• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها
    بدر شاشا
  •  
    مناقشة بعض أفكار الإيمان والإلحاد (WORD)
    الشيخ سعيد بن محمد الغامدي
  •  
    مجلس ختم صحيح البخاري بدار العلوم لندن: فوائد ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الإمامة في الدين نوال لعهد الله وميراث الأنبياء ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    هشام بن حسان ومروياته عن الحسن المرفوعة: جمعا ...
    حصة بنت صالح بن إبراهيم التويجري
  •  
    دعاء الشفاء ودعاء الضائع
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أسماء العقل ومشتقاته في القرآن
    محمد ونيس
  •  
    كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات تربوية مع سورة التكاثر
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    {وما كان لنبي أن يغل}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

واجبنا تجاه الأوامر الشرعية (خطبة)

واجبنا تجاه الأوامر الشرعية (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2022 ميلادي - 4/10/1443 هجري

الزيارات: 26289

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

واجبنا تجاه الأوامر الشرعية

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ لِغَايَةٍ عَظِيمَةٍ، وَمُهِمَّةٍ جَلِيلَةٍ، وَحَمَّلَهُ أَمَانَةً ثَقِيلَةً، عَجَزَتْ عَنْ حَمْلِهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ، وَهِيَ أَمَانَةُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَامِ بِدِينِهِ، وَتَحْكِيمِ شَرْعِهِ؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 56]، وَكُلُّ الْبَشَرِ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُسْأَلُونَ عَنْ أَدَاءِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ؛ ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 6]، ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 92-93]. وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعْتَنِيَ عِنَايَةً بَالِغَةً بِأَوَامِرِ الشَّرْعِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُجَدِّدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَبْعَ مَرَاتِبَ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَالَ: «إِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَبْدَ بِأَمْرٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ سَبْعُ مَرَاتِبَ: الْأُولَى: الْعِلْمُ بِهِ. الثَّانِيَةُ: مَحَبَّتُهُ. الثَّالِثَةُ: الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ. الرَّابِعَةُ: الْعَمَلُ. الْخَامِسَةُ: كَوْنُهُ يَقَعُ عَلَى الْمَشْرُوعِ خَالِصًا صَوَابًا. السَّادِسَةُ: التَّحْذِيرُ مِنْ فِعْلِ مَا يُحْبِطُهُ. السَّابِعَةُ: الثَّبَاتُ عَلَيْهِ».

 

وَالْأَوَامِرُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرًا جَازِمًا بِفِعْلِهِ، وَهِيَ الْوَاجِبَاتُ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرًا جَازِمًا بِاجْتِنَابِهِ، وَهِيَ الْمُحَرَّمَاتُ.

 

وَلَا سَبِيلَ لِمَعْرِفَةِ تِلْكَ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَّا بِالْعِلْمِ بِهَا؛ وَلِذَا كَانَتْ مَرْتَبَةُ الْعِلْمِ أُولَى الْمَرَاتِبِ. وَكَيْفَ يَعْمَلُ مَنْ لَا يَعْلَمُ؛ وَلِذَا بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: «بَابٌ: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 19] فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ». وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ سَبَبٌ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ وَصِحَّةِ الْعَمَلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ لِتَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي الِامْتِثَالِ؛ وَلِيُؤَدِّيَ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنَ الْجَاهِلِ. وَالنُّصُوصُ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 43]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فَاطِرٍ: 28]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 9]، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» مُتَفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: مَحَبَّتُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُحِبَّ شَرْعَهُ سُبْحَانَهُ. وَهَذَا مِنْ مُقْتَضَى مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ»، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ». وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا امْتَثَلَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكِنَّهُ يَكْرَهُهُ فَإِنَّ عَمَلَهُ بِهِ لَا يَنْفَعُهُ، وَكَرَاهِيَتُهُ لَهُ تُحْبِطُ عَمَلَهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 9].

 

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ، فَهُوَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَحَبَّهُ؛ لِأَنَّهُ يُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَيَعْزِمُ عَلَى فِعْلِهِ. وَفَائِدَةُ الْعَزْمِ أَنَّهُ يُكْتَبُ بِهِ الْأَجْرُ إِذَا حَالَ مَانِعٌ عَنِ الْعَمَلِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. «وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَعْمَلُ طَاعَةً فَمُنِعَ مِنْهَا، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَنْ يَدُومَ عَلَيْهَا».

 

وَالْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: الْعَمَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَا نَفْعَ بِعِلْمٍ بِلَا عَمَلٍ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ يَزِيدُ الْإِيمَانَ، كَمَا أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِيمَانِ؛ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي، إِنَّمَا الْإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ».

 

وَالْآيَاتُ كَثِيرَةٌ فِي تَرْتِيبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَزَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 17]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 14]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 22].

 

وَالْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ: كَوْنُهُ يَقَعُ عَلَى الْمَشْرُوعِ خَالِصًا صَوَابًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِخْلَاصَ وَالْمُوَافَقَةَ شَرْطَانِ لِقَبُولِ الْعَمَلِ. وَدَلَّ عَلَى الْإِخْلَاصِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزُّمَرِ: 2-3]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾ [الزُّمَرِ: 14]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 5]، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَوَادِحُ الْإِخْلَاصِ: الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ وَإِرَادَةُ الْإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا.

 

وَدَلَّ عَلَى الْمُوَافَقَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 7]، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ: التَّحْذِيرُ مِنْ فِعْلِ مَا يُحْبِطُهُ؛ فَارْتِكَابُ نَاقِضٍ لِلْإِيمَانِ يُحْبِطُ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 23]، وَالرِّيَاءُ يُحْبِطُ الْعَمَلَ الَّذِي دَاخَلَهُ، وَكَذَلِكَ إِرَادَةُ الْإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَكْتُبَنَا فِي عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنَ الْعِلْمِ مَا يُقَرِّبُكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 28].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَوَامِرُ الشَّرْعِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَوَامِرَ فِعْلٍ؛ كَالتَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَنَحْوِهَا، أَمْ كَانَتْ أَوَامِرَ اجْتِنَابٍ؛ كَاجْتِنَابِ الشِّرْكِ وَالرِّيَاءِ وَالْبِدْعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ فِيهَا سَبْعُ مَرَاتِبَ، وَهِيَ: الْعِلْمُ بِذَلِكَ الْأَمْرِ، وَمَحَبَّتُهُ، وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ، وَتَحَرِّي الْإِخْلَاصِ فِيهِ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ، وَالْحَذَرُ مِمَّا يُحْبِطُهُ، وَالثَّبَاتُ عَلَيْهِ وَهُوَ: الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ: فَالثَّبَاتُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَطْلَبَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، فَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الثَّبَاتَ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27]. وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ»، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْقُلُوبَ تَتَغَيَّرُ بِسَبَبِ الشُّبُهَاتِ أَوِ الشَّهَوَاتِ؛ فَقَدْ تَنْتَقِلُ مِنَ التَّوْحِيدِ إِلَى الشِّرْكِ، أَوْ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى النِّفَاقِ، أَوْ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْبِدْعَةِ، أَوْ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي إِحْدَى غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ رَجُلٌ فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى أُعْجِبَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِحُسْنِ بَلَائِهِ، فَقَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا؛ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَلْيَحْرِصْ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَى الثَّبَاتِ، وَلْيَغُذَّ السَّيْرَ فِي طَرِيقِ الْخَلَاصِ؛ فَإِنَّ الْجَزَاءَ خُلُودٌ أَبَدِيٌّ فِي نَعِيمٍ أَوْ عَذَابٍ؛ ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الواجبات المرعية في تلقي الأوامر الشرعية
  • واجبنا نحو الرسول صلى الله عليه وسلم
  • الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: تزويج الأولاد حق واجب فقهًا ونظاما(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أساليب التربية في ضوء القرآن والتربية الحديثة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اتقوا الأرحام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من واجبنا تجاه جريمة حرق المصحف (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • واجبنا تجاه نبينا عليه الصلاة والسلام(مقالة - ملفات خاصة)
  • ما هو واجبنا تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • واجبنا تجاه ولاة أمرنا ورجال أمننا(مقالة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 16:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب