• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ: الحق والباطل

خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ: الحق والباطل
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/7/2021 ميلادي - 6/12/1442 هجري

الزيارات: 29238

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ

الحق والباطل

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ، الْعَفُوِّ الْغَفَّارِ؛ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا. عَطَاؤُهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَخَزَائِنُهُ لَا تَنْفَدُ. لَا يُحْصِي خَلْقَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُدَبِّرُهُمْ سِوَاهُ؛ ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 59]، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ الدِّينَ لِعِبَادِهِ، وَهَدَى الْمُؤْمِنِينَ لِصِرَاطِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى كِتَابِهِ، وَفَصَّلَ لَهُمْ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، فَالَّذِينَ أَخَذُوهُ وَاسْتَقَامُوا عَلَيْهِ فِي الْجَنَّةِ يُنَعَّمُونَ، وَالَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَعَارَضُوهُ فِي الْجَحِيمِ يُعَذَّبُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامُ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ، بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالدِّينِ الْحَنِيفِ؛ فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ الشَّعَائِرِ وَالْمَشَاعِرِ، وَفِيهَا تُجَابُ الدَّعَوَاتُ، وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ، وَتَكْثُرُ الْأُعْطِيَّاتُ، وَهِيَ خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَيَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَاللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَزِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ وَقَفَ إِخْوَانُكُمُ الْحُجَّاجُ بِالْأَمْسِ فِي عَرَفَاتٍ ضَاحِينَ دَاعِينَ مُلَبِّينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُبَاهِي بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ، وَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ «فَمَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ يَسِيرُ الْحُجَّاجُ الْآنَ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَنَحْرِ الْهَدْيِ، وَالْإِحْلَالِ مِنَ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ، ثُمَّ تَوْدِيعِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ. شَعَائِرُ عَظِيمَةٌ، أَذَّنَ بِهَا الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَبَّى نِدَاءَهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَفَصَّلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَالَ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ لَهُمْ فِي عَرَفَةَ: «قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ يُصَلِّي الْمُؤْمِنُونَ فِي شَتَّى الْبِقَاعِ صَلَاةَ الْعِيدِ، ثُمَّ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَضَاحِيِّ، وَهِيَ عَمَلُ هَذَا الْيَوْمِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا؛ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، رَزَقَكُمْ إِيَّاهَا، وَشَرَعَهَا لَكُمْ نُسُكًا، وَيَجْزِيكُمْ عَلَى ذَبْحِهَا، وَيَعُودُ إِلَيْكُمْ لَحْمُهَا؛ ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْحَجِّ: 37].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ الدُّنْيَا مَيْدَانٌ لِلصِّرَاعِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُمَا ضِدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ، وَسُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى قَاضِيَةٌ بِبَقَائِهِمَا إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ؛ ابْتِلَاءً لِلْعِبَادِ. وَالنَّاسُ مِنْهُمْ مَنْ يَثْبُتُ عَلَى الْحَقِّ مَهْمَا كَلَّفَ الْأَمْرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو إِلَى الْبَاطِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَاوِلُ الْمُوَاءَمَةَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ حِفْظًا لِدِينٍ وَدُنْيَا، وَذَلِكَ مَا لَا يَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الْبَلَاءِ، وَغَلَبَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ. فَإِمَّا نَصَرَ الْحَقَّ وَلَوْ ذَهَبَتْ دُنْيَاهُ، وَإِمَّا رَكِبَ الْبَاطِلَ فَأَذْهَبَ دِينَهُ، فَلَيْسَ ثَمَّةَ إِلَّا فَرِيقَانِ؛ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 3].

 

وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَرَضَ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ؛ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، فَيَلْزَمَ الْحَقَّ وَلَوْ قَلَّ أَنْصَارُهُ، وَيُجَانِبَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَثُرَ أَتْبَاعُهُ. فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْحَقُّ؛ ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 116]، وَجَاءَتْ رُسُلُهُ بِالْحَقِّ؛ ﴿ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 43]، وَقَوْلُهُ حَقٌّ؛ ﴿ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 4]، وَدِينُهُ حَقٌّ؛ ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾ [الْفَتْحِ: 28]، وَكِتَابُهُ حَقٌّ؛ ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [فَاطِرٍ: 31]، وَوَعْدُهُ حَقٌّ؛ ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [غَافِرٍ: 77]، وَكُلُّ دَعْوَةٍ تُخَالِفُ دِينَهُ فَهِيَ بَاطِلٌ؛ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ﴾ [الْحَجِّ: 62].

 

وَالْوَاجِبُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ الثَّبَاتُ عَلَى الْحَقِّ؛ ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النَّمْلِ: 79]، وَخُوطِبَ النَّاسُ بِذَلِكَ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [يُونُسَ: 108]. وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ؛ ﴿ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 146-147].

 

وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ يَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ؛ لِإِخْفَاءِ الْحَقِّ وَتَزْيِينِ الْبَاطِلِ؛ ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 71]، وَيُجَادِلُونَ لِإِبْطَالِ الْحَقِّ، وَالْإِقْنَاعِ بِالْبَاطِلِ؛ ﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ﴾ [غَافِرٍ: 5].

 

وَتَرْكُ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ سَبَبُهُ الْجَهْلُ وَالْهَوَى؛ ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 24]، ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 48]، وَفِي ذَلِكَ الْفَسَادُ الْعَرِيضُ، وَالْهَلَاكُ لِلْأَفْرَادِ وَالْأُمَمِ؛ ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 71]. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ: طُولُ الْأَمَلِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى، فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ».

 

وَحَمْلُ الْحَقِّ ثَقِيلٌ عَلَى النُّفُوسِ، وَلَهُ تَبِعَاتٌ لَا يُطِيقُهَا إِلَّا أَفْذَاذُ النَّاسِ، وَعَاقِبَتُهُمْ حَمِيدَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ الْحَسَنِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْجَزَاءِ الْعَظِيمِ، وَخِيَارُ النَّاسِ فِي كُلِّ زَمَانٍ حَمَلَةُ الْحَقِّ، وَشِرَارُهُمْ دُعَاةُ الْبَاطِلِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الْحَقُّ ثَقِيلٌ مَرِيءٌ، وَالْبَاطِلُ خَفِيفٌ وَبِيءٌ»، وَقَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ دِينٌ وَاصِبٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَا يَصْبِرْ عَلَيْهِ يَدَعْهُ، وَإِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ، وَإِنَّ الْإِنْسَانَ ضَعِيفٌ». وَإِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبَةٌ فِي أَنَّ الْحَقَّ يَظْهَرُ عَلَى الْبَاطِلِ إِذَا تَحَلَّى أَهْلُ الْحَقِّ بِالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْصَارُ الْبَاطِلِ مَهْمَا بَلَغَتْ قُوَّتُهُمْ أَنْ يُمِيتُوا الْحَقَّ؛ ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 81]، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [الْفَتْحِ: 28]. فَلْنَكُنْ -عِبَادَ اللَّهِ- لِلْحَقِّ أَنْصَارًا، وَلْنَحْذَرْ مِنْ أَنْ نَكُونَ لِلْبَاطِلِ أَعْوَانًا؛ فَإِنَّ الْمَوْعِدَ قَرِيبٌ، وَالْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَالْجَزَاءَ خُلْدٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي الْجَحِيمِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى؛ أَكْمَلَ لَنَا دِينَنَا، وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا، وَأَفْرَحَنَا بِعِيدِنَا، فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ تَمَّتْ بِهِ النِّعْمَةُ، وَعَظُمَتْ بِهِ الْمِنَّةُ، وَخُتِمَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ عَظِيمٌ كَبِيرٌ؛ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [لُقْمَانَ: 30].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: إِنَّ اتِّبَاعَ الْحَقِّ يَعْنِي التَّجَرُّدَ مِنَ الْهَوَى، وَأَخْذَ الدِّينِ بِعَزْمٍ وَقُوَّةٍ، وَالتَّمَسُّكَ بِتَعَالِيمِهِ فِي كُلِّ شُئُونِ الْحَيَاةِ، فِي الْمَنْزِلِ وَالْعَمَلِ وَالسُّوقِ وَكُلِّ مَكَانٍ، فِي النَّفْسِ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ وَالْقَرَابَةِ وَسَائِرِ النَّاسِ، فِي الْعِبَادَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَاللِّبَاسِ وَكُلِّ شَأْنٍ. وَأَمَّا مَنْ تَأْخُذُ مِنَ الْحَقِّ مَا تَهْوَى، وَتَتْرُكُ مِنْهُ مَا لَا تَهْوَى؛ فَفِي عُبُودِيَّتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى نَقْصٌ بِحَسْبِ مَا تَرَكَتْ مِنَ الْحَقِّ، وَمَا أَتَتْ مِنَ الْبَاطِلِ. وَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ تَطْلُبُ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَرِضَاهُ سُبْحَانَهُ فِي قَبُولِ دِينِهِ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ، وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ، وَأَخْذِهِ كُلِّهِ، وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَمُجَانَبَةِ الْبَاطِلِ وَلَوْ هَوَتْهُ النَّفْسُ، وَدَعَا إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرِّ. وَعَلَيْهَا أَنْ تُرَبِّيَ أَوْلَادَهَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ؛ وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى فِيهِ؛ ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [الْعَصْرِ: 1-3].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: افْرَحُوا بِعِيدِكُمْ، وَاذْبَحُوا أَنْسَاكَكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ، وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَشُكْرِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ الذِّكْرِ ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى 1429هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (1)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1436هـ (عيد النحر)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1438 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ

مختارات من الشبكة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ اتقاء الشبهات والشهوات(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1442 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1439 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1435 هـ - 2014 م(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الأضحى المبارك 1434 هـ ( خطبة )(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1433 هـ(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب