• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

المراقبة (خطبة)

المراقبة (خطبة)
سالم بن محمد الغيلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2020 ميلادي - 20/3/1442 هجري

الزيارات: 16091

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المراقبة

 

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرًا بصيرًا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجًا، وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وهو الذي جعل الليل والنهار خِلْفَةً لمن أراد أن يذَّكَّر أو أراد شكورًا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]؛ أما بعد:

 

عباد الله:

إن تقوى الله حق التقوى أن يُطَاع فلا يُعصى، وأن يُذكَر فلا يُنسى، وأن يُشكَر فلا يُكفَر؛ ﴿ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران: 102]، فلنحافظْ على ديننا، ولْنَعُضَّ على إيماننا بالنَّواجذ، ولا نغترَّ بحِلْمِ الله علينا وإمهاله لنا، ولْنَرْجُ اللهَ أن يختِمَ أعمالنا وأقوالنا بلا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فإن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه.

 

عباد الله، إن الله تعالى لم يخلقنا عبثًا ولن يتركنا سدًى، إن الله تعالى لم يخلقنا بلا هدف ولا غاية: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 115 - 118]، فلْنَتَّقِ الله عباد الله، ولنعلم أن لنا عند الله موعدًا ينزل فيه للحكم بيننا، فخاب وخسر عبدٌ أخرجه الله من رحمته، وحُرِم جنةً عرضها السماوات والأرض، فلنتَّقِ الله قبل يوم التغابن، ولْنَخَفِ الله قبل يوم الحسرة؛ ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56 - 58].

 

إن الذي يعرف ربه علَّام الغيوب، سيراقبه حق المراقبة، ويستحيي من نظره، ويخشى عقوبته؛ فَيَسْلَم له دينه ودنياه:

ولا تحسبن الله يغفل ساعةً *** ولا أنَّ ما يخفى عليه يغيبُ

 

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235]، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ﴾ [الأحزاب: 52]، ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الحديد: 4]، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [التوبة: 78]، ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [فاطر: 11].

 

قال ابن القيم رحمه الله في المدارج: "ومن منزلة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] منزلةُ المراقبة" [ص: 495]، وفي حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك...؛ الحديث))؛ [صحيح البخاري]، "ومن راقب الله في خواطره، عصمه في حركات جوارحه"، وقال أبو حفص: "إذا جلست للناس، فكن واعظًا لقلبك ونفسك، ولا يغرنَّك اجتماعهم عليك، فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك: [المدارج ص: 496]، وهذا لقمان الحكيم يُعلِّم ابنه مراقبة الله والخوف من الله وتقوى الله: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]، أين الذين علَّموا أبناءهم مراقبة الناس، ولم يعلموهم مراقبة الله، ولم يحذروهم بطشَ الله، ولم ينذروهم نار الله؟ إن لقمان أبٌ يُقتدَى به في تربية الأبناء، فهو يقول لابنه: إن المظلمة أو الخطيئة أو الذنب لو كان مثقال حبة من خردل، فكان في السماوات، أو في الأرض، أو في صخرة صماء - فإنها لا تخفى على الله، وسيحضرها يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، فلا تُظلَم نفسٌ شيئًا: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14]، ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]، ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]، ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].

 

عباد الله، إن أولي الألباب يؤمنون بالله، ويصدقون كلام الله، ويسيرون في حياتهم كما يريد الله، ويراقبون الله في حركاتهم وسكناتهم؛ فكتب الله لهم سعادة الدنيا، ووَعَدَهم نعيم الآخرة، فنعم أولئك الأخيار، ونعم ما صنعوا.

 

يا من يرى مد البعوض جناحها
في ظلمة الليل البَهيمِ الأليل
ويرى نِياطَ عروقها في مخها
والمخ من تلك العظام النحلِ
ويرى مسير الدم في أوداجها
متنقلًا من مفصل في مفصلِ
ويرى حثيث السير من أقدامها
في سيرها وحثيثها المستعجلِ
اغفر لعبدٍ تاب من زلَّاته
ما كان منه في الزمان الأولِ

 

اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة، اللهم اغفر الزلة وأَقِلِ العَثْرَةَ، وجُدْ بحِلْمك على من لا يرجو غيرك، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الراحمين.

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال والزيغ والانحلال، وصلى الله وسلم وبارك على خير البرية، وأشد خلق الله مراقبة لله في كل حال، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

 

عباد الله:

إن رقابة الله تعالى لعباده تكفي؛ فما من شاردة ولا واردة يقولها العباد أو يعملوها إلا كانت تحت رقابة الله، ولكن الله تعالى لحكمة يريدها، ولأمر قد قضاه - سخَّر من جنوده سبحانه وتعالى من يراقبنا، ويُحصي علينا مشوار الحياة كلها.

 

فمن أولئك الجند المكلفين لمراقبتنا: الملائكة؛ إذ وكَّل الله بنا ملائكةً يكتبون ويُحصون ويوم القيامة يشهدون؛ قال سبحانه: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]، وقال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80]، ﴿ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾ [يونس: 21].

 

ومن جنود الله الذين يراقبون جنودٌ لا نظن فيها إلا الخير، جنود تنفِّذ أوامرنا، وتلبي رغباتنا، وتفهم إشاراتنا؛ إنها أعضاؤنا التي سخرها الله لنا، وأنعم بها علينا؛ قال سبحانه: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت: 19 - 24].

 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: هل تدرون ممَّ أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب، ألم تُجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أُجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، قال: فيُختم على فيه، فيُقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لَكُنَّ وسُحقًا، فعَنْكُنَّ كنت أُناضل))؛ [صحيح مسلم]، وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].

 

ومن جنود الله المكلفين الذين يراقبوننا بأمر الله، ويشهدون علينا يوم القيامة أمام الله: الأرضُ التي تمشي عليها، الأماكن تأتي يوم القيامة فتشهد وتنطق وتتكلم، وما كنا نظن أن التراب يتكلم يوم القيامة: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 1 - 8].

 

ومن جنود الله المكلفين الذين يجعلهم الله تعالى شهودًا لنا أو علينا يوم القيامة: الناس؛ فقد جعلهم الله شهودًا في أرضه؛ عن أنس رضي الله عنه قال: ((مُرَّ بجنازة فأُثنيَ عليها خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومُرَّ بجنازة أخرى فأُثنيَ عليها شرًّا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، فقال عمر: فداك أبي وأمي، مُرَّ بجنازة فأُثني عليها خيرًا، فقلت: وجبت، ومُرَّ بجنازة، فأُثنيَ عليها شرًّا، فقلت: وجبت، فقال: مَن أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض))؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

اللهم نسألك أن ترزقنا خشيتَكَ في الغيب والشهادة، وأن تغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منا؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا، لنكونن من الخاسرين.

 

وصلوا وسلموا على البشير النذير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المراقبة الذاتية ومشتملاتها
  • المراقبة علم القلب بقرب الرب
  • الصيام ودورة المراقبة
  • كاميرات المراقبة في كل مكان، فأين الله؟
  • عدسة المراقبة
  • شرح باب المراقبة من كتاب رياض الصالحين
  • من دروس رمضان: المراقبة
  • إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (خطبة)
  • العفة والطهارة (خطبة)
  • ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة (خطبة)
  • السعادة والحياة الطيبة
  • ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها (خطبة)
  • الوصية بالمراقبة

مختارات من الشبكة

  • تدخل عمها أفسد الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبه الجمعة 31-6-1439 طلوع الشمس وخروج الدابة(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أبو بكر الصديق .. خطبه ومواعظه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبو عنان المريني ولقب الخلافة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيرة الحسنة كتاب مفتوح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب