

 

رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أعظم الناس قدرًا، وأعلاهم شرفًا، وأشرحهم صدرًا، وكان يملك قلوب أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بوجهه البسام، وابتسامته المشرقة، وكلماته الطيبة، وقد قال الله تعالى عن حاله مع أصحابه:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر ﴾ [آل عمران من الآية: 159]، وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائم الْبِشْرِ، سهل الخُلُق، لَينَ الجانب".

 

قال ابن عيينة: "البَشَاشَة مصيدة المودة، والبِر شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام لين".

 

لقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم في جبهة الليالي غرةً، وفي جيد الأيام درةً، وإذا افتر عن ابتسامة، فإنما ينفث من الدر ما يُنعش ويسُر..

 

عودٌ على بَدء، نتخيل تلك الابتسامة الجميلة المشرقة الزاهية للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف المهيب الجليل، والمرض يحاصره والألم يحيط به، وكأني به صلى الله عليه وسلم يفرح بوَحدتهم واجتماعهم، ووقوفهم صفوفًا منتظمة خلف أبي بكر الصديق رضي الله، وقد كشف الستر ليطمئنَّ عليهم ويلقي عليهم نظرة الوداع الأخيرة فما أجله من موقف..

 

أجمل ابتسامة لك يوم أن تبتسم والدموع في عينيك..

تبتسم لتُعلن التحدي لكل وجعٍ حط رحاله في بابك وكل مرضٍ نزل برحابك..

 

لا يأس..

لا خوف..

لا ألم..

لا رهبة..

 

لا شيء يمنَعك من الابتسامة، ولا حائل يقف دونك..

 

ابتسم ولو انعدم الصديق، وهاجمك العدوُّ، كن قويًّا فابتسامتك أقوى من ألف مِدفع..

 

كيف تصف ابتسامةَ من هو ظاهرُ الوضاءة، أبلجُ الوجه إن صمتَ فعليه الوقار، وإن تكلم سَمَا وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيدٍ، وأحسنهم وأجملهم من قريب، حلو المنطق، فصل، لا نزرَ ولا هَدر، وكأن منطقه خرزات نظم تَنحدر كما وصفته بذلك أم مَعبد..

 

لقد رُوي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

أمينٌ مُصطفى بالخَيْرِ يَدعو
كضَوْء البَدْرِ زايَلهُ الظلاَم

ورُوي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إذا رآه ينشد قول زهير في هرم بن سنان:

لو كنتَ من شيءٍ سوى بشرٍ
كُنت المضيءُ لليلةِ البدرِ

لقد رُوي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها وصفته، فقالت: كان والله كما قال شاعره حسان بن ثابت الأنصاري:

مَتى يَبْدُ في الداجي الْبَهيمِ جَبِينُه
يَلُحْ مثلَ مِصْباحِ الدجَى المتوقدِ

عن عائشةَ قالت: كنتُ قاعدةً أغزلُ والنبي صلى الله عليه وسلم يخصفُ نعلهُ، فجعل جبينه يعرقُ، وجعل عرقهُ يتولدُ نورًا، فبُهِتُّ، فنظرَ إليَّ فقال: ما لكِ يا عائشة بُهِتِّ؟ قلت: جعلَ جبينكَ يعرقُ، وجعل عرقكَ يتولدُ نورًا، ولو رآكَ أبو كبيرِ الهذلِي لعلمَ أنكَ أحق بشعرهِ، قال: وما يقولُ أبو كبير؟ قالت: قلت: يقول:

ومُبَرَّأً من كُلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ
ورَضَاعِ مُغْيِلَةٍ وداءٍ مُعْضِلِ
فإِذا نَظَرْتَ إِلى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ
بَرَقَتْ كَبَرْقِ العارضِ المُتَهَلِّلِ

 

فابتسم لها النبي صلى الله عليه وسلم ويا لجمال تلك الابتسامة، قالت عائشة رضي الله عنها: وقام إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقبلَ بين عيني، وقال: جزاكِ اللهُ يا عائشةَ عني خيرًا، ما سُررتُ مني كسُرورِي منكِ..

 

"لقد كَشَف النبي صلى الله عليه وسلم سِترَ الحُجرةِ يَنظُرُ إليهم وهو قائِمٌ، كأن وَجْهَه ورَقةَ مُصحَفٍ؛ مِن رِقة الجِلدِ، وصَفاءِ البَشرةِ، والجَمالِ البارِع، ثُم تَبسمَ ضاحِكًا فَرِحًا باجتِماعِهم على الصلاةِ، واتفاقِ كَلِمتِهم، وإقامةِ شَريعتِه، قال أنسٌ: فهَمَمْنا؛ أي: أوشَكْنا أنْ نُفْتَتَن بأنْ نَخرُجَ مِن الصلاةِ مِن الفَرَحِ بِرُؤيتِه، فنَكَصَ أبو بَكْرٍ  على عَقِبَيه؛ أي: رَجَعَ القَهْقَرَى إلى الخَلْفِ؛ ليَأتِيَ إلى الصفِ ويَرجِعَ عن مَقامِ الإمامةِ لمَقامِ المأمومينَ ظنًّا منه أن النبي خارِجٌ إلى الصلاةِ، فأشارَ إلَيهم أنِ اثْبُتوا على ما أنتُمْ عليه وأتِموا صَلاتَكم، وأرْخى السِترَ، فتُوفِيَ في يومِه".

 

إنها ابتسامةُ تنبئ عن فرحٍ ورضا بصنيعهم، وقد افتتنوا بجمالها وإطلالتها، ولو علموا أنها الابتسامة الأخيرة لَما تمالكوا أنفسهم، ولَما قدروا على كبحِ جِماح مشاعرهم حزنًا وألَمًا وكمَدًا.

 

إنها آخر ابتسامة من الحبيب صلى الله عليه وسلم لأصحابه الذين أحبَّهم وأحبوه، وتفانَوا في حبه، وقامت بينهم أعظمُ صلات حبٍّ بين صاحب وأصحابه في هذه الأرض، وكانت تلك الإطلالة آخرَ إطلالة بهية مشرقة منه عليهم، ثم غادَر بعدها الحياة.

 

صلى الله على حبيبه المختار، ورضي الله عن صحابة رسوله الأطهار ما غنَّت الأطيار، وهطلت الأمطار، وتعاقب الليل والنهار..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في التاريخ الهجري
  • أكبر تبرع خيري في التاريخ
  • أعظم حادث في التاريخ (2)
  • أعظم سجين في التاريخ

مختارات من الشبكة

  • شموع (114)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن نافعا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من أعلام الأدب الرشيد (عماد الدين خليل أنموذجا)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التاريخ من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كيف نقرأ التاريخ؟ قراءة التاريخ لغير المتخصصين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما أجمل تاريخ العرب (قصيدة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • هل أبدو أجمل بالحجاب؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أجمل رداء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 12:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب