• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: محدثات نهاية العام وبدايته
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    المغنم بصيام عاشوراء والمحرم (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة المسكرات والمفترات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: الهجرة النبوية دروس وعبر
    مطيع الظفاري
  •  
    الصدقات تطفئ غضب الرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    السلام النفسي في فريضة الحج
    د. أحمد أبو اليزيد
  •  
    الذكر بالعمل الصالح (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    الدرس السابع والعشرون: حقوق الزوجة على زوجها
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخيانة المذمومة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الإسلام كرَّم الإنسان ودعا إلى المساواة بين الناس
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أدلة الأحكام من القرآن
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    التقوى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نار الآخرة (10) سجر النار وتسعيرها
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

خطبة عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/7/2021 ميلادي - 17/12/1442 هجري

الزيارات: 163012

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ، أَمَّا بَعْدُ:


فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِي وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿ وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].


عِبَادَ اللَّهِ.. كَمَا تَعْلَمُونَ فَإِنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ مَعْرَكَةً فَاصلةً، قَضَتْ عَلَى الْوَثَنِيَّةِ قَضَاءً بَاتًّا، عَرَفَتِ الْعَرَبُ لأَجْلِهَا الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَزَالَتْ عَنْهُمُ الشُّبُهَاتُ، فتسَارعُوا إلَى اعْتِناقِ الإسْلامِ، وَلِذَلِكَ وَفَدَتِ الْوُفُودُ تَقْصِدُ الْمَدِينَةَ تَتْرَى فِي الْعَامَيْنِ -التاسعِ والعاشرِ- وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ وَفْدًا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ -يا عِبَادَ اللهِ- تَمَّتْ أَعْمَالُ الدَّعْوَةِ، وَإِبْلاغُ الرِّسَالَةِ، وَبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ جَدِيدٍ عَلَى أَسَاسِ إثْبَاتِ الأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ، وَنَفْيِهَا عَنْ غَيْرِهِ، وَعَلَى أَسَاسِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ يَشْعُرُ بِدُنُوِّ أَجَلِه، وَكَأنَّ هَاتِفًا خَفِيًّا انْبَعَثَ فِي قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُشْعِرُهُ أَنَّ مَقَامَهُ فِي الدُّنْيَا قَدْ أَوْشَكَ عَلَى النِّهَايَةِ، حَتَّى إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ سَنَةَ عَشْرٍ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ: «يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أنَ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا وَقَبْرِي» فَبَكَى مُعَاذٌ رضيَ اللهُ عنهُ.


وَشَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرِيَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِمَارَ دَعْوَتِهِ، الَّتِي عَانَى فِي سَبِيلِهَا أَلْوَانًا مِنَ الْمَتَاعِبِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ عَامًا، فَيَجْتَمِعَ فِي أَطْرَافِ مَكَّةَ بِأفْرَادِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ ومُمثِّليهَا، فيَأخذُوا مِنْه شَرَائِعَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ، وَيَأْخُذَ مِنْهُمُ الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّهُ أَدَّى الْأَمَانَةَ، وَبَلَغ الرِّسَالَةَ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ.


فأَعْلَنَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَصْدِهِ حَجَّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُم يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ لأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ تَهَيَّأَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرّحِيلِ وَقَصَدَ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ.


وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنَ ذِي الْحَجَّةِ -وهو يَوْمُ التَّرويةِ- تَوَجَّهَ إلَى مِنًى، وَمِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، وَقَدْ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ أكثرَ مِن مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَامَ صلى اللهُ عليه وسلم فِيهِمْ خَطِيبًا، وَأَلْقَى هَذِهِ الْخُطْبَةَ الْجَامِعَةَ: «أيهَا النَّاس! إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ.. فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ..


أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَلَا أُمَّةَ بَعْدَكُمْ! أَلاَ فَاعْبُدوا رَبُّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالَكُمْ طَيْبَةً بِهَا أَنْفُسَكُمْ، وَأَطِيعُوا وُلاةَ أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ.. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.. وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


تَكَامَلَتِ الدَّعْوَةُ، وَسَيْطَرَ الإِسْلامُ عَلَى الموْقِفِ، وَأَخَذَتْ طَلائعُ التَّوْدِيعِ لِلْحَيَاةِ وَالأَحْيَاءِ تَطْلُعُ مِنْ مَشَاعِرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَنْضَحُ بعِباراتِهِ وَأَفْعَالِه.


وَمِنْهَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إلْقَاءِ الْخُطْبَةِ نَزَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وَعِنْدَمَا سَمِعَهَا عُمَرُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَال: إنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ إلاَّ النُّقْصَانُ. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ النَّصْرِ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، عرَفَ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّهُ الْوَدَاعُ، وَأَنَّه نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.


أَيُّهَا الْمُحِبُّونَ.. قَضَى نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَاسِكَهُ وَحَثَّ الرِّكَابَ إلَى الْمَدِينَةِ الْمَطْهَّرَةِ، لاَ لِيَأْخُذَ حَظًّا مِنَ الرَّاحَةِ، بَل لِيسْتأْنِفَ الكِفَاحَ والبَذْلَ لِلَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ.


وَفِي أَوَائِلِ شهرِ صَفَرٍ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أُحُدٍ، فَصَلَّى عَلَى الشُّهَدَاءِ كَالْمُودَّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» متفقٌ عليهِ.


وَذَاتَ لَيْلَةٍ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْبَقِيعِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ، لِيُهْنِكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمُ اللَّهُ مِنْهُ أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطْعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا: الْآخِرَةُ أَشَرُّ مِنَ الْأُولَى» رواهُ الدَّارِمِيُّ.


ثُمَّ ابْتَدَأَ بِنَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَضُ، فَفِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ وَكَانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنَازَةً فِي الْبَقِيعِ، فَلَمَّا رَجَعَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ أَخَذَهُ صُدَاعٌ فِي رَأْسِهِ، واتَّقَدَتِ الحَرَارَةُ فِي جَسَدِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنّاسِ وَهُوَ مَرِيضٌ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا.


وَفِي آخَرِ يَوْمٍ مِنْ حَيَاةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويَحْكِيهِ لَنَا خَادِمُه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ يَقُولُ: أَنَّ المُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ، فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ. رواهُ البخاريُّ. وَكَانَتْ هَذِهِ آخِرُ نَظْرَةٍ وَآخَرُ اِبْتِسَامَةٍ.


وَفِي ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْمُوَافِقِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَدَأ الاحْتِضَارُ بِالنَّبِيَّ الْكَرِيمِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ فأَسْندَتْهُ عَائِشَةُ رضي اللهُ عنها إلَيْهَا، وَكَانَتْ تَقُولُ: (إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ)؛ رواه البخاريُّ.


طَيَّبْتْ لَهُ أَمُّ الْمُؤْمِنِينَ سِوَاكًا يَسْتَاكُ بِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ ويَقُول: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». وَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ مِنْ السِّوَاكِ حَتَّى رَفَعَ يَدَهُ أَوْ أُصْبَعَهُ، وَشَخَصَ بَصَرُهُ نَحْو السَّقْفِ، وَتَحَرَّكَتْ شَفَتَاهُ، فأَصغَتْ إلَيْه عَائِشَةُ وَهُوَ يَقُولُ: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى»، ثمَّ مَالَتْ يَدُهُ وَلَحِقَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى. وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَصَدَق أَنَسٌ حِينَ قَالَ: "لَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا فَرَغْنَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا" رواه أحمدُ. فاللهم اجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا المشتاقونَ لِنَبِيِّهِم.. أَيُّهَا الْمُحِبُّونَ لِنَبِيِّهِم.. هَذَا هُوَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَاخْتَارَه عَلَى خَلْقِهِ، وَكَرَّمَهُ وَجَمَّلَهُ وَقَرَّبَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْبَشَرِ كَافَّةً، عَاشَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ يَمْشِي عَلَى الشَّوْكِ وَيُؤْذَى فِي اللَّهِ وَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى آخِرِ عُمُرِهِ، طُرِدَ مِنْ مَكَّةَ فَأَقَامَ دَوْلَةً، حُورِبَ فِي الْمَدِينَةِ فَصَبَرَ حَتَّى اسْتَقَامَتْ لِلْمُسْلِمِينَ حَيَاتَهُم، وَمَا تَرَكَ خيراً إلَّا وَضَّحَه وَرَغّبَهُمْ فِيهِ، وَلَا شراً إلَّا حَذَّرَهُم مِنْه.


هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَذَلَ كُلَّ نَفِيسٍ مِنْ أَجْلِ إيصَالِ الدِّينِ وَتَعْلِيمِ الْبَشَرِيَّةِ، ثَبَتَ بِيَقِينِهِ حِينَ فَرَّ النَّاسُ، وَوَثَقَ بِرَبِّهِ حِين ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّهَا النِّهَايَةُ ﴿ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].


هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالإِيمَانِ بِهِ وَتَوْقِيرِهِ وَنُصْرَتِهِ وَالسَّيْرِ عَلَى نَهْجِهِ؛ فَقَالَ فِيهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ [الفتح: 9] وَقَال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [الحجرات: 2].


هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. مَحَبَّتُهُ أَصْلُ الْإِيمَانِ، وَتَقْدِيمُ أَوَامِرِه مِنْ أُسُسِ الْإِسْلَامِ.


كَان الصَّحَابَةُ يُحِبُّونَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحَبَّةً لَا يَسْتَطِيعُ الْوَصْفُ إدْرَاكَهَا، كَانُوا إذَا أَمَرَهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَإِذَا نَادَاهُم قَالُوا: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيْ لَا نَفدِيكَ بِأَمْوَالِنَا وَأَنْفُسِنَا فَحَسْبُ، بَل بآبائِنَا وأمهاتِنَا.


فَهَل نَحْن نُحِبُّ النَّبِيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟ هَل نَحْنُ نَتَّبِعُ سُنَّتَهُ ونقتفي آثَارَهُ ونَتشَبَّهُ بِهِ فِي أَخْلَاقِهِ وَسِيرَتِهِ؟


فَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِسُنَّتِه؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ؟


فاللهمَّ اغْفِرْ لَنَا تَقصِيرَنا وتفرِيطَنا وَجَهْلَنَا.


نَسْأَلُ اللهَ تعَالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ والسَّيْرِ علَى هَدْيِهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.


اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.


اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بناصيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.


اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِهَا، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم
  • وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم
  • وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • أثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه

مختارات من الشبكة

  • خطبة مضمنة مجموعة خطب مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الليلة الثالثة والعشرون: وقفات مع مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته(مقالة - ملفات خاصة)
  • بحث في تحديد يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • حادثة وفاة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم (وقفة تأملية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • عبر وعظات من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • وقفة مع وصية عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم عند آخر لحظة من وفاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته ووفاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة نحتفل بالمولد أم نحزن بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 21:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب