• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة

مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2022 ميلادي - 24/6/1443 هجري

الزيارات: 22125

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة

 

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا أيها الأحباب حديثنا اليوم عن الأسرة المؤمنة التي استقامت على أوامر الله تعالى وانتهت عن نواهيه عن الأسرة المسلمة التي أسلمت لله رب العالمين.


عن الأسرة المتحابة التي ألَّف الإيمان بين أفرادها، لا غل ولا حسد ولا حقد ولا بغضاء، تلك الأسرة التي كانت لبنة قوية في صرح الإيمان، والتي كانت لبنة قوية في صرح الأمة الإسلامية، حديثنا عن الأسرة يوم القيامة، هيَّا أيها الآباء لننتقل من هنا إلى هناك من أرض غير الأرض وسماء غير السماء إلى يوم الأهوال إلى يوم الفرار إلى يوم التناد إلى ذلك اليوم العصيب الرهيب، لنرى ثمر هذه الأسرة في أرض المحشر وقد ألجم الناسَ العرقُ إلجامًا، لنرى تلك الأسرة وهي تكرَّم وغيرها يهان، لنرى تلك الأسرة وهي يشفع بعضهم لبعض في حين التخاصم والحساب العسير على أسر أخرى.


أولًا: مشهد الفرار يوم القيامة:

نقف أيها الإخوة الأعزاء لنرى مشهدًا رهيبًا، إنه مشهد الفرار يوم القيامة، الكل يفر من الكل، الكل يقول: نفسي نفسي، ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 33 - 37].

 

مشهد المرء يفر وينسلخ من ألصق الناس به: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ»، أولئك الذين تربطهم به وشائج وروابط لا تنفصم، ولكن هذه الصاخة تمزق هذه الروابط تمزيقًا، وتقطع تلك الوشائج تقطيعًا.

 

«والهول في هذا المشهد هول نفسي بحت، يفزع النفس ويفصلها عن محيطها، ويستبد بها استبدادًا، فلكل نفسه وشأنه، ولديه الكفاية من الهم الخاص به الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد: ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾.

 

«والظلال الكامنة وراء هذه العبارة وفي طيَّاتها ظلال عميقة سحيقة، فما يوجد أخصر ولا أشمل من هذا التعبير، لتصوير الهم الذي يشغل الحس والضمير: «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ»، ذلك حال الخلق جميعًا في هول ذلك اليوم، إذا جاءت الصاخة".

 

ثانيًا: مشهد الشفاعة يوم القيامة:

وفي ذلك المشهد الرهيب تأتي الشفاعة شفاعة الأبناء لآبائهم يوم القيامة، ومن الشفاعات الثابتة ما جاء في شفاعة الولدان في آبائهم وأمهاتهم إذا احتسبوهم عند الله تعالى بنية صادقة، رحمة من الله تعالى وكرمًا منه؛ ليجبر قلوب الآباء والأمهات بما لحقهم من فقد أولادهم، ومن الأدلة على ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبي هريرة رضي الله عنه: " لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم "[1].

 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا، فوعظهن، وقال: " أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا له حجابًا من النار"، قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان وفي رواية: لم يبلغوا الحنث"[2].

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم "[3].

 

وعن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها، فقالت: يا رسول الله، إنه يشتكي، وإني أخاف عليه، قد دفنت ثلاثة، قال: " لقد احتظرت بحظار شديد من النار "[4].

 

عن شرحبيل بن شفعة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة، قال: فيقولون: يا ربنا حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا، قال: فيأبون، قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم مُحْبَنْطِئين، ادخلوا الجنة، قال: فيقولون: يا رب آباؤنا وأمهاتنا، قال: فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم"[5].

 

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا فُلَانُ أَتُحِبُّهُ؟» فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أُحِبُّهُ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاتَ ابْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا يَرْضَى»، أَوْ «أَلَا تَرْضَى أَنْ لَا تَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‌بَابًا ‌مِنْ ‌أَبْوَابِ ‌الْجَنَّةِ ‌إِلَّا جَاءَ يَسْعَى حَتَّى يَفْتَحَهُ لَكَ؟»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لِكُلِّنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ لِكُلِّكُمْ»[6].

 

وقد جعل الله قبول لهذه الشفاعة من الأبناء لآبائهم تفضلًا منه، لزيادة أسباب ثوابهم ورفع درجاتهم؛ حيث عوَّضهم الله من فقد ثمرة أكبادهم صغارًا بقبول شفاعتهم فيهم.

 

ثالثًا: شفاعة الشهداء لأهليهم:

إخوة الإسلام، الشهداء الذين بذلوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى هؤلاء يجتمعون مع أهليهم يوم القيامة، ويشفعون لهم بدخول الجنة والنجاة من النار؛ عن الوليد بن رباح الذماري عن نمران بن عتبة الذماري قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته))[7].

 

رابعًا: مشهد الرفعة:

مِن رحمةِ اللهِ سبحانه وفضْلِه أن جعَلَ أسبابًا كثيرةً لرَفْعِ الدَّرَجاتِ وغُفرانِ الذُّنوبِ، ومِن ذلك أنَّه جعَل استِغفارَ الولَدِ لوالِدَيهِ سبَبًا لرَفْعِ درَجتِهما في الجنَّةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ).

 

﴿ إنَّ الرَّجُلَ لَتُرفَعُ درَجتُه في الجنَّةِ ﴾؛ أي: تُزادُ مَنزِلتُه في الجنَّةِ بغيرِ عمَلٍ عَمِله، إلَّا بما يُقدِّمُه الوالِدانِ لابنِهما مِن تربيةٍ وبِرٍّ به، ممَّا يَستوجِبُ عليه أن يَستغفِرَ لهما، وهي إمَّا رفعةُ الدَّرَجاتِ حَقيقةً، وهي مَصاعِدُ قُصورِه في الجنَّةِ وطُرقاتِه، أو كِنايةٌ عن عِزَّتِه وعَظمتِه، فيَقولُ العَبدُ: ﴿ أنَّى هذا؟ ﴾، أي: كيف حصَل لي هذا الرَّفعُ في الدَّرجةِ وبأيِّ عمَلٍ؟ فيُقالُ: ﴿ باستِغْفارِ ولَدِك لَك ﴾، أي: بسبَبِ استِغفارِ ولَدِك لك؛ لأنَّ الولَدَ مِن كَسْبِ أبيهِ؛ فيَكونُ كالصَّدَقةِ الجاريَةِ.

 

خامسًا: مشهد التكريم يوم القيامة:

ومن مشاهد اجتماع الأسرة يوم القيامة، نرى ونشاهد مشهدًا رائعًا، إنه أيها الأحباب مشهد التكريم يوم القيامة للآباء والأمهات الذين ربَّوا أبناءهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذين حفظوهم القرآن ولم يتركوهم للقنوات ولا للفضائيات تعلِّمهم الغناء والمكاء، عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ لَهُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا)[8].

 

خامسًا: اللحاق المحمود:

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21].

 

وهذه البشارة للمؤمنين تشير إلى سَعة فضل الله، وكرمه، وامتنانه، ولطفه، وكمال إحسانه إليهم، قال ابن عباس رضي الله عنه: إن الله - عز وجل - ليرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ الآية: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ.... ﴾.


قال ابن كثير: (فإذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك[9].

 

ونقل ابن القيم في حادي الأرواح عن ابن عباس حديثًا موقوفًا ومرفوعًا، قال: إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك أو عملك، فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم، فيؤمَر بالإلحاق بهم، ثم تلا ابن عباس: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾؛ اهـ.

 

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فسابعًا: لقاء الزوج بزوجته وأبنائه في الجنة:

إخوة الإسلام وفي الجنة ليلتقي الأحبة، ليلتقي الزوج الصالح بزوجته، إنه لقاء في دار النضرة والحبور والنعمة والسرور، فزوجة المؤمن في الدنيا تكون زوجته في الجنة أيضًا إذا كانت مؤمنة؛ قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].

 

وتلك العاقبة الحسنة هي دخول جنات عدن، والإقامة فيها خالدين أبدًا، لا يخرجون منها، ويجمع الله بينهم وبين أحبابهم من الآباء والأزواج والأبناء الصالحين لدخول الجنة، لتقر بهم أعينهم، وتدخل عليهم الملائكة من كل باب مسلمين مهنئين بدخول الجنة، وبرضوان الله عليهم.

 

وتقول لهم الملائكة: سلام عليكم، وأمن دائم لكم، لقد صبرتم في سبيل الله، واحتملتم المشاق والآلام، ففزتم برضوان الله، فنعمت عاقبتكم في الدار الآخرة.

 

وقال تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [غافر: 8، 9].

 

وتتابع الملائكة الأطهار دعاءهم للمؤمنين التائبين، فيسألون ربهم تعالى أن يدخلهم الجنات التي وعدهم تعالى بها على ألسنة رسله، وأن يدخل معهم الجنات الصالحين من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لتقرَّ بهم أعينهم، فإن الاجتماع بالأهل والعشيرة في مواضع السرور يكون أكمل للبهجة والأنس، فأنت يا رب الغالب الذي لا يقاوم، الحكيم في شرعه وفعله وتدبيره.

 

عن عطية بن قيس الكلاعي قال: خطب معاوية بن أبي سفيان أم الدرداء بعد وفاة أبي الدرداء، قالت أم الدرداء: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أيما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده، فهي لآخر أزواجها)، وما كنت لأختار على أبي الدرداء، فكتب إليها معاوية: فعليك بالصوم، فإنها محسمة؛ رواه الطبراني في الكبير، والأوسط[10].

 

قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَرَدْتِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي ‌فِي ‌الْجَنَّةِ ‌فَلَا ‌تَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ) [11].

 

وعن أنس رضي الله عنه أن أم حبيبة أو غيرها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، المرأة يموت زوجها فتتزوج بعده زوجًا آخر ثم يموت، لمن هي؟ قال: لأحسنهما خلقًا كان معها"[12].


الدعاء...



[1] رواه البخاري (1251)، ومسلم (2632).

[2] رواه مسلم (2632).

[3] رواه البخاري (1381).

[4] رواه مسلم (2636).

[5] رواه أحمد (4/105) (17012). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/386): رجاله رجال الصحيح غير شرحبيل وهو ثقة‏‏.

[6] أخرجه الطيالسي (1171)، وابن أبي شيبة (12008)، وأحمد (15680)، والنسائي (2009).

[7] رواه أبو داود (2522)، وابن حبان (10/517) (4660)، والبيهقي (9 /164) (18308). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

[8] رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)

[9] ((تفسير ابن كثير)) (7 /432.

[10] المعجم الأوسط للطبراني (3248) حسن لغيره.

[11] أخرجه البيهقي في " السنن " (7/ 69 - 70).

[12] بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار، للكلاباذي البخاري الحنفي، ص340.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة
  • رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة
  • قصيدة لامية في ذكر من يظلهم الله بظله يوم القيامة
  • حال عصاة الموحدين يوم القيامة
  • تفسير: (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)
  • خطبة مشاهد يوم القيامة

مختارات من الشبكة

  • مع مشهد من مشاهد عرفة(مقالة - ملفات خاصة)
  • مهارات التعامل والتوافق الأسري(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المشاهد التربوية في إذاعة المدرسة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد التوبة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد الصبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد الجود(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد التقوى(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مشاهد الإيمان في شهر رمضان .. مشهد التوحيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم القيامة مشاهد ومواقف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قيام الساعة وأهم مشاهد يوم القيامة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وعرفان
بناوي مصطفى - المغرب 25-01-2024 02:51 PM

السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم العلمية الهادفة والماتعة
حفظكم الله وزادكم علما ووقارا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب