• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

أخلاق الشركاء

أخلاق الشركاء
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2020 ميلادي - 19/2/1442 هجري

الزيارات: 4988

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخلاق الشركاء

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ الشركات بين الأفراد لكي تكون ناجحة ولها ثمرات طيبة لابد أن يتوافر فيها الجانب الأخلاقي الشريف، والذي يؤدي إلى زرع الثقة بين الشركاء.

 

ويمكن أن نوجز الأخلاق التي يجب توافرها بين الشركاء في الأمور التالية:

(1) استحضار الشركاء مراقبة الله تعالى لهم:

تعريف المراقبة:

الْمُرَاقَبَةُ: دَوَامُ عِلْمِ الْعَبْدِ، وَتَيَقُّنِهِ بِاطِّلَاعِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ (مدارج السالكين - لابن القيم - ج-2 - ص-65).

 

فيَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أنْ يَسْتَحْضِرَ عَظَمَةَ الله تَعَالَى وَاطلاعه عليه عِنْدَ قِيَامِهِ بأيْ عَمَلٍ.

 

المراقبة وصية الله للمؤمنين:

(1) قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

(2) قال سبحانه حكايةً عن نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [المائدة: 117].

 

(3) قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [القصص: 69].

 

روى مسلمٌ عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عَنِ الْإِحْسَانِ. فَقَالَ: الْإِحْسَانُ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. (مسلم - حديث: 8).

 

(2) محاسبة الشركاء لأنفسهم:

المحاسبة: هِي مُسَاءَلَةُ المسلم لنفسه بصِدْقٍ عن كُلِّ قَوْلٍ أو عَمَلٍ يَصْدُرُ مِنْهُ. (تزكية النفس - أحمد فريد - ص-72).

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

♦ قَالَ الإمَامُ ابنُ كثير - رَحِمَهُ اللهُ -: قَوْلُهُ: ﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ أَيْ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَانْظُرُوا مَاذَا ادَّخَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَوْمِ مَعَادِكُمْ وَعَرْضِكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أَيِ: اعْلَمُوا أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ وَأَحْوَالِكُمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْ أُمُورِكُمْ جَلِيلٌ وَلَا حَقِيرٌ. (تفسير ابن كثير - ج-8 - ص- 77).

 

أقوال السلف الصالح في محاسبة النفس:

سوف نَذْكُرُ بعضَ أقوال سلفنا الصالح في محاسبة النفس:

(1) قَالَ عُمَرُ بن الخطاب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّ أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ تَزِنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ. (الزهد - أحمد بن حنبل - ص-99 - ص- 633).

 

(2) قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ - رَحِمَهُ اللهُ -: لاَ يَكُونُ العَبْدُ تَقِيًّا حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ. (سنن الترمذي - ج-4 - ص- 219 ).

 

(3) قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ - رَحِمَهُ اللهُ -: أَصْلُ الطَّاعَةِ الْوَرَعُ، وَأَصْلُ الْوَرَعِ التُّقَى، وَأَصْلُ التُّقَى مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ، وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَأَصْلُ الْمَعْرِفَةِ لِسَانُ الْعِلْمِ وَالتَّفَك. (الزهد الكبير للبيهقي - ص-314 - رقم: 841).

 

(3) الصدق في الأقوال والأفعال:

منزلة الصدق:

قال ابن القيم: من منازل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ منزلة الصدق: وهي منزلة القوم الأعظم، الذي تنشأ منه جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم، الذي من لم يَسِرْ عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق مِن أهل الإيمان، وسُّكْنان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وُضع علي شيء إلا قطعه ولا واجه باطلًا إلا أراده وصرعه. مَن صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال وَمَحَكُ الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلي حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجة الصدق تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين. (مدارج السالكين لابن القيم ج-2 ص-279).


الصدق وصية ربَّ العالمين:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].


قال ابن كثير - في تفسير لهذه الآية: اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا مِن المهالك ويجعل لكم فرجًا مِن أموركم، ومخرجًا. (تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج-7 ص-313).


الصدق من صفات الأنبياء والصالحين:

1- وقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41].


2- وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54].


3- وقال جل شأنه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 56].


4- وقال تعالى: ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف: 51].


5- وقال سبحانه: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المائدة: 75].


جزاء الصادقين:

قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].


وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 70].


قال عَزَّ وجَلَّ: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].


روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. (البخاري حديث 6094 / مسلم حديث2607).


روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ. (البخاري حديث 3256 / مسلم حديث 2831).


(4) الإيمان بقضاء الله وقدره:

يجب على الشركاء الرضا بما قسمه الله تعالى لهم من الربح أو الخسارة، لأن هذا الاعتقاد يريح نفوس الشركاء.


والرضا بقضاء الله تعالى وقدره من أمور العقيدة المهمة التي يجب أن تتوفر في أخلاق الشركاء.


معنى الإيمان بالقدر:

الإيمان بالقدر: هو التصديقُ الجازمُ بأن الله سُبحانه قد عَلِمَ مقاديرَ الأشياء قبل حدوثها، فكتبَ ذلك عنده في اللوح المحفوظ، فكل ما يحدث في الكون، مِن خيرٍ أو شرٍ، إنما هو بتقديره سبحانه فهو الفَعَّالُ لما يُريدُ، ولا يخرج شيءٌ عن مَشيئته. (التوحيد - لعبد العزيز آل عبد اللطيف - ص-100).


الإيمانُ بالقدر مِن أصول عقيدة أهل السُّنة والجماعة، وهو أحدُ أركان الإيمان الست، ولا يصح إيمان العبد إلا به.

 

الإيمان بالقدر ثابت بالكتاب والسُّنة وإجماع الأمة:

أولًا: القرآن الكريم:

(1) قال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].

 

قال الإمام ابنُ جرير الطبري - رحمه الله -: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا أَصَابَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ بِجُدُوبِهَا وَقُحُوطِهَا وَذَهَابِ زَرْعِهَا وَفَسَادِهَا ﴿ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ ﴾ بالْأَوْجَاعِ وَالْأَسْقَامِ ﴿ إِلَّا فِي كِتَابٍ ﴾ يَعْنِي إِلَّا فِي أُمِّ الْكِتَابِ ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ يَقُولُ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَ الْأَنْفُسَ، يَعْنِي مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَهَا. (تفسير الطبري ج- 25ص-449: 448)

 

(2) وقال سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

 

(3) وقال جَلَّ شأنه: ﴿ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الإسراء: 58].

 

(4) وقال سبحانه: ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8].

 

(5) وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38].

 

قال الإمام ابنُ كثير - رحمه الله -: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ أَيْ: وَكَانَ أَمْرُهُ الَّذِي يقدِّره كَائِنًا لَا مَحَالَةَ، وَوَاقِعًا لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَلَا مَعْدَلَ، فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. (تفسير ابن كثير ج-11ص-: 174).

 

ثانيًا: السُّنة:

(1) روى مسلمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطاب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وذلك في حديث سؤال جِبْرِيل) أنَّ جِبْرِيلَ قَالَ للنبيِّصلى الله عليه وسلم: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. (مسلم حديث: 1).

 

(2) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ِصلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ». (مسلم حديث: 2664).

 

(3) روى الترمذيُّ عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2043).

 

(4) روى أبو داودَ عَنْ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ " يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي». (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3933).

 

(5) الأمانة:

الأمانة هي رأس مال الشركاء، وهي من أسباب البركة في تجارتهم.


أداء الأمانة من صفات المؤمنين:

قال الله تعالى في وَصْفِ عباده المؤمنين: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].


نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على حفظ الأمانة:

(1) روى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث3019).


(2) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الخَازِنُ الأَمِينُ، الَّذِي يُؤَدِّي مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ، أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ». (البخاري حديث: 2260/ مسلم حديث: 1023).


(3) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ». (حَدِيثٌ حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2118).


(4) روى أحمدٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ. (حديث حسن لغيره) (مسند أحمد ج-37ص-417حديث: 22757).


(5) روى أحمدٌ عَنْ أَنَسِ بنِ مالك قَالَ: مَا خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَالَ: لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ.(حديث حسن) (مسند أحمد ج-20ص-423حديث: 13199).


(6) روى الشيخانِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ، هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. (البخاري حديث: 4382 / مسلم حديث: 2419).

 

نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الأمانة:

روى البيهقيُّ (في سننه الكبرى) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (وهي تتحدث عن هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ): أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِمَكَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنَّاسِ. (السنن الكبرى للبيهقيُّ ج-6ص-472 حديث: 12696).


الله تعالى في عون المسلم الأمين:

إذا اقترض المسلم مالًا وكان في نيته سداده، أعانه الله تعالى.

(1) روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». (البخاري حديث: 2387).


(2) روى النَّسَائيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ مَيْمُونَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَدَانَتْ فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاءٌ، قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، أَعَانَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». (حَدِيثٌ صحيح) (صحيح النسائي للألباني ج-3 ص-260).


(6) الحرص على الكسب الحلال والابتعاد عن الشبهات:

روى الشيخانِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ.( البخاري حديث 52 / مسلم حديث 1599 ).


(7) المشاورة بين الشركاء:

يجب على الشركاء أن يتشاوروا فيما بينهم في الأمور التي يريدون القيام بها.


الشورى وصية رب العالمين:

(1) قال سُبحانه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

قَالَ الإمامُ ابنُ جرير الطبري -رحمه الله-: أَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ، مَعَ إِغْنَائِهِ بِتَقْوِيمِهِ إِيَّاهُ، وَتَدْبِيرِهِ أَسْبَابَهُ عَنْ آرَائِهِمْ، لِيَتَّبِعَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْدِهِ، فِيمَا حَزَّ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، وَيَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ، وَيَحْتَذُوا الْمِثَالَ الَّذِي رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ مُشَاوَرَتِهِ فِي أُمُورِهِ مَعَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا مِنَ اللَّهِ أَصْحَابَهُ وَتُبَّاعَهُ فِي الْأَمْرِ، يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَيَتَشَاوَرُوا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُصْدِرُوا عَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَلَؤُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا تَشَاوَرُوا فِي أُمُورِ دِينِهِمْ مُتَّبِعِينَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ، لَمْ يُخْلِهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لُطْفِهِ، وَتَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ مِنَ الرَّأْي وَالْقَوْلِ فِيهِ. (تفسير الطبري ج-7ص-343).

 

(2) قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الشورى: 38].

 

قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله: قَوْلُهُ تَعَالى: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ أَيْ: لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ، لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِمْ فِي مِثْلِ الْحُرُوبِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا. (تفسير ابن كثير ج-7ص-211).

 

نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الشورى:

(1) النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في الخروج يوم بدر:

♦ روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ. قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا (يعني الخيل) الْبَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا، قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا. (مسلم حديث: 1779).

 

♦ قَالَ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلًا أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ، وَلَا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ، فَنَنْزِلَهُ، ثُمَّ نُغَوِّرُ مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقُلُبِ(أي الآبار)، ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِلُ الْقَوْمَ، فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ. فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ مَعَهُ مِنْ النَّاسِ، فَسَارَ حَتَّى إذَا أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْقُلُبِ(أي الآبار)، فَغُوِّرَتْ، وَبَنَى حَوْضًا عَلَى الْقَلِيبِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ، فَمُلِئَ مَاءً، ثُمَّ قَذَفُوا فِيهِ الْآنِيَةَ. (سيرة ابن هشام ج-1ص-: 630).

 

(2) النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في أسارى بدر:

روى الحاكمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأُسَارَى (في غزوة بدر) أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَوْمُكَ وَعَشِيرَتُكَ فَخَلِّ سَبِيلَهُمْ. فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فَقَالَ: اقْتُلْهُمْ. قَالَ: فَفَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] إِلَى قَوْلِهِ ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [الأنفال: 69] قَالَ: فَلَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ قَالَ: كَادَ أَنْ يُصِيبَنَا فِي خِلَافِكَ بَلَاءٌ. (حديث حسن) (مستدرك الحاكم ج-2ص-359حديث: 3270).

 

(8) العفو والمسامحة بين الشركاء:

مِن الأخلاق التي يجب أن يتزين بها الشركاء العفو عن أخطاء الشريك.

 

معنى العفو:

العَفْو: هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب وتَرْكُ العِقَاب عليه وأصلُه المَحْوُ والطَّمْسُ وهو من أبْنيةِ المُبَالغة. يقال: عفا يَعْفُو عَفْوًا فهو عافٍ وعَفُوٌّ. (النهاية لابن الأثير ج-3 ص-265).


العفو من أسماء الله الحسنى:

قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].


وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [الحج: 60].


وقال جَلَّ شأنه: ﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة: 2].


العفو عن المسيئين وصية رب العالمين:

حثنا الله تعالى في كتابه العزيز على العفو عن المخطئين وذلك في مواضع عديدة، وسوف نذكر بعضًا منها:

(1) قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].


قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية الكريمة: إن تظهروا -أيها الناس- خيرًا، أو أخفيتموه، أو عفوتم عمن أساء إليكم، فإن ذلك مما يقربكم عند الله ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم. ولهذا قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾. (تفسير ابن كثير ج-4 ص-330).


(2) وقال الله تعالى لنبيه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].


(3) وقال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].


قال ابن جرير الطبري: عند تفسيره لهذه الآية: فمن عفا عمن أساء إليه، إساءته إليه، فغفرها له، ولم يعاقبه بها، وهو على عقوبته عليها قادر ابتغاء وجه الله، فأجر عفوه ذلك على الله، والله مثيبه عليه ثوابه. قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ (الشورى: 40) قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40] قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40] قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40] (تفسير الطبري ج-25 ص-38).


(4) وقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].


قال ابن جرير: خذ العفو من أخلاق الناس، واترك الغلظة عليهم، وقد أُمر بذلك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم في المشركين. (تفسير الطبري ج-9 ص-155).


روى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ. (البخاري حديث 7378).


(5) وقال سبحانه في وصف عباده المتقين: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133: 134].


قال ابن كثير: قوله: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾ أي: لا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون عنهم شرهم، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل.ثم قال تعالى ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ أي: مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم، فلا يبقى في أنفسهم مَوجدة على أحد، وهذا أكمل الأحوال، ولهذا قال: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ فهذا من مقامات الإحسان. (تفسير ابن كثير ج-3 ص-191: ص-192).


نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على العفو عن المخطئين:

إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد حثنا على العفو عن المخطئين في كثير من أحاديثه الشريفة وسوف نذكر بعضًا منها:

(1) روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ الْأَنْصَارَ كَرِشِي وَعَيْبَتِي (جماعتي وخاصتي الذين أثق بهم) وَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ. (مسلم حديث 2510).


(2) روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3680).


(3) روى أبو داود عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً. ( حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4301).


(4) روى الترمذي عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَعْفُوَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1133).


(5) روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ. (مسلم - حديث 2588).


نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في العفو عن المخطئين:

إن الله تبارك وتعالى قد أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالعفو عن الناس فامتثل أمره، وكان صلى الله عليه وسلم هو القدوة في العفو عن المُسِيئِين بقوله وفعله، وسوف نذكر بعضًا من ذلك:

(1) روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ نَجْدٍ فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ وَهُوَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ بِهَا وَعَلَّقَ سَيْفَهُ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الشَّجَرِ يَسْتَظِلُّونَ وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجِئْنَا فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاخْتَرَطَ سَيْفِي فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي مُخْتَرِطٌ صَلْتًا قَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قُلْتُ اللَّهُ فَشَامَهُ ثُمَّ قَعَدَ فَهُوَ هَذَا قَالَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ. (البخاري حديث 4139).


(2) روى الشيخان عن عُرْوَةَ بن الزبير أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. (البخاري حديث 3231 / مسلم حديث 1795).


(3) روى الشيخان عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. (البخاري حديث 6929 / مسلم حديث 1792).


(4) روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ (جذب) جَبْذَةً شَدِيدَةً قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. ( البخاري حديث 6088 / مسلم حديث 1057).


(9) التزام الأدب بين الشركاء:

منزلة الأدب:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: أَدَبُ الْمَرْءِ: عُنْوَانُ سَعَادَتِهِ وَفَلَاحِهِ. وَقِلَّةُ أَدَبِهِ: عُنْوَانُ شَقَاوَتِهِ وَبَوَارِهِ.فَمَا اسْتُجْلِبَ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمِثْلِ الْأَدَبِ، وَلَا اسْتُجْلِبَ حِرْمَانُهُمَا بِمِثْلِ قِلَّةِ الْأَدَبِ. (مدارج السالكين - لابن القيم - ج-2 - ص-368).

 

الأدب وصية رب العالمين:

حثنا اللهُ تعالى عَلى التحلي بالأدب في كثير مِن آيات القرآن الكريم، وسوف نذكر بعضًا منها:

(1) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].

 

(2) قال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

(3) قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 28: 27].

 

(4) قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحجرات: 3].

 

(5) قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

(6) قال جَلَّ شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

 

نبينا صلى الله عليه وسلم القدوة في الأدب:

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: أيْ: إِنَّكَ لَعَلَى أَدَبٍ عَظِيمٍ. (تفسير ابن كثير - ج-4 - ص- 188).

 

♦ قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

قَوْلُهُ: ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ أَيْ: أي: يَشُقُّ عَلَيْهِ الأمْر الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْكُمْ. (تفسير السعدي - ص- 356).

 

قَوْلُهُ: ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ﴾ أَيْ: عَلَى هِدَايَتِكُمْ وَوُصُولِ النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ إِلَيْكُمْ. (تفسير ابن كثير - ج-4 - ص- 241).

 

قَوْلُهُ: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم. (تفسير السعدي - ص- 356).

 

قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم َ. (تفسير القرطبي - ج- 8 - ص- 302).

 

(1) روى مسلمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ. (مسلم حديث: 747).

 

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» (البخاري حديث: 6102 / مسلم حديث: 2320).

 

(2) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ». (البخاري حديث: 24 / مسلم حديث: 36).

 

قال الإمام النووي (رحمه الله): قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. (رياض الصالحين - للنووي - ص-176).

 

(3) روى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ (وفي رواية صَالِحَ) الْأَخْلَاقِ "(حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة - للألباني - ج-1 - ص-112 - حديث: 45).

 

(4) روى مسلمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقَولُ في دُعَائِهِ: (اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ. (مسلم حديث: 771).

 

(5) روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ العاص، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا. (البخاري حديث: 3559).

 

(6) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ». (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1629).

 

(7) روى الترمذيُّ عَنْ جَابِرِ بنِ عبد الله، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ.» (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1642).

 

♦ الثَّرْثَارُ: هُوَ الكَثِيرُ الكَلَامِ.

♦ المُتَشَدِّقُ: الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الكَلَامِ.

 

(8) روى أبو داودَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ». (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4015).

 

♦ زَعِيمٌ: ضامن.

 

♦ رَبَضِ الْجَنَّةِ: فيما حول الْجَنَّةِ من الخارج.

 

♦ الْمِرَاء: هو الطعن في كلام الغير لإظهار خَلَل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله. والخلل إما أن يكون في اللفظ أو المعنى أو في قصد المتكلم. (إحياء علوم الدين ج-3 ص-186: ص-187).

 

(9) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، فَقَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ» (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1630).

 

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة.

 

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنهج النبوي في بناء الأخلاق
  • الأخلاق السامية
  • الدعوة إلى الأخلاق الكريمة
  • الأخلاق طريق السعادة
  • أخلاق العمل في الإسلام
  • معركة التوحيد والشرك
  • الشرك الأصغر وأنواعه

مختارات من الشبكة

  • بأخلاقنا.. لا بأخلاقهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين أخلاق اليهود وأهل الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما حكم اقتسام الشركاء دينهم الثابت في ذمة مدين واحد؟(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • أخلاق القادة.. ملائكة وشياطين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخلاق العرب قبل الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التكامل وقانون العلاقات النسبية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أخلاق يبغضها الله سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أخلاق يحبها الله تعالى (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خمسون حديثا في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أخلاق الداعية الأول - صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب