• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أصول الاستدلال في تفسير الأحلام (PDF)
    سعيد بن علي بن محمد بواح الصديق
  •  
    خطبة: عيد الأضحى 1446 هـ
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    شموع (110)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حين يجمع الله ما تفرق بالدعاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    من مائدة الفقه: فروض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حديث: أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أهمية وثمرات الإيمان باليوم الآخر
    سالم محمد أحمد
  •  
    الفرق بين قوله تعالى في أبواب الجنة: {وفتحت}، ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    خطبة: شكوى الآباء من استراحات الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة النساء (1) حقوق الله ورسوله

سورة النساء (1) حقوق الله ورسوله
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/3/2021 ميلادي - 12/8/1442 هجري

الزيارات: 21185

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة النساء (1)

حقوق الله ورسوله

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ، وَكَفَاهُمْ بِجُودِهِ وَفَضْلِهِ، وَهَدَاهُمْ بِعِلْمِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَدَبَّرَهُمْ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هُدًى لِلْعَالَمِينَ، وَأُنْسًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَتَأَثَّرُ بِسَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَيَخْشَعُ عِنْدَ آيَاتِهِ، وَيُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ ذَاتَ مَرَّةٍ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: نَعَمْ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النِّسَاءِ: 41]، قَالَ: حَسْبُكَ الْآنَ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَتَمَسَّكُوا بِالْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَنُورُهُ الْمُبِينُ، وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ، مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ نُجِّيَ وَفَازَ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ خَسِرَ وَخَابَ؛ ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 82].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُورَةُ النِّسَاءِ أَطْوَلُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا سُورَةُ بَيَانِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ، فَمَنْ تَدَبَّرَهَا عَرَفَ أَكْثَرَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ.

 

وَأَهَمُّ الْحُقُوقِ عَلَى الْعَبْدِ وَأَوْلَاهَا: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَافْتُتِحَتِ السُّورَةُ آمِرَةً بِالتَّقْوَى؛ وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ، وَهِيَ فِعْلُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]. وَفِي أَوَاخِرِ السُّورَةِ بَيَانُ أَنَّ التَّقْوَى وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِكُلِّ عِبَادِهِ: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النِّسَاءِ: 131].

 

وَأَعْظَمُ الْأَوَامِرِ: الْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَأَشَدُّ النَّوَاهِي النَّهْيُ عَنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَهَذَا أَعْظَمُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ وَلِذَا كُرِّرَ الْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي أَوَّلِهَا: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [النِّسَاءِ: 36]، وَفِي وَسَطِهَا: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 87]، وَفِي آخِرِهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النِّسَاءِ: 136]، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 170].

 

وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ امْتَدَحَ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الْإِيمَانِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 152]، وَإِيمَانُهُمْ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ؛ كَمَا فِي آخِرِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 162].

 

وَفِي السُّورَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا ذَمٌّ لِلشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَبَيَانُ أَنَّ عَاقِبَةَ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ نَارُ جَهَنَّمَ، وَجَاءَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ؛ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 37] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 161] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 46].

 

وَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْمَغْفِرَةَ مَحْجُوبَةٌ عَمَّنْ يَمُوتُ مُشْرِكًا؛ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 48]. وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النِّسَاءِ: 116].

 

وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَاعَتُهُمَا، وَهُوَ مُكَرَّرٌ فِي السُّورَةِ، وَلَا سِيَّمَا طَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النِّسَاءِ: 59]. وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَالْخُصُومَةِ يُرْجَعُ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَطَاعَةً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 59].

 

وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَوْصَافِ الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَنْكِفُونَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النِّسَاءِ: 61].

 

وَتَقْرِيرُ طَاعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّحَاكُمُ إِلَيْهِ، وَالْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ مُكَرَّرٌ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 64]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 65]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا * مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النِّسَاءِ: 79-80]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 83].

 

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَنْزِلَةَ الطَّائِعِينَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُتَّبِعِينَ لِسُنَّتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا* ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 69-70]. كَمَا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ فِي السُّورَةِ أَنَّ مُشَاقَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَلَالٌ يُؤَدِّي بِصَاحِبِهِ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 115]. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ مَنْ خَالَفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَانَدَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ، بَعْدَ تَبَيُّنِ الْهُدَى لَهُ بِالدَّلَائِلِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ، فَاسْتَكْبَرَ عَنْهَا، وَاتَّخَذَ طَرِيقًا آخَرَ غَيْرَ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعَقَائِدِ أَوِ الْأَفْكَارِ أَوِ الْأَعْمَالِ، نَتْرُكُهُ وَمَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ، وَنَخْذُلُهُ فَلَا نُوَفِّقُهُ لِلْخَيْرِ؛ لِكَوْنِهِ رَأَى الْحَقَّ وَعَلِمَهُ وَتَرَكَهُ، فَجَزَاؤُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُبْقِيَهُ فِي ضَلَالِهِ حَائِرًا، وَيَزْدَادَ ضَلَالًا إِلَى ضَلَالِهِ، ثُمَّ مَأْوَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا.

 

فَنَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ مِنْ مُشَاقَقَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مُعَارَضَةِ سُنَّتِهِ، أَوِ الِاسْتِكْبَارِ عَنْ هَدْيِهِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَيَكْفِيَنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَحْسِنُوا وَأَصْلِحُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 128]. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 129].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كُلُّ مَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْحُقُوقِ سَوَاءٌ كَانَتْ حُقُوقًا لِلرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ أَوْ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهِيَ حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى؛ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَهَا حُقُوقًا لِلْبَشَرِ، وَأَمَرَهُمْ بِهَا، وَرَتَّبَ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا أُجُورًا عَظِيمَةً، كَمَا تَوَعَّدَ مَنْ أَخَلَّ بِهَا بِالْعَذَابِ الْمُهِينِ. وَلَكِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُخْتَصَّةَ بِهِ سُبْحَانَهُ تَمَحْوَرَتْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ حَوْلَ الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى، وَهُوَ مَا افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ، وَالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ، وَهُوَ مُكَرَّرٌ فِي السُّورَةِ، وَالْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ، وَهُوَ مُتَخَلِّلٌ فِي ثَنَايَا السُّورَةِ، وَالْأَمْرِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ. وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّنْوِيعِ وَالتَّأْكِيدِ عَلَى قَارِئِ الْقُرْآنِ بِأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ، وَطَرَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِلَّا فَإِنَّ الْأَمْرَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يَشْمَلُهَا جَمِيعًا.

 

وَكَمَا أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ افْتُتِحَتْ بِالْأَمْرِ بِالتَّقْوَى مَرَّتَيْنِ فِي أَوَّلِ آيَةٍ مِنْهَا، فَإِنَّهَا خُتِمَتْ بِذِكْرِ الْإِيمَانِ وَجَزَائِهِ فِي الْآيَةِ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا؛ وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 174- 175].

 

وَيَنْبَغِي لِقَارِئِ سُورَةِ النِّسَاءِ أَنْ يَنْتَبِهَ لِمَا فِيهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا رُتِّبَ عَلَى أَدَائِهَا مِنَ الْأُجُورِ الْعَظِيمَةِ، وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَى مَا عَلِمَ مِنْهَا؛ لِيَكُونَ الْقُرْآنُ حُجَّةً لَهُ لَا حُجَّةً عَلَيْهِ؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 134].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بشرى لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من سورة النساء
  • تأملات في سورة النساء (1)
  • تأملات في سورة النساء (2)
  • تفسير سورة النساء كاملة
  • سورة النساء (نور البيان في مقاصد سور القرآن)
  • مقاصد سورة النساء
  • إصلاح الحياة الزوجية من سورة النساء
  • سورة النساء (2) أحكام النساء

مختارات من الشبكة

  • سورة النساء تكريم للمرأة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النساء في الميراث، والحكمة من جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق النساء في التعليم والتأديب(مقالة - ملفات خاصة)
  • حقوق النساء المالية(مقالة - ملفات خاصة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (16)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (14)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول المسلمات- حقوق النساء في شريعة السماء (11)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/1/1447هـ - الساعة: 9:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب