• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

القول السني في خبر عدي بن حاتم الطائي

القول السني في خبر عدي بن حاتم الطائي
محمد السيد حسن محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/5/2022 ميلادي - 13/10/1443 هجري

الزيارات: 25059

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القول السَّنِي في خبر عدي بن حاتم الطائي

 

يمثل إسلام عدي بن حاتم الطائي حجةً بالغة على كل أحد، وبرهانًا دامغًا يعلو كل ناصية، ولأن الناس يومهم هذا كانوا إلى دين سيدنا النبي عيسى عليه السلام أقرب، وإلى تعاليمه أفهم، وحتى ولو لم يكن العهد الجديد قد كتب إلا من بعد مائتين وخمسين عامًا، أو ثلاث مائة عام من بعثته، ومن ثم من نزول آيات الإنجيل عليه - عليه السلام - وإذ لا يزال نورها لم يحجب، وإذ لا يزال برهانها لم يطم، ومن كثرة ما توارد عليها الأغيار تبديلًا وتغييرًا وتعديلًا!

 

ومن طرف: نحن نريد أن نسأل: هذا كتاب كتبه الناس بعد رحيل صاحبه بثلاثمائة سنة! وليس يوجد من تابعيه أحد! وها هم قد ماتوا أيضًا، وها هم يحال عدم نسيانهم حال طول عمر أحدهم! ومنه أيعقل أن يكون هذا الكتاب هو هو كما أنزل؟!

 

ومنه فإن إسلام عدي وغيره من أهل الكتاب، وقد كان من الشهرة وسط قومه بمكان، ليعد برهانًا على صدق رسالتنا، ويحسب دليلا على بطلان محاجتنا، ومناصبتنا، ومعاداتنا، وإذ نحن أصحاب الحق الأصيل في دعوة الناس بالحسنى والبرهان، وكيما نعبد الله تعالى الكريم ذي العظمة والملكوت والجبروت والسلطان، وهذا الذي قال الله تعالى عنه: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:64].

 

وأعالجه في عشرين مسألة:

المسألة الأولى:

(أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا).

هذا قول عمر الفاروق لعدي بن حاتم الطائي رضي الله تعالى عنهما، وهو قول مفسر نفسه بنفسه، وزيادة قول لي ربما ألحقت به فسادًا، ولربما أيس منه كلام من مثلنا!

 

ولكن هذا عديًّا بن حاتم الطائي، وكان نصرانيًّا، وإذ كان من شأنه أنه هرب، ولما سمع بجيش نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد زحفوا قربًا منه، ولما كان قد اتخذ أهبة من عيره فأخذها، واستل نفسه هاربًا إلى الشام، وعند أهل منعته من النصارى هناك! وإذ ليس يدري المسكين أن الله ربه سيسوقه سوقًا إلى الهدى والنور والسلام والسرور والصلاح والفلاح والحبور!

 

ويكأن الله تعالى يقدر بلطفه أقدارًا، ولو وقف العبد عندها متأملًا قليل تأمل، ولربما أخذته رعدة من إعجاز ما خلق الله تعالى وقدر وقضى بلطفه وبقدرته ومن إرادته، بل تملكه إخبات، وبأن ما قضى الله تعالى، إن هو إلا لحكمة، وما قدره تعالى، إن هو إلا بلطف، ويكأننا لا نقف كثيرًا عند تعليل ما نرى، ولأن ما نراه كثيرًا ما يكون فوق إدراكنا، فلسنا نسبر غوره، وإذ إنه أعلى من طاقاتنا، وإذ نحن لا نطيق حمله!

 

وهذا مناسبة أنه راح وترك أخته سفانة بنت حاتم الطائي! وهذا مربض الفرس، إذ ولما كان أبوهما مشتهرًا هكذا بمكارم الأخلاق، وقد عرف هذا قبائل العرب وغيرهم، وصغيرهم قبل كبيرهم، ونساؤهم قبل رجالهم، وحين يترك أخته سفانة الحازمة الجزلة، ومهما يكن من أمر فإنها امرأة! وليهرب هو، فإن هذا الذي لا يمكن تصوره، ومن ذرية حاتم الطائي، ذاك الأشم الكريم كثير الرماد!

 

ولكنه وعند التأمل قليلًا، وكما أنف، كانت سببًا في هدايته، وكانت موجب مراجعته، وحين قد استفتاها رأيها الجزل في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ولكن هذه سفانة، ولما وقعت في الأسر مع الأسارى، وكانت من طبيعتها أنفتها، إلا أن تأبى ذلكم موقفًا حرجًا! ويمر عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإذ تكلمه بأدب امرأة خلوق، وبنت رجل كان خلوقًا، وهذا الذي يقف العبد عنده، وإذ ينبغي على الذرية أن تحفظ لوالدها حقه، فلا يبدون إلا بمظهر الكاشف للب كان نقيًّا نظيفًا، وألا يظهرون إلا بهدي كان ناصعًا رقيقًا.

 

وإذ تناديه صلى الله عليه وسلم، بصفته الرسول النبي صلى الله عليه وسلم، لا باسمه، وكما قد فعل أشج عبد القيس من قبل، وحين ناداه أن: يا محمد!

 

قالت سفانة: يا رسول الله هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنُن عليَّ مَنَّ الله عليك.

 

وهكذا ثلاثة أيام متتالية، ونفس كلامها الآنف، ونفس جوابه صلى الله عليه وسلم أيضا، وحين قال: ومن وافدك؟ وحين تخبره أنه عدي بن حاتم الطائي، ذلك الفار من الله ورسوله! وإذ من يفر من الله تعالى إلا إليه؟! ولكنها هكذا نفوس، وجد صنفها، ويكأنها قرائح، وكان في الوجود مثلها!

 

ولكن الله تعالى له سننه، وحين قد فر كعب بن مالك وصاحباه، وحين نزل فيهم قرآن كريم يتلى إلى يوم الدين، وحين قال الله تعالى ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة:118].

 

وهذا في عقد المؤمن أبدًا، وهذا الذي فات فريقا من الناس، ولو من وجه، وإذ كان مثله كعب وصاحباه معه، وهذا الذي معنا الآن عدي بن حاتم أيضًا.

 

وليعلم الناس أن الكل في قبضة الله تعالى وقدره وقضائه ومشيئته، ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم:39].

 

ولكن لطف هذا النبي العربي الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم، وحين أعتقها؛ ولرصيد والدها الجميل، ولإرثه النبيل، وحين قال صلى الله عليه وسلم: أطلقوا سراحها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق!

 

ولكن الذي نقف عنده تأملًا، هو ذلكم المشهد الإسلامي الناصع بياضًا، وحين يكتب سجل الفارين، وليس ينظر من كونهم مسلمين، أو غير مسلمين، بل ولعله يكون في مسلم أعلى رتبة؛ ولتأديب الصف المسلم، وتمحيصه، وتنقيته، وتربيته.

* * *

 

المسألة الثانية:

﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء:9].

 

وهذا الذي نقف عنده أيضًا، وحين يعمل العبد، وأن كان سويًّا مستقيماً؛ ليكون ذا ذكر حسن، وينفع نفسه وأهله من بعده أيضًا، وهذا الذي رأيناه الآن، وكيف كان موجب إطلاق سراح سفانة هو أبوها، وكيف كان ذلك سببا لعتقها هو والدها، وهذا الجانب الأهم في المسألة.

 

وقرآننا كان أسبق في تسجيل هذه الحيثية، وكيما تكون جوهرة فريدة، وقلادة تليدة، وحين قال الله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء:9].

* * *


المسألة الثالثة:

(من صلاحيات الإمام):

وكما أن فيه صلاحيات الإمام الأعلى للأمة، وأن يعفو من محله، وأن يعتق من سلطانه، وأن يمنح من عفوه، وأن يمن من جوده، وأن يبذل من فضله.

 

وهذا الذي حدث، ويوم أن أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، وحين قال صلى الله عليه وسلم لها: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج، حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة، حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني.

 

ومن ثم وهي تقول: يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ، قالت: فكساني وحملني وأعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.

* * *


المسألة الرابعة:

(من ثمرات عفو الإمام)

ولتأتي مرحلة حاسمة فاصلة، وحين لامت أخاها؛ وأن تركها، وبما لم يجد إلا طأطأة رأسه؛ خجلًا منها وحياءً، وأن نعم فعل عدي هذا!

 

ولكننا لسنا نغادر مكاننا هذا، وإلا أن نشير إلى إحسان هذا النبي هكذا، وهو مما يحمل بين جنبات نفسه من عطاء، ومنح، وفضل، ولا مَنَّ به ولا أذى، خلقًا وهديًا حسنًا.

* * *


المسألة الخامسة:

(الاعتذار من شيم النبلاء)

وسبق وأن وقفنا على حكمة، وها قد حل أوانها، وحين قدم بين يديها اعتذارا لتقبله، وهما ابنا حاتم الطائي، ذي مكارم الأخلاق! وحين قال: قلت: أي أخية لا تقولي إلا خيرًا، فوالله مالي من عذر، لقد صنعت ما ذكرتِ.

 

قال: ثم نزلت فأقامت عندي. فقلت لها وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعًا، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكًا فلن تزل في عز اليمن وأنت أنت. قال: قلت: والله إن هذا الرأي.

 

وهذا الذي نفيده من صبر على الحدث ومتابعته، ولعله يحمل من بين نبضاته ما كان ذا حكمة، علمها الله تعالى، ولما تتبدى واضحة ظاهرة من أمامنا يومًا ما.

* * *


المسألة السادسة:

(والله ما هذا بِمَلِكٍ)

هذا قسم أقسمه عدي بن حاتم الطائي، وحين قد أقنعته أخته الذهاب إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن أسلم فهذا خير، وإن كان ملكًا فعله أن ينال من حظوته شيئا!

 

ولكنه وحين راح مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، وقد قابلته امرأة بالطريق فوقف إليها ليقضي لها حاجتها، وهنا قال عدي قوله هذا: والله ما هذا بِمَلِكٍ.

 

ثم راحا إلى بيته صلى الله عليه وسلم، وقد جلس على الأرض مفترشها، وحين أعطى عديًّا وسادة محشوة ليفًا، ومن بعد محاولات ليصر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس عليها عدي، وأما هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيفترش الأرض! وحينها قال قوله أيضا: والله ما هذا بملك.

 

المسألة السابعة:

(يا عدي: ألم تك نصرانيًّا ركوسيًّا مرباعًا؟!)

وكأنه صلى الله عليه وسلم كان عالِمًا بتاريخ هذا عدي، وحين قرره بتاريخه الذي كان فيه نصرانيًّا مرباعًا ركوسيًّا.

 

وأما النصرانية فمعروفة، وحين قد كانت هي الحنيفية قبل التبديل، ولما كانت هي الإسلام قبل التغيير!

 

ولكن الله تعالى لم يرسل وجهين: وجها يوحد، وآخر يثلث، وهذا في حق ربنا ليس يجوز!

 

ولكن الناس يعرفون الحق، وكما يعرفون أبناءهم، ولأن الله تعالى قال ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة:146].

 

وأما المرباع فهو ذاك الذي كان يأخذ ربع الغنيمة من غنائم الحرب، وهذا المرباع وقد كان حرامًا في دين عدي، وبنص قوله صلى الله عليه وسلم، وحين وافقه عدي على ذلك.

 

وأما الرَّكُوسِيَّةُ فهم قوم لهم دين بين النصارى والصابئين[1].

 

وفي كل مرة يقر عدي كلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم!

* * *


المسألة الثامنة:

(أسباب صد ودلالات فتح)

ثم أخذ يعدد له النبي صلى الله عليه وسلم أسباب منعه من الدخول في الإسلام:

أولًا: الفقر والحاجة والعوز: وهذه حلها أنه المال سيفيض يوما على هذه الأمة، وليأتين عليها يوم لا تجد من يأخذ هذا المال، من كثرته!

وأما متى هذا اليوم؟ فالله تعالى به أعلم، وإن قيل إنه عند نزول هذا النبي عيسى عليه السلام، آخر الزمان.

 

ثانيًا: قلة أعداد العصبة المؤمنة: وكثرة أعداد عدوهم، وهذه جوابها أن سيحل الأمن، وحتى تخرج الظعينة، وهي المرأة من بيتها من القادسية، وحتى تطوف بالبيت لا يتعرض لها من أحد!

 

ثالثًا: وإنه يرى الملك والسلطان في غيرهم: وهذه مآلها وأنه سيسمع يوما أن قصور بابل قد فتحت أمام المسلمين!

 

ومن إثرها أسلم عديٌّ.

 

ثم أقسم أنه رأى اثنتين، ومن خروج الظعينة من القادسية إلى البيت، ولا تخشى إلا الله تعالى، وأما الثانية فقد رأى قصور بابل، وقد فتحها المسلمون، وإن هو إلا منتظر الثالثة يقينًا يقينًا.

 

وأقول: وسائر الذي سبق أعلام نبوة كاملة الأركان، وموجب إسلام لرائيها، وتحسم إسلاما لمن سمع!

 

وأقول أيضًا: وسبحان مقلب القلوب، وحين كان هذا النبي أبغض من سمعت أذنًا عدي هذا له ذكرًا، وإذ هو الآن أحب من سمعت بالآفاق له سمعًا وذكرًا!

 

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام ابن إسحاق رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم كان يقول: ما رجل من العرب كان أشد كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به مني، أما أنا فكنت امرءًا شريفًا وكنت نصرانيًّا، وكنت أسير في قومي بالمرباع، وكنت في نفسي على دين، وكنت ملكًا في قومي لما كان يصنع بي، فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته، فقلت لغلام كان لي عربي، وكان راعيًّا لإبلي: لا أبا لك، أعدد لي من إبلي أجمالًا ذللًا سمانًا، فاحتبسها قريبًا مني، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطئ هذه البلاد، فآذني ففعل، ثم إنه أتاني ذات غداة، فقال: يا عدي ما كنت صانعًا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت رايات، فسألت عنها فقالوا هذه جيوش محمد، قال: قلت فقرب إليَّ أجمالي فقربها فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام، فسلكت الحوشية وخلفت بنتًا لحاتم في الحاضر، فلما قدمت الشام أقمت بها، فتخالفتني خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتصيبت ابنة حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيء، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام قال: فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا تحبس بها فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقامت إليه وكانت امرأة جزلة، فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد وغاب الوافد، فامنُن عليَّ منَّ الله عليك، قال: ومن وافدك قالت عدي بن حاتم، قال: الفار من الله ورسوله، قالت ثم مضى وتركني حتى إذا كان الغد مرَّ بي فقلت له مثل ذلك، وقال لي مثل ما قال بالأمس، قالت: حتى إذا كان بعد الغد مرَّ بي وقد يئست، فأشار إليَّ رجل خلفه أن قومي فكلِّميه، قالت: فقمت إليه فقلت يا رسول الله، هلك الوالد وغاب الوافد فامنُن عليَّ منَّ الله عليك، فقال صلى الله عليه وسلم: قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك، ثم آذنيني فسألت عن الرجل الذي أشار إليَّ أن كلميه فقيل لي علي بن أبي طالب، قالت: فقمت حتى قدم من بلى أو قضاعة، قالت: وإنما أريد أن آتي أخي بالشام، فجئت فقلت يا رسول الله، قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ، قالت فكساني وحملني وأعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام قال عدي: فوالله إني لقاعد في أهلي فنظرت إلى ظعينة تصوب إلى قومنا، قال: فقلت ابنة حاتم، قال: فإذا هي هي، فلما وقفت علي استحلت تقول القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك، وتركت بقية والدك عورتك، قال: قلت أي أخية، لا تقولي إلا خيرًا، فوالله مالي من عذر لقد صنعت ما ذكرت قال: ثم نزلت فأقامت عندي، فقلت لها وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل قالت: أرى والله أن تلحق به سريعًا، فإن يكن الرجل نبيًّا فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكًا فلن تزل في عز اليمن وأنت أنت، قال: قلت والله إن هذا الرأي قال فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال: من الرجل فقلت عدي بن حاتم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامد بي إليه؛ إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف لها طويلًا تكلمه في حاجتها، قال: قلت في نفسي والله ما هذا بملك، قال ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفًا، فقذفها إلي فقال اجلس على هذه، قال: قلت بل أنت فاجلس عليها، قال بل أنت فجلست وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض قال قلت في نفسي، والله ما هذا بأمر ملك، ثم قال إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيًّا قال قلت بلى قال أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع، قال قلت بلى، قال فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك، قال: قلت أجل والله قال: وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل، ثم قال لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوِّهم وقلة عددهم، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فُتحت عليهم، قال: فأسلمت قال فكان عدي يقول مضت اثنتان وبقيت الثالثة والله لتكونن وقد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت ورأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت وأيم الله لتكونن الثالثة ليفيض المال حتى لا يوجد من يأخذه[2].

* * *


المسألة التاسعة:

(يا عدي بن حاتم ما أفرك؟ أفرك أن يقال: لا إله إلا الله فهل من إله إلا الله، ما أفرك؟ أفرك أن يقال: الله أكبر فهل شيء هو أكبر من الله عز وجل؟)

هذان سؤالان وجِّههما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه، ومن قبل إسلامه، وحين راح إليه صلى الله عليه وسلم، ويوم أن أعانته على ذلك أخته أو عمته، وعلى قولين في ذلك، وإذ كانت محصلة القول أنْ يذهب إلى هذا النبي العربي الأمي الكريم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إن راغبًا، وإن راهبًا، ولأنه قد راح إليه الناس، وليكن عدي من أولاء الذين راحوا، وهو على أي من الوجهين رابح، إن شاء الله تعالى.

 

وعلى كل حال، فهذا رأي تمثلت به المرأة الحكمة، وإن المرأة لتنطق صوابًا، ولتقول حقًّا.

 

وقد مر بنا في هذه السيرة النبوية المباركة الكثير من رأي صائب للنساء، وإذ ليس يوم الحديبية عنا بغائب، ويم هاج الناس وماجوا من سبب بنود صلح، كان به أوثق، ومن معية مولاه، ومن رعايته وهداه، وحين كان موقف أم سلمة فيه حاسمًا، وإذ أخذ به هذا النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا موافقًا وجازمًا.

 

وإذ كان من قبله ذاك موقف خديجة زوج نبينا صلى الله عليه وسلم، ويوم وحيه أول مرة لاختبار أأنه ملك فيغض بصرًا؟ أو أنه شيطان فيلمح طرفًا!

 

ولعل هذا أيضًا من أسباب الخير وأعوانه، لهذا عدي بن حاتم، وحين يريد الله تعالى لعبد من عبيده الخير، وإنما يسوق إليه من يدفعه إليه دفعًا، ولحكمة يعلمها الله تعالى. ولعل ذلك من أثر ما تركه فيهم أبوهم من مكارم الأخلاق، وإذ كان هو حاتم الطائي، مضرب مثل العرب والعجم في يومه، كرمًا، وبذلًا، وجودًا، وهذا الذي كان دعامة حجتها أيضًا، ولأن والده ولو كان حيا ما كان منه إلا أن راح إلى هذا الدين الحنيف الخالد الإسلام، ومعلنًا إسلامه، ومن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وعلى كل حال أيضًا، فإن هذا عديًّا كان عونًا بأخته أو بعمته - ولا يمنع كلتاهما - أن تسوقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحين يسمع الخير بأذنيه، لا نقلًا عن أحد، وحين رأى هذا النبي بعينيه، وحينها تتغير الملامح، وتتبدل القناعات، ويراجع العبد نفسه، وحين يرى أمارات الهدى والنور، ومتبدية على وجنتيه وأساريره، داعية الخير والهدى والصلاح.

 

وهذا أيضًا ما نفيده أن يكون عليه أصحاب الدعوات من حجة، وما يجب أن يكونوا عليه من برهان، وإنما حجتهم الأولى هو بدو أمارات الصلاح عليهم، وإنما كان برهانهم هو ظهور دلالات العلم أعلاهم.

* * *


المسألة العاشرة:

الجليس الصالح وأثره الإيجابي والجليس السوء وعمله السلبي:

ولسنا نغادر مكاننا هذا إلا بيان فارق قد كان عظيمًا بين هذه عمة عدي هذا، أو أخته، فإن ذلك ليس مهما ها هنا، وبقدر أهمية عمل جليس الصالح في العبد، وإما أن يحذيه، وإما أن يبتاع منه، وإما أن يجد منه ريحًا طيبة، والعكس بالعكس أيضًا، ولأن نافخ الكير، وإما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة.

 

فعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد؛ لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة[3].

* * *


المسالة الحادية عشرة:

مفارقة بين امرأتين عمة أو أخت عدى وهند بنت عتبة

ويكأننا في خضم كلام حول رفيقات الخير من النساء، ومناسبة أخت عدي أو عمته، وإنما نستصحب هذه هند بنت عتبة بن ربيعة، وقبل إسلامها، وكيف كان فعلها يوم أحد، وهي إذ تتولى زعامة التعبئة، وهي إذ تتولى داعية التجمهر والتأليب! وحين كان قولها:

نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
والدر في المخانق
والمسك في المناطق
إن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق

 

ويوم كان حنقها على سيد الشهداء حمزة عم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين قد مر تسجيل سيرتها هذه الزاكمة، قبل إسلامها أيضًا، وكما قد سجلها التاريخ عنها، مثل سوء، وعملا غير صالح، ويوم أن كان شأنها تأليبًا، وحين كان عملها كيدًا، ويوم وبدل أن تشاركهم الذود عن الإسلام الحنيف، أو على الأقل ألا يكونوا رؤساء فتنة، أو زعماء ضلال، وفي الحالين سيفيض الله عليهم من فضله، ومن مثل عمل عمة أو أخت عدي، ولكنه وهكذا كان وجود هذا الصنف في الناس ابتلاء، وقد كان من حاصل أمره امتحانًا واختبارًا، وتسليمًا بأقدار الله تعالى، ولنتشوف فيها الحكمة والعلة والسبب، وإن كنا لسنا ندرك حكمة، ولا علة، ولا سببًا، أحايين كثيرة، وإنما تعويلنا على ذلكم تسليم، وحين كان علامة الإسلام، ولما أضحى شارة الإذعان لله تعالى ربًّا وخالقًا ورازقًا ومحييًا ومقدرًا سبحانه.

* * *


المسألة الثانية عشرة:

بدار عدي

ولكن هذا عديًّا، وحين راح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنشرحًا صدرًا، وإلى نصح أخته أو عمته أو كلتيهما وقد وجد خيرًا.

 

وهذا ما يحسب لعدي أيضًا، وقد كان مطيعًا، وللنصح مجيبًا، وحين أضحى مثالًا للانقياد.

* * *


المسألة الثالثة عشرة:

بساطة عقيدة وسلاسة دين

ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان الحكيم الخبير، وكان الداعية الرؤوف الرحيم، وكان منه أن داخل خلجات هذا عدي، وحين أوجز له العبارة، ولما اختصر له الإشارة، وأنه الله تعالى، وألا إله إلا الله، وأنه ليس إله يستحق أن يعبد معه أو من دونه تعالى، وهذه هي خلاصة عقيدة المسلمين مبسطة موجزة، ولا تراكيب فيها ولا تداخلات، وإنما هي هذا النوع من البساطة والإيجاز، ويكأنها وبهذا الشكل العالي قيمة، والبسيط تركيًبا، هكذا وإذ تختصر بطلان عقائد الكفر قاطبة، وحين جعل من الإله العلي الأعلى ثلاثة! ولا يستقيم، ولسنا نريد أن تغيب عقولنا، فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا، وقد شهد بصحته خصومه، ولما قال إنهم يثلثون، فإنهم يثلثون! وبالتالي فإن دفع هذه الشبهة، بل التهمة، بل الحقيقة عنهم غير سديد؛ ولأن القوم فيها غارقون، وقد كانت لنا مع القوم مساجلات في هذا، وكانت لصالح الحق ولله الحمد.

 

وإذ قد سبق قرآننا ذكر مسلمة يطبق على صحتها العقلاء، ويوم أن قال الله تعالى، ولكن كونا هكذا محكمًا نراه، ويكأن نظامًا متقنًا هكذا نعيشه أبدًا لشاهد على الوحدانية، وإذ لرأينا ارتطامًا لطائرات، وتطاحنًا لسفن وأفلاك، وتناصبًا لشرق مع غرب، وحين كان الأمر شركاء! ومن يغلب يا ترى؟! وفي تسلسل كان هذا الدين أحكم، ولما أن أقض مضاجعه من مهدها.

 

ولا تقل لي: إن هناك تناغمًا بين الشركاء؛ وإذ يحيل العقل الصحيح هذا!

 

ولهذا الذي سبق، وما كان لعدي إلا أن يسلم، وأمام هذه البساطة التي لم يعهد مثلها قبل، وبعيدًا عن تعقيدات وتبريرات، هي أقرب أن تزيد التعقيد تعقيدًا آخر مضاعفًا، وحتى يصار إلى غياهب ظلمات، وإذ ليس يمكن أن ينالها النور المبين، والقسطاس المستقيم، ولما أن هكذا أظلموها، وعقدوها، وداخلوها، وتداخلوها، وحتى أصبحت ركامًا، ومن فوقه ركام آخر، وأليس يزيله إلا هكذا برهان البساطة الذي فرشه هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولما أن كانت أذنا عدي إليه مصغية، وإذ كان منه يسر وسهولة عملية الاتصال ولتؤتي أكلها: مرسل جيد، يحسن البلاغ، ومستقبل جيد، يجيد الاستقبال.

 

وكذا وحين ضرب هذا النبي على وتر التكبير، ولأنه لا أكبر إلا الله تعالى الحكيم المجيد، ومنه بطلان كل كبير أمام هذا الجبروت والقهر، واللذين هما صفتان لصيقتان بالربوبية الحانية الرحيمة أيضا.

* * *


المسألة الرابعة عشرة:

انهيار الباطل أمام زخم الحق:

ولهذا السبب فتفرغ عقيدة عدي، وتبطل، وتنهار، وأمام هاتين القاعدتين، وأنه لا إله إلا الله، وأنه لا أكبر إلا الله تعالى أيضا. ومنه كانت تخليته عن باطله، وبه كانت تحليته بإسلامه. ولأنه وكما أثبتوه فإن التخلية قبل التحلية.

* * *


المسألة الخامسة عشرة:

اتقوا النار ولو بشق تمرة:

وغير أنه صلى الله عليه وسلم كان قد ترك لنا إرثًا مجيدًا، وفي متناول كل عبد بصير، وحين جعل النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب اتقاء النار تمرة أو شق تمرة. أو كلمة حسنى، وخلقًا حميدًا.

 

وأن هذا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، قد قال أعلامًا من أعلام نبوته، وقد سبق ذكر جانب منها في هذا المبحث، وأنه صلى الله عليه وسلم ليس يخاف على أمته فقرا، وبقدر أنه يخاف أن تفتح عليهم الدنيا، فتهلكهم كما أهلكت من كان قبلهم.

 

فعن عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم[4].

* * *


المسألة السادسة عشرة:

من هم المغضوب عليهم؟ ومن هم الضالون؟

ولكن هذا الحديث الذي بين أيدينا قد أبان أن المغضوب عليهم هم اليهود؛ ولأنهم علموا الكتاب، ولم يعملوا بمقتضى هذا العلم الذي علموه.

 

ولكن هذا الحديث قد أفصح عن معنى الضالين، ألا وهم النصارى؛ ولأنهم عبدوا ربهم بلا علم، بل عن جهل.

 

وكلا الأمرين مخالف للصراط المستقيم، وهو ذلك الذي يجمع بين نقيضي هذين الفريقين، ولأنه الصراط المستقيم إذًا هو ذلكم عبادة الله تعالى، وعن علم شرعي، وعن عمل بمقتضى هذا العلم.

 

والعلم الشرعي هو ذلكم المستمد من الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

 

وقال الله تعالى ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف:108].

 

وعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا، كتاب الله، وسنة نبيه[5].

 

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم قال: عن سماك بن حرب، قال: سمعت عباد بن حبيش، يقول: سمعت عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقرب فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم صفوا له فقالت: يا رسول الله، نأى الوافد وانقطع الولد وأنا عجوز كبير وما بي من خدمة، فمن علي من الله عز وجل عليك، قال: ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم قال: أي الذي فر من الله ورسوله، قالت: فمن علي فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليَّ فقال: سليه حملانًا، قالت: فسألته فأمر بأتان فقلت: لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فقالت: ائته راغبًا أو راهبًا، فقد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته، فإذا عنده امرأة وصبيان أو صبي فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت أنه ليس ملك كسرى وقيصر فقال: يا عدي، ما أفرك أن يقال: لا إله إلا الله فهل من إله إلا الله؟ ما أفرك أن يقال: الله أكبر فهل من شيء أكبر من الله؟ فأسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال: إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى ثم جاءه ناس فسألوه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ امرؤ بصاع ببعض صاع بقبضة قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال: بتمرة بشق تمرة، إن أحدكم لاقي الله فقائل: ألم أجعلك سميعًا بصيرًا، ألم أجعل لك مالًا وولدًا، فماذا قدمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئًا، فلا يتقي النار إلا بوجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة، إني لا أخشى عليكم الفاقة، لينصرنكم الله، وليعطينكم أو ليفتحن لكم حتى تسير الظعينة بين الحيرة ويثرب أخوف ما تخاف على ظعينتها السرق[6].

* * *


المسألة السابعة عشرة:

لئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى بن هرمز:

هذا علم من أعلام نبوة هذا النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا خطاب لعدي بن حاتم، موجب مؤانسة، وخلقًا حسنًا، وكم دل على سعة صدر هذا النبي، وقربه من الناس.

وقد قررنا هذا من قبل، ولكنه ولأهميته وكعلم من أعلام نبوة هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولأثر ذلك في إسلام الكافرين، وزيادة إيمان المؤمنين، ولأن عديا ذكر أنه حضر هذا الفتح، وقد ذكره التاريخ له، وعلاوة على رواية الإمام البخاري رحمه الله تعالى لذلك، وما لها من زخم.

 

وكما قلنا: فإن هذا دال بطبيعة الحال على كم هو انبساط الدعاة العاملين وسط أقوامهم، ليعلموهم طرق الخير فيتبعوها، ويبينوا لهم طرق الشر فيجتنبوها.

 

ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم ومن انبساطه أيضًا ذلكم ذكر صاحب فاقة ألمت به، فجاءه ليقضيها، ولأن إعانة ذي الحاجة الملهوف خلق نبيل، ولأن الأخذ بيد الضعفة عمل جليل.

 

وهكذا فنحن أمام دين يروح بالأخلاق الحسان، وحيث أمكَن لها أن تحط رحالها، وحتى كان ذلكم واجبًا، ويكأن ذلكم على كل مسلم، ولن يعدمه، وحين كان كفه عن الشر صدقة، وما يحمل ذلكم من تهذيب للنفوس، وحملها ذات نفسها على نفسها، خلقًا رشيدًا، حميدًا حسنًا مجيدًا؛ ليتنشأ مجتمع هذا الذي تعلوه شارات المودة، وتسمق به دلالات الإحسان، وترتفع به هالات الأدب الجم الحسن الرفيع، وإلى حيث آفاق لا حدود لها!

 

فعن أبي موسى الأشعري عن النبي: على كل مسلم صدقة، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيأمر بالخير - أو قال: بالمعروف - قال: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر؛ فإنه له صدقة[7].

 

لا، بل ليس على كل مسلم صدقة، بل على عضو منه صدقة! وليأتلف الكل مع الجزء، وبحيث لا تتبقى نافذة، بل ثقب، إلا والمسلم فيها محفوظ بأمر ربه، ومن سبب هذه الصدقات، ولو كان إمساكًا عن الشر، وهذا ليس يكاد يخرج منه أحد! بل يدخل فيه كل أحد! وهذا استدعاء نبوي حان لطيف لمكنونات النفوس الطيبة، وما قد جبلت عليه فطرة من الله تعالى الخالق العظيم سبحانه، وجبلة قد أركزها فيها الرحمن الرحيم اللطيف الغفور التواب سبحانه أيضًا.

 

فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة[8].

 

وكذا وقد جاءه صاحب قطع طريق ليطمئنه، وليربط على قلبه.

* * *


المسألة الثامنة عشرة:

أهمية المال وتزكية النفوس أهم:

وهذا علم نبوة آخر، وحين يأتي على الناس زمان فيملأ الرجل كفًّا من ذهب وأخرى من فضة، ثم لا يجد من يأخذه، ولكثرة المال ووفرته، ودلالة على أن المال ليس يسد رمقًا، ومواجهة حاجات الأرواح وتربية النفوس، والأخذ بزمامها نحو آفاق الفضل والعفة والعزة والكرامة والإباء، وإن كل ذلك ولئن وضع في كفة، ووضعت خزائن الأرض في كفة، لرجحت كفة العفة والقناعة والرضا بقسمة الله تعالى الحق المبين سبحانه.

* * *


المسألة التاسعة عشرة:

من مشاهد يوم القيامة:

ولكن هذا الحديث قد بيَّن مشهدًا من مشاهد يوم القيامة، وهذه المشاهد لا تقال إلا بوحي، ولا تعلم إلا من تنزيل، ولأنها من علوم الغيب التي أمرنا شريعة وديانة وملة أن نصدقها، وأن نجريها، وحيث جاءت، ولا نُعمل فيها عقولنا كثيرًا، ولأن إعمال العقول فيما هو خارج عملها إرهاق وتعب وإضناء، وطحن بلا طحين، وعجن بلا عجين، وهي أمور كان من الإيمان تصديقها، ولأن هذا ركن ركين من أركان الإيمان بالله تعالى الستة، وكما جاء من حديث جبريل الملك عليه السلام المشهور.

 

ولكن هذا المشهد صورته، وعلى بيانه صلى الله عليه وسلم أنه: وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنم.

 

وهذه هي طلاقة القدرة لهذا الرب الكريم المتعال القهار الجبار سبحانه، وحين كانت من آياته اختلاف الألسن واللغات، وهو سبحانه عالم بها، ولأنه تعالى هو خالقها، وكما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22].

* * *


المسألة العشرون:

العلاج بالصدمة:

هذا، وقد رأينا كل الذي سبق، وإنما جاء في أسلوب ماهر باهر، عن طريق المساءلة، وليقر المستقبل برسالة المرسل في أدق معاني الاتباع، والمتلبس بزي الرضا، ورداء المتابعة، وهذان هما ركنا الإذعان والتسليم لله تعالى العلي الأعلى سبحانه، وبحيث يكون العبد مسلمًا لا عن إجبار بل اختيار، وهذه مرة أخرى طلاقة النبي، وعمل الولي، وحين يجعل المستقبل مقرا للديانة وأحكامها، ولما يضحى المكلف راضيا عن اختيار بشرائع الملة ونظامها أيضًا.

 

ولكنه ليس يخلو عن تحدٍّ وإعجاز! وحين جاءت كل هذا المساءلات، ومما يسمونه العلاج بالصدمة، وبحيث ليس يجد المستقبل إلا التسليم؛ ومن هول ما يسمع أو يرى!

 

ودلك على عن صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك حياة، لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدًا إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد؟! - ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة، لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه، فلا يجد أحدًا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه، وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فليقولن له: ألم أبعث إليك رسولًا فيبلغك؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالًا وأفضل عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم، قال عدي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا النار ولو بشقة تمرة، فمن لم يجد شقة تمرة فبكلمة طيبة، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة، لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: يخرج ملء كفه[9].



[1] [معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا: 2/ 434].

[2] [البداية والنهاية، ابن كثير: 5 /57]. خلاصة حكم المحدث: له شواهد من وجوه أخر.

[3] [صحيح البخاري: 2101].

[4] [صحيح البخاري: 4015].

[5] [صحيح الترغيب، الألباني: 40].

[6] [صحيح ابن حبان: باب ذكر البيان بأن أهل الكتاب هم الذين ضلوا وغضب عليهم، حديث رقم 6352].

[7] [صحيح البخاري: 6022].

[8] [صحيح البخاري: 2989].

[9] [صحيح البخاري: 3595].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من هو عدي بن حاتم الطائي؟
  • شرح حديث عدي بن حاتم الطائي: من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها
  • الجود والإيثار عند حاتم الطائي (1)
  • الجود والإيثار عند حاتم الطائي (2)
  • أخلاق العرب قبل الإسلام: أجود من حاتم الطائي
  • المرأة في حياة حاتم الطائي؛ صورة مغايرة

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الحسن في جواب القول لمن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في صفات الله تعالى كالقول في ذاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في البعض الآخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول ببدعية صيام الست من شوال: قول باطل(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • النهي عن قول المملوك: ربي وربتي وقول السيد: عبدي وأمتي ونحوهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: باسم الله أَرقيك، وقول: باسم الله يبريك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قرة العيون بإشراقات قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب