• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

حافظوا على الصلاة (خطبة)

حافظوا على الصلاة (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2020 ميلادي - 27/1/1442 هجري

الزيارات: 20127

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حافظوا على الصلاة

 

الحمد لله العلي العظيم، الولي الرحيم، الغني الكريم، القوي الحليم، ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 29]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم، ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9]، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، ومصطفاه وخليله، النبي الأمي الكريم، أرسله الله رحمةً للعالمين، وبالمؤمنين رؤوف رحيم، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أولي النهج القويم، والخُلُق العظيم، والتابعين ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فـ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [المرسلات: 41، 42]، اتقوا الله فـ{﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الدخان: 51، 52]، اتقوا الله عباد الله فـ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الطور: 17، 18]، اتقوا الله فـ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].

 

معاشر المؤمنين الكرام، تعلمون أن عبادة الله تعالى هي الغاية من خلق المخلوقات جميعًا؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ولأجل هذه الغاية أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وبشَّر القائمين بها؛ فقال جل وعلا: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 25]، وتوعد المستكبرين عنها؛ فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، والصلاة - أيها المؤمنون - ركنُ الدين الركين، أنس المؤمنين، وقرة عَيْنِ الموحدين، وربيع قلوب المخبتين، ومعراج المتقين، وفريضة الله الثابتة على المسلمين، وآخر ما يُفقَد من الدين، وآكدُ وصايا سيد المرسلين، المحافظة عليها عنوان الصدق والإيمان، والتهاون بها علامة الخِذلان والخسران، الصلاة عنوان الفلاح وطريق النجاح؛ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وكيف لا يفلحون، وهم سيرثون الفردوس هم فيها خالدون؟


الصلاة - يا أهل الصلاة - نورٌ في القلب، وانشراح في الصدر، وطمأنينة في النفس، وضياء في الوجه، وزكاء في العقل، وقوة في البدن، وبركة في العمر، وشفاء لِما في الصدور، تكفِّر السيئات، وترفع الدرجات، وتضاعف الحسنات؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه، غُفِر له ما تقدم من ذنبه))، وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يتوضأ فيُحسِن الوضوء، ويصلي ركعتين، يُقْبِلُ بقلبه ووجهه عليهما، إلا وجبت له الجنة)).

 

الصلاة - أيها الموفقون - أمُّ العبادات، وتاج الطاعات، وهي الفيصل بين المؤمنين والكافرين، لا دين لمن لا صلاة له، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، مَن حفِظها حفِظ دينه، وكانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومَن ضيَّعها فهو لِما سواها أضيع.

 

الصلاة - أيها الموحدون - أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، صلاحها صلاحٌ لبقية الأعمال، وفسادها فساد لبقية الأعمال؛ بل جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس بين الرجل والكفر - أو الشرك - إلا ترك الصلاة))، وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن فاتته صلاة، فكأنما وُتِرَ أهلَهُ وماله))، وكان الصحابة لا يَرَون شيئًا من الأعمال تركُهُ كفرٌ غير الصلاة.

 

تأملوا يا عباد الله، فكل الفرائض أنزلها الله تعالى على رسوله في الأرض بواسطة جبريل عليه السلام، إلا الصلاة، فقد عُرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة، هناك عند سدرة المنتهى، يخاطب الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم مباشرةً وبلا واسطة، فيفرض عليه وعلى أمته هذه الصلاة، فأي منزلة، وأي شأن، وأي قدر عظيم لهذه الصلاة؟!

 

الصلاة - أيها المباركون - أكثر العبادات ذكرًا في القرآن والسنة؛ فقد ذكرت في القرآن الكريم أكثر من ستين مرةً، وفي السنة المطهرة أكثر من مائة وسبعين مرةً، ثم إن ما رُتِّب على تركها من العقوبات، لم يُرتَّب مثله في غيرها من العبادات، ثم إذا نظرنا إلى شدة اهتمام النبي عليه الصلاة والسلام واحتفائه بها، وكثرة أدائه لها حتى تتفطَّر قدماه، حتى إنه لما ثَقُلَ صلى الله عليه وسلم في مرض موته، فكان يُغمى عليه من شدة المرض، فإذا استيقظ، كان لا يسأل إلا عن الصلاة: ((أصلَّى الناس؟ ... ضَعوا لي ماءً، فإذا اغتسل وقام ليصليَ، أُغميَ عليه، يفعل ذلك ثلاث مرات))، هكذا ودَّع صلى الله عليه وسلم الحياة، وهكذا كانت آخر وصاياه؛ يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: ((الصلاةَ، الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم))، كل ذلك يدل يا عباد الله على عِظَمِ قدر الصلاة، وعلى علوِّ مكانتها عند الله، فلا والله لا يفرط فيها بعد ذلك إلا مخذولٌ محروم، وذلك من أعظم أسباب دخول النار؛ فحين يُسأل المجرمون: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42، 43]، وتارك الصلاة يا عباد الله موعودٌ بالضنك الدنيوي والعذاب الأخروي؛ ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن ترك الصلاة، لقيَ الله وهو عليه غضبان))، ويقول صلى الله عليه وسلم محذرًا ومنذرًا: ((لا تتركنَّ صلاةً متعمدًا، فمن فعل ذلك، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله))، ومَن برئت منه ذمة الله وذمة رسوله، فهو هالك لا محالة، وإن قال قائل: إنما هو إهمال وكسل، قلنا: فتلك من صفات المنافقين؛ الذين قال الله فيهم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]، وإن مما يندى له الجبين، ويعظم له الأسف يا عباد الله - أن يخفَّ عند البعض ميزان هذه الصلاة العظيمة القدر عند الله، ويقل الاهتمام بها والتبكير إليها، نعم يا عباد الله، هناك تفريط وتضييع وإهمال للصلاة فظيع؛ هناك من يترك الصلاة عامدًا متعمدًا، وهناك من يُخرجها عن وقتها تهاونًا وكسلًا، وهناك من يصلي في بيته ولا يصلي مع الجماعة؛ فأما تاركها عمدًا، فبإجماع العلماء إن لم يَتُبْ فهو في النار من الخالدين، وأما المتهاون كسلًا، فهو مثله أو منه قريب؛ فقد توعده الله بقوله: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، فهو وإن كان من المصلين إلا أنه يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، فالويل له، والويل هو: الهلاك والثُّبور، أو هو وادٍ في جهنم، وأما من يصلي في بيته ويترك الجماعة، فليتأمل ما حدث مع الصحابي الجليل ابن أم مكتوم رضي الله عنه وأرضاه، فقد كبرت سِنُّهُ، ورقَّ عظمه، وكُفَّ بصره، ولم يكن له قائدٌ يلائمه، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يصليَ في بيته، فلم يجد له الرؤوف الرحيم رخصةً، بل عقَّب على ذلك بقوله: ((ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة، ما لهذا الماشي إليها، لأتاها ولو حبوًا على يديه ورجليه))، فالأمر ليس بالهين كما يتصور البعض؛ بل لقد جاء في حديث متفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لقد هممتُ أن آمرَ بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حِزَمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ...))، فالأمر جد خطير يا عباد الله؛ وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذرٌ، لم تُقبَلْ منه الصلاة التي صلى، قيل: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لأن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصًا مذابًا خير له من أن يسمع النداء ولا يجيب"، وعن علي رضي الله عنه قال: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، قيل: ومن هو جار المسجد؟ قال: من سمع الأذان".

 

فيا أيها المضيعون لصلاة الجماعة، يا أيها البعيدون عن بيوت الله، هل لكم من عذر فتعتذرون؟ أليست أبدانكم سليمة؟ أليست شوارعكم آمنة؟ أليست مساجدكم مهيئة؟ فَلِمَ يا رعاكم الله تتخلفون؟ أأمرٌ أهمُّ من الصلاة أنتم به منشغلون؟ ألا تَرَون الموت يتخطف الناس من حولكم وأنتم تنظرون؟ فإلى متى تسوِّفون وتؤجلون؟ لقد حصحص الحق لولا صمم القلوب، واتضح السبيل لولا كَدَرُ الذنوب.

 

ألا فاتقوا الله وحافظوا على الصلاة في بيوت الله، فعلى قدر إقامتها والمحافظة عليها، تكون مكانة العبد عند الله تعالى، وعلى قدر إقامتها والمحافظة عليها، يكون البعد عن المعاصي والمنكرات؛ ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وعلى قدر تضييعها والتفريط فيها، يكون الولوغ في الشهوات: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، ومصطفاه وخليله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون، ﴿ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

 

معاشر المؤمنين الكرام، حبُّ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للصلاة ظاهر ومتواتر؛ فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((أرِحْنا بها يا بلال))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((وجُعلت قرة عيني في الصلاة))، ووالله ما قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام العجيب إلا حين وجد في الصلاة ما تقر به عينه، وينشرح به صدره، ويأنس به قلبه، وتفرح به روحه؛ ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يطيل صلاته حتى تتفطر قدماه، ووالله لو تمكَّن حب الصلاة من قلوبنا، فلن نجد حلاوةً ألذَّ منها، واسألوا عن ذلك الموفقين؛ أهل التقى والهدى، المعلقة قلوبهم بالمساجد، المبكرين إلى الصلوات، المشَّائين إليها في الظلمات، المجيبين لداعي الفلاح، المتنافسين على الصف الأول، المدركين لتكبيرة الإحرام مع الإمام.

 

نعم أيها المباركون، فالتبكير إلى الصلاة وانتظارها، والاشتغال بالذكر وقراءة القرآن قبلها، من أعظم جالبات الطمأنينة والسعادة، ومن أقوى مفرجات الهموم والغموم؛ روى الإمام البخاري في صحيحه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلمون ما في التهجير، لسبقوا إليه))؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "التهجير هو التبكير إلى الصلاة"، ويقول أهل العلم: "إن سبب حضور القلب في العبادة هو الهمُّ والاهتمام؛ فمتى أهمَّكَ أمرٌ، حضر قلبك فيه"، فإذا صرفت همك وهمتك إلى الصلاة، حضر قلبك فيها، وإذا حضر القلب، أقبل على مولاه؛ فأحسن المناجاة مستشعرًا جلال وعظمة الله، وتلك هي الصلاة الخاشعة التي تورث المصلي الفلاح والمنازل العالية؛ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].

 

فهنيئًا لمن اعتاد التبكير إلى بيت الله، فلا يزال مبشَّرًا ببشارة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((من صلى قبل الظهر أربعًا، وبعدها أربعًا، حرمه الله على النار))، و((رحِمَ الله امرأً صلى قبل العصر أربعًا)).

 

والتبكير إلى بيت الله دليل عمليٌّ على محبة الصلاة وتعظيم قدرها، وتعلق القلب بها، فهو داخل في السبعة الذين يُظِلُّهم الله بظله.

 

والمبكر إلى بيت الله داخل فيمن عناهم عليه الصلاة والسلام بقوله في الحديث المتفق عليه: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستهموا عليه))، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته يصلُّون على الصف المقدم))، والمبكر إلى بيت الله لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، تصلي عليه ملائكة الرحمن، وتدعو له بالمغفرة والرحمة والرضوان.

 

ثم أوصيكم عباد الله في أبنائكم وقرة عيونكم وفلذات أكبادكم؛ فإنهم أمانة في أعناقكم، مُرُوهم بالمحافظة على الصلوات، وحضور الجُمَعِ والجماعات، رغِّبوهم ورهِّبوهم، وشجِّعوهم وحفِّزوهم، وكونوا لهم قدوةً حسنة صالحة؛ يقول الحق جل وعلا: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، ويقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين))، وألِحُّوا على الله بالدعاء أن يصلحهم ويهديَهم، وأبناء المسلمين أجمعين.

 

اللهم أقِرَّ عيوننا وأسعد قلوبنا بصلاح شبابنا وفتياتنا، اللهم اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، وأصلح لنا شأننا كله يا أرحم الراحمين.

 

ويا ابن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به، البر لا يبلى، والذنب لا يُنسَى، والديان لا يموت، وكما تدين تُدان.

 

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصلاة وحكمة تشريعها
  • العناية بالصلاة والخشوع فيها
  • حكم المحافظة على الصلاة وعقوبة من أضاعها
  • الخشوع في الصلاة
  • الصلاة ومكانتها في الإسلام
  • خطبة المسجد النبوي 7/5/1433 هـ - فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم
  • أوقات النهي عن الصلاة
  • فضل الصلاة في المسجد
  • تعظيم الصلاة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة حافظوا على الصلاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حافظوا على الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حافظوا على أوقاتكم فكل يوم يمضي يقربكم إلى قبوركم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حافظوا على أمن بلدكم يا مصريون (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الحفاظ الأربعون: تراجم مختصرة لأشهر حفاظ السنة النبوية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حافظوا على كرامة اليتيم وأنتم تعطونه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصلاة الصلاة يا عباد الله (خطبة)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب