• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

أفي الله شك؟ (5) (خطبة)

أفي الله شك؟ (4) (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2020 ميلادي - 11/2/1442 هجري

الزيارات: 7541

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفي الله شك؟ (5)

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ مُصرِّفِ الأحوالِ، مُقدِّرِ الآجالِ، المتفردِ بالعزَّةِ والعظمةِ والجلالِ، منْ لهُ الغِنى كُلُّهُ ولهُ مُطلقُ الكمالِ، ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 12، 13]... وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]... وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، المنعوتِ بأعظم الأخلاقِ وأشرفِ الخِصالِ، اللهم صلِّ وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبهِ، خيرِ صحبٍ وخيرِ آلٍ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم المآل.. وسلَّم تسليماً كثيراً..

 

أَمَّا بعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ عباد الله وأَطيعُوه، وعظِّمُوه ووقرِوه وسبحوه، وجِدُّوا رحمكم الله واجتهِدُوا، وأحسِنوا العـمـلَ، وسابقوا الأجلَ، ولا يغرنَّكـم طـولُ الأمـلِ، واعلموا ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11]..

 

معاشِر المؤمنينَ الكِرام: تحدثنا في أربع خُطبٍ ماضية عن ظاهرةِ الإلحادِ، بدأً بأسبابِ هذه الظاهرة، ثمَّ آثارِها، ثمَّ الأدلةِ المتنوعةِ على وجودِ الخالقِ جلَّ وعلا، وكان آخرَ ما ذكرناه في الخطبةِ الماضيةِ إثباتُ وجودِ الخالقِ جلَّ وعلا من خلال المناظراتِ العلمية، وسنخصصُ خُطبةَ اليومِ بإذن اللهِ، للردِّ على أبرزِ شُبهاتِ الملحدينِ ووسائلِ الوقايةِ منها..

 

والشُبْهَةُ في اللغة يا عباد الله: هي الالتباسُ والشكّ في صحةِ الأمرِ، وسُميت شُبهةً لأنها تُشبهُ الحقَّ وهي ليست كذلك، وفي الحديثِ المتفقِ عليه: "مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ".. وابتداءً فنحنُ حينَ نتحدثُ عن هذه الظاهرة، فمن أجلِ حمايةِ وحصانةِ وتثبيتِ أهل الإيمان أولاً، ثمَّ لعل وعسى أن يكونَ من أولئك القوم من ينشدُ الحقَّ بصدقٍ فنكون سبباً في إيصالهِ إليه.. ثم إنَّ المتأمِّلَ لأحوالِ الملحدين، يلحظُ أنهم يُكثِرونَ من طرح الشُبهِ المضلِّلةِ، والأسئلةِ المغلوطةِ، ليسَ بحثاً عن الحقِّ، ولا رغبةً في اتباعِه، وإنما جُحوداً وإنكاراً للحقِّ بعد معرفته، وصداً عن سبيل اللهِ، وسعياً في الإفساد.. قال تعالى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]... ولذلك فغالبُ شُبهِهِم وأسئلتِهِم التي يزعمون عدمَ القُدرةِ على إجابتها، مبنيةٌ على مُغالطاتٍ منطقيةٍ، وتناقُضاتٍ عقليةٍ.. فمن أشهرِ الشبهِ التي يُكثِرون طرحها، رغم أنها قُتلت بحثاً وتوضيحاً، قولُهم: إذا كان اللهُ موجوداً، فمن أوجده، يعني (من خلقَ الخالق)، ومثلُها: إذا كانَ اللهُ أزلياً قديماً، فما الشيءُ الذي كانَ قبلهُ، ومثلها أو قريباً منها: هل يستطيعُ اللهُ أن يخلُقَ جبلاً لا يستطيعُ حمله، كلُّ هذه الأسئلةِ وأشباهُها مبنيةٌ على مُغالطاتٍ منطقيةٍ، وتناقُضاتٍ عقليةٍ.. ولكي نُجيبَ عليها جواباً حاسماً، نحتاجُ لأن نُفرقَ بين نوعينِ من المستحِيل، المستحِيلُ قُدرةً، والمستحِيلُ عقلاً.. فالمستحِيلُ قُدرةً: هو شيءٌ يعجزُ الانسانُ عن فِعلهِ، ولا يعجزُ العقلُ عن تصوره، فمثلاً: طيرانُ الانسانِ بدون أدوات، يستحيلُ على الانسان فِعلهُ، لكن العقل يستطيعُ أن يتصوَرهُ، وهكذا جميعُ المعجزاتِ.. تحولُ العصا إلى ثُعبان، يمكن تَصورهُ عقلاً، لكن يستحيلُ فعلهُ قُدرةً، إبراءُ الأكمِهِ، إحياءُ الموتى، وغيرها من المعجزات.. كُلها أشياءٌ يمكنُ للعقل أن يتصورها، لكن يستحيلُ على قُدرةِ البشرِ فِعلُها.. هذا هو المستحيلُ قُدرةً.. وأمَّا المستحيلُ عقلاً، فلا علاقةَ لهُ بالقُدرة.. وإنما هو عدمٌ لا يملك العقلُ لهُ أيَّ تصورٍ.. والعدمُ هو ضِدُّ الشيءِ.. فالشيءُ هو ما يمكنُ للعقل أن يتصوره، وأما العدمُ فهو ما لا يمكنُ للعقل أن يتصورهُ، وحين يقولُ اللهُ تعالى: ﴿ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، فهو يشملُ المستحيلَ قُدرةً، لا المستحيلَ عقلاُ.. لأن المستحيلُ عقلاً هو نوع من العدمِ ليس له وجودٌ.. فمثلاً لو كان أمامك مثل هذا المايك، فإنك تقدِرُ أن تُحركَه، أو أن تتركهُ ساكِناً بلا حركةٍ.. لكنك لا تستطيعُ أن تجعلهُ سَاكناً ومُتحركاً في آنٍ واحِد، إنهما صُورتينِ مُتناقضتينِ، مطلوبٌ من العقل أن يتصورَ حُدوثهما معاً، وهذا مستحيلٌ عليه، لا لعجزٍ في العقل، وإنما لأنَّ المطلوبَ نوعٌ من العدمِ غيرُ موجود.. مثالٌ آخر: إذا كان بإمكان العقلِ أن يتصورَ المثلثَ والمربعَ والدائرةَ والخطَ المستقيمَ، فإن من العدمِ والمستحيلَ العقلي أن يتصورَ العقلُ مُثلثاً لهُ أربعةُ أضلاعٍ، أو أن يتصورَ مُثلثاً دائِرياً، أو يتصورَ خطينِ مُتوازيينِ مُتقاطعين، إنها صورٌ معدومةٌ، لا يملك العقلُ لها تصوراً.. مثالٌ ثالث: إذا كان بإمكان العقلِ أن يتصورَ رجُلاً أميناً في غاية الأمانةِ، وأن يتصورَ رجُلاً لِصاً، فإن من العدمِ والمستحيلَ العقلي أن يتصورَ العقلُ رجُلاً أميناً سارقاً في آنٍ واحد.. فالمستحيلُ العلقيُ إذن: لا يعدو أن يكونَ مُغالطةً مبنيةً على وجودِ صفتينَ مُتناقضتينِ في آنٍ واحد.. وهذا عدمٌ ليس له تصورٌ في العقل.. إذا فُهم هذا، فسيسهل الإجابةُ على جملةٍ من أسئلة الملحدين وشُبَهِهِم.. فالسؤال الأول: من خلقَ الخالِقَ، هو مُغالطةٌ منطقيةٌ ونوعٌ من العدمِ والتناقُضِ العقليِ المستحيل، مبنيٌ على وجودَ صفتينِ متناقضتيِن في آنٍ واحد، وهو أن يكونَ الإلهُ خالقاً ومخلوقاً في نفس الوقت.. وهذا مستحيلٌ عقليٌ، ليس لهُ تصورٌ في العقل، فبطُلَ السؤالُ من أساسِهِ.. ومِثلهُ السؤالُ الثاني: إذا كانَ اللهُ أزلياً قديماً، فما الشيءُ الذي كان قبلهُ.. وهذه أيضاً مُغالطةٌ منطقيةٌ، ونوعٌ من العدمِ والمستحيلِ العقلي؛ مبنيٌ على وجودِ صفتينِ مُتناقضينِ في آنٍ واحد، وهو أن يكونَ اللهُ قديمٌ وليس بقديمٍ، وهذا مُستحيلٌ عقليٌ لا يمكنُ تَصورهُ لعدميَتِه، لا لعجزِ العقل، فبطلُ السؤالُ أيضاً.. ومثلهُ السؤالُ الثالث: هل يستطيعُ اللهُ أن يخلقَ جبلاً لا يستطيعُ حملَهُ، وهذه أيضاً مُغالطةٌ منطقيةٌ، ونوعٌ من العدمِ والمستحيلِ العقلي؛ مبنيٌ على وجودِ صفتينِ مُتناقضينِ في آنٍ واحدٍ، وهو أن يكونَ لله صِفةُ القُدرةِ المطلقةِ، والقُدرةِ المحدُودةِ، وهذا مُستحيلٌ عقليٌ، وعدمٌ ليسَ لهُ تصورٌ في العقل، فبطلٌ السؤالُ من أساسِهِ... ومن الشُبهِ التي يُروجُ لها الملحدونَ كثيراً قولُهم: إذا كان اللهُ يعلمُ ما سأكونُ قبل أن يخلقني، فلماذا يُقدِّرُ علي العذاب.. والجوابُ: أنَّ الله تعالى لا يُعذِّبُ أحداً وِفقَ ما يعلمُهُ سُبحانهُ من حالهِ، وإنما وِفقَ ما يفعلهُ العبدُ من أعمالٍ حسنةٍ أو سيئةٍ، قال تعالى: ﴿ ... لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]، وقد قامت حُجةُ اللهِ على عِبادهِ بإرسال الرسلِ وانزالِ الكُتبِ، فليس لهم بعد ذلك عذرٌ، قال تعالى عن أهل النار: ﴿ ... كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴾ [الملك: 8، 9]، فكُلُّ من يُلقى في النَّار استحقَ العذابَ بتكذيبه للرسل المنذيرين، وليس لأن الله يعلم أنه من أهل النار، فالله تعالى قد حرَّمَ على نفسهِ الظلم، فقال تعالى: ﴿ ... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].. ثمَّ إذا سَمحَ أحدٌ لنفسهِ بمثل هذا العُذرِ، فلا بُدَّ أن يَسمحَ لغيرهِ بمثله، وبالتالي فليسَ لهُ حقُّ أن يُنكرَ على من يظلِمهُ، أو يتعدَّى عليه، فيأخذَ مالهُ، ويسلُبَ حُقوقهُ، بل إنَّ إبليسَ وفرعونَ والكفار جميعاً، كُلِّهم سيكونون معذورون بهذه الطريقةِ، لأن أفعالهم كُلَّها بعلم اللهِ وقَدرهِ، ومعلومٌ أنَّ هذا لا يقبلُهُ أحدٌ، ولو فعلَ الناس هذا لفسدت أحوالُهم، ولما أمكنَ التفريقُ بين مؤمنٍ وكافر، ولا بين برٍّ وفاجِر، فتبينَ بهذا بُطلانُ هذا القول عقلاً وشرعاً.. ومن شُبهِ الملحدين الشائعةُ قولهم: ما لا يُدرك بالحواسِّ فلا وجودَ له.. زاعمينَ أنَّ المنهجَ العلميَ للمعرفةِ الانسانيةِ يعتمِدُ على الحواسِ المادية، كالبصر، والسمع، والحسِّ، وبما أنهُ لم يسبق لأحدٍ أن رأى الإلهَ بعينهِ ولم يسمعهُ بأذنهِ، ولم يُدركهُ بأيِّ وسيلةٍ حِسيةٍ.. وهو إنما ينطلقُ من إيمانٍ غيبيٍ بهذا الإلهِ، وليس من مُنطلقٍ عِلميٍ، فإنَّ هذا الإلهَ بزعمِهم غيرُ موجودٍ عِلمياً.. والجوابُ بنفسِ المنطقِ والمنهج: فالملحدُ يؤمنُ بأنَّ الكون نشأ صُدفةً، وأنَّ الانسانَ قد تطورَ من سُلالةِ قِردٍ، فهل سبقَ وأن رأى الملحدُ هذه الأمور بعينهِ، أو سمعها أو لمِسَها أو أدركها بأيِّ وسيلةٍ حِسيةٍ من حَواسِه.. وبما أنهُ لم يسبق لأحدٍ أن أدرك هذه الأمور بأيِّ وسيلةٍ حسيةٍ.. فهو إذن ينطلقُ من إيمانٍ غيبيٍ وليس من مُنطلقٍ عِلميٍ، وعليه فإنَّ الصدفةَ والتطورَ غيرُ موجودةٍ عِلمياً.. فعدم ادراكنا الحسيِّ بوجود الأشياء، لا يعني أنها غيرُ موجودةٍ.. فهذه الجاذبيةُ الأرضيةُ موجودةٌ والكُلُّ يشعرُ بها، مع عدم إدراكهُا بالحواسِ المادية.. شيءٌ آخر: الإنسانُ إذا نامَ دخلَ في عالمٍ مجهولٍ، فالنائمُ وإن كانت عيناهُ مُغمضتان، فإنه يمكن أن يرى، والنائم وإن كانت قدماهُ ثابتتان، فإنهُ يمكنُ أن يمشي، وهو وإن كان فمهُ مُطبقاً، فإنه يمكن أن يتكلمُ، وهو وإن كان نائماً لوحدِه، فإنهُ يمكنُ أن يُعايشَ الآخرينَ ويخالِطهُم، وأن يتذكرَ ما جري لهُ معهم، وربما سافرَ إلى أماكنَ لا يعرفها، وربما رأى أشياءَ لم يرها من قبل، وربما قابل أناساً لم يسبق له مقابلتهم، والعلمُ متوقفُ تماماً عن تقديم أي تفسيرٍ حقيقي، وكلُّ ما وصلَ إليه العلماءُ مجردَ تخميناتٍ بلا دليل.. وكذلك يقالُ للملحد، إنَّ في جسدكَ روحاً هي التي تجعلكُ حياً مُتحركاً، وبدونها تتوقفُ حركتك، وتتحول إلى جُثةٍ هامدة، وإنَّ في دِماغِك وعيٌ وذاكرةٌ تُدركُ بها الأشياء، وإنَّ في نفسِك مشاعر مُتنوعة، كالحبِّ والرحمةِ والرغبةِ والخوفِ وغيرها من المشاعِر.. وبما أنهُ لم يسبقِ لأيِّ مُلحدٍ أن أدركَ رُوحهُ أو عقلهُ أو مشاعِرهُ بأيِّ وسيلةٍ حِسيةٍ.. فإننا نستطيعُ أن نؤكدَ حسب منهجِهِم العلميِ أنَّ الملحدَ بلا عقلٍ وبلا روحٍ وبلا مشاعرٍ.. قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]..  بارك الله لي ولكم..

 

الحمدُ للهِ كما ينبغي لجلالهِ وجمالهِ وكمالهِ وعظيم سلطانهِ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وحدهُ لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهدُ أن محمداً عبد اللهِ ورسولهِ، الداعي إلى رضوانِهِ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه واخوانه، وسلَّم تسليماً كثيراً..

 

أما بعدُ: فاتقوا اللهَ عباد اللهِ وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمعُ القول فيتبعُ أحسنهُ، أولئك الذين هدى الله، وأولئك هم أولو الألباب.

 

معاشر المؤمنين الكرام: بقي معنا شُبهةٌ أخيرةٌ، يسمونها صخرةُ الإلحادِ، وهي قولهم: أنَّ وجودَ الشرِّ يتعارضُ مع وجودِ الإلهِ الرحيم، ولأنَّ هذه الشبهةَ هي أقوى الشبهِ عندهم، وأكثرِها تشعُباً، وأخذاً ورداً، فسنأجلها للجمعة القادمة بإذن الله... وأما بقيةُ هذه الخطبةِ فسنذكرُ فيها أهمَّ وسائِلَ الوقايةِ من شُبهاتِ الملحدين: فنقولُ مُستعينينِ بالله تبارك وتعالى: الوسيلةُ الأولى: هي الاهتمامُ بعبادة الذكرِ والتفكرِ في آيات الله الكونيةِ والشرعية.. قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]، فبمداومةِ الذكرِ والتفكرِ يصلُ العبدُ إلى تنزيهِ الخالقِ تبارك وتعالى، ونفي العبثيةِ والعشوائِيةِ.. ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ ﴾ [آل عمران: 191]..

 

والوسيلةُ الثانية: هي الثباتُ والتماسكُ أمام الشبهات، حيثُ أنَّهُ كثيراً ما يضطربُ المتشكِكُ حين يسمعُ الشبهةَ لأولِ مرةٍ، ظناً مِنهُ أنَّهُ لا جوابَ لها، بينما لو سألَ من يثقُ بعلمه ورأيهِ فسيصلُ للإجابة الصحيحة بإذن الله..

 

الوسيلةُ الثالثة: هي الاهتمامُ بالتأصيل الشرعيِ الكافي، ودراسةِ البراهينِ والأدلةِ الدامغةِ للرَّدِّ على اعتراضاتِ وشُبهِ الملحدين المشككِين، وذلك بقراءة ودراسة المراجع الخاصة بذلك، وهي كثيرةٌ ومتوفرةٌ بحمد الله..

 

والوسيلةُ الرابعة: هي الحرصُ على تنمية الحسِّ النقدي، وعدمِ قبولِ أيِّ دعوى بدونِ دليلٍ صحيح.. والإلحادُ عموماً عقيدةٌ جوفاءُ فارغة، مبنيةٌ على النفي والرفض، ودليلُها عدمُ الدليل، وهذا ما لا يقبلهُ عاقِلٌ مُنصف الوسيلةُ الخامسة: هي معرفةُ طُرقِ البحثِ عن الحقِّ والصوابِ، ومعرفةُ طُرقِ التواصلِ مع المرجعيات العلميةِ والشرعيةِ الموثوقةِ والمتخصصةِ في حلِّ الإشكاليات التي لم يستطع أن يحُلَّها بنفسه.. وكذلك التعرفَ على المواقعِ المتخصصةِ في محاربة الإلحاد، كموقع المحاور، وموقعِ هداية الملحدين، وموقعِ التوحيد، وبإذن اللهِ سيجدُ فيها إجابةً شافيةً لكلِّ ما لديه من أسئلةٍ واشكاليات.. وسيجد فيها من العُلماءِ المتخصِصينَ من يمكنُه أن يتواصلَ معهم بكُلِّ سهولةٍ، إما عن طريق مُعرفاتِهم في برامج التواصل، أو من خلالِ أرقامِ جوالاتِهم..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62] [لقمان: 30].. فنسأل الله أن يكونَ فيما قلناه إظهاراً للحقِّ، ونُصرةً له، ودِلالةً عليه، وإزهاقاً للباطلِ، ودحضاً لهُ، وتنفيراً منه..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.. اللهم صل..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أفي الله شك؟ (1) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (2) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (4) (خطبة)
  • ما لكم لا ترجون لله وقارا (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (6) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (7) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة أفي الله شك (4)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة أفي الله شك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (3) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي الله شك (2)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (1)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي الله شك ؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي المال حق سوى الزكاة؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا أملك قدرا كافيا من الجمال(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب