• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أيها الصائمون ابدؤوا بالصلاة (خطبة)

أيها الصائمون ابدؤوا بالصلاة (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2022 ميلادي - 15/9/1443 هجري

الزيارات: 10327

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها الصائمون ابدؤوا بالصلاة

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، هَنِيئًا لَكُم بُلُوغُ شَهرِ رَمَضَانَ، وَهَنِيئًا لَكُم مَا صُمتُم مِنهُ وَقُمتُم، وَهَنِيئًا لَكُم مَا أَسلَفتُم وَقَدَّمتُم، فَكَم مِمَّن أَدرَكَهُ في سَالِفِ الأَعوَامِ وَلم يُدرِكْهُ هَذَا العَامَ، وَكَم مِمَّن كَانَ فِيهِ يَقدِرُ عَلَى أَعمَالٍ مِنَ الخَيرِ، فَعَجَزَ حَتَّى عَنِ الصِّيَامِ، فَحَقٌّ عَلَى مَن أَدرَكَ الشَّهرَ وَهُوَ في أَمنٍ وَعَافِيَةٍ، أَن يَحمَدَ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعمَةِ وَيَفرَحَ بها، ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَبوَابُ الخَيرِ كَثِيرَةٌ، وَأَسبَابُ تَحصِيلِهِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَأَعمَالُ البِرِّ مُتَنَوِّعَةٌ، وَالنُّفُوسُ في شَهرِ رَمَضَانَ مُقبِلَةٌ، وَالشَّيَاطِينُ مُوثَقَةٌ وَمُرَبَّطَةٌ، وَفُرَصُ اكتِسَابِ الأَجرِ سَانِحَةٌ، وَنَسَائِمُ الخَيرِ قَد هَبَّت، فَمَن بَادَرَ وَسَارَعَ وَسَابَقَ، فَهُوَ مِن حُسنِ حَظِّهِ وَتَوفِيقِ اللهِ لَهُ، فَلْيَهنَأْ بِذَلِكَ وَلْيَسأَلِ الإِخلاصَ فِيهِ لِوَجَهِ رَبِّهِ، وَمَن لم يَزَلْ في مَكَانِهِ وَاقِفًا، تَمُرُّ بِهِ قَوَافِلُ الخَيرِ غَادِيَةً إِلى رَبِّهَا وَرَائِحَةً، وَهُوَ يُرَاوِحُ وَيَتَلَفَّتُ مُتَكَاسِلاً مُتَبَاطِئًا، فَلْيَتَدَارَكْ نَفسَهُ مَا دَامَ البَابُ مَفتُوحًا وَالطَّرِيقُ مُمَهَّدًا.

 

وَإِنَّهُ مَهمَا اجتَهَدَ المَرءُ في صِيَامٍ أَو قِيَامٍ، أَو قِرَاءَةِ قُرآنٍ أَو ذِكرٍ أَو دُعَاءٍ، أَو صَدَقَةٍ أَو تَفطِيرِ صَائِمِينَ، فَإِنَّ ثَمَّ بَابًا عَظِيمًا مِن أَبوَابِ الإِسلامِ، بَل هُوَ أَصلٌ وَأَسَاسٌ لا يَقُومُ بِنَاءٌ إِلاَّ بِهِ، وَلا يُقبَلُ عَمَلٌ إِلاَّ بِتَمَامِهِ، وَلا يُفلِحُ وَيُنجِحُ إِلاَّ مَن أَفلَحَ فِيهِ وَأَنجَحَ، وَهُوَ بَابٌ كُلُّهُ أُجُورٌ مُضَاعَفَةٌ وَحَسَنَاتٌ، وَفَضَائِلُ مُتَعَدِّدَةٌ وَدَرَجَاتٌ، وَمَعَ هَذَا يُرَى التَّقصِيرُ فِيهِ وَاضِحًا مِن كَثِيرٍ مِنَ المُسلِمِينَ حَتَّى في رَمَضَانَ، إِنَّهَا الصَّلاةُ، نَعَم، إِنَّهَا الصَّلاةُ، رُكنُ الإِسلامِ الأَهَمُّ بَعدَ الشَّهَادَتَينِ، وَالفَارِقَةُ بَينَ الكُفرِ وَالإِسلامِ، وَفَرِيضَةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَاوَاتِهِ، وَوَصِيَّةُ نَبِيِّهِ الأَمِينِ لأُمَّتِهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ، عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلاةُ لِوَقتِهَا"، قَالَ: قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "بِرُّ الوَالِدَينِ"، قَالَ: قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يَصِحُّ لامرِئٍ صَومٌ وَلا تُقبَلُ لَهُ زَكَاةٌ وَلا صَدَقَةٌ، وَلا يُجزِئُهُ حَجٌّ وَلا تُرفَعُ لَهُ نَافِلَةٌ وَلا يُسمَعُ لَهُ دُعَاءٌ، وَلا يَنفَعُهُ حُسنُ خُلُقٍ، وَلا يَرفَعُهُ طِيبُ ذِكرٍ عِندَ الخَلقِ، مَا لم يَستَقِمْ لَهُ أَمرُ صَلاتِهِ، وَمَا لم يَكُنْ حِفظُهَا وَالمُحَافَظَةُ عَلَيهَا هُوَ هَمَّهُ وَشَاغِلَ فِكرِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالى، مَن أَحسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهدٌ أَن يَغفِرَ لَهُ، وَمَن لم يَفعَلْ فَلَيسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ"؛ رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "بَينَ العَبدِ وَبَينَ الكُفرِ تَركُ الصَّلاة"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ، وَإِنْ فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِن فَرِيضَتِهِ شَيءٌ قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالى: اُنظُرُوا هَل لِعَبدِي مِن تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ"؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الصَّلاةُ تَغسِلُ الخَطَايَا وَتَحُطُّهَا، وَتُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَتَمحُو السِّيَّئَاتِ، وَيَرفَعُ اللهُ بها الدَّرَجَاتِ، وَالمَشيُ إِلَيهَا تُكتَبُ بِكُلِّ خَطوَةٍ مِنهُ حَسَنَةٌ وَتُرفَعُ دَرَجَةٌ وَتُحَطُّ خَطِيئَةٌ، وَكُلَّمَا غَدَا إِلَيهَا المُسلِمُ أَو رَاحَ، تُعَدُّ لَهُ الضِّيَافَةُ بِذَلِكَ في الجَنَّةِ، وَأَجرُ مَن خَرَجَ إِلَيهَا كَأَجرِ الحَاجِّ أَوِ المُعتَمِرِ، وَانتِظَارُهَا رِبَاطٌ في سَبِيلِ اللهِ، وَالمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى صَاحِبِهَا مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ، وَهِيَ نُورٌ لِصَاحِبِهَا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَهِيَ مِن أَعظَمِ أَسبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ بِرِفقَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، بِكُلِّ هَذَا صَحَّتِ الأَحَادِيثُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، والصَّلاةُ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَجمَعُ أَنوَاعًا مِنَ العِبَادَةِ، فَفِيهَا قِرَاءَةُ القُرآنِ، وَفِيهَا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَأَقرَبُ مَا يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَفي الصَّلاةِ الدَّعَاءُ وَالذِّلُّ للهِ وَالخُضُوعُ، وَفِيهَا مَنَاجَاةُ الرَّبِّ سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وَفِيهَا التَّكبِيرُ وَالتَّسبِيحُ، وَفِيهَا الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ مِن بَينِ الأَعمَالِ وَخَاصَّةً في رَمَضَانَ، تُعَدُّ أَعظَمَ العِبَادَاتِ وَأَفضَلَ القُرُبَاتِ، وَالعَمَلَ الجَلِيلَ الَّذِي لا يَعدِلُهُ عَمَلٌ في المَكَانَةِ وَكَبِيرِ الأَجرِ وَعَظِيمِ الأَثَرِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ المُسلِمِينَ عَلَى مَرِّ عُصُورِهِم وَتَوَالي دُهُورِهِم، لم يَزَالُوا حَرِيصِينَ عَلَى إِقَامَتِهَا في المَسَاجِدِ، مُتَوَاصِينَ بِالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا، كَمَا حَرِصُوا طَوَالَ قُرُونِهِم عَلَى التَّنَافُسِ في صَلاةِ القِيَامِ وَعِمَارَةِ المَسَاجِدِ بِطُولِ القُنُوتِ، وَهُم في كُلِّ ذَلِكَ يَقتَدُونَ بِنَبِيِّهِم عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، الَّذِي كَانَ يُحيِي اللَّيلَ في رَمَضَانَ وَفي غَيرِهِ، وَيُؤمِنُونَ بِمَا وُعِدُوا بِهِ وَيَحتَسِبُونَ الأَجرَ، وَيَرجُونَ رَحمَةَ اللهِ وَمَغفِرَةَ ذُنُوبِهِم وَرِفعَةَ دَرَجَاتِهِم، وَاضِعِينَ نُصبَ أَعيُنِهِم قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ"، وَقَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن يَقُمْ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ"؛ رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَتِ الصَّلاةُ فَرَائِضُهَا وَنَوَافِلُهَا، هِيَ أَولى مَا اعتَنى بِهِ المُسلِمُونَ وَتَوَاصَوا بِهِ وَحَافِظُوا عَلَيهِ وَتَزَوَّدُوا مِنهُ في كُلِّ قُرُونِهِم وَأَجيَالِهِم، إِلاَّ أَنَّهَا حَدَثَت لِلنَّاسِ في سَنَوَاتِهِمُ المُتَأَخِّرَةِ مَعَ هَذِهِ العِبَادَةِ العَظِيمَةِ أَحوَالٌ تَستَحِقُّ أَن يُنتَبَهَ لَهَا وَيُحذَرَ مِنهَا وَيُحَذَّرَ، لِيَكُونَ المُسلِمُونَ مِنهَا عَلَى حَذَرٍ، فَيُعتِقُوا أَنفُسَهُم مِن أَسرِ الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، لِئَلا يَتَرَدَّوا في الدَّرَكَاتِ وَيَخسَرُوا رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ، وَيُحرَمُوا مُضَاعَفَ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ، وَهُم في مَوسِمٍ عَظِيمٍ وَشَهرٍ كَرِيمٍ.

 

وَإِنَّهُ لَمِمَّا يُؤسِفُ وَيُحزِنُ وَيُقَطِّعُ قَلبَ المُؤمِنِ أَسًى وَهَمًّا وَغَمًّا، أَن يُوجَدَ فِئَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ يَصُومُونَ وَلا يُصَلُّونَ، أَو يُصَلُّونَ بَعضَ الصَّلَوَاتِ وَيَترُكُونَ بَعضًا، أَو يَحرِصُونَ عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ مَعَ الجَمَاعَةِ وَيُفَرِّطُونَ في الصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ أَو يُؤَخِّرُونَهَا عَن وَقتِهَا وَلا يُدرِكُونَهَا مَعَ الجَمَاعَةِ، أَو لا يَحرِصُونَ عَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ، مَعَ التَّفرِيطِ في السُّنَنِ القَبلِيَّةِ وَالبَعدِيَّةِ، أَو يَنشَطُونَ في أَوَّلِ رَمَضَانَ بِالصَّلاةِ في وَقتِهَا في المَسَاجِدِ، ثُمَّ يَكسَلُونَ بَعدَ مُضِيِّ أَيَّامٍ مِنهُ، غَافِلِينَ أَو مُتَغَافِلِينَ عَنِ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِلمُتَكَاسِلِينَ وَالخَامِلِينَ، وَالأُجُورِ العَظِيمَةِ لِلمُبَادِرِينَ وَالمُحَافِظِينَ، إِذْ قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: "فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ أَثقَلَ صَلاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجرِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا، وَلَقَد هَمَمتُ أَن آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثم آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثم أَنطَلِقَ مَعِيَ بِرِجَالٍ مَعَهُم حِزَمٌ مِن حَطَبٍ إِلى قَومٍ لا يَشهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيهِم بُيُوتَهُم بِالنَّارِ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن صَلَّى البَردَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَالبَردَانِ هُمَا الفَجرُ وَالعَصرُ، وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: مَن سَرَّهُ أَن يَلقَى اللهَ غَدًا مُسلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالى شَرَعَ لِنَبِيِّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِن سُنَنِ الهُدَى، وَلَو أَنَّكُم صَلَّيتُم في بُيُوتِكُم كَمَا يُصَلِّي هَذَا المُتَخَلِّفُ في بَيتِهِ لَتَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم، وَلَو تَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم لَضَلَلتُم، وَمَا مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ، فَيُحسِنُ الطُّهُورَ ثم يَعمَدُ إِلى مَسجِدٍ مِن هَذِهِ المَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ يَخطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرفَعُهُ بها دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنهُ بها سَيِّئَةً، وَلَقَد رَأيتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقد كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بِهِ يُهَادَى بَينَ الرَّجُلَينِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "خَيرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن صَلَّى للهِ أَربَعِينَ يَومًا في جَمَاعَةٍ يُدرِكُ التَّكبِيرَةَ الأُولى، كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ لِغَيرِهِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَإِنَّ العُمُرَ قَصِيرٌ وَالذَّنبَ كَثِيرٌ، وَالخَطبَ كَبِيرٌ وَالحِسَابَ لِمَن حُوسِبَ عَسِيرٌ، وَالمُسلِمُ الكَيِّسُ الفَطِنُ يَغتَنِمُ الفُرَصَ وَيَجتَهِدُ في مَوَاسِمِ الخَيرِ، وَمَن فَرَّطَ في أَهَمِّ أَركَانِ دِينِهِ العَمَلِيَّةِ، وَلم يَغتَنِمْ شَهرَ رَمَضَانَ بِالطَّاعَةِ وَالبِرِّ وَالإِحسَانِ، فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ وَحَرَمَهَا وَدَسَّاهَا، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ، وَكُونُوا مِن عُمَّارِ المَسَاجِدِ وَرُوَّدِاهَا، وَاحرِصُوا عَلَى التَّبكِيرِ إِلى الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَةِ وَبَادِرَوا إِليهَا عِندَ سَمَاعِ النِّدَاءِ أَو قَبَلَهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الصُّفُوفِ الأُولى، وَخُذُوا نَصِيبَكُم مِنَ النَّوَافِلِ وَقِيَامِ اللَّيلِ مَعَ الأَئِمَّةِ في المَسَاجِدِ، وَتَأَمَّلُوا كَم في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ مِن رَكعَةٍ سَيَركَعُهَا المُسلِمُ المُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَةِ وَالنَّوَافِلِ وَصَلاةِ القِيَامِ وَصَلاةِ الضُّحَى؟ وَكَم مِن سَجدَةٍ للهِ سَيَسجُدُهَا؟ فَفِي ثَلاثِينَ يَومًا مِئَةٌ وَخَمسُونَ رَكعَةً في صَلاةِ الفَرِيضَةِ، وَثَلاثُ مِئَةٍ وَسُتُّونَ رَكعَةً في السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَثَلاثُ مِئَةٍ وَثَلاثُونَ رَكعَةً لِمَن صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ الإِمَامَ كُلَّ يَومٍ إِحدَى عَشرَةَ رَكعَةً، وَسُتُّونَ رَكعَةً لِمَن حَافَظَ عَلَى رَكعَتَيِ الضُّحَى، وَهَذِهِ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ تِسعُ مِئَةِ رَكعَةٍ، وَفي كُلِّ رَكعَةٍ سَجدَتَانِ، أَيْ أَلفٌ وَثَمَانُ مِئَةِ سَجَدَةٍ، وَفي الحَدِيثِ الَّذِّي رَوَاهُ مُسلِمٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "أَقرَبُ مَا يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكثِرُوا الدُّعَاءَ"، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للَّهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئَةً"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَيُّ تِجَارَةٍ وَمَكسَبٍ وَرَاحَةٍ وَاطمِئنَانٍ، وَأَيُّ خَيرٍ سَيَنَالُهُ مَن تَقَرَّبَ إِلى رَبِّهِ أَلفًا وَثَمَانَ مائةِ مَرَّةً؟! وَأَيُّ عُلُوٍّ سَيَبلُغُهُ مَنِ ارتَفَعَ أَلفًا وَثَمَانَ مِئَةِ دَرَجَةً مِن دَرَجَاتِ الجَنَّةِ، وَهِيَ الدَّرَجَاتُ الَّتي مَا بَينَ كُلِّ دَرَجَةٍ وَالأُخرَى كَمَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ؟! فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَاعمَلُوا صَالِحًا يُنجِيكُم مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَأَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ وَتَسَابَقُوا إِلى دَارِ النَّعِيمِ، فَإِنَّ اليَومَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَل، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أخطاء يرتكبها الصائمون
  • يومئذ يفرح الصائمون (خطبة عيد الفطر)
  • تعظيم الصلاة (خطبة)
  • صائم من أجل الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حكم سواك الصائم بعد الزوال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط الصلاة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات اللباس المكروهة في الصلاة من (الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرع الخامس: أحكام صلاة العاري من (الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الثاني: وقت صلاة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سؤال وجواب في أحكام الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب