• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    { ومأواهم النار }
    د. خالد النجار
  •  
    تفسير سورة الليل
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    العقل وواجب المحافظة عليه
    الدخلاوي علال
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: أبناؤنا في العطلة هموم أم همم (خطبة)

خطبة: أبناؤنا في العطلة هموم أم همم (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/6/2021 ميلادي - 25/10/1442 هجري

الزيارات: 26730

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أبناؤنا في العطلة هموم أم همم

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَأَمَّلُوا في أَنفُسِكُم وَفِيمَن حَولَكُم، تَجِدُوا النَّاسَ مُتَسَاوِينَ في مُدَّةِ حَملِ أُمَّهاتِهِم بِهِم، مُتَمَاثِلِينَ في طَرِيقَةِ خُرُوجِهِم إِلى هَذِهِ الدُّنيَا، مُتَشَابِهِينَ في خَلقِ أَجسَادِهِم وَتَكوِينِ أَعضَائِهِم، وَغَالِبًا مَا يَأكُلُونَ الأَكلَ نَفسَهُ وَيَشرَبُونَ مَا يَشرَبُهُ غَيرُهُم، وَيَسكُنُونَ في بُيُوتٍ مُتَشَابِهَةٍ وَيَستَعمِلُونَ مَرَاكِبَ مُتَقَارِبَةٍ، وَالآلاتُ وَالأَدوَاتُ الَّتي مَعَ أَحَدِهِم هِيَ نَفسُهَا الَّتي مَعَ الآخَرُ، وَدِراسَةُ هَذَا هِيَ دِرَاسَةُ ذَاكَ، وَرُبَّما كَانَ اثنَانِ زَمِيلَينِ في فَصلٍ وَاحِدٍ حتى يَتَخَرَّجَا بَعدَ سَنَوَاتٍ، وَيَعِيشَانِ في دُنيَاهُمَا وَتَمضِي الأَيَّامُ، وَتَتَوَالى السَّنَوَاتُ وَتَتَصَرَّمُ الأَعوَامُ، ويَكبُرُ الصَّغيرُ وَيَشِبُّ الطِّفلُ ويَتَرَعرَعُ الفَتى، وَتَكتَمِلُ قُوَّةُ الشَّابِّ وَيَنضَجُ وَيَبلُغُ مَبلَغَ الرِّجالِ، وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ في دُرُوبِ الحَيَاةِ، فَتَرَى هَذَا في شَأنٍ وَذَاكَ في شَأنٍ، ثم يَكُونُ لِهَذَا مَنزِلَةٌ وَمَكَانَةٌ، وَيَبقَى ذَاكَ في ضَعفٍ وَمَهَانَةٍ، وَرُبَّما رَأَيتَ شَقيقَينِ أَوِ ابني عَمٍّ أَو جَارَينِ أَو زَمِيلَينِ، هَذَا كَبِيرٌ في قَومِهِ وَرَأسٌ في أُسرَتِهِ، لَهُ رَأيُهُ الرَّصِينُ وَقَولُهُ المَتِينُ، وَذَاكَ وَاحِدٌ مِن عَامَّةِ النَّاسِ لا يُؤبَهُ لَهُ وَلا يَهتَمُّ أَحَدٌ بِهِ، وَرُبَّما تَسَاءَلَتَ: مَا الَّذِي جَعَلَ هَذَا رَفِيعًا وَذَاكَ وَضِيعًا؟ وَكَيفَ نَجَحَ هَذَا وَأَخفَقَ الآخَرُ؟ وَيُقالُ: لا شَكَّ أَنَّ كُلَّ الأُمُورِ بِقَدَرٍ مِنَ اللهِ وَقَضَاءٍ، وَقَد كَتَبَ – سُبحَانَهُ - المَقَادِيرَ قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ، وَلَكِنَّ مِن عَدلِهِ - سُبحَانَهُ - أَنْ جَعَلَ لِكُلِّ عَمَلٍ نَتِيجَةً، وَلِكُلِّ عَامِلٍ جَزَاءً، وَلَكُلِّ بَذرٍ ثَمرٌ، وَمَن جَدَّ وَجَدَ، وَمَن زَرَعَ حَصَدَ، ﴿ وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ * وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7 – 8].

 

وَهِيَ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ في الكَونِ، وَالأُمورُ لا تَمضِي جُزافًا، وَالحَيَاةُ لا تَجرِي عَبَثًا، بَل هُنَاكَ نَوَامِيسُ ثَابِتَةٌ تَتَحَقَّقُ، وَسُنَنٌ لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَحَوَّلُ، ﴿ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً ولن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَحويلاً ﴾ [فاطر: 43]، وَقَد أَخبَرَ اللهُ عِبَادَهُ بَذَلِكَ لِكَي يَفهَمُوا مَا يَجرِي حَولَهُم، وَلِئَلاَّ يَنظُرُوا إِلى الأَحدَاثِ نَظرَةً عَورَاءَ غَيرَ مُكتَمِلَةٍ، أَو يَحصُرُوا تَفكِيرَهُم في فَترَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ الزَّمانِ أَو حَيِّزٍ مَحدُودٍ مِنَ المَكَانِ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ مَا وَقَعَ لِلأَجيَالِ قَبلَهُم سَيَقَعُ لَهُم.

 

وَالمَقصُودُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَن نَفهَمَ السَّبَبَ الَّذِي اختَلَفَ بِهِ النَّاسُ في حَيَاتِهِم وفي مَكَانَتِهِم، وَوَقَعَ بِهِ الفَرقُ بَينَهُم، فَهَذَا سَعِيدٌ وَذَاكَ شَقِيُّ، وَهَذَا فَقِيرٌ وَأَخُوهُ غَنيُّ، وَزَيدٌ عَالمٌ وَعَمرٌو جَاهِلٌ، وَفُلانٌ رَفِيعٌ وَعَلاَّنٌ وَضِيعٌ.

 

إِنَّ السَّبَبَ بَعدَ تَقدِيرِ اللهِ هُوَ اختِلافُ الأَهدَافِ والغَايَاتِ، وَتَفَرُّقُ المَقَاصِدِ وَالنَّوَايَا، وَتَنَوُّعُ المَطَالِبِ وَالمَآرِبِ، وَالَّتي بِنَاءً عَلَيهَا يَكُونُ اهتِمامُ الفَردِ بما يَعمَلُهُ في يَومِهِ وَلَيلَتِهِ، وَنَظَرُهُ فِيمَا يَقضِي بِهِ حَيَاتَهُ وَيَشغَلُ بِهِ وَقتَهُ، وَيَجمَعُ عَلَيهِ كُلَّ هَمِّهِ وَهِمَّتِهِ، وَتَفَكُّرُهُ في الأَمرِ الَّذي يَستَحِقُّ أَن يَجعلَهُ نُصبَ عَينَيهِ وَمَحَلَّ عِنَايَتِهِ، يَستَوِي في ذَلِكَ طُلاَّبُ الدُّنيَا وَطُلاَّبُ الآخِرَةِ، وَمُرِيدُو العَاجِلَةِ وَطَالِبُو الآجِلَةِ، فَكُلٌّ سَيُؤتِيهِ اللهُ عَلَى قَدرِ مَا قَصَدَ وَأَرَادَ، وَسَيَجِدُ نَتِيجَةَ مَا بَذَلَهُ مِن عَمَلٍ وَاجتِهَادٍ، قَالَ -سُبحانَهُ -: ﴿ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنيَا نُؤتِهِ مِنهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤتِهِ مِنهَا وَسَنَجزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 145]، وَقَالَ - جَلَّ وعلا -: ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاهَا مَذمُومًا مَدحُورًا * وَمَن أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعيَهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعيُهُم مَشكُورًا * كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِن عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحظُورًا ﴾ [الإسراء: 18 – 20].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ رَبَّنَا حَكَمٌ عَدلٌ، لا يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّةٍ، وَلا يُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ، فَمَن جَدَّ مِن عِبادِهِ وَاجتَهَدَ وَبَذَلَ الأَسبَابَ وَبَذَرَ البُذُورَ وَسَقَاهَا، وَكَانَ ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ وَعَزِيمَةٍ صَادِقَةٍ، أَعطَاهُ الكَريمُ – سُبحَانَهُ - بُغيَتَهُ وَحَقَّقَ لَهُ مَطلُوبَهُ، وَمَتَّعَهُ بِثَمَرَةِ الشَّجرَةِ الَّتي غَرَسَهَا وَسَقَاهَا، وَمَن قَعَدَ وَنَامَ وَتَكَاسَلَ وَغَفَلَ، وَكَانَ كَثِيرَ التَّلَفُّتِ وَالنَّظَرِ إِلى الخَلفِ وَالاشتِغالِ بما لا يَعنِيهِ وَلا نَفعَ لَهُ فِيهِ، دَائِمَ التَّأجِيلِ لأَعمَالِهِ وَالتَّسوِيفِ في إِنجازِ مَا يُطلَبُ مِنهُ، وَجَدَ نَتِيجَتَهُ مُسَاوِيَةً لِبَذلِهِ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا أَنتَ لم تَزرَعْ وَأَدرَكتَ حَاصِدًا ♦♦♦ نَدِمتَ عَلَى التَّقصِيرِ في زَمَنِ البَذرِ

 

وَكَمَا قَالَ الآخَرُ:

وَمَن زَرَعَ البُذُورَ وَمَا سَقَاهَا ♦♦♦ تَأَوَّهَ نَادِمًا يَومَ الحَصَادِ

 

يُقَالُ هَذَا الكَلامُ - أَيُّهَا الإِخوةُ - وَأَبنَاؤُنا في عُطلَةٍ مِنَ الدِّرَاسَةِ، وَحَالُ بَعضِهِم كَمَا تَرَونَ لا تُرضِي أَبًا وَلا تَسُرُّ مُحِبًّا، وَلا تُسعِدُ أُمًّا وَلا تُبهِجُ صَدِيقًا، سَهَرٌ في اللَّيلِ إِمَّا في الحَدَائِقِ وَالمُتَنَزَّهَاتِ أَوِ في الاستِرَاحَاتِ، وَإِمَّا عَلَى الأَرصِفَةِ أَو في المَطَاعِمِ وَالمَقَاهِي، وَإِمَّا عَلَى الجَوَّالِ أَو غَيرِهِ مِن وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، يُتَابِعُونَ مَقَاطِعَ تُسَمِّمُ الأَفئِدَةَ، أَو يَتَأَمَّلُونَ صُوَرًا تَطعَنُ القُلُوبَ، أَو يُشاهِدُونَ مُبَارَيَاتٍ لا فَائِدَةَ فِيهَا، أَو يَتَنَافَسُونَ في لُعبَةٍ تُضِيعُ نَفِيسَ أَوقَاتِهِم وَتَذهَبُ بِمَاءِ أَعيُنِهِم، أَو لِيَتَحَادَثُوا بطَرائِفَ مُكَرَّرةٍ وَيَتَنَاقَلُوا أَخبارًا هَزِيلَةً، فَإِذَا طَلَعَ النَّهَارُ وَجَاءَ وَقتُ طَلَبِ العِلمِ، وَحَانَ مَوعِدُ السَّعيِ في مَنَاكِبِ الأَرضِ لِلبَحثِ عَنِ الرِّزقِ، نَامَ أَحَدُهُم نَومًا عَمِيقًا طَوِيلاً، وَغَفَلَ عَمَّا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ حَتى الصَّلاةِ، أَلا فَمَا أَحرَانَا وَأَحرَاهُم، وَأَجَدَرَهُ بِنَا وَبِهِم، أَن نَنتَبِهَ وَيَنتَبِهُوا، وَأَن نَعلَمَ وَيَعلَمُوا، أَنَّنَا خُلِقنَا لأَمرٍ عَظِيمٍ، وَوُجِدنَا عَلَى هَذِهِ الأَرضِ لِشَأنٍ جَلِيلٍ، قَالَ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلْنَهَا وَأَشفَقنَ مِنهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشرِكِينَ وَالمُشرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 72 – 73]، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 – 58]، فَالمَرَدُّ إِلى اللهِ، وَالأَصلُ هُوَ عِبَادَتُهُ، وَالأَهَمُّ هُوَ العَمَلُ لِلآخِرَةِ، وَلَكِنَّ السَّائِرَ في هَذِهِ الدُّنيَا لا بُدَّ لَهُ مِن زَادٍ يَتَبَلَّغُ بِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].

 

فَالبِدَارَ البِدَارَ وَالعَمَلَ العَمَلَ، وَلْنَحذَرِ الخُمُولَ وَالتَّوَاكُلَ وَالكَسَلَ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعمَالُنَا، وَمَن وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحمَدِ اللهَ، وَمَن وَجَدَ غَيرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ،،،،

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، وَاكفِنَا بِحَلالِكَ عَن حَرَامِكَ، وَأَغنِنَا بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ فَاستَغفِرُوهُ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تُنسَوهُ وَتَكفُرُوهُ، وَيَا مَعشَرَ الفِتيَانِ وَالشَّبَابِ، إِذَا رَأَيتُم أَحَدَ آبَائِكُم أَو أَعمَامِكُم أَو إِخوَانِكُمُ الكِبَارِ كَبِيرًا في قَومِهِ، أَو مَغبُوطًا في مَنصِبِهِ، أَو يُشَارُ إِلَيهِ بِالبَنَانِ في عِلمِهِ، أَو يَتَمَنَّى الآخَرُونَ أَن يَملِكُوا مِثلَ مَا يَملِكُ مِن مَالٍ، فَاعلَمُوا أَنَّهُ صاحِبُ نَفسٍ كَبيرةٍ وَهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَأَنَّهُ قَد أَتعَبَ نَفسَهُ قَبلَ هَذِهِ الرَّاحَةِ وَجَاهَدَ، وَبَذَلَ كَثِيرًا مِن وَقتِهِ وَعَمِلَ وَكَابَدَ، وَفَكَّرَ وَخَطَّطَ وَحَاوَلَ وَنَاضَلَ وَصَاوَلَ، وَإِذَا وَجَدتُم في المَقَابِلِ حَقِيرًا فَقِيرًا، فَاعلَمُوا أَنَّهُ في الغَالِبِ كَانَ في صِغَرِهِ وَفُتُوَّتِهِ وَشَبَابِهِ قَرِيبَ الأَهدَافِ دَنِيءَ الغَايَاتِ، مُشَتَّتَ الفِكرِ مَحدُودَ التَّفكيرِ، رَاضِيًا بِالدُّونِ مُقَلِّدًا لِلمُخفِقِين وَالقَاعِدِينَ، كَثِيرَ النَّومِ وَالكَسَلِ، مُؤْثِرًا لِلرَّاحَةِ مُفَضِّلاً لِلنَّعِيمِ في صِغَرِهِ، وَلِهَذَا حُرِمَ مِنهُ في كِبَرِهِ. فَخُذُوهَا مِنَّا وَمِنَ الوَاقِعِ الَّذِي تَرَونَهُ لَعَلَّكُم تَرشُدُونَ وَتَنتَبِهُونَ، قَبلَ أَن تَندَمُوا وَتَأسَفُوا عَلَى مَا فَاتَ في وَقتٍ لا يَنفَعُ فِيهِ نَدَمٌ وَلا أَسَفٌ: إِنَّ الوَقتَ يَمضِي، وَالأَيَّامَ تَجرِي، وَالزَّمَانُ في مَسيرِهِ لا يَقِفُ لأَحَدٍ، وَلا يَنتَظِرُ نَائِمًا حتى يَصحُوَ، وَلا غَافِلاً حتى يَنتَبِهَ، وَلا هَازِلاً حتى يَجِدَّ، وَلا خَامِلاً حتى يَستَعِدَّ، أَلا فَانتَبِهُوا وَاستَيقِظُوا، وَانبُذُوا النَّومَ وَالكَسَلَ، وَمَن أَرَادَ النَّجَاحَ والفلاحَ، فَلْيَجعَلِ النَّاجِحِينَ نُصبَ عَينَيكَ، وَلْيَقرَأْ في أَخبَارِهِم، وَلْيَتَأَمَّلْ سِيَرَهُم، وَلْيَتَفَكَّرْ في صَبرِهِم وَجَلَدِهِم، وَهِمَّتِهِم وَنَشَاطِهِم، وَمَجِيئِهِم دَائِمًا في المُقَدمةِ، وَعَدَمِ تَأَخُّرِهِم عَمَّا فيهِ مَصلَحَةٌ لَهُم أَو لأُمَّتِهِم، وَعَلَيكُم بِصُحبَةِ ذَوِي الهِمَمِ العَالِيَةِ، وَاحذَرُوا الخَامِلِينَ وَالكُسَالى، فَإِنَّما المَرءُ صُورةٌ مِمَّن يُصَاحِبُهُ وَيُماشِيهِ...

أَنتَ في النَّاسِ تُقَاسُ
بِالَّذِي اختَرتَ خَلِيلا
فَاصحَبِ الأَخيَارَ تَعلُ
وَتَنَلْ ذِكرًا جَمِيلا
صُحبَةُ الخَامِلِ تَكسُو
مَن يُؤَاخِيهِ خُمُولا

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لِمَا وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبناؤنا في ساحات الفساد
  • أبناؤنا في الزمن الصعب
  • هموم

مختارات من الشبكة

  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • هموم الرزق (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أبناؤنا والألفاظ البذيئة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب