• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء

حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2021 ميلادي - 5/4/1443 هجري

الزيارات: 5041

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة فقه البلاء في زمن الوباء (6)

"حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء"


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

إخوتي الكرام؛ مرة أخرى مع سلسلة: "فقه البلاء في زمن الوباء"، وحديثنا اليوم عن خلق عظيم يحتاجه كلُّ إنسان، في عبادته، وفي عمله، وفي علاقاته، وفي حياته كلِّها، خاصة عند نزول المصائب وحلول المحن، وهل الدنيا إلا دارُ محن وبلايا ومصائب؟!

 

إنه الصبر، وما أدراكم الصبر؟! خلق الأنبياء، وخلق الأتقياء، به يستعين العبد على طاعة الله، واجتناب معصيته، ويثبُتُ من غير جزع ولا سخط أمام أقدار الله المؤلمة؛ لذا أمر الله تعالى به في كتابه، وحثَّ عليه نبيُّنا المصطفى في سنته، فقال ربنا عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لناس من الأنصار: «...وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»؛ متفق عليه.

 

والصبر إخوتي الكرام هو: حبسُ النفس على ما تكره، وعلى خلاف مرادها، طلبًا لرضا الله وثوابه.

 

والصبر: "حبسُ النفس عن الجزع والتسخط، وحبسُ اللسان عن الشكوى، وحبسُ الجوارح عن التشويش".

 

فلا صبر مع الجزع والتسخط، وإنما الصبر مع الرضا والحب، وتفويض الأمر كلِّه لله.

 

ولا صبر مع الشكوى، إلا أن تكون الشكوى إلى الله وحده، كما قال تعالى عن يعقوب عليه السلام: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86].

 

ولا صبر مع تشويش الجوارح، والتعبير بها عن الجزع والتسخط؛ كلطم الخدود وشق الجيوب عند نزول المصيبة، وإطلاقها فيما يغضب الله عز وجل، وإنما الصبر مع سكون العبد وتسليم أمره لله، وتوظيف الجوارح فيما يُرْضي الله سبحانه.

وَإِذَا عَرَتْكَ بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لَهَا
صَبْرَ الكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعْلَمُ
وَإِذَا شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا
تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لا يَرْحَمُ

 

مكانة الصبر وفضله:

إخوتي الكرام، الصبر أساس لكل خُلُقٍ جميل، ووسيلة إلى التنزه عن كلِّ خُلُقٍ ذميم، ولعِظم شأنه تكرَّرَ ذكره في القرآن الكريم أكثر من سبعين مرة، بألفاظٍ مختلفة، فهو مِن عزائم الأمور، التي يجب الحرص عليها والعزم على أدائها؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].

 

وحسبك من خُلُقٍ يسهِّل على العبد مشقةَ الطاعات، ويهوِّن عليه تركَ ما تهواه النفوس من المخالفات، ويُسليه عن المصيبات، ويُمِدُّ الأخلاق الجميلةَ كلَّها ويكون لها كالأساس للبنيان، ومتى عَلِم العبد ما في الطاعات من الخيرات العاجلة والآجلة، وما في المعاصي من الأضرار العاجلة والآجلة، وما في الصبر على المصائب من الثواب الجزيل والأجر العظيم؛ سهُل الصبرُ على النفس، وأتت به منقادة.

 

وإذا كان أهل الدنيا يهُون عليهم الصبر على المشقات العظيمة لتحصيل حطام الدنيا الزائل، فكيف لا يهُون على المؤمن الصبرُ على ما يحبه الله لتحصيل النعيم المقيم في الدار الآخرة؟!

 

وكيف لا يتَّصف العبد بالصبر، والله عزَّ وَجَل أجلُّ من صَبَر؟ ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن قيس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحدٌ أصبرَ على أذى يسمعه من الله تعالى؛ إنهم يجعلون له ندًّا، ويجعلون له ولدًا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم».

 

وكيف لا يتخلق المسلم بالصبر، والصبر من أخلاق الأنبياء والمرسلين؟ فقد قال سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنبياء: 85]، وقال عز وجل لنبيه الكريم محمد: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35].

 

وكيف لا يتحلى العبد بالصبر، والصبر من صفات المؤمنين المتقين؟ فقد قال تعالى بعد ذكره لصفات عباد الرحمن في سورة الفرقان: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 75، 76].

 

كيف لا تصبر يا عبد الله؛ والصبر على البلاء طريق إلى الجنة، ووقاية من النار؟ فالطريق إلى الجنة محفوف بالمكاره والصعاب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات»، فلابد لك أن تجتاز هذه المكاره بالصبر والعمل حتى تنعم بدخول الجنان.

 

فما مِن مصيبة تصيب المسلمَ في بدنه فيصبر عليها، إلا كانت له طريقًا إلى الجنة.


ففي الصحيحين عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرَع، وإني أتكشف، فادعُ الله لي، قال: «إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيك»، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه.

 

وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قال: إذا ابتليْتُ عبدي بحبيبتَيه فصبر، عوضته منهما الجنة» يريد عينيه.

 

وما من مصيبة تصيب العبد في أهله وأحبابه فيصبر عليها إلا كانت وقاية له من النار.


ففي الصحيحين عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا يَمُوتُ لِأحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِن الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ، إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ».

 

وفي صحيح مسلم عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: أتَتِ امْرَأةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ لَهَا، فَقالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، ادْعُ اللهَ لَهُ، فَلقدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَة، قالَ: «دَفَنْتِ ثَلَاثَة؟»، قالَتْ: نَعَمْ. قالَ: «لَقدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ»؛ أي احتمَيْتِ بحمًى شَديد.

إني رأيتُ وفي الأيام تجرِبةٌ
للصبر عاقبةً محمودةَ الأثرِ
وقلَّ من جدَّ في أمرٍ يحاوله
واستصحَبَ الصبرَ إلا فاز بالظَّفَرِ

 

اصبر يا عبد الله، واعلم أنَّ مَن صبرَ واحتسب عوَّضه الله خيرًا مما فقده:

أخرج مسلم في صحيحه عن أُمِّ سَلَمَة زَوْج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا؛ إِلَّا أجَرَهُ الله فِي مُصِيبَتِهِ، وَأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا»، قالتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أبُو سَلَمَة قُلْتُ كَمَا أمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأخْلَفَ الله لِي خَيْرًا مِنْهُ؛ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ آخر له: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أبُو سَلَمَة قلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أبِي سَلَمَة صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ثُمَّ عَزَمَ الله لِي، فَقُلْتُهَا. قالتْ: فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

 

«إنا لله وإنا إليه راجعون» ما أعظمها من كلمة جامعة لمعاني الخير والبركة، بها يسكن القلبُ، وتطمئنُّ النفسُ، ويهدأ البالُ، ويكون العِوضُ من الله سبحانه.

 

«إنا لله» ما نحن إلا عبيد لله، عبادتُنا لله، أعمالنا لله، خضوعنا لله، ذلُّنا لله، خشوعنا لله، محبتنا لله، تعظيمنا لله، وجودنا لله، حياتنا لله، مماتنا لله، ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، لا رادَّ لقضائه، ولا مُعقب لحكمه، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، فلماذا تحزن وأنت لله، ومالُك لله، وأهلُك لله، وكلُّ ما أحزَنك فقدُه إنما هو لله؟

 

«وإنا إليه راجعون»؛ طال العمر أو قصُر لا بد من الرجوع إلى الله، لا بد من المثول بين يدي الله، لا بد من فراق الأهل والمال والمناصب والأوطان.

وما الدهر إلا هكذا فاصطبِرْ له *** رَزيَّةُ مال أو فِراقُ حبيبِ

 

فمَن وَدَّعْتَه سابِقٌ وأنتَ به لاحِق، فلا تجزع ولا تتسخط، ووَطِّن نفسَك على الصبر والرضا ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].

وإذا حمَلتَ إلى القبور جنـازةً *** فاعلم بأنك بعدها محمولُ

 

فما مِنَ الناس أحدٌ إلا ولا بد له من الصبر على بعض ما يَكره، فإما باختيار، وإما باضطرار، والمؤمنُ يصبر مختارًا؛ لِعلمه بحُسن عاقبة الصبر، وأنه يُحمد عليه ويثاب عليه، ويُذَمُّ في المقابل على الجَزَع ويحاسب عليه، ولعِلمه أن الجزع لا يُعيد فائتًا، ولا يدفع عنه مكروهًا، فالمقدور لا حيلة في دفعه، وما لم يُكتب لا حيلةَ في تحصيله؛ فما دام أنَّ آخرَ الأمرِ الصبرُ، والعبدُ معه غير محمود؛ فما أحسن أن يَستقبِلَ العاقلُ الأمرَ في أوله بما يَستدبِرُه الأحمقُ في آخره.

 

يقول بعض الحكماء: العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهلُ بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام سَلا سلوَّ البهائم، وإنما الصبرُ عند الصدمة الأولى.

إذا أنتَ لم تَسْلُ اصطبارًا وحِسْبةً *** سلَوْتَ على الأيام مثلَ البهائمِ

 

في الصحيحين - واللفظ للبخاري - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأةٍ تَبْكِي عِنْدَ قبْرٍ، فَقالَ: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي»، قالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ. فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقالَتْ: لَمْ أعْرِفْكَ! فَقالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولَى».

 

فاصبر يا عبد، اصبر على طاعة الله، واصبر على ترك معصيته، واصبر على ما أصابك، واعلم أنه لا راحة في الدنيا لمن أراد أن يَنعَم بالراحة الأبدية في الدار الآخرة، ولا ينشغل بحطام الدنيا الزائل من أراد نعيم الآخرة الخالد.

 

وفي كلام نفيس لابن القَيِّم رحمه الله، يقول فيه: (وقد أجمع عقلاءُ كلِّ أمَّة على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأنَّ مَن آثر الراحة فاتتْه الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة؛ فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلًا استراح طويلًا، وإذا تحمَّل مشقة الصبر ساعة قاده لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة، والله المستعان ولا قوة إلا بالله، وكلما كانت النفوس أشرف، والهمة أعلى، كان تعب البدن أوفر، وحظه من الراحة أقلَّ، كما قال المتنبي:

وإذا كانت النفوس كبارًا *** تعبتْ في مرادِها الأجسامُ

 

ولا ريب عند كل عاقل أن كمال الراحة بحسب التعب، وكمال النعيم بحسب تحمُّل المشاقِّ في طريقه، وإنما تَخْلص الراحة واللذة والنعيم في دار السلام، فأما في هذه الدار فكلا ولما.

 

قيل للإمام أحمد: متى يجدُ العبد طعم الراحة؟ فقال: (عند أول قدمٍ يضعها في الجنة).

 

روى مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له».

 

فكنْ راضيًا هنا في هذه الدنيا؛ لتحظى برضا الله هناك في الدار الآخرة، وكن صابرًا هنا في هذه الدنيا؛ لتُجزى بالأجر والثواب هناك ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

 

فاللهم اجعلنا من الصابرين، وامنحنا ثواب الصابرين، واحشرنا في زمرة الصابرين.

 

اللهم ارزقنا الصبر على طاعتك، وارزقنا الصبر على ترك معصيتك، وارزقنا الصبر على أقدارك يا رب العالمين.

 

اللهم ارزقنا الصبر في البأساء والضراء، وجنِّبنا التسخط والجزع والنياحة، وطهِّر ألسنتنا من كل سوء، واحفظ جوارحنا من كل إثم يا رب العالمين.

 

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حاجة العباد إلى الله تعالى
  • الرضا في زمن الوباء (خطبة قصيرة)
  • حاجة المجتمع إلى التضامن في زمن الوباء
  • وسائل الثبات عند حلول الوباء ونزول البلاء
  • هل الأفضل الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟ (خطبة)
  • فضل الصبر على البلاء
  • الصبر على البلاء يجلب المغفرة ويحط الخطايا (بطاقة دعوية)

مختارات من الشبكة

  • الحاجات الجسمية عند الطالبات المدعوات في المرحلة الثانوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخالطة الناس حسب الحاجة وترك الوحدة سفرا وحضرا إلا لحاجة سبب لطرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجات الرجل وحاجات المرأة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • القاعدة الفقهية: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحاجات النفسية عند طالبات المرحلة الثانوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حاجة العباد للرسالة والرسول(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحاجة المنزلة منزلة الضرورة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجتنا إلى هداية الناس(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب