• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

يا أهل القرآن (خطبة)

يا أهل القرآن (خطبة)
وليد مرعي الشهري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2022 ميلادي - 2/7/1443 هجري

الزيارات: 34676

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا أهل القرآن

 

الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب، الحمد لله الذي نوَّر بكتابه الدروب، الحمد لله الذي أنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأبكمَت فصاحته الفصحاء، وأسكتت حكمته الحكماء، فهو الحجة الباقية، والعصمة الواقية، والدلالة الدامغة، فله الحمد على هذا النور، وله الحمد على هذا الضياء، أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على من كان خلقه القرآن، وعلى من أنزلت عليه سور القرآن، وعلى صاحب الحجة والبرهان، صلاةً وسلامًا دائمين ما تقرب عبد بقربان، وما اهتدى بهذا الكتاب حيران، وما أنزل ربنا على التالين لكتابه من الرحمة والغفران، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن الله قد عظَّم شأن القرآن في القرآن، وأقسم بالقرآن على كرامة القرآن، فقال تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾ [الواقعة: 75، 78] وهو معظَّم في السماء (لا يمسه إلا المطهرون)، فهو منهج الحياة، وما ضل أقوام من البشر إلا لما تخلوا عنه، إنه يهدي للتي هي أقوم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، تأملوا - يا رعاكم الله - في عظمة القرآن لو أنزل على جبل أشم شامخ صلب ماذا سيحدث؟ ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21].

 

هذا الجبل تعجز عن إزاحته الفئامُ من الناس يتأثر بالقرآن، فكيف بمضغة لحم لا تخشع ولا تتأثر بكلام الله؟! قرآن أدهش العقول وأبكى العيون، وأخذ بالألباب والأفئدة، وطأطأت له رؤوس الكفر: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة: 83].


عباد الله، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حِيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشُّهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: مالكم؟ فقالوا حِيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيءٌ حدث، فاضربوا مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، وانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء؟ فانطلقوا مشارق الأرض ومغاربها، فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تِهامة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بنخلة عامدًا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم [البخاري ومسلم]، قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾ [الجن: 1، 2]، ولقد جاء التحدي في القرآن أن يأتوا بمثله، فلم يستطيعوا وجاء هذا التحدي لأهل اللغة والأشعار ولأهل الفصاحة والبيان، وفي الصدر الأول؛ حيث كانت لغة العرب في أوجها وقوتها فلم يستطيعوا، ثم جاء التحدي بالإتيان بعشر سور مثله فعجزوا ولم يطيقوا، حتى جاء التحدي الأخير في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23]، فعجزوا أيضًا ولم يأت أحد منهم بسورة واحدة كسور القرآن.

 

إخوة الإيمان، كتابُ الله تعالى فيه نبأ من كان قبلكم، وخبرُ من بعدكم، وحُكْمُ ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء ولا يَخْلَقُ على كثرة الرَّدِّ، ولا تنقضي عجائبُه، من قال به صدق، ومن عَمِل به أُجِر، ومن حَكَمَ به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، يقول يحيى بن أكثم: كان للمأمون وهو أميرٌ إذ ذاك مجلسُ نظرٍ، فدخل في مجلس الناس رجلٌ يهوديٌّ حَسَنُ الثوبِ حَسَنُ الوجهِ طيبُ الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما أن تَقَوَّض المجلسُ دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال: نعم، قال له: أسلم حتى أفعلَ بك وأصنع ووعده، فقال: ديني ودين آبائي فانصرف، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلمًا، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام، فلما أن تَقَوَّض المجلسُ دعاه المأمون، فقال له: ألست صاحبَنا بالأمس؟ قال له: بلى، قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان وأنا مع ما تراني حَسَنُ الخطِّ، عمدت إلى التوراة فكتبت ثلاثَ نسخٍ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتُرِيت مني، وعَمَدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاثَ نسخٍ فزدت فيها ونَقَصت وأدخلتها البِيعة فاشتُريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت وأدخلتها الوراقين، فلما وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها، فعلمتُ أنه كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي.

 

عدوٌّ من أعداء الله يشهد بعظمة هذا القرآن وهو الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن فكأنه رَقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام فأتاه فقال: إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: يعطونكه، فإنك أتيت محمدًا لتنال من فضل طعامهم، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالًا، قال: فقل فيه قولًا يعلم قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له قال: فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجلٌ أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده، والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من ذلك، والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وأن أسفله لمغدق، وإنه ليَحْطِمُ ما تحته، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه، قال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، فقال دعني حتى أفكر فيه، فلما فكر قال: هذا سحرٌ يأثره عن غيره فنزلت: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾ [المدثر: 11].

 

فالله أكبر، ما أعظم القرآن وما أعظم كلام الرحمن، فإذا كان لا أعظم من الله فإذن لا أعظم من كلامه، فكيف يأنس بشرٌ بكلامِ وحديثِ بشرٍ مثله أكثر من القرآن، بل ربما تمضي عليه الشهور ولم يختم ختمة واحدة، فما أقساها من قلوب، وما أشدها من أفئدة، ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، حين يُهجر القرآن ويُترك الذكر الحكيم تجفو القلوب، وتكثر الهموم، وتزداد الغموم، وتحزن النفوس، ويشتد كربها، وتكثر آلامها، فإن الروح إذا تَرَكَت غذاءها من الذكر ذاقت الويلات وأصبحت معيشتُها ضنكًا، فإن ربَّ النفوس والروح أعلم بما يهديها ويرشدها صوابها.

 

عباد الله، إنه لا أجمل من لحظاتِ خلوةٍ بكتابِ اللهِ تعالى وذكره ومناجاته، يرقى فيها القلب درجات اليقين، فما تلذذ المتلذذون بأعظم من هذا الذكر، ولا عاش المتقون بأحسن من هذه الآيات، وما أجمل ترجمة العلماء الربانيين، تقرأ كثيرا في مقدمتها أن أولَ شيء بدأ به حفظ القرآن في سنٍّ مبكرة، فبدأت حياتهم بالقرآن، ولذلك ختم لكثير منهم بالقرآن، فهنيئًا ثم هنيئًا لأهل القرآن ما أسعد حياتهم! وما أجمل عيشهم! وما أعذب أوقاتهم! هم والله الذين يتقلبون في السعادة وليسوا أهل المال، فوالله ما عاش من لم يعش مع القرآن.

 

يا أهل القرآن، لقد تسنَّمتم مكانًا عاليًا، وارتقيتم مرتقًا رفيعًا بحفظكم لكتاب الله: إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويضع به آخرين.

 

أهل القرآن كتاب الله يهذِّبهم، وآياته تزجرهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29].

 

نثرت عليك أريجها الأزهار
وترنمت وشدت لك الأطيار
وأتاك يرفل في ثياب مهنئ
مجد تليد خالد وفخار
أوَ لست تحمل في فؤادك مصحفًا
عن حمله تتقاصر الأغمار
أدركت فخرًا بل علوت سوامقًا
لم يستطعها النجم والأقمار
فكأنما سابقتها فسبقتها
بخطى جَسور مالها إنظار
ولسوف تبقى في الأنام مكرمًا
ولسوف ترنو نحوك الأبصار
ما كل من طلب المكارم نالها
لكنما ربُّ الورى يختار
فالله يرفع بالكتاب وحفظه
وبه يكون الفضل والمقدار


إنه بقدر ما تجمعه في صدرك من كتاب الله وتعمل به، بقدر ما تزيد منزلتك عند الله، فإن من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله حسنة والحسنة بعشر، فكم في القرآن من أحرف؟ وكم فيه من حسنات؟ فخسارة وأي خسارة لمن فرَّط وأضاع وقته بين مواقع التواصل وهجر كتاب ربه.

 

إليكم البشرى يا حفظة كتاب الله، ويا حملة القرآن الذين يعملون له ويطبِّقونه في حياتهم، إليكم هذه الهبات من رب البريات ليست إلا لأهل القرآن، فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه, وإكرام ذي السلطان المقسط)؛ [رواه أبو داود]، وفي الصحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد يقدم في اللحد أكثرهم قرآنًا، وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ ورتِّلْ كما كنت ترتل في الدنيا, فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)؛ [رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني]، وفي صحيح مسلم عن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن لله أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته)؛ [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء القرآن يوم القيامة، فيقول: يا رب، حَلـِّه فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زِدْه، فيُلبس حلةُ الكرامة، ثم يقول: يا رب ارضَ عنه فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة)؛ رواه الترمذي، وقال: هذا حسن صحيح وحسنه الألباني, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن وتعلَّم، وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجًا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حُلَّتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن)؛ [رواه الحاكم وحسنه الألباني لغيره]، قال ابن عباس رضي الله عله: (من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وقرأ قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [التين: 5، 6]، قال: الذين قرؤوا القرآن)؛ [رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وصححه الألباني].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعني وإياكم بما فيه من الحجة والبرهان، أقول ما تسمعون....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن من عظمة القرآن أنه شفاء لما في الصدور، وشفاءٌ للأبدان لمن توكل على الله وأيقن بالنفع، فإن الدواء الرباني له شأنه لمن عَلِمَ عظمتَه وعلَّق قلبه بربه، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتوا على حي من أحياء العرب فلم يُقْرُوهم، فبينما هم كذلك إذ لُدِغَ سيدُ أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راقٍ فقالوا: إنكم لم تُقْرُونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلًا، فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء فجعل يقرأ بأمِّ القرآن ويجمع بُزاقَه ويتْفُلُ فَبَرَأَ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسألَ النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فضحك وقال: "وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم"، صدق الحق إذ يقول:﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82].


عباد الله، ارتباط المؤمن بكتاب الله العمل به، فلما قرأَه وتدبَّره وعلم معانيه، حكم به وعمِل بما فيه، فالقرآن أنزل للعمل، فهو منهج الحياة، وبه يَرشدُ المؤمن للطريق المستقيم، انظروا إلى سلفنا الصالح لما كان الواحد منهم يطبق القرآن في حياته ماذا قدموا وكيف أثَّروا في العالم؟ وانظروا - يا رعاكم الله - كيف أصبحوا مُثُلًا يُحتذى بهم، كان التاجر يذهب للتجارة لا لشيء إلا لكسب الرزق الحلال، فيدخل بسبب صدقه وأمانته الفِئامُ من الناس، هكذا كان الناس يرون المسلم، فيرون الصدق والوفاء، ويرون فيه البر والصلة، فيعتنقون الإسلام، وانظروا إلى ما جنى بعضُ المسلمين من تصرفاتهم ومعاملاتهم، كذبٌ وغش وخداعٌ وإخلافُ وعدٍ، وألفاظٌ بذيئة - إلا من رحم الله - فَصَرَفَ بعضُهم بهذا التصرف الناس عن الإسلام، حتى إذا رأى بعضُهم مسلمًا يسرق قال: ما الفرق بينه وبين الكافر الذي يسرق، أو يغش ويكذب؟ فيتساءل: ما المزية التي تميز بها المسلم عنا؟ وكأنه يرى الإسلام في شخص ذلك الرجل، وتبقى الصورة مؤلمة إذا رأيت تلك التصرفات تصدر ممن عرف القرآن، وقرأ القرآن وعلم بأن الله يرى، فلن ننتصر على عدونا، ولن ننشرَ ديننا كما ينبغي، حتى نعود إلى كتاب ربنا - جل في علاه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].

 

صلُّوا وسلِّموا على مَن أُمرتُم بالصلاة والسلام عليه..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر القرآن يا أهل القرآن (خطبة)
  • حديث: أوتروا يا أهل القرآن
  • صلاة التطوع (1) يا أهل القرآن أوتروا (خطبة)
  • يا أهل القرآن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أهلا أهلا فيمن حضروا (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • خطبتي بين أهلي وأهلها(استشارة - الاستشارات)
  • "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أهل التشيع (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة الثامنة: أسماء وصفات وخصائص أهل السنة والجماعة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة السابعة: (تعريف مصطلح أهل السنة والجماعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة السادسة (التعريف بأهل السنة والجماعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تفسير: (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهل السنة أولى بأهل البيت من الشيعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسطية أهل السنة مع بعض أهل التأويل(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب