• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

العفو من شيم الكرام (خطبة)

العفو من شيم الكرام (خطبة)
وضاح سيف الجبزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2021 ميلادي - 23/11/1442 هجري

الزيارات: 14213

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العفو من شيم الكرام

 

الحمدُ اللهِ، أَمَرَ أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ إِيَّاه، لا يَكشفُ الضُّرَ سِواه، ولا يَدعُو المضطَرُّ إِلاَّ إِيَّاه، نَعُوذُ مِن سَخَطِهِ بِرِضَاه، وَنُنزِلُ فَقرَنا بِغِناه، وَنَستغفِرُهُ وَمن يَغفرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله.

أَحمَدُهُ وَالحمدُ مِن إِنعَامِهِ *** إِذ ذِكرُنَا إِيَّاهُ مِن إِلهَامِهِ

وَأَشهدُ أَن لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، أَحَاط بِكُل شيءٍ عِلمًا، وَوَسِع كُلَّ شيءٍ رَحمةً وَحِلمًا، لاَ تُدركهُ الأبصار، وُكُلُّ شيءٍ عندهُ بِمقدَار، جَعَل النارَ بردًا وَسلاَمًا عَلى إِبرَاهِيم، وَفلقَ البحرَ لمُوسَى الكَلِيم ﴿ وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18].

 

وَأَشهدُ أَنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُه، وخِيرتُه مِن خلقِه وأَمِينُه عَلى وَحيه، دَعَا إِلى سَبيل رَبه بِالحكمة، فَأَحيا اللهُ بِه الأُمَّة، وَكَشفَ بِه الغُمَّة، فصَلوَاتُ اللهِ وَسلاَمُهُ عَليهِ وَعلى آلِه وَأَتباعِهِ بِإِحسَانٍ وَصَحبِه، أما بعد:

فيقول المولى تبارك وتعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].

 

فَيَا لَهُ مِن أجرٍ عَظِيمٍ، وجَزَاءٍ عَمِيمٍ، وَعَطَاءٍ كَرِيمٍ، لِمَن عَفَا وأصلح، وتجاوز وَسَامَحَ.

 

ألا ما أثقل الحديثَ عن خلقٍ وسلوكٍ ليس للإنسان منه إلا جمال البريق، واستفاف الرحيق، مع بعد النفس عن التطبيق، والمرجو من الرؤوف الرحيم الستر والعافية.

وإنني من المعين استمِد
عونًا فما لي دونَهُ من مُعتمَد
يا مالك الملك يا من لا شريك له
يا صاحب الأمر في ماضٍ وفي آتي
يسر أموري بيسر منك يتبعه
عونٌ ولطفٌ وتسهيلُ المهمات



إن العفو يا عباد الله صفة من صفات الله؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء:43].

 

وقال سبحانه: ﴿ إِن تُبدُوا خَيرًا أَو تُخفُوهُ أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء:149].

 

يستوجبُ العفوَ الفتى إِذا اعترف
وتابَ مما قد جَنَاه واقترف
لقوله: قل للذين كفروا
إِن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سَلف

 

قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحَدٌ أَصبَرَ عَلَى أَذًى يَسمَعُهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، إِنَّهُم يَجعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرزُقُهُم وَيُعَافِيهِم وَيُعطِيهِم»[1].

 

سُبحَانَ مَن نَهفُو وَيَعفُو دَائِمًا
وَلَم يَزَل مَهمَا هَفَا العَبدُ عَفَا
يُعطِي الَّذِي يُخطِي وَلاَ يَمنَعُهُ
جَلاَلُهُ مِنَ العَطَا لِذِي الخَطَا

 

وتأمل إلى جمال ورونق هذا العتاب الرباني لنبيه صلى الله عليه وسلم، الذي ابتدأه سبحانه بهذا المطلع البديع: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [التوبة: 43].

 

فأيُّ عتاب أجملُ من هذا الذي يُستفتح بالعفو والصفح!

 

إن العَفوُ هُوَ: تَركُ المُؤَاخَذَةِ بِالذَّنبِ، وَالصَّفحُ هُوَ: إِزَالَةُ أَثَرِهِ مِنَ النَّفسِ؛ ولقد أمر الله نبيه بهذا الخلق، فقال: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13].

واصبِر بغَيرِ تَسَخُّطٍ وشَكَايَةٍ *** واصفَح بِغَيرِ عِتَابِ مَن هُوَ جَانِ

وقال له: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].

رُوي عن جعفر الصادق أنه قال: ليس في القرآن آيةٌ أجمعَ لمكارم الأخلاق منها[2].

عَن عَبدِاللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ، ﴿ خُذِ العَفوَ وَأمُرْ بِالعُرفِ ﴾ قَالَ: «مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَّا فِي أَخلاَقِ النَّاسِ»[3].

كما أوصَى اللهُ عباده بالعفو، فقال: ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237].

وأمرهم قائلًا: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [البقرة: 109].

وقال: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الجاثية: 14].

ورغبهم قائلًا: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].

﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14].

﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِن عَزمِ الأُمُورِ ﴾ [الشورى:43].

 

وامتدح أقوامًا بأنهم: ﴿ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثمِ وَالفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى:37].

 

لاَ يَبلُغُ المَجدَ أَقوَامٌ وَإِن كَرُمُوا
حَتَّى يَذِلُّوا وَإِنَّ عَزُّوا لأَقوَامِ
وَيُشتَمُوا فَتَرَى الأَلوَانَ مُسفِرَةً
لا صَفحَ ذُلٍّ وَلَكِن صَفحُ أَحلاَمِ

 

عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبدًا بِعَفوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ»[4].

 

عَن عَبدِاللَّهِ بنِ عَمرِو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى المِنبَرِ: «ارحَمُوا تُرحَمُوا، وَاغفِرُوا يَغفِرِ اللَّهُ لَكُم، وَيلٌ لِأَقمَاعِ القَولِ، وَيلٌ لِلمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ»[5].

 

وقال: «تَعَافَوا فِيمَا بَينَكُم، قَبلَ أَن تَأتُونِي، فَمَا بَلَغَنِي مِن حَدٍّ فَقَد وَجَبَ »[6].

 

عَن عَبدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خَادِمًا يُسِيءُ وَيَظلِمُ، أَفَأَضرِبُهُ؟، قَالَ: «تَعفُو عَنهُ كُلَّ يَومٍ سَبعِينَ مَرَّةً»[7].

والصفحُ لا يحسنُ عن محسنٍ *** وإِنما يَحسُنُ عن جاني

وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَم نَعفُو عَنِ الخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيهِ الكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، قَالَ: «اعفُوا عَنهُ فِي كُلِّ يَومٍ سَبعِينَ مَرَّةً»[8].

 

رُوِيَ عَن أَبِي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَن اللهَ تعالى يَأمُرُ مُنَادِيًا يَومَ القِيَامَةِ، فَيُنَادِي: مَن كَانَ لَهُ عِندَ اللهِ شَيءٌ فَليَقُم، فَيَقُومُ أَهلُ العَفوِ، فَيُكَافِئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانَ من عَفوِهِم عن الناسِ[9].

 

وقال نبيُّنا فيما رواه
عن الرحمن في علم الغيوبِ
محالٌ أن ينال العفو من لا
يمنُّ به على أهل الذُّنوبِ


ولقد سُئِل أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنهُ عن أعزِّ الناس، فقال: «الذي يعفو إذا قدر، فاعفوا يعزَّكم الله»[10].

 

يَقُولُ الحَسَنُ بن علي رَضِيَ اللهُ عَنهُما: لَو أَنَّ رَجُلًَا شَتَمَنِي فِي أُذُنِي هَذِهِ، وَاعتَذَرَ إلَيَّ فِي أُذُنِي الأُخرَى، لَقَبِلتُ عُذرَهُ[11].

 

قيل لي قد أساء إليك فلانٌ
ومُقام الفتى على الذلّ عارُ
قلت: قد جاءنا فأحدث عذرًا
ودِية الذنب الاعتذارُ

 

ويَقُولُ جَعفَرُ الصادِقُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: لَأَن أَندَمَ عَلَى العَفوِ عِشرِينَ مَرَّةً، أَحَبُّ إلَيَّ مِن أَن أَندَمَ عَلَى العُقُوبَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً[12].

 

ورُوي أنَّ راهبًا دخل على هشام بن عبدالملك، فقال للرَّاهب: «أرأيت ذا القرنين أكان نبيًّا؟»، فقال: «لا، ولكنَّه إنَّما أُعطي ما أُعطي بأربعِ خصالٍ كُنَّ فيه: كان إذا قدر عفا، وإذا وعد وفَّى، وإذا حدَّث صدق، ولا يجمع شغل اليوم لغد»[13].

 

قال أحد البلغاء: أحسنُ المكارم: عفو المقتدر، وَجُودُ المفتقر[14].

ومما يؤثرُ: أن رجلًا قال لصاحبه: تعال نتعاتب، فرد عليه صاحبه وهو يحاوره قائلًا: بل تعال نتغافر[15].

وكتب أخ إلى أخيه يعتذر منه فقال: مثلي هفا ومثلك عفا، فأجابه: مثلُك اعتذر ومِثلِي غَفَر[16].

 

ما ألطف الإشارة، وأوجز العبارة!

ما أَحسَنَ العَفوَ مِنَ القادِرِ
لا سيَّما عَن غَيرِ ذي ناصِرِ
إِن كانَ لي ذَنبٌ وَلا ذَنبَ لي
فَما لَهُ غَيرُكَ مِن غافِرِ
بِحُرمَةِ الوُدِّ الَّذي بَينَنا
لا تُفسِدِ الأَوَّلَ بِالآخِرِ

 

ولك أن تتأمل تعاملَه وعفوه صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن التأسي بسواه، وهل الفضل إلا من نداه؟!

يا معشر العبَّاد أوبوا للهدى
واقفوا سبيل المصطفى الأوَّابِ
إن الهُدى في قفوِ شِرعَةِ أحمدٍ
وخلافُها رَدٌّ على الأعقابِ

 

روى البخاري عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه في قصة ثُمَامَة بن أُثَالٍ، حين رَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِن سَوَارِي المَسجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَا عِندَكَ يَا ثُمَامَةُ؟»، فَقَالَ: «عِندِي خَيرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِن تَقتُلنِي تَقتُل ذَا دَمٍ، وَإِن تُنعِم تُنعِم عَلَى شَاكِرٍ»، وَإِن كُنتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَل مِنهُ مَا شِئتَ، فلما كان الثالثة قَالَ: «أَطلِقُوا ثُمَامَةَ»، فَانطَلَقَ إِلَى نَخلٍ قَرِيبٍ مِن المَسجِدِ فَاغتَسَلَ ثُم دَخَلَ المَسجِدَ، فَقَال: أَشهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَشهَدُ أَن مُحَمدًا رَسُولُ اللهِ، يَا مُحَمدُ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرضِ وَجهٌ أَبغَضَ إِلَي مِن وَجهِكَ، فَقَد أَصبَحَ وَجهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَي، وَاللهِ مَا كَانَ مِن دِينٍ أَبغَضَ إِلَي مِن دِينِكَ، فَأَصبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدينِ إِلَي، وَاللهِ مَا كَانَ مِن بَلَدٍ أَبغَضَ إِلَي مِن بَلَدِكَ، فَأَصبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَي، فَلَمَّا قَدِمَ مَكةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: «صَبَوتَ؟ قَالَ: لاَ وَلَكِن أَسلَمتُ مَعَ مُحَمدٍ رَسُولِ اللهِ، وَلاَ وَاللهِ لاَ يَأتِيكُم مِن اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنطَةٍ حَتى يَأذَنَ فِيهَا النبِي»[17].

 

وَمَا قَتَلَ الأَحرَارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ
وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذِي يَحفَظُ اليَدَا
إِذَا أَنتَ أَكرَمتَ الكَرِيمَ مَلَكتَهُ
وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَّئِيمَ تَمَرَّدَا
وَوَضعُ النَّدَى فِي مَوضِعِ السَّيفِ بِالعُلاَ
مُضِرٌّ كَوَضعِ السَّيفِ فِي مَوضِعِ النَّدَى

 

سألت عَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، هَل أَتَى عَلَيكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: «لَقَد لَقِيتُ مِن قَومِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنهُم يَومَ العَقَبَةِ، إِذ عَرَضتُ نَفسِي عَلَى ابنِ عَبدِ يَالِيلَ بنِ عَبدِكُلَالٍ فَلَم يُجِبنِي إِلَى مَا أَرَدتُ، فَانطَلَقتُ وَأَنَا مَهمُومٌ عَلَى وَجهِي، فَلَم أَستَفِق إِلَّا بِقَرنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعتُ رَأسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَد أَظَلَّتنِي فَنَظَرتُ فَإِذَا فِيهَا جِبرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَد سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ، وَمَا رُدُّوا عَلَيكَ، وَقَد بَعَثَ إِلَيكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئتَ فِيهِم»، قَالَ: «فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَد سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ وَقَد بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيكَ لِتَأمُرَنِي بِأَمرِكَ، فَمَا شِئتَ، إِن شِئتَ أَن أُطبِقَ عَلَيهِمُ الأَخشَبَينِ»، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «بَل أَرجُو أَن يُخرِجَ اللهُ مِن أَصلَابِهِم مَن يَعبُدُ اللهَ وَحدَهُ لَا يُشرِكُ بِهِ شَيئًا»[18].


أَرُومُ امتِدَاحَ المُصطَفَى فَيَرُدُّنِي
قُصُورِي عَن إِدرَاكِ تِلكَ المَنَاقِبِ
وَمَن لِي بِحَصرِ البَحرِ، وَالبَحرُ زَاخِرٌ
وَمَن لِي بِإِحصَاءِ الحَصَى وَالكَوَاكِبِ
وَلَو أَنَّ كُلَّ العَالمَيِنَ تَأَلَّفُوا
عَلَى مَدحِهِ لَم يَبلُغُوا بَعضَ وَاجِبِ
فَأَمسَكتُ عَنهُ هَيبَةً وَتَأَدُّبًا
وَخَوفًا وَإِعظَامًا لِأَرفَعِ جَانِبِ
وَرُبَّ سكُوتٍ كَانَ فِيهِ بَلَاغَةٌ
وَرُبَّ كَلَامٍ فِيهِ عَتبٌ لِعَاتِبِ

 

عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كنتُ أَمشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيهِ رِدَاءٌ نَجرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدرَكَهُ أَعرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبذَةً شَدِيدَةً نَظَرتُ إِلَى صَفحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَد أَثَّرَت بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِن شِدَّةِ جَبذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِن مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِندَكَ، فَالتَفَتَ إِلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ[19].

 

فدَتهُ نفسي فما نفسٌ تُشابِهُهُ
ما مِثلُهُ بَشَرٌ والنَّاسُ أشبَاهُ
القلبُ حَنَّ لهُ والعينُ ترقُبُهُ
صَلُّوا عليهِ فقد أوصاكُمُ اللهُ

 

عَن شَقِيقٍ عَن عَبدِاللَّهِ، قَالَ: كَأَنِّي أَنظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَحكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَومُهُ فَأَدمَوهُ، وَهُوَ يَمسَحُ الدَّمَ عَن وَجهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِقَومِي فَإِنَّهُم لاَ يَعلَمُونَ»[20].

يعفو عن الذنب العظيم تكرمًا *** ويجود مسئولًا وإن لم يُسأل

جرَّعه أهلُ مكة وأصحابَه الصاب والعلقم، أخرجوه، وحاربُوه، وآذوه، قالوا عنه، ونالُوا منه، وقاطعوه وسبُّوه وشتمُوه، وسخروا منه، وحبسوه، ووضعوا الشوك في طريقه، وألقوا سلا الجزور على رأسه، وائتمروا به ليقتلوه، وما تركوا بابًا من أبواب الشرِّ إلا سلكوه، ثم أظهره الله عليهم، وأظفره بهم، فأذعنوا في ساعة من نهار إلى حق قضوا في حربه نيفًا وعشرين سنة، ويحكِّمه الله فيهم، فأقامهم أمامه حول الكعبة أذلاءَ ضعفاء بؤساء،لَا يَملِكُونَ لِأَنفُسِهِم ضَرًّا وَلَا نَفعًا، وَلَا يَملِكُونَ مَوتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا، وجاءت ساعة العقوبة، وحانت لحظة التأديب، التي يكون فيها الرد على سلسلة طويلة من الإساءات والتعديات، والتجاوزات، فَتَحَ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ودَخَلَ البَيتَ، فَصَلَّى بَينَ السَّارِيَتَينِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَيهِ عَلَى عِضَادَتَيِ البَابِ، فَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ، صَدَقَ وَعدَهُ، وَنَصَرَ عَبدَهُ، وَهَزَمَ الأَحزَابَ وَحدَهُ، مَاذَا تَقُولُونَ، وَمَاذَا تَظُنُّونَ؟»، هل يا تُرى يعاملهم بالمثل؟ أم هو أحق بقول المقنع:

إذا قدحوا لي نارَ حربٍ بِزَندِهم
قَدَحتُ لَهم في كلِّ مُكرُمَةٍ زَندا
وإن أكَلوا لَحمي وَفَرتُ لُحُومَهم
وإن هدَمُوا مَجدِي بَنَيتُ لَهم مَجدَا
ولا أَحمِل الحقدَ القَدِيمَ عليهمُ
وليسَ رَئيسُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدَا

 

مَا تَرَونَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُم؟! اصفرت الجباه، ويبست الشفاه، وغارت العيون، وتنوعت الظنون، وتذكروا ما كانوا يفعلون، وأدركوا أن استئصال شأفتهم وإبادَة خضرائهم عين ما يستحقون، ومع هذا يذكرون خلقه صلى الله عليه وسلم ولا ينسون؛ فَقَالوا: نَقُولُ خَيرًا، وَنَظُنُّ خَيرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابنُ أَخٍ كَرِيمٍ. فكانت المفاجأة التي فعلت في نفوس قريش ما لم تفعله الجيوش، قَالَ: «فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: ﴿ لَا تَثرِيبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف:92][21].

 

كأن القولَ من فيه له در وياقوتُ
وإن الورد والريحان فيه المسك مفتوتُ
تلذُّذُه بالصفح والعفو والتقى
وبذل العطايا لا بطيب المآكلِ
فالحلم جيد وهو حلية نحره
والعفو جسمٌ وهو جنة خلده

 

بارَك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة، إنه غفور تواب رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ذي الطول والآلاء، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الرسل والأنبياء، وعلى آله وأصحابه الأتقياء، ومن سار على نهجمهم واقتفى أثرهم، ما علت أرضٌ سماء، أما بعد:

فتأمَّل عفو تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم، الذين تربوا على مائدته، وعاشوا في كنف هدايته، ونهلوا من معين مدرسته، وشاهدوا الأنوار، وطالعوا الأسرار، وسبروا الأغوار، لما أَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم لاَ تَحسِبُوهُ شَرًّا لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم ﴾ [النور:11]، حلف أَبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ألا يُنفِقُ عَلَى مِسطَحٍ شَيئًا أَبَدًا بَعدَ الَّذِي قَالَ، فَأَنزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَلاَ يَأتَلِ أُولُو الفَضلِ مِنكُم وَالسَّعَةِ أَن يُؤتُوا أُولِي القُربَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَليَعفُوا وَليَصفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور:22]، قَالَ أَبُو بَكرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنفِقُ عَلَيهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لاَ أَنزِعُهَا مِنهُ أَبَدًا[22].

 

حلمًا وعفوًا كاملًا وبراعةً
وتقًى وحسنَ سكينةٍ وتورُّعَا
مقالًا حسنُهُ بلَغَ النِّهاية
وليس لحدِّه في اللُّطف غاية
ومن كان في سخطه محسنًا
فكيف يكون إذا ما رضي

 

عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قَالَ: «قَدِمَ عُيَينَةُ بنُ حِصنِ بنِ حُذَيفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابنِ أَخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدنِيهِم عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أَو شُبَّانًا»، فَقَالَ عُيَينَةُ لِابنِ أَخِيهِ: يَا ابنَ أَخِي، هَل لَكَ وَجهٌ عِندَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاستَأذِن لِي عَلَيهِ، قَالَ: سَأَستَأذِنُ لَكَ عَلَيهِ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: «فَاستَأذَنَ الحُرُّ لِعُيَينَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ»، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ قَالَ: هِي يَا بنَ الخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعطِينَا الجَزلَ وَلاَ تَحكُمُ بَينَنَا بِالعَدلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَن يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، «وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِندَ كِتَابِ اللَّهِ»[23].

 

خُذِ العفوَ وأمر بعرفٍ كما
أمرتَ وأعرض عن الجاهلين
ولِن في الكلامِ لكل الأنامِ
فمستحسنٌ من ذوي الجاهِ لين

 

إن العفو عن الناس والصفحَ دليل كمال الرجولة والمروءة، وعنوان سلامة الصدر من الغش والحقد والحسد والضغينة، وأما الانتصار للنفس والتشفي والانتقام، فهو دليل ضعف النفس، وحبِّ الذات والغلظة والفظاظة، وقسوة القلب وضيق الصدر، ومحدودية الرؤية والمعرفة.

 

فالمنتقم عدو عقله، يغضب لأتفه سبب، ويجلب لنفسه العداوات والكدر، والاضطراب والقلق، والوهن في جسده.

 

لما عفوتُ ولم أحقِد على أحدٍ
أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ
إني أُحيِّي عدُوِّي عندَ رؤيتِه
لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
وأُظهرُ البِشرَ للإنسانِ أُبغِضُه
كأنما قد حشَى قلبي محباتِ
النَّاسُ داءٌ، وداءُ النَّاسِ قُربُهمُ
وفي اعتزالِهمُ قطعُ الموداتِ

 

هذا وقد قيل في الأمثال والحكم:في إغضائِك راحةُ أَعضائِك[24].

 

حُكيَ أن جارية كانت تصب الماء لعلي بن الحسين، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: ﴿ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ ﴾ [آل عمران:134]، فقال: كظمت غيظي، قالت: ﴿ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران:134]، قال: قد عفوت عنك، قالت: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [آل عمران:134]، قال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله[25].

 

عفوتَ وكان العفوُ منكَ سجيةً
كما كان معقودًا بمفرقك الملكُ
فإن أنت أتممتَ الرضى فهو المُنى
وإن أنت جازيتَ المسيَء فذا الهلكُ

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم.

 

ختامًا، عبد الله:

كُن قَابِلَ العُذر، وَاغفِر زَلَّةَ النَّاسِ
ولا تُطِع يا لَبيبًا أَمرَ وَسواسِ
هلَّا تَذَكَّرتَ يومًا أنتَ مُدركُهُ
يَومًا سَتُخرِجُ فيه كُلَّ أَنفَاسِ
يومَ الرَّحِيلِ عن الدُّنيَا وزِينَتِهَا
يَومَ الوَداعِ شَديدَ البَطشِ والبَاسِ
ويومَ وضعِكَ في القَبرِ المُخيفِ وقَد
ردُّوا التُّرابَ بأَيديهِم وبِالفاسِ
ويومَ يَبعثُنَا والأرضُ هائِجَةٌ
الشَّمسُ مُحرقةٌ تَدنُو من الرَّاسِ
والنَّاسُ في مُنتهى جُوعٍ وفي ظَمإٍ
وفي شَقاءٍ وفي هَمٍّ وإِفلاسِ
هَيَّا تَعَالوا إلى فَوزٍ ومَغفِرَةٍ
هَيَّا تعالوا إلى بِشرٍ وإِينَاسِ
أَينَ الذين على الرَّحمنِ أَجرُهُمُ
فَلا يَقُومُ سوى العَافي عَن النَّاسِ



اللهم ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.

اللهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ربنا وسِعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا، واتَّبعوا سبيلك وقِهم عذاب الجحيم.

اللهم أقِل عثراتنا، واغفر زلاتنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.



[1] رواه مسلم في صحيحه(2804)، من حديث عبدالله بن قيس رضي الله عنه، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل(4 /2160).

[2] التفسير البسيط (9 /543).

[3] صحيح البخاري (6 /60).

[4] رواه مسلم في صحيحه (2588)، باب استحباب العفو والتواضع (4 /2001).

[5] رواه أحمد في مسنده (6541)، من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (11 /99)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2 /549).

[6] رواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (18597)، من حديث ابن المسيب عن رجل من مزينة، باب اللقطة (10 /127)، ورواه في باب ستر المسلم (18937)، موقوفًا على عمرو بن شعيب (10 /229).

[7] رواه أحمد في مسنده (2588)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (9 /453)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2 /564).

[8] رواه أبو داود في سننه (5164)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، باب في حق المملوك (4 /341)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (1 /487).

[9] رواه أحمد في فضائل الصحابة (700)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (1 /439).

[10] إحياء علوم الدين (3 /182).

[11] الآداب الشرعية لابن مفلح (1 /302).

[12] أدب المجالسة، ص (116).

[13] إحياء علوم الدين (3 /184).

[14] أدب الدنيا والدين (3 /184).

[15] بلوغ الأرب (2 /50).

[16] الصداقة والصديق، ص (39).

[17] رواه البخاري في صحيحه (4372)، باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال (5 /170).

[18] رواه مسلم في صحيحه (1795)، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (3 /1420).

[19] رواه مسلم في صحيحه (1057)، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة (2 /730).

[20] رواه البخاري في صحيحه (3477)، باب حديث الغار (4 /175).

[21] رواه ابن زنجويه في الأموال (456) مرسلًا، من حديث ابن أبي حسين (1 /293).

[22] رواه البخاري في صحيحه (4750)، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (6 /101).

[23] رواه البخاري في صحيحه (4642)، باب قوله تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، (6 /60).

[24] أدب الدنيا والدين ص (258).

[25] تاريخ دمشق (41 /387).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آيات عن العفو والصفح
  • ليلة القدر بين السلام والعفو
  • سلوا الله العفو والعافية
  • خطر المشاحنة والمخاصمة وفضل العفو والمسامحة (خطبة)
  • العفو والتسامح في حياته عليه الصلاة والسلام (خطبة)
  • سلوا الله العفو والعافية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • العفو والصفح من شيم الكرام والغدر والخيانة من شيم اللئام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العفو عند المقدرة من شيم الكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العفو من شيم الكرام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العفو العام والعفو الخاص(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج حديث: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني))(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • الليلة الثامنة: (التغافل عن الزلات وإقالة العثرات من شيم أهل الفضل والإحسان)(مقالة - ملفات خاصة)
  • من شيم الصالحين إحسان ظنهم بالمؤمنين (إحسان الظن)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النجم الزاهر في شيم الملك الظاهر جقمق لابن عرب شاه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاعتذار الصادق من شيم الكبار(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب