• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

كفالة اليتيم

كفالة اليتيم
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/7/2021 ميلادي - 16/12/1442 هجري

الزيارات: 10849

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كفالة اليتيم

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فإن الإسلام قد أعطى اهتمامًا كبير للأيتام فأقول وبالله تعالى التوفيق:

معنى اليتيم:

اليتيم في اللغة: اليتم: الانفراد. واليتيم: الفرد، والجمع: أيتام ويتامى ويتيمة. واليتم في الناس من قِبل الأب وفي البهائم من قِبل الأم ولا يقال لمن فقد الأم من الناس يتيم، ولكن منقطع، واللطيم: الذي يموت أبواه، وكل شيء مفرد بغير نظيره، فهو يتيم، يقال: درة يتيمة.

 

اليتيم في الشرع: هو الصغير الذي فقد أباه.

[لسان العرب جـ6 صـ4948/ مختار الصحاح صـ741].

 

متى يزول اسم اليتيم عن الإنسان؟

إذا بلغ الإنسان الحُلُم وأصبح قادرًا على أن يكسب قوت يومه معتمدًا في ذلك على الله تعالى ثم على نفسه، فقد زال عنه اسم اليتيم. روى أبو داود عن عَلِيٍ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قال: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ. [حديث صحيح] [صحيح أبي داود للألباني حديث 2497].

 

روى مسلم عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ نَجْدَةَ بن عامر - رجل من الخوارج - كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ – وجاء في هذه الأسئلة - وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ. [مسلم حديث 1812].

 

معنى كفالة اليتيم:

هي تربيته وتأديبه والقيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته وتنمية ماله إن كان له مال، وإن كان لا مال له، أنفق عليه وكساه ابتغاء وجه الله تعالى. [الكبائر للذهبي بتحقيق عبد المحسن البزاز صـ72].

 

وكافل اليتيم: هو القائم بأمره ومصالحه. [فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ10 صـ451]

 

فائدة: جاء لفظ اليتيم بمشتقاته المختلفة في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة. [المعجم المفهرس لألفاظ القرآن صـ770].

 

اقتران توحيد الله بالإحسان إلي الأيتام: قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36] وهذا دليل على أن العقيدة لا تكون كاملة في الأمة وتحت عيونهم يتيم قد أهملوه وحرموه العطف والحنان، وهذا التصرف لا يكون ولا يحدث فعلًا إلا عند نقص العقيدة ونقص العقيدة ينشر الأنانية في الأمة ويجعل كل فرد يهتم بمصلحته الخاصة دون النظر إلي حقوق الآخرين ووجود عقيدة التوحيد يجعل الأمة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وكالجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وهذا هو المجتمع المثالي الذي دعا إليه الإسلام، مجتمع فيه الغني ولكن لا يوجد المحروم ويوجد فيه القوي ولكن لا يوجد المظلوم. [آداب معاملة اليتيم صـ84].

 

كفالة الأيتام وإصلاح أحوالهم من البر:

قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

قال القرطبي: البر هاهنا: اسم جامع للخير. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ2 صـ243].

 

وقال ابن كثير: اليتامى: هُمُ الَّذِينَ لَا كَاسِبَ لَهُمْ، وَقَدْ مَاتَ آبَاؤُهُمْ وَهُمْ ضُعَفَاءُ صِغَارٌ دُونَ الْبُلُوغِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّكَسُّبِ. [تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ2 صـ157].

 

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83].

 

قال الإمام القرطبي رحمه الله: يَدُلُّ هَذَا عَلَى الرَّأْفَةِ بِالْيَتِيمِ وَالْحَضِّ عَلَى كَفَالَتِهِ وَحِفْظِ مَالِهِ. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ2 صـ18].

 

قال الله تعالى أيضًا: ﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].

 

روى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ﴾ الْآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ [البقرة: 220] فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِ". [حديث حسن] [صحيح أبي داود للألباني حديث 2495].

 

حق الأيتام في أموال الغنائم والفيء:

جعل الله تعال لليتامى حقًا في أموال الغنائم والفيء وذلك حتى يستفيدوا من هذا المال في إصلاح شئون حياتهم، قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41].

 

الفرق بين الغنائم والفيء: الغنائم ما أخذه المسلمون بالسعي وإيجاف الخيل من أموال الكفار المحاربين قهرًا لهم وغلبة قليلًا كان أو كثيرًا. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ18 صـ17].

 

قال الله تعالى: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

 

[الفيء]: كل مال دخل على المسلمين بغير حرب مثل أموال يهود بني النضير. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ18 صـ17].

 

والمقصود باليتامى هنا هم الفقراء منهم، الذين لا عائل لهم.

 

الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على كفالة الأيتام:

حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على رعاية الأيتام وكفالتهم في كثير من أحاديثه الشريفة وسوف نذكر بعضًا منها:

روى البخاري عن سهل بن سعد قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا " البخاري حديث 5304]. قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك. [فتح الباري لابن حجر جـ1 صـ451].

 

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. [مسلم حديث 2983]

 

قال الإمام النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [كَافِل الْيَتِيم] الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه، أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة. وَأَمَّا قَوْله: [لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ] فَاَلَّذِي لَهُ أَنْ يَكُون قَرِيبًا لَهُ كَجَدِّهِ وَأُمّه وَجَدَّته وَأَخِيهِ وَأُخْته وَعَمّه وَخَاله وَعَمَّته وَخَالَته وَغَيْرهمْ مِنْ أَقَارِبه، وَاَلَّذِي لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُون أَجْنَبِيًّا. [مسلم بشرح النووي جـ9 صـ339: 340].

 

الأجنبي مَنْ ليس بينه وبين اليتيم قرابة.

 

روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. [البخاري حديث 2842].

 

روى الشيخان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ فَقَالَ أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ. [البخاري حديث 1467] [مسلم حديث 1001]

 

روى الشيخان عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَتْ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا قَالَ فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حَجْرِي مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا سَلْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي وَقُلْنَا لَا تُخْبِرْ بِنَا فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ هُمَا قَالَ زَيْنَبُ قَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ حديث الصَّدَقَةِ. [البخاري 1466 / مسلم حديث 1000].

 

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ نسَاءُ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى يَتِيمٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ. [مسلم حديث 2527].

 

التحذير من ظلم الأيتام وأكل أموالهم بالباطل:

قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا ﴾ [الاسراء: 34].

 

قال الله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2].

 

سبب نزول هذه الآية: قال القرطبي رحمه الله: نزلت فِي رَجُلٍ مِنْ غَطَفَانَ كَانَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ يَتِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ الْمَالَ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ، فَنَزَلَتْ، فَقَالَ الْعَمُّ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ! وَرَدَّ الْمَالَ. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ13].


قال ابن كثير: يَأْمُرُ تَعَالَى بِدَفْعِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا الحُلُم كَامِلَةً مُوَفَّرَةً، وَيَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وضَمِّها إِلَى أَمْوَالِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ﴾ [النساء: 2] قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: لَا تعْجل بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ.

 

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا تبَدَّلوا الْحَرَامَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْحَلَالِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، يَقُولُ: لَا تُبَذِّرُوا أَمْوَالَكُمُ الْحَلَالَ وَتَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمُ الْحَرَامَ.

 

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ: لَا تُعْط مَهْزُولًا وَتَأْخُذْ سَمِينًا.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي وَالضَّحَّاكُ: لَا تُعْطِ زَائِفًا وَتَأْخُذْ جَيِّدًا.

 

وَقَالَ السُّدِّي: كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْخُذُ الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ غَنم الْيَتِيمِ، وَيَجْعَلُ فِيهَا مَكَانَهَا الشَّاةَ الْمَهْزُولَةَ، وَيَقُولُ شَاةٌ بِشَاةٍ، وَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ الجَيِّد وَيَطْرَحُ مَكَانَهُ الزّيْف، وَيَقُولُ: دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ [تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ3 صـ336].

 

وقفة هامة:

نبهنا الله تعالى إلى شيء خطير قد يتسرب إلي النفوس وهو أن الوصي قد يعطي اليتيم من ماله الخبيث ويأخذ مكانه مال اليتيم الطيب ويعتقد أنه قد أدى ما عليه. فقال سبحانه: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2].

 

قال الله تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6].

 

سبب نزول هذه الآية: روي البخاري عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ قَالَتْ أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوف. [البخاري حديث 2765].

 

صفة الأخذ بالمعروف من أموال الأيتام:

للعلماء في صفة الأكل بالمعروف من أموال اليتامى: أربعة أقوال:

[1] الأخذ من مال اليتيم على سبيل القرض الحسن.

 

[2] الأخذ من مال اليتيم بقدر الحاجة من غير إسراف.

 

[3] الأخذ من مال اليتيم بقدر الأجرة إذا عمل لليتيم عملًا.

 

[4] الأخذ من مال اليتيم عند الضرورة فإذا أيسر ورزقه الله بالمال قضى هذا الدين لليتيم، وإذا لم يُوسر فهو في حِل. [زاد المسير لابن الجوزي جـ2 صـ16].

 

روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا أَجِدُ شَيْئًا وَلَيْسَ لِي مَالٌ وَلِي يَتِيمٌ لَهُ مَالٌ قَالَ كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالًا قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا تَقِي مَالَكَ بِمَالِهِ. [ولا متأثل: أي ولا متخذ من أصل ماله للتجارة ونحوها]. [حديث حسن صحيح] [صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2198].

 

روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ. [مسلم حديث 1826]. قال الله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10] روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ. [البخاري حديث 2766].

 

كفالة زكريا صلى الله عليه وسلم لمريم عليها السلام: قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37: 35] يخبرنا الله تعالى أن تقبل مريم ابنة عمران، التي نذرتها أمها لعباده الله تعالى وخدمة المسجد الأقصى، فأنبتها نباتًا حسنًا، حيث جعل لها شكلًا مليحًا ومنظر بهيجًا ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده، تتعلم منهم العلم والخير والدين، جعلها الله تعالى في كفالة زكريا صلى الله عليه وسلم وذلك لأن مريم كانت يتيمة، وذلك لِتَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا، وَلِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ خَالَتِهَا، وَقِيلَ: زَوْجُ أُخْتِهَا. وقد قام زكريا بكفالة مريم ورعايتها خير قيام. [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ4 صـ76] [تفسير ابن كثير جـ3 صـ52].

 

نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير الأيتام المكفولين: إن في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما تطيب به قلوب الأيتام في كل مكان وزمان فقد مات أبوه قبل أن يُولد، فنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب فنال من رعاية جده ما عوضه عن فقد أبيه. فلما مات جده وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات كفله عمه أبو طالب وضمه إلي أولاده، وقدمه عليهم واختصه بفضل واحترام، فكان أبو طالب لا ينام إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جواره، وكان كثيرًا ما يصطحبه في أسفاره. لقد كانت العرب تعرف ذلك وتتحدث به وتعرف وفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قام بكفالته، وهذا ما جعل رجل من قبيلة هوازن يُقالُ له زُهير يخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم مستشفعًا في أموال هوازن ونسائها قائلًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ عَمَّاتُكَ، وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ، وَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا [أي أرضعنا] لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، أَوْ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ نَزَلَ مِنَّا بِمِثْلِ الَّذِي نَزَلْتُ بِهِ، رَجَوْنَا عَطْفَهُ وَعَائِدَتَهُ [فَضله.] عَلَيْنَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه وَفى لمن كفله وقام برعايته قائلًا: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [سيرة ابن هشام جـ1 صـ149/جـ4 صـ116: 117].

 

نبينا صلى الله عليه وسلم خير من كفل الأيتام:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج الأرامل ومن في رعايتهن أيتام وذلك من أجل القيام عليهن وعلى مصالح أولادهن كما حدث عندما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها. وكان أولادها، عمر وسلمة وزينب ودرة، أيتام في حجر النبي صلى الله عليه وسلم قام بكفالتهم وأحسن رعايتهم. روى مسلم عن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ. [مسلم حديث 2022].

 

روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ [وهو يتحدث عن كفالة النبيصلى الله عليه وسلم لأولاد جعفر بن أبي طالب بعد موته] فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ فَقَالَ ادْعُوا إِلَيَّ الْحَلَّاقَ فَجِيء بِالْحَلَّاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهَا [أى رفعها] فَقَالَ اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ قَالَ فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ [تغتم] فَقَالَ الْعَيْلَةَ [الفقر والحاجة] تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. [حديث صحيح] [مسند أحمد جـ3 صـ279 رقم1750]

 

اهتمام الصحابة بالأيتام:

اهتم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اهتمامًا كبيرًا بالأيتام، اقتداءً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسوف نذكر بعضًا منهم:

[1] عمر بن الخطاب:

روى البخاريُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمْ الضَّبُعُ [السنوات المجدبة] وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ [بعير قوي] كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمْ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا قَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ. [صحيح البخاري حديث 4160].

 

[2] عبد الله بن عمر بن الخطاب:

روى البخاريُّ [في الأدب المفرد] عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عمر كَانَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا وَعَلَى خِوَانِهِ يَتِيمٌ.

[حديث صحيح] [صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 102].

 

[1] أبو بَرزة الأسلمي:

روى ابنُ سعد عن الْحَسَنِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا كَانَتْ لأَبِي بَرْزَةَ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ غُدْوَةً وَجَفْنَةٌ عَشِيَّةً لِلأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ [الطبقات الكبرى لابن سعد جـ4 صـ 224].

 

تقوى الآباء تحفظ الأبناء:

إن الكثير من الناس، إلا من عصم الله، يعتقدون أن تأمين مستقبل أبنائهم بعد موتهم إنما يكون بتوفير المال وبناء العمارات واقتناء السيارات، فيحرصون على جمع المال من الحلال ومن الحرام، ويهملون تربية أبنائهم على ضوء كتاب الله تعالى وسُّنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتكون هذه الأموال التي جمعوها من أجل أبنائهم وبالًا على هؤلاء الأبناء في الدنيا والآخرة. ويجب أن يعلم الناس أن السبيل الوحيد لتأمين مستقبل الأبناء هو تقوى الله عز وجل في السر والعلانية. قال الله عز وجل في كتابه العزيز: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9].

 

♦ ذكر الله تعالى في القرآن مثالًا رائعًا لتقوى الآباء التي كانت سببًا في حفظ الأبناء ليكون نبراسًا يسير على هديه المسلمون، قال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82].

 

قال ابن كثير - رحمه الله -: قوله: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ يَحْفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَتَشْمَلُ بَرَكَةُ عِبَادَتِهِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِشَفَاعَتِهِ فِيهِمْ، وَرَفْعِ دَرَجَتِهِمْ إِلَى أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لِتَقَرَّ عَيْنُهُ بِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حُفِظَا بِصَلَاحِ أَبِيهِمَا، وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُمَا صَلَاحٌ. [تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ9 صـ179].

 

أولاد عمر بن عبد العزيز:

لما حضرت الوفاةُ عمَر بن عبد العزيز، قال له بعض الناس: هَؤُلَاءِ بَنُوكَ وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلَا تُوصِي لَهُمْ بِشَيْءٍ ; فَإِنَّهُمْ فُقَرَاءُ؟ فَقَالَ: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196] وَاللَّهِ لَا أُعْطِيهِمْ حَقَّ أَحَدٍ، وَهُمْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ; إِمَّا صَالِحٌ فَاللَّهُ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِمَّا غَيْرُ صَالِحٍ فَمَا كُنْتُ لِأُعِينَهُ عَلَى فِسْقِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَا أُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكَ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَفَأَدَعُ لَهُ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَأَكُونَ شَرِيكَهُ فِيمَا يَعْمَلُ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ. ثُمَّ اسْتَدْعَى بِأَوْلَادِهِ فَوَدَّعَهُمْ وَعَزَّاهُمْ بِهَذَا، وَأَوْصَاهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ: انْصَرِفُوا عَصَمَكُمُ اللَّهُ، وَأَحْسَنَ الْخِلَافَةَ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ أَوْلَادِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَحْمِلُ عَلَى ثَمَانِينَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ بَعْضُ أَوْلَادِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ كَثْرَةِ مَا تَرَكَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ يَتَعَاطَى وَيَسْأَلُ مِنْ أَوْلَادِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِأَنَّ عُمَرَ وَكَلَ وَلَدَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكِلُونَ أَوْلَادَهُمْ إِلَى مَا يَدَعُونَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ الْفَانِيَةِ، فَيَضِيعُونَ وَتَذْهَبُ أَمْوَالُهُمْ فِي شَهَوَاتِ أَوْلَادِهِمْ. [البداية والنهاية لابن كثير جـ9 صـ218].

 

انظر أخي الكريم: حسن عاقبة من وَكَلَ أولاده بعد موته لله تعالى.

 

مشاعر الأيتام في الأعياد:

ليسأل كل منا نفسه كيف يكون شعور الأيتام عندما يدخل عليهم بعض إخوانهم وهم يحملون لهم الطعام والشراب والكساء الجديد في المناسبات السارة كالعيدين؟! وكيف يكون شعورهم عندما يدخل عليهم بعض المسلمين بملابس وأغطية تقيهم برد الشتاء القارس؟!

 

كيف نعامل الأيتام؟

يجب أن نعامل اليتامى كما نحب أن يعامل الناس أبناءنا بعد موتنا ورحيلنا عن الدنيا.

 

روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يبلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. [حديث صحيح] [صحيح أبي داود للألباني حديث 4132]

 

روى البخاريُّ [في الأدب المفرد] عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: قَالَ دَاوُدُ: «كُنَّ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ كَذَلِكَ تَحْصُدُ، مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ - أَوْ أَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ - الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَى، وَإِذَا وَعَدْتَ صَاحِبَكَ فَأَنْجِزْ لَهُ مَا وَعَدْتَهُ، فَإِنْ لَا تَفْعَلْ يُورِثُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ صَاحِبٍ إِنْ ذَكَرْتَ لَمْ يُعِنْكَ، وَإِنْ نَسِيتَ لَمْ يُذَكِّرْكَ» [حديث صحيح] [صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 103].

 

روى البخاري في الأدب المفرد عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ سِيرِينَ: عِنْدِي يَتِيمٌ، قَالَ: اصْنَعْ بِهِ مَا تَصْنَعُ بِوَلَدِكَ، اضْرِبْهُ مَا تَضْرِبُ وَلَدَكَ. [حديث صحيح] [صحيح الأدب المفرد حديث 104].

 

روى البخاري [في الأدب المفرد] عَنْ شُمَيْسَةَ الْعَتَكِيَّةِ قَالَتْ: ذُكِرَ أَدَبُ الْيَتِيمِ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي لِأَضْرِبُ الْيَتِيمَ حَتَّى يَنْبَسِطَ. [حديث صحيح] [صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 105].

 

كيف نكفل الأيتام؟

اعلم أخي الكريم أنه ليس المقصود بكفالة الأيتام الاهتمام بتربية اليتيم التربية الجسدية، وذلك بتوفير الطعام والشراب والكساء والمسكن فقط ولكن المقصود هو تربية اليتيم عقائديًا وروحيًا وأخلاقيًا أيضًا في ضوء كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يصبح هذا اليتيم عضوًا صالحًا في المجتمع المسلم. ويمكن أن نوجز التربية المثالية لليتيم فيما يلي:

[1] تعليمه العقيدة الصحيحة وهي أساس كل شيء.

 

[2] إرشاده إلي إخلاص العمل لله تعالى والمواظبة على ذكره.

 

[3] تعليمه حُسن تلاوة القرآن الكريم وحفظه والعمل به.

 

[4] تعليمه الصلاة وأحكامها وباقي أركان الإسلام والحلال والحرام.

 

[5] تذكيره بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضوان الله عليهم.

 

[6] تعليمه حقوق المسلمين عليه وإرشاده إلي اختيار الرفقة الطيبة.

 

[7] إرشاده إلى كيفية الدعوة لنشر دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

[8] إرشاده إلى حُسن الخُلُق والبعد عن المعاصي ومنكرات الأخلاق.

 

أمهات مثاليات لأيتام:

كتبُ التاريخ مملوءةٌ بنماذج رائعة لنساء مات أزواجهن فقمن على تربية أبنائهن خير قيام وأزالت عن أبناءها مرارة اليتم، فقامت بدور الأب إلى دور الأم وزودت أبناءها بأحسن التوجيهات حتى كان منهم من ملأ الدنيا علمًا. وسوف نذكر بعضًا من هذه النماذج المشرقة:

[1] تُماضر بنت عمرو السلمية [الخنساء]:

لما استعدا المسلمون لمعركة القادسية، دعت تماضر بنت عمرو السلمية أولادها الأربعة وحثتهم على الجهاد في سبيل الله وحذرتهم من الفرار من أرض المعركة، فقالت: يا بني: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنوا رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، والله ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا غيرت نسبكم، فإذا كان غدًا إن شاء الله، فاغدوا لقتال عدوكم مستنصرين الله، فإذا رأيتم الحرب قد أبدت ساقها، وقد ضربت رواقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا خميسها، تظفروا بالمغنم والسلامة، والفوز والكرامة في دار الخلد والمقامة، فانصرف الفتية الأربعة من عندها، وهم لأمرها طائعون، وبنصحها عارفون، فلما أصبحوا ذهبوا إلي ميدان المعركة وأبلوا بلاءً حسنًا حتى استشهدوا جميعًا، فلما بلغ الخنساء خبر استشهادهم قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. وكان عمر بن الخطاب يعطي الخنساء بنت عمرو خراج أولادها الأربعة حتى مات. [صفة الصفوة لابن الجوزي جـ4 صـ385: صـ387 / الإصابة لابن حجر جـ4 صـ240: 281].

 

[2] أم سفيان الثوري: قال وكيع بن الجراح: قالت أم سفيان الثوري لسفيان: يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي. وقالت: يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في مشيك وحلمك ووقارك فإن لم يزدك فاعلم أنه لا يضرك ولا ينفعك. [صفة الصفوة لابن الجوزي جـ3 صـ189].

 

[3] أم محمد بن إدريس الشافعي: وُلد الإمام الشافعي بغزة ومات أبوه إدريس شابًا فنشأ الشافعي يتيمًا في حِجر أمه فحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وحفظ موطأ مالك وهو ابن عشر سنين وطلب العلم حتى أصبح مذهبه أحد المذاهب الأربعة المشهورة. [سير أعلام النبلاء للذهبي جـ12 صـ6: 11].

 

[4] أم أحمد بن حنبل: كان والد أحمد بن حنبل من أجناد مرو، مات شابًا وله نحو من ثلاثين سنة، فقامت أم أحمد على تربيته وحثته على حفظ القرآن وطلب الحديث، فطلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان عدد شيوخه الذين روى عنهم في المسند أكثر من مائتين وثمانين شيخًا، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. والإمام أحمد صاحب أحد المذاهب الأربعة المشهورة. [سير أعلام النبلاء جـ11 صـ177: 183].

 

[5] أم محمد بن إسماعيل البخاري: مات والد البخاري وهو صغير فنشأ في حجر أمه وفقد بصره وهو صغير، فرأت أمه الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم في المنام يخبرها بأن الله رد على البخاري بصره لكثرة دعائها له، فاهتمت به أمه اهتمامًا كبيرًا وألهمه الله تعالى حفظ الحديث وعمره عشر سنوات، ولما بلغ السادسة عشرة خرج حاجًا مع أمه وأخيه، وبعد أداء الحج تخلف بمكة في طلب الحديث، وفي سن الثامنة عشرة صنف في قضايا الصحابة والتابعين وأقوالهم وكان للبخاري أكثر من ألف شيخ وجمع كتابه الصحيح من ستمائة ألف حديث مسموعة. [سير أعلام النبلاء جـ12 صـ391: 415].

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كفالة اليتيم - قصيدة
  • كفالة اليتيم تأصيلا وتنزيلا
  • كفالة اليتيم
  • فضائل كفالة اليتيم، وفضل الأرملة الحابسة نفسها على أيتامها ما لم تخش الفتنة (خطبة)
  • فضل كفالة اليتيم والنفقة عليه
  • اليتيم بين الكفالة والكفاية

مختارات من الشبكة

  • كبائر في حق اليتيم، والهدي النبوي في كفالة أيتام وأرامل الشهداء (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • كبائر في حق اليتيم، والهدي النبوي في كفالة أيتام وأرامل الشهداء(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فضائل كفالة اليتيم، وفضل الأرملة الحابسة نفسها على أيتامها ما لم تخش الفتنة(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • كفالة اليتيم وتربيته في البيت(استشارة - الاستشارات)
  • حكم استقطاع المؤسسات الخيرية من التبرعات المخصصة لكفالات الأيتام(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • مخطوطة كتاب الكفالة (بسط المقالة في تحقيق تأجيل الكفالة) (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب الكفالة ( بسط المقالة في تحقيق تأجيل الكفالة )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فضل كفالة الأيتام والسعي على الأرامل والمساكين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كفالة الأيتام سبب للنجاة من النار (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • استثمار الأموال المرصدة لكفالات الأيتام(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب