• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الهدوء لغة الأرواح الجميلة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (36) «من نفس ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا...}

تفسير قوله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا...}
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2022 ميلادي - 2/8/1443 هجري

الزيارات: 31610

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا... ﴾

 

قال الله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 109، 110].

 

هذا تأكيد لحسد أهل الكتاب للمؤمنين وتصريح بمفهوم قوله تعالى: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 105] عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "فكان حُيَيُّ بن أخطب وأبوياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسداً، إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام، بما استطاعا، فأنزل الله تعالى فيهما: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [1].

 

وعن كعب بن مالك- رضي الله عنه: "أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أنزل الله ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ ﴾ إلى قوله: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ﴾ "[2].

 

قوله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109].

 

قوله: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ أي: أحب وتمنى كثير من اليهود والنصارى، وسموا أهل الكتاب؛ لأن الله أنزل عليهم الكتاب، فأنزل على اليهود التوراة، على لسان موسى عليه السلام، وأنزل على النصارى الإنجيل، على لسان عيسى بن مريم عليه السلام.

 

﴿ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ ﴾ "لو" بمعنى "أن" المصدرية، أي: ودوا ردّكم.

 

﴿ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا ﴾ الخطاب للمؤمنين من هذه الأمة، أي: ودوا وتمنوا وأحبوا لو يرجعونكم من بعد إيمانكم بالله ورسوله، وبما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي والشرع المطهر.

 

﴿ كُفَّارًا ﴾ مرتدين عن دينكم، متبعين لهم في دينهم، كما قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

 

﴿ حَسَدًا ﴾ مفعول لأجله، أي: لأجل الحسد، لهذه الأمة، لما منَّ الله عليهم به من نعمة الإسلام والإيمان، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ونزول القرآن، وذلك أعظم نعمة، وقد قيل: "كل صاحب نعمة محسود".

 

والحسد: تمني زوال نعمة الله عن الغير، سواء تمنى كونها له أو لغيره، أو مجرد زوالها.

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[3]: "الحسد: كراهة نعمة الله، على الغير".

 

والحسد داء وبيل ومرض خطير من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر.

﴿ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ أي: نابعاً من قبل أنفسهم الشريرة، لخبث نواياهم، وسوء طواياهم، وحقدهم الدفين على المؤمنين، لا لسبب غير ذلك، قال تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54].

 

﴿ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ أي: من بعد ما اتضح وظهر لهم أن ما أنتم عليه هو الحق الثابت، والصدق والعدل، وصدق محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الوحي من عند الله- عز وجل-، كما جاءت البشارة به في كتبهم التوراة والإنجيل، كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157].

 

وكانوا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم يستفتحون على الذين كفروا، ويقولون: سيبعث نبي وسوف نتبعه وننتصر به عليكم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به حسداً من عند أنفسهم، كما قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [البقرة: 89، 90].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 101]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].

 

وقد حذرهم الله- عز وجل- من هذا المسلك بعدما امتنَّ عليهم بنعمه فقال: ﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 41 - 43].

 

ولكن هذا ديدنهم، فهم أعداء الرسل- عليهم الصلاة والسلام- فمنهم من كذبوهم، ومنهم من قتلوهم، كما قال عز وجل: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61].

 

قوله: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ﴾ الأمر للمؤمنين، والعفو: التجاوز، وترك المؤاخذة على الذنب.

 

والصفح: الإعراض عما حصل كلية، وترك اللوم والتثريب، وإزالة أثره في النفس، وهو أعلى درجات العفو، والكمال باجتماعهما.

أي: فاعفوا واصفحوا عما حصل لكم من أذى من أهل الكتاب وغيرهم ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾.

 

كما قال تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].

 

﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ أي: حتى يأتي الله بأمره بقتالهم.

 

وفي هذا دلالة على مراعاة التشريع الإسلامي للظروف والأحوال، والتدرج في التشريع؛ ولهذا لم يأمر الله- عز وجل- بالقتال حتى تمت تعبئة الأمة معنويًّا بالإيمان، وماديًّا بالقوة والعدد والعدة.

 

عن عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- أخبره، قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، ويصطبرون على الأذى، قال الله عز وجل: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]. وقال الله: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109] إلى آخر الآية. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، فقتل الله به صناديد كفار قريش، قال ابن أبي بن سلول، ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأسلموا"[4].

 

وقد ذهب كثير من السلف، منهم ابن عباس- رضي الله عنهما[5]- وجمع من التابعين إلى نسخ الآية ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ بآيات القتال كقوله تعالى: ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ﴾ [التوبة: 5]، وقوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 29]. واختار هذا جمع من المفسرين منهم الطبري وابن كثير[6].

 

والذي يظهر- والله أعلم- أن هذا ليس من قبيل النسخ لما يلي:

أولاً: أن الآية: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ مغياة بغاية ينتهي حكمها عند حلول تلك الغاية ولا يعد نسخاً.

 

ثانياً: أنه لا تعارض في الحقيقة بين قوله تعالى: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ وكذا آيات الأمر بالعفو والصفح والإعراض عن المشركين، وأهل الكتاب، ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ونحو ذلك، وبين آيات القتال عامة؛ لأن كلاً منهما موقوتة بمناسبتها، وعلى الأمة أن تطبق ما قدرت عليه منهما، حسب مراحل قوتها وضعفها فتطبق الأمر بالقتال حال قوتها، وتطبق الأمر بالعفو حال ضعفها[7].

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ "إن" حرف توكيد ونصب، و"شيء" نكرة تعم أي شيء مهما كان ذلك الشيء، ومهما قَلّ أو كثر، صغر أو كبر.

 

﴿ قَدِيرٌ ﴾ أي: ذو قدرة تامة، وقدم المتعلق، وهو قوله ﴿ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ﴾ لتأكيد كمال قدرته- عز وجل- وعمومها لكل شيء، وأنه- عز وجل- لا يعجزه شيء، كما قال عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 44]، وقال عز وجل: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45].

 

فهو- عز وجل- ذو قدرة تامة على كل شيء، يبدل الأحوال، ويأتي بأمره، ويعفو مع القدرة، كما قال عز وجل: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا أحد أصبر من الله على أذى يسمعه، إنهم يجعلون لله ندًّا، ويجعلون له ولداً، وهو يرزقهم ويعافيهم"[8].

 

المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »



[1] أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 204)- الأثر (1081).

[2] أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 204-205)- الأثر (1083).

[3] انظر: "مجموع الفتاوى" (10/ 111).

[4] أخرجه البخاري في التفسير (4566).

[5] أخرجه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- الطبري في "جامع البيان" (2/ 425)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1/ 206)- الأثر (1089).

[6] انظر: "جامع البيان" (2/ 424)، "تفسير ابن كثير" (1/ 221).

[7] انظر: "نواسخ القرآن" لابن الجوزي، ص(137)، "البرهان في علوم القرآن" (2/ 42-43)، "أضواء البيان" (1/ 84)، "مناهل العرفان" (2/ 150).

[8] أخرجه البخاري في الأدب (6099)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (2804)- من حديث عبدالله بن قيس- رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس}
  • تفسير قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم }
  • تفسير قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم }
  • تفسير قوله تعالى: ولا الضالين
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله....}
  • {ود كثير من أهل الكتاب}
  • تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان... }
  • جددوا إيمانكم

مختارات من الشبكة

  • تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 12:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب