• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الرد على من يصف الصحابة بالنفاق

الرد على من يصف الصحابة بالنفاق
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2022 ميلادي - 12/6/1443 هجري

الزيارات: 12911

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرد على من يصف الصحابة بالنفاق

 

كل من يتدبَّر القرآن الكريم يعلم يقينًا فضل الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ولا يشك في فضلهم وشرفِهم، والآيات في بيان فضلهم وشرفهم كثيرة جدًّا، منها قوله تعالى:

1- ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

 

2- ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

 

3- ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117].

 

4- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 7 - 10].

 

5- ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 8 - 10].

 

وفي هذه الآيات الكريمة الرد البليغ لكل من يتهم الصحابة بالردة أو النفاق، فلو علم الله ردتهم أو نفاقهم، لما أثنى عليهم بهذه الآيات، وكيف يخبرنا الله برضاه عنهم وبأنه أعد لهم الجنة ثم يكونون من أهل النار؟!

 

وقد قال الله عن الذين بايعوا النبي عليه الصلاة والسلام يوم الحديبية تحت الشجرة وكانوا ألفًا وأربعمائة: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة))؛ رواه مسلم في صحيحه (2496)، والترمذي (3860)، وأبو داود (4653) وغيرهم.

 

وكيف يكونون مرتدين أو منافقين، وقد أخبر الله أن كل من آمن منهم وجاهد من قبل فتح مكة أو بعدها، فهو من أهل الجنة، فقال سبحانه: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 10].

 

ومعلوم أنهم جاهدوا الكفار مع الرسول، ثم جاهدوا الكفار بعد موت الرسول، وتحقق ما وعدهم الله بعد صلح الحديبية من نصرهم على الكفار، قال الله سبحانه مخاطبا أصحاب نبيه الذين رضي عنهم: ﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الفتح: 22]، فلم يقف أمامهم أحد من الكفار بعد نزول هذه الآية الكريمة، بل نصرهم الله على جميع المشركين واليهود والنصارى والمجوس، ونصرهم على المرتدين، ودانت لهم الجزيرة العربية، وفتحوا فارس والشام ومصر وشمال إفريقيا، وهذه من معجزات القرآن؛ حيث أخبر الله بنصرهم على جميع الكفار وتمكينهم في الأرض، فوقع ذلك كما أخبر الله سبحانه!

 

وقد أخبر الله عن الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله في المسير معه إلى مكة عام الحديبية أنهم سيُدعون إلى قتال قوم كفار أشداء في الحرب، فوقع ذلك حين دعاهم الخلفاء الراشدون إلى حروب الردة، ودعوهم إلى قتال فارس والروم، قال الله سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].

 

روى ابن جرير في تفسيره (21/ 266) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ قال: (أهل فارس).

 

وعن مجاهد في قوله: ﴿ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ قال: (هم فارس).

 

وعن الحسن البصري في قوله: ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ قال: (هم فارس والروم).

 

وعن الزهري في قوله: ﴿ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ قال: (بنو حَنيفة مع مسيلمة الكذاب).

 

فمن الذي دعا المسلمين إلى الجهاد بعد موت الرسول غير الخلفاء الراشدين؟!

 

وقد توعد الله في هذه الآية الكريمة الأعراب إذا لم يجيبوا الخلفاء إلى الجهاد بالعذاب الأليم، فقال: ﴿ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16]، فدل هذا دلالة واضحة على صحة خلافة الخلفاء الراشدين؛ لأن الله أوجب على المسلمين طاعتهم.

 

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (16/ 272): (في هذه الآية دليلٌ على صحة إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ لأن أبا بكر دعاهم إلى قتال بني حنيفة، وعمر دعاهم إلى قتال فارس والروم، ومعلوم أنه لم يدع هؤلاء القوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما).

 

وقال الجصاص رحمه الله في كتابه ((أحكام القرآن)) (3/ 523): (هو دليلٌ على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم; لأن أبا بكر الصديق دعاهم إلى قتال بني حنيفة، ودعاهم عمر إلى قتال فارس والروم، وقد ألزمهم الله اتباع طاعة من يدعوهم إليه بقوله: ﴿ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16]، فأوعدهم الله على التخلف عمن دعاهم إلى قتال هؤلاء).

 

وقد دل القرآن على براءة كل من صحب النبي في حجة الوداع من النفاق، قال الله تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].

 

قال المفسرون: أي: فإن أرجعك الله - يا نبي الله - بعد غزوة تبوك إلى طائفة من المنافقين فاستأذنوك للخروج معك للجهاد فقل لهم عقوبة لهم: لن تصحبوني في أي سفر للجهاد أو النسك أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا من الأعداء أبدا.

 

يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/ 608)، ((البسيط)) للواحدي (10/ 579)، ((تفسير البغوي)) (2/ 375)، ((تفسير القرطبي)) (8/ 217)، ((تفسير ابن كثير)) (4/ 192)، ((تفسير أبي السعود)) (4/ 89)، ((فتح القدير)) للشوكاني (2/ 442)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/ 493)، ((تفسير السعدي)) (ص: 346)، ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (10/ 282، 283).

 

ويُستنبط من هذه الآية: أن كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فهو بريء من النفاق، فإن الله أمر رسوله أن يخبر المنافقين بعدم تشرفهم بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من غزوة تبوك في أي سفر من أسفاره أبدًا، وقد نزلت هذه الآية من سورة التوبة بعد غزوة تبوك سنة 9 للهجرة، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة، وخرج معه عشرات الآلاف من أصحابه الكرام، وكلهم بريء من النفاق بشهادة هذه الآية؛ فإن الله أخبر أنه قضى وقدَّر أن المنافقين لن يخرجوا مع رسوله أبدًا في أي سفر من أسفاره بعد رجوعه من غزوة تبوك، سواء سفر جهاد أو حج، فأمر الله نبيه أن يقول للمنافقين: ﴿ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ﴾، فكل من صحب النبي في سفره بعد نزول هذه الآية فهو بريء من النفاق، وكل من يتهم أصحاب النبي بالنفاق مع صحبتهم له في سفره في حجة الوداع فهو مكذِّب بالقرآن.

 

قال ابن تيمية رحمه الله في كتابه ((منهاج السنة النبوية)) (8/ 474 - 476): (ينبغي أن يُعرف أن المنافقين كانوا قليلين بالنسبة إلى المؤمنين، وأكثرهم انكشف حاله لما نزل فيهم القرآن وغير ذلك، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف كلا منهم بعينه فالذين باشروا ذلك كانوا يعرفونه، والعلم بكون الرجل مؤمنًا في الباطن، أو يهوديًّا، أو نصرانيًّا، أو مشركًا أمر لا يخفى مع طول المباشرة، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ﴾ [محمد: 30]، وقال: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ﴾ [محمد: 30]، فالمضمِر للكفر لا بد أن يُعرف في لحن القول، وأما بالسِّيما فقد يُعرف وقد لا يُعرف.

 

وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ﴾ [الممتحنة: 10].

 

والصحابة المذكورون في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والذين يعظمهم المسلمون على الدين، كلهم كانوا مؤمنين به، ولم يعظم المسلمون - ولله الحمد - على الدين منافقا.

 

والإيمان يُعلم من الرجل كما يُعلم سائر أحوال قلبه من موالاته ومعاداته، وفرحه وغضبه، وجوعه وعطشه، وغير ذلك، فإن هذه الأمور لها لوازم ظاهرة، والأمور الظاهرة تستلزم أمورا باطنة، وهذا أمر يعرفه الناس فيمن جربوه وامتحنوه.

 

ونحن نعلم بالاضطرار أن ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبا سعيد الخدري وجابر، أو نحوهم - كانوا مؤمنين بالرسول، محبين له، معظمين له، ليسوا منافقين، فكيف لا يُعلم ذلك في مثل الخلفاء الراشدين الذين أخبارهم وإيمانهم ومحبتهم ونصرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد طبقت البلاد مشارقها ومغاربها؟!

 

فهذا مما ينبغي أن يُعرف، ولا يُجعل وجود قوم منافقين موجبا للشك في إيمان هؤلاء الذين لهم في الأمة لسان صدق، بل نحن نعلم بالضرورة إيمان سعيد بن المسيب والحسن وعلقمة والأسود ومالك والشافعي وأحمد والفُضيل والجنيد، ومن هو دون هؤلاء، فكيف لا يُعلم إيمان الصحابة؟! ونحن نعلم إيمان كثير ممن باشرناه من الأصحاب؟!

 

فهذا يُقال أولًا، ويُقال ثانيًا، وهو ما ذكره أحمد وغيره، ولا أعلم بين العلماء فيه نزاعًا أن المهاجرين لم يكن فيهم منافق أصلًا، وذلك لأن المهاجرين إنما هاجروا باختيارهم لما آذاهم الكفار على الإيمان وهم بمكة، لم يكن يؤمن أحدهم إلا باختياره، بل مع احتمال الأذى، فلم يكن أحد يحتاج أن يظهر الإيمان ويبطن الكفر، لا سيما إذا هاجر إلى دار يكون فيها سلطان الرسول عليه، ولكن لما ظهر الإسلام في قبائل الأنصار صار بعض من لم يؤمن بقلبه يحتاج إلى أن يظهر موافقة قومه؛ لأن المؤمنين صار لهم سلطان وعز ومنعة).

 

ويا عجبًا ممن يظن النفاق بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا لنا القرآن والسنة، ونقلوا لنا أخبار النبي وسيرته، ونشروا دين الإسلام، وفتحوا الأمصار، وحكموا بين الناس بشرع الله، وقد نقل لنا التابعون أقوال الصحابة وفتاواهم وسِيَرهم، فكانوا كما أخبر الله عنهم: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [الحج: 41]، وكانوا كما وصفهم الله: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].

 

ولا يُعرف عن الصحابة اتصافهم بشيء من صفات المنافقين من التهاون بالصلاة أو الكذب، أو الخيانة أو خلف الوعد، بل كانوا أكمل الناس ديانة وأخلاقًا، وعِلمًا وعملًا، وكيف نشك في ذلك وقد زكاهم الله في كتابه في آيات كثيرة، وأخبر أنه امتحن قلوبهم للتقوى، وأنهم أحق الناس بكلمة التقوى وأهلها، وأنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان؟!

 

قال ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة النبوية)) (7/ 270، 271): (الصحابة لم يكن فيهم من يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل العلم يعلمون بالاضطرار أن مثل مالك، وشعبة، ويحيى بن سعيد، والثوري، والشافعي، وأحمد ونحوهم، لم يكونوا يتعمدون الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على غيره، فكيف بابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد وغيرهم؟!).

 

وقال المرداوي رحمه الله في ((التحبير شرح التحرير)) (4/ 1995): (قال الحافظ المزي: لم يوجد قط رواية عمن لُمِز بالنفاق من الصحابة رضي الله عنهم).

 

فالصحابة الكرام أفضل الأمة، وخير أهل الجنة، قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 10 - 14]، فأخبر الله أن السابقين جماعة كثيرة من الأولين، وقليل من الآخرين، وكيف لا يكون الصحابة أفضل الأمة عِلمًا وعملًا، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؟!

 

والمنافقون كانوا أحقر من أن يقوموا بحفظ القرآن والحديث، ونشر الدين، وتعليم الناس، وقد وصفهم الله في كتابه بأنهم لا يفقهون ولا يعلمون، ووصف أصحاب نبيه بأنهم مؤمنون وصادقون، وأنهم أوتوا العلم.

 

قال محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله في كتابه ((العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم)) (3/ 287): (كانت حال المنافقين معروفة في زمانه عليه السلام، وكانوا أحقر من أن يُؤتمنوا على قضاء المسلمين، وفتياهم، وولايتهم).

 

وقال المعلمي رحمه الله في كتابه ((الأنوار الكاشفة)) (ص: 267): (في الصحيح في حديث كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا: «فكنت إذا خرجت إلى الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا عليه النفاق، أو رجلًا ممن عذر الله من الضعفاء»، وفي هذا بيان أن المنافقين قد كانوا معروفين في الجملة قبل تبوك، ثم تأكد ذلك بتخلفه لغير عذر وعدم ثبوتهم، ثم نزلت سورة براءة فقشقشتهم، وبهذا يتضح أنهم قد كانوا مشارا إليهم بأعيانهم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم).

 

فعجبًا لمن يلبس الحق بالباطل، ويساوي بين الصحابة والمنافقين ليرد السنة النبوية التي تبين لنا القرآن الكريم!!

 

فلا نجاة في الآخرة، ولا هداية في الدنيا إلا لمن اتَّبع سبيل الصحابة في إيمانهم وعَمَلهم، وعِلْمهم وأخلاقهم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].

 

وقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرد على من يطعن في أبي بكر الصديق
  • الرد على من يطعن في عمر بن الخطاب
  • الرد على من يطعن في عثمان بن عفان
  • القلب المريض بالنفاق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد في المواريث(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • شبهات المشككين في السنة حول الصحابة والرد عليها (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات المشككين في السنة حول الصحابة والرد عليها (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رد شبه المطاعين في رواة الحديث من الصحابة (أبو هريرة نموذجا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد على ذي الأسفار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تأخر الرد بعد النظرة الشرعية(استشارة - الاستشارات)
  • الرد على من يزهد في حفظ السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسائل في الرد على النصارى لمحمد عارف المنير - ت 1342هـ (دراسة وتحقيق)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب