• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { قل آمنا بالله وما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    ذكر الله حياة القلوب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تحريم جعل الله عرضة للأيمان
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما مر بي بؤس قط
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    بين الخوف والرجاء
    إبراهيم الدميجي
  •  
    البخاري والدولة الأموية والعباسية: دراسة علمية في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الكتب السماوية والرسل
علامة باركود

الدين الأحسن (خطبة)

الدين الأحسن (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/5/2022 ميلادي - 24/10/1443 هجري

الزيارات: 23144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدين الأحسن


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ؛ بِقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُونَ، وَبِهِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ اهْتَدَى الْمُهْتَدُونَ، وَبِحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ ضَلَّ الضَّالُّونَ، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 23]، نَحْمَدُهُ عَلَى مِلَّةٍ أَكْمَلَهَا، وَشَرِيعَةٍ أَحْسَنَهَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى نِعْمَةٍ أَتَمَّهَا، وَعَافِيَةٍ أَسْبَغَهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِهِ؛ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الدِّينِ، وَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ أَحْسَنُ الْجَزَاءِ؛ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النَّحْلِ: 97].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ فَأَحْسَنَ خَلْقَهُمْ؛ ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النَّمْلِ: 88]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السَّجْدَةِ: 7]، وَكَرَّمَ الْإِنْسَانَ فَصَوَّرَهُ أَحْسَنَ تَصْوِيرٍ؛ ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [غَافِرٍ: 64]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التِّينِ: 4]. وَلِذَا قَالَ إِلْيَاسُ فِي دَعْوَتِهِ لِقَوْمِهِ: ﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصَّافَّاتِ: 125].

 

وَمِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ اخْتَارَهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَخَصَّهَا بِخَاتَمِ الرُّسُلِ، وَفَضَّلَهَا عَلَى مَنْ كَانُوا قَبْلَهَا. وَلَمْ يَكُنْ تَفْضِيلُهَا لِأَجْلِ لَوْنِهَا أَوْ جِنْسِهَا أَوْ لِسَانِهَا. بَلْ لِأَجْلِ دِينِهَا، فَمَنِ الْتَزَمَ الْإِسْلَامَ دَخَلَ دَائِرَةَ التَّفْضِيلِ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ، وَمَنْ حَادَ عَنِ الْإِسْلَامِ خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ التَّفْضِيلِ وَلَوْ كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ. وَهَذَا مِنْ عَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ جَعَلَ مَحَلَّ التَّفْضِيلِ مُمْكِنًا لِأَيِّ أَحَدٍ يَسْعَى إِلَيْهِ وَيَنَالُهُ.

 

وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أُعْطِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَنَبِيِّهِ وَكِتَابِهِ وَشَرِيعَتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَتَفْصِيلَاتِهِ هُوَ الْأَحْسَنُ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النِّسَاءِ: 125]، أَيْ: لَا أَحَدَ أَحْسَنُ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ. وَدَعْوَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى دِينِهِ، وَافْتِخَارُهُ بِإِسْلَامِهِ هُوَ أَحْسَنُ الْقَوْلِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فُصِّلَتْ: 33].

 

فَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ خَيْرُ الْأَدْيَانِ وَأَعْدَلُهَا وَأَرْحَمُهَا بِالْبَشَرِيَّةِ، وَأَرْعَاهَا لِمَصَالِحِهِمْ، وَهُوَ الطَّرِيقُ الْأَوْحَدُ الْمُوصِلُ لِرِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَنَّتِهِ. وَمَا عَدَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ فَهُوَ شَرٌّ وَظُلْمٌ وَشُؤْمٌ عَلَى أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِسُخْطِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ. قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ [الْبَقَرَةِ: 138]، وَصِبْغَةُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ دِينُهُ سُبْحَانَهُ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 85].

 

وَالْقُرْآنُ أَحْسَنُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزُّمَرِ: 23]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الزُّمَرِ: 55]، وَقَصَصُهُ أَحْسَنُ الْقَصَصِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [يُوسُفَ: 3]. وَمِنْ حُسْنِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ يَهْدِي الْعَامِلِينَ بِهِ لِمَا هُوَ أَعْدَلُ وَأَحْسَنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 9]. وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ يُشَكِّكُونَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي رِسَالَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَتَكَلَّفُونَ الْأَسْئِلَةَ لِلتَّعْجِيزِ فَكَانَ الْقُرْآنُ يَتَنَزَّلُ بِرَدِّ شُبُهَاتِهِمْ، وَالْإِجَابَةِ عَنْ أَسْئِلَتِهِمْ، وَدَحْضِ حُجَجِهِمْ؛ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الْفُرْقَانِ: 32-33].

 

وَشَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ أَحْسَنُ الشَّرَائِعِ وَأَعْدَلُهَا وَأَرْحَمُهَا؛ وَلِذَا وَجَبَ التَّحَاكُمُ إِلَيْهَا؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 49]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 50]، وَإِذَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَمْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِمُ التَّحَاكُمُ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْوَحْيُ أَحْسَنُ حَكَمٍ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ؛ ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النِّسَاءِ: 59].

 

وَمِنْ حُسْنِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَنَّ فِيهَا تَوْجِيهًا لِأَتْبَاعِهَا بِاخْتِيَارِ الْأَحْسَنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ فَفِي مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ سَوَاءً كَانُوا أَهْلَ كُفْرٍ أَمْ أَهْلَ بِدْعَةٍ أَمْ أَهْلَ مَعْصِيَةٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 46]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النَّحْلِ: 125].

 

وَيُرَبِّي الْإِسْلَامُ فِي أَتْبَاعِهِ اخْتِيَارَ الْقَوْلِ الْحَسَنِ، وَاجْتِنَابَ قَوْلِ السُّوءِ، وَضَبْطَ اللِّسَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [الْبَقَرَةِ: 83]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ [النِّسَاءِ: 148]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَيُرَبِّي الْإِسْلَامُ أَتْبَاعَهُ عَلَى مُقَابَلَةِ الْإِسَاءَةِ بِالْأَحْسَنِ؛ ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 96]، وَالْمَعْنَى: اصْفَحْ عَنْ إِسَاءَةِ مَنْ أَسَاءَ، وَقَابِلْهَا بِمَا أَمْكَنَ مِنَ الْإِحْسَانِ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فُصِّلَتْ: 34].

 

وَفِي بَابِ التَّحِيَّةِ: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النِّسَاءِ: 86]، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْمَكَايِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْوَفَاءِ لِأَنَّهُ الْأَحْسَنُ: ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: 35].

 

وَالْبَشَرُ كُلُّهُمْ مُبْتَلَوْنَ بِاخْتِيَارِ الدِّينِ الْأَحْسَنِ، وَالْقَوْلِ الْأَحْسَنِ، وَالْعَمَلِ الْأَحْسَنِ: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الْكَهْفِ: 7]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الْمُلْكِ: 2]. وَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ الْأَحْسَنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ وَلِذَا كَانَ أَجْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَحْفُوظًا، وَسَعْيُهُمْ مَشْكُورًا، وَعَمَلُهُمْ مَبْرُورًا، وَيَجْزِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 7]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الْأَحْقَافِ: 16].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حِينَ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اخْتَارَ لَهُ أَحْسَنَ دِينٍ، وَأَفْضَلَ نَبِيٍّ، وَأَحْسَنَ كِتَابٍ، وَأَحْسَنَ شَرِيعَةٍ، وَجَعَلَهُ مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ، وَدَلَّهُ عَلَى الْأَحْسَنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَمَرَهُ بِهِ، وَيَجْزِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَحْسَنِ مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَوْجِبُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَشُكْرَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ وَذَلِكَ بِالتَّمَسُّكِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَالْفَخْرِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِشَرِيعَتِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةٌ لِلْأَحْسَنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَهَذَا فِيهِ إِحْسَانٌ لِلْخَلْقِ أَنْ يَدْعُوَهُمُ الْمُسْلِمُ إِلَى الدِّينِ الْأَحْسَنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ عَدَمُ الْحَيَاءِ أَوِ الْحَرَجِ مِنْ شَيْءٍ جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ مَهْمَا كَانَ، وَمَهْمَا رَفَضَهُ الْأَعْدَاءُ، وَمَهْمَا انْتَقَدَهُ الْمُنَافِقُونَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: 65].

 

وَفِي هَذَا الزَّمَنِ حَيْثُ كَثْرَةُ الطُّعُونِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ، وَكَثْرَةُ الْمُتَخَفِّفِينَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِدَعْوَى التَّيْسِيرِ وَالْوَسَطِيَّةِ وَنَحْوِهَا؛ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ عَزِيزًا بِدِينِهِ، مُفَاخِرًا بِإِسْلَامِهِ، مُتَمَسِّكًا بِشَرِيعَتِهِ، صَادِعًا بِدَعْوَتِهِ، مُجَاهِرًا بِآيَاتِ كِتَابِهِ. لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ نَقْدُ كَافِرٍ حَاقِدٍ، وَلَا سُخْرِيَةُ مَوْتُورٍ مُنَافِقٍ، وَلَا تَزْهِيدُ مُرْجِفٍ مُتَخَاذِلٍ، وَلَا خَوْفُ رِعْدِيدٍ خَائِرٍ؛ فَإِنَّ الْعِزَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالسَّعَادَةَ وَالْفَوْزَ الْأَكْبَرَ فِي الْإِسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ وَكِتَابِهِ، وَإِنَّ الذُّلَّ وَالْهَوَانَ وَالتَّعَاسَةَ وَالْخُسْرَانَ الْمُبِينَ فِي التَّنَكُّرِ لِلْإِسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ وَكِتَابِهِ؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فَاطِرٍ: 10]، ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 8].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج (خطبة)
  • أنواع من الصدقات (خطبة)
  • تمهل أيها المدخن (خطبة)
  • الصانع المتقن (خطبة)
  • خطبة: ليكن لك أثر حسن

مختارات من الشبكة

  • وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • جواب شبهة: نقصان الدين قبل نزول آية الإكمال واختلاف العلماء على مسائل الدين مع كمالها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة بخط الحافظ شمس الدين السخاوي (831هـ - 902هـ) لتلميذه جمال الدين القرتاوي سنة (899هـ)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • قصيدة ثائية في أسماء المجددين وأن منهم الحافظ السيوطي جلال الدين للعلامة بدر الدين الغزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلامة جلال الدين السيوطي في عيون أقرانه ومعاصريه (1) علاء الدين المرداوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام علم الدين البلقيني لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام محيي الدين الكافيجي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام شمس الدين السيرامي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/3/1447هـ - الساعة: 9:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب