• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ما تعطيه أخاك وتتحفه فإن الله تعالى يخلفه

ما تعطيه أخاك وتتحفه فإن الله تعالى يخلفه
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/9/2021 ميلادي - 12/2/1443 هجري

الزيارات: 10200

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مَا تُعطِيهِ أَخاكَ وَبِهِ تُتْحِفُه

فَإِنَّ اللهَ تَعالَى يُخْلِفُه


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70- 71].


أما بعد:

فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

هذا قول الله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ﴾ ويوسّع ويهبه ﴿لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾، يعني يضيق الرزق على بعض الناس، ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.


إنّ مَا تُعطِيهِ أَخاكَ وَبِهِ تُتْحِفُه فَإِنَّ اللهَ تَعالَى يُخْلِفُه، لذلك أمر اللهُ عزَّ وجل بالإنفاق مما أعطاك، حتى تنفقَ على من قُدِر عليه رزقُه وضُيِّق عليه في معاشه، فوزع الله عزّ وجلّ الأرزاقّ، فكن ممن يخلف الله عليهم بأن ينفقوا ويعطوا على من قدر عليه رزقه.

 

وأول هؤلاء الذين عليك أن تنفقَ عليهم، وأن تتصدَّقَ عليهم؛ هم أهلُك وعيالك، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري:

«... إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ؛ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ»، (خ) (1295)، (م) 5- (1628).

 

وأفضل الصدقات أجرًا ما أنفقتَه على أهلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ")، -يعني أعتقت عبدا لله-، ("وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا، الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ"، (م) 39- (995)، (خد) (751)، (ن) (9183)، (حم) (10174).

 

قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].

 

فإذا امتنَّ الله سبحانه وتعالى على عبد من عباده برزق أو مال فليبدأ بنفسه، ثم بأهله ثم بعياله لما ثبت عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا، فَلْيَبْدَأ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ")، (م) 10- (1822)، (حم) (20805). ولا ينسى أرحامه؛ ففي رواية:

("إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا")، -يعني زاد عن حاجته- ("فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا، فَعَلَى قَرَابَتِهِ، أَوْ عَلَى ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا")، -زاد عنهم- ("فَهَاهُنَا وَهَاهُنَا")، (س) (4653)، (د) (3957)، (حم) (14273).

 

هذا ينطبق أيضا على العلم، فمن أعطاه الله علمًا فليبدأ بنفسه فيعمل بما علم، ثم يبدأ بأهله الزوجة والأولاد والأقارب يعلمهم مما علمه الله.

 

قال سبحانه وتعالى -مبينا أنك إذا أردت البِرَّ لن تناله حتى تنفق مما أعطاك الله-، فقال: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].

 

ابدأ بنفسك ومن تعول، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("تَصَدَّقُوا")، فَقَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي دِينَارٌ)، -يعني أين أذهب به، وعلى من أتصدق؟- قَالَ:

("تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ")، -اشترِ لك ثوبًا حسنا، أو مأكلا طيبا؛ إن كنت محتاجا-، قَالَ: (عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ)، قَالَ:

("تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ")، -لتشتري شيئا به مما تحتاجه-، قَالَ: (عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ)، قَالَ:

("تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ")، قَالَ: (عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ)، قَالَ:

("تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ")، قَالَ: (عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ)، قَالَ:

("أَنْتَ أَبْصَرُ")، (س) (2535)، (د) (1691)، (حم) (7419)، (حب) (3337)، وحسنه الألباني في الإرواء: (895).

 

أنت أبصر، أي: أنت أدرى، يعني انظر إلى من يحتاج هذا الدينار الأخير وأعطه.

 

وهذه الصدقاتُ يتضاعفُ أجرُها كلّما كانت القرابةُ أكثر، كلما كان من تتصدق عليه قريبا منك كان الأجر أعظم، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ، صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ")، (س) (2582)، (ت) (658)، (جة) (1844)، (حم) (16227)، انظر صحيح الجامع: (3858)، وصحيح الترغيب: (892).

 

وصدقةُ الفقير تساوي أو تزيد على صدقة الغني، وإن كانت في القيمة متساوية، هذا تصدق بدينار، وهذا تصدق بدينار صدقة الفقير قد تساوي أو تزيد عن صدقة الغني، فقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ")، -أي: في الثواب وفي الأجر، أجر الدرهم أكثر من مائة ألف، فسبق درهم مائة ألف درهم-، فَقَالَ رَجُلٌ: (وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟!) قَالَ:

("رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَأَخَذَ مِنْ عُرْضِهِ مِائَةَ أَلْفٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا، وَرَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ، فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ")، (حب) (3347)، (س) (2527)، (حم) (8929)، (خز) (2443)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3606)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (883).

 

واعلموا كما قال صلى الله عليه وسلم مبينا أفضل الصدقة، فـعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟!) قَالَ:

("جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ")، (د) (1677)، (حم) (8702).

 

(جُهْدُ الْمُقِلِّ)، الْجُهْد: الْوُسْعُ وَالطَّاقَة، وَبِالْفَتْحِ: الْمَشَقَّة؛ أَيْ: أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُ الْقَلِيلِ الْمَال.

 

وإخراج الصدقات والزكوات، لا تُنقِصُ الأموالَ بل تزيدها بركات، فعن أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

("ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ") -والله لا تحتاج إلى أن تقسم يا رسول الله! نصدق ولا نحتاج أن تقسم لنا ولا أن تحلف لنا لكنه يحلف، يقول-:

("وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ")، قَالَ: ("مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا")، (ت) (2325)، (حم) (18031)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3024)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (16).

 

فالصدقة حالَ القِلَّةِ والفقر، وحالَ الصحةِ والبخل؛ إنسان شحيح بخيل وصحيح وليس عنده الكثير من المال، صدقته أعظم منها حال الغنى والمرض، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ!، نَبِّئْنِي أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟!) فَقَالَ:

("أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ")؛ ("أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ")، -لست مريضا لا مرض موت ولا مرضاً يخاف الإنسان على النفس منه، صحيح سليم، شحيح يعني؛ المال لا يخرج من يدك ومع ذلك تتصدق-، وفي رواية:

("وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ")، ("تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأمُلُ الْغِنَى")، وفي رواية: ("وَتَأمُلُ الْبَقَاءَ")، وفي رواية:

("تَأمُلُ الْعَيْشَ")؛ لأن بعض الناس إن جاءه الموت قد يتصدق بالكثير؛ لأنه يعرف الآن أن ماله ليس له، فتأمل العيش، ("وَلَا تُمْهِلُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ [نَفْسُكَ] الْحُلْقُومَ")؛ بدأت تنازع سكرات الموت- ("قُلْتَ"):

("مَالِي لِفُلَانٍ، وَمَالِي لِفُلَانٍ")، أي: يبدأ يوزع صدقات عندما اقترب أجله، قال: ("أَلَا وَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَرِهْتَ")، الحديث بزوائده عند الشيخين وغيرهما. (خ) (1419)، (2748)، (م) (1032)، (س) (3611)، (س) (2542)، (جة) (2706)، (حم) (7159)، (مَالِي لِفُلَانٍ، وَمَالِي لِفُلَانٍ)، أَيْ: فَلَا فَائِدَة فِي الْإِعْطَاء، وَلَا وَجْه لِإِضَافَةِ الْمَال إِلَى نَفْسه بِقَوْلِهِ مَالِي. (حاشية السندي على ابن ماجه)، (أَلَا وَهُوَ لَهُمْ)، أي: للوَرَثَة.

 

فالْمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ تَصَرُّفه، وَكَمَال مِلْكِهِ، وَاسْتِقْلَاله بِمَا شَاءَ مِنْ التَّصَرُّف، فَلَيْسَ لَهُ فِي وَصِيَّته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشَّحِيح. (النووي).

 

فالمال بعد موتك لا يكون لك يا عبد الله.

 

قال سبحانه وتعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

 

فأنتم الآن، يا من تستمعون إلى كلامي هذا، أنتم الآن في قِلَّةٍ وفقر، وفي حاجة للمال، فتصدقوا الآن بما تيسر يضاعفْ لكم أجرُكم.

 

فإنّ الدنيا -هذا ظني في الله أن الدنيا- أنها ستُفتَحُ عليكم عمّا قريب إن شاء الله، وستذكرون ما أقول لكم، وستجري الأموالُ بين أيديكم، فإنّ صدقاتِكم حينئذٍ أجرُها أقلُّ منها اليوم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

اعلموا عباد الله! أنّ الصدقةَ تقي صاحبَها حرارةَ القبر، والصدقةُ ظلُّ العبدِ من حرِّ يوم القيامة، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ عَنْ أَهْلِهَا حَرَّ الْقُبُورِ، وَإِنَّمَا يَسْتَظِلُّ الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ")، (طب) (ج 17ص286 ح788)، انظر الصَّحِيحَة: (3484).

 

فلا تستقلَّ ما تتصدّقُ به، فإنه ظلُّك يوم القيامة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: (كَانَ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ أَوَّلَ أَهْلِ مِصْرَ يَرُوحُ إِلَى الْمَسْجِدِ)، -هذا الإنسان مرثد بن عبد الله المزني يسبِقُ الناس كلّهم إلى المسجد، يقول تلميذه يزيد بن أبي حبيب:- (وَمَا رَأَيْتُهُ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ قَطُّ، إِلَّا وَفِي كُمِّهِ) -ما كان في جيوب على الجانبين، لكنهم كانوا يضعوا أموالهم في الكم، فيضع في كمه- (صَدَقَةٌ؛ إِمَّا فُلُوسٌ، وَإِمَّا خُبْزٌ، وَإِمَّا قَمْحٌ، [وَلَوْ كَعْكَةً]، حَتَّى رُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَحْمِلُ الْبَصَلَ! فَأَقُولُ: يَا أَبَا الْخَيْرِ، إِنَّ هَذَا يُنْتِنُ ثِيَابَكَ!) -يجعل ثيابك ذات رائحة منتنة- فَيَقُولُ:

(يَا ابْنَ حَبِيبٍ! أَمَا إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا أَتَصَدَّقُ بِهِ غَيْرَهُ، -جعل على نفسه كلَّ يوم أن يخرج شيئا لله ولو قل، قال:-

(إِنَّهُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ):

("كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ")، الحديث بزوائده: (خز) (2432)، وقال الألباني: إسناده حسن صحيح، (ابن المبارك فى الزهد) (645)، (حم) (17333)، (حب) (3310)، (طب) (17/ 280 ح771)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (4510)، صَحِيحِ التَّرْغِيبِ: (872)، هداية الرواة: (1867).

 

كل امرئ في ظلِّ صدقته يوم القيامة حتى يفصل بين الناس، والمتصدق هو من السَبْعَةِ الذين يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ...:

("وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا") -أي: حتى لله خالصة، فلا يريد رياء ولا سمعة ولا أحد يراها-، (حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،...")، (خ) (1423)، (م) 91- (1031).


والصدقاتُ تجعلُ بينك وبين النار حُجُبًا وحواجزَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ النَّارِ حِجَابًا، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ")، (طب) (ج 18 ص303 ح777)، صَحِيح الْجَامِع: (153)، والصحيحة: (897).


وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ؛ فَلْيَفْعَلْ")، (م) 66- (1016)، (ت) (2415)، (جة) (185)، (خ) (1413)، (6023)، والمعنى: لا تَسْتَقِلُّوا من الصدقة شيئا، شِقُّ التمرة ماذا يساوي؟ لو أكلت نصفها ووجدت محتاجا أعطه النصف الآخر أو ما تيسر.

 

إن الذين يزكون أموالهم الثمينة، ويتصدّقون على غيرهم بالصدقات العظيمة، ويطعمون إخوانهم من الأطعمة الكريمة، عَلَى شدة حُبِّهِم لها؛ من مال أو طعام، فيطعمون المِسْكِين وَاليَتِيم وَالأَسِير، فهم لا يتصدّقون ولا يزكّون ولا يطعمون إلاّ لِوَجْهِ اللَّهِ؛ طمعا في رضا الله، لَا يريدون من الناس جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، فهم أخلصوا في عملهم هذا، ويخافون مِنْ رَبِّهم يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا.

 

ويومَ القيامة يقيهم اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَيلقِّيهم نَضْرَةً وجمالا، وبهجةً وَسُرُورًا، وَسيجزيهم بِمَا قدموا في هذه الحياة الدنيا، وما صَبَرُوا على شدائدها ومحنها؛ جَنَّةً عاليةً وَحَرِيرًا، على سررٍ مُتَّكِئِينَ، وعلى أرائكَ مستريحين، لَا يرون فيها حرارةَ شمس، وَلَا برد شتاء، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَال أشجارها.

 

أمّا قُطُوفُ ثمارها فهي في متناول أيديهم دون عناء ولا مشقة، وَمع هذا يطوف عَلَيْهِمْ غلمانٌ وولدانٌ مخلّدون، بِآنِيَةٍ وصحاف مِنْ فِضَّةٍ، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين.

 

وَيطافُ عليهم بأَكْوَابٍ الشرابِ؛ التي هي قَوَارِيرُ وزجاجاتٌ مِنْ فِضَّةٍ، وذلك من شدة صفائها، والشرابُ على قدر الحاجة؛ فلا يزيد شيئا ولا ينقص شيئا من الزجاجة، هذا الشراب البارد.

 

هل يوجد شراب حارُّ في الجنة؟

نعم! أمّا الشرابُ الحارُّ فمن كأس تمزج بالزنجبيل، وهي عَيْنٌ اسمها سَلْسَبِيل، من شرب منها ذاق الحرارة، هذه بعضُ أطعمتِهم وبعض أشربتِهم؛ لأنهم كانوا من أهل الإطعام والصدقات والزكوات.

 

أمّا ملابسهم؛ فهي ثِيَابُ سُنْدُسٍ من الحريرِ الرقيق الناعم الأخضر، وَإِسْتَبْرَقٌ وهو الحريرُ المخمل الغليظ، ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورً ﴾ [الإنسان: 21- 22].

 

فصلّى الله وسلم وبارك على الهادي؛ الذي أرشدنا وهدانا لهذا الدين.

وصلّى الله وسلم وبارك على البشير الذي بشرنا بالجنة التي هي للمتقين.

وصلّى الله وسلم وبارك على النذير الذي أنذرنا النارَ التي هي للكافرين والمشركين.

 

وصلّى الله وسلم وبارك على من صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ذكرك أخاك بما يكره
  • انصر أخاك (قصيدة)
  • انصر أخاك ظالما أو مظلوما
  • كيف تعرف أخاك؟!
  • ذكرك أخاك بما يكره (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مشاكل مادية مع زوجي(استشارة - الاستشارات)
  • تفسير قوله تعالى: { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قراءة القرآن من غير نية التعبد بالتلاوة هل تعطى أحكام القرآن؟(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • روسيا: السلطات تعطي الضوء الأخضر للمسجد المتحرك قبل رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هل المدارس تبيع منهجا أم تعطي قيما؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تذكر أن تعطي ولا تأخذ(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب