• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

عوامل نجاح الأمم.. في الدنيا والآخرة

عوامل نجاح الأمم.. في الدنيا والآخرة
عبدالله خالد قادري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2020 ميلادي - 24/11/1441 هجري

الزيارات: 22608

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عوامل نجاح الأمم.. في الدنيا والآخرة

 

أيُّها الأخ المسلم الكريم يجب أن تعلم أن نجاح أي أمَّة من الأمم في الدنيا والآخرة يرتكز على دعائم، باجتماعها تصل الأمة إلى ذروة من النجاح، وبانعدامها ووجود أضدادها تصل إلى التحضيض من الفشل والخسران والتخلف، وبقدر ما يوجد منها أو ينقص تكون نسبة النجاح والخسران.

 

ولقد اتضح لي من بعد قراءة ما كتبه بعض علماء الإسلام الأجلاء الذين فهموه على حقيقته، وبعد التأمل - قدر الاستطاعة - في أحوال الأمم رقيًّا وانحطاطًا أنَّ أركان النَّجاح ثلاثةٌ:

الأول: العلم، أي الخبرة بما يحتاج إليه الجماعات والأفراد في شؤون الحياتين؛ الدنيا والآخرة.

الثاني: القوة أي قدرة الأفراد والجماعات على القيام بما يسند إليهم من أمور دينهم ودنياهم.

الثالث: الأمانة وهي أداء كلِّ حقٍّ إلى مستحقه دون مماطلة ولا نقص سواء كان الحق لله أم لخلقه.

 

أهمية العلم:

لا أظنُّ أحدًا من الناس مطلقًا يستطيع أن يجحد أهمية العلم في الجملة، وأقول في الجملة؛ لأنَّ كل طائفة ترى أهمية أنواع من العلوم دون غيرها، كيف يجحد أحد أهمية العلم والنفوس مفطورة على الإطلاع، ومعرفة الجديد؟ وقد أشاد الإسلام بالعلم في نصوص الكتاب والسنة، بل كل الأديان السماوية السابقة أبدت اهتمامها بالعلم والعلماء.

 

وهذا آدم أبو البشر يخبرنا الله تعالى أنه علَّمه الأسماء كلَّها، وأنَّ فضله ظهر للملائكة في علمه بما جهلوا.

 

وهذه أول سورة يكون محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا بنزولها، يذكر الله فيها امتنانه على خلقه بالعلم حيث يقول: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 – 5].

 

فامتن الله تعالى على الإنسان بنعمة تعليمه، بعد امتنانه عليه بنعمة خلقه، كما أشار تعالى في سورة الرحمن إلى أهمية تعليم الإنسان علم الدين، حيث قدمه على نعمة الخلق فقال: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ ﴾ [الرحمن: 1 – 3].

 

ونفى الله تعالى عن طريق الاستفهام الإنكاري أن يستوي العالم والجاهل فقال: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9].

 

وخص الله تعالى العلماء بخشيته فقال: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].

 

وجعل بعض صغار مخلوقاته يتمدح أمام بعض أنبيائه بما حصل عليه من العلم الجغرافي والسياسي والديني، ألا وهو الهدهد الذي توعَّده سليمان بالعذاب وبالذبح، عندما غاب ولم يجده بين الطير المسخرة لها، إلا أن يأتيه بحجة مقنعة بسبب غيابه، قال تعالى: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 20 - 22]، إلى قوله: ﴿ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [النمل: 24].

 

بل فرّق بين نوع واحد من أنواع الحيوان بسبب العلم وعدمه، فجعل للمعلّم حكمًا نفاه عما عداه؛ فأجاز - سبحانه - أكل صيد الكلب المدرب على الاصطياد وحرّم أكل صيد الكلب الذي لم يدرب، فقال: ﴿ يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 4].

 

والتنويه بشأن العلم والعلماء في الكتاب والسنة لا يحصره المتتبع، والسبب في ذلك أن المتصف بالعلم يأتي بعمَلِه متقنًا لا خلل فيه؛ لأنه يدخل في العمل وهو يعرف السبيل التي يجب سلوكها للوصول إلى المطلوب، والطرق التي يجب اجتنابها ليأمن الخطأ المحظور.

 

وإليك أيُّها القارئ الكريم مثالًا محسوسًا لأهميَّةِ العلمِ، وفائدتِه، وخطورة الجهلِ، ومضرَّتِه، يدلك هذا المثالُ على غيرِه من الأمثلة محسوسةً كانت أو معقولةً: دخل شخصان ماءً يظنان أنه قريبُ القعرِ ليغتسلا فيه فوجداه عميقًا لا يجوزه إلا من يجيد السباحة، وكان أحدُهما سبَّاحًا، والآخر لا يعرف عن السِّباحةِ شيئًا، فلمَّا غمرهما الماءُ أخذ المتعلِّم يسبحُ حتى نجا من الغرق، وأخذ الآخر يصعد ويهبط، حتى لفظ أنفاسه وهو ينظر إلى شاطئِ الماء فما الفرق بين الرجلين؟

 

إنَّه العلمُ نجا به الأوَّل، وهلك بعدمِه الثاني.

 

أهمية القوة:

وأهمية القوة واضحة؛ لأنَّ القويَّ يقدرُ على فعل مراده بدون عجز ولا تقصير، بخلاف الضعيف العاجز، ولهذا كانت درجة القوي هي السابقة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «المؤمنُ القويُّ أحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ».

 

وإذا كان المسؤول عن أمر ما قادرًا على تنفيد مراده، ولاينفذه وهو يعلم أنَّ في تنفيذِه ذلك مصلحة خالصة، أو راجحة في نفس الأمر، فقد أنزل نفسه - مختارًا - منزلًا غير لائق بها، وذلك من العيب الذي لا يرضاه العقلاء لأنفسهم قال الشاعر:

وَلَمْ أرَ في عيوبِ النَّاسِ شيئًا *** كنقصِ القادرينَ علَى التَّمامِ

 

وتأمَّل كيف يتمنَّى أحد أنبياء الله أن يكون قادرًا الانتصارِ لدعوتِه حيثُ يقول: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود: 80].

 

أهمية الأمانة:

للأمانة أهميتها العظمى؛ لأن فاقدها لا يؤتمن على أي حقٍّ من الحقوق سواء كان من حقوق الله أو من حقوق عباده، وما من حق يمكن تأديته إلى مستحقه كما ينبغي إلا بالأمانة.

 

فتوحيد الله في عبادته وربوبيته وأسمائه وصفاته أمانةٌ من قام به كما يريد الله منه فقد أدَّى الأمانة، ومن أخلَّ به بأن أشرك بالله في ألوهيته أو ربوبيته أو ألحد في أسمائه وصفاته بأي نوع من أنواع الإلحاد فقد خان الأمانة.

 

وأوامر الله كلها أمانة، من قام بها كما طلب الله منه فقد أدَّى الأمانة، ومن أخلَّ بها أو ببعضها وهو قادر على عدمِ الإخلالِ فقد خان الأمانة، وما نهى الله عنه من المحرمات أمانة، ومن ترك ذلك فقد أدَّى الأمانةَ، ومن ارتكب شيئًا من ذلك فقد خان الأمانة.

 

والقضاء بين الناس بالعدل أمانة، من حكم بالعدل على القريب والبعيد فقد أدَّى الأمانة، ومن جار في حكمِه لأيِّ سببٍ من الأسباب فقد خان الأمانة.

 

والإمارة أمانة مَنْ قام بحقوقِها دون ميلٍ وحيفٍ فقد أدَّى الأمانةَ، ومن داهنَ في إمارتِه فقد خان الأمانة.

 

والقيادة العسكرية الحربية أمانة، من أعطاها حقَّها دون غِشٍّ لجندِه وإمامه وأهل بلده على ما يُرضِي الله فقد أدَّى الأمانة، ومن غشَّ فيها فقد خان الأمانة.

 

وبالجملة فالأمانة هي التكاليف المطلوبة شرعًا من العبدِ سلبًا أو إيجابًا، فيدخل في ذلك كلُّ مسئولٍ في أي مسئولية، ومن ذلك الإذاعة والصحافة والإدارات على اختلاف أنواعها.

 

من أجل ذلك كان لهذه الصفة حظها العظيم في نصوص الوحيين وغيرهما من الكُتبِ السابقة وإليك بعضًا من ذلك:

1- يوسف عليه السلام عندما علم أنه ذو مكانة وائتمان عند ملك مصر ورأى أن المسئولين عن أموال الدولة لا يحسنون تصريفها، انتدب نفسَه للإشراف عليها، وطلب من الملك أن يسند إليه السلطة المالية؛ معللا ذلك الطلب بأنَّه متصف بالصفات المطلوبة لتلك الوظيفة وهي: الأمانة، والحفظ، والخبرة، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ، قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 54].

 

2- وابنة الرجل الصالح - شيخ مدين الذي يقال إنه شعيب - تطلب من أبيها أن يستأجر موسى عليه السلام لرعاية أغنامه؛ معللة ذلك الطلب بصفتين عظيمتين: الأولى القوة، والثانية الأمانة، كما قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].

 

3- ونوح عليه السلام يمدح نفسه بالأمانة لقومه في سياق إخبارهم بأنه رسول من ربه، كما قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 105 – 107].

 

4- وهود عليه السلام كذلك يقول عنه الله: ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 123 – 125].

 

5- وصالح - عليه السلام - يقول الله عنه: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 141 - 143].

 

6- ولوط - عليه السلام - يقول الله عنه: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 141 - 143].

 

7- وشعيب - عليه السلام - يقول الله عنه: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 176 - 178]

 

وقد أمر الله عباده عن طريق الإخبار المؤكد بأداء كل الأمانات إلى مستحقيها، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].

 

وذكر تعالى أن الأجرام العظيمة السماوية والأرضية التي لا يعد الإنسان إلا ذرة من ذراتها تبرَّأْنَ من حمل الأمانة؛ لما أودعه الله فيها من معرفة ثقل الأمانة، وعدم القدرة على القيام بها كما ينبغي، وأن الإنسان وحده هو الذي أعلن تحمله المسؤولية وعبأها الثقيل كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

 

وقسم الله أهل الكتاب قسمين: قسم ممدوح بسبب أداء ما أؤتمن عليه ولو كان ثمينًا مغريًا، وقسمٌ مذموم بسبب خيانته ما أؤتمن عليه ولوكان قليلًا، كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75].

 

وهذه أمثلة قرآنية تصور أهمية الأمانة في جميع الأديان السماوية، وأمَّا السنة النبوية فهي مفعمة بالحث على أدائها، والنهي عن الخيانة، وذم الخائن، ومدح الأمين، فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم تضييع الأمانة من علامات الساعة، وما أكثر الخونة في هذا العصر كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا ضُيِّعتِ الأمانةُ فانتظرِ السَّاعةَ»، قيل: يا رسول الله وما إضاعتها؟ قال: «إذَا وُسِّدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظر السَّاعةَ». أخرجه البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة. وقال صلى الله عليه وسلم - لأبي ذَرٍّ في شأنِ الإمارةِ -: «إنَّها أمانة، وإنَّها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلَّا من أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليه فيها»، وجعل صلى الله عليه وسلم من أبرز صفات المنافقين الخيانة، التي هي ضد الأمانة، قال -صلى الله عليه وسلم-: «أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كان فيه خصلة من النفاقِ حتَّى يدَعَها: إذَا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجر» متفق عليه.

 

ومِنَ الأحاديثِ الجامعةِ لكلِّ تلك الصفاتِ: العلم، والقوة، والأمانة، وغيرها من الصفات الحميدة قوله -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كُلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعُك، واستعنِ باللهِ، ولا تعجزنَّ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قدَّر اللهُ وما شاء فعل؛ فإنَّ لو تفتحُ عملَ الشَّيطانِ»، فديننا دين الحرص، وبذل الجهد في تحصيل النافع للجماعات والأفراد في الدنيا والآخرة، لا كما يزعمه أعداؤه - الصرحاء والمنافقون - من أنه دين خمولٍ وتأخُّرٍ، وتاريخ العصور الإسلامية - المتمسك أهلها بالإسلام - شاهد بذلك، وإذا كان المنتسبون الآن إلى الإسلامِ متأخرين في مجال الدنيا والحياة والآخرة بسبب ضعف إيمانهم، فالذنب ذنبهم، وما للإسلام من ذنبٍ، وما على أعداء الإسلام إلا أن يدرسوا الإسلام في مصدريه: كتابِ الله وفي سُنَّةِ رسولِه الصحيحة، عقيدة وحكمًا، وسياسة داخلية، وخارجية، واقتصادًا، وسلمًا، وحربًا، متجردين عن التعصب الذي أعماهم عن الحقِّ ليعرفوا الإسلام من حيث هو إسلامٌ عمل به أهلُه أم تركوه، ليعرفوا أنه كما قال الله: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].

 

واجب المسلمين نحو هذه الصفات:

أخي المسلم الغيور لقد عرفت مما مضى أهمية هذه الصفات الثلاث – القوة، والأمانة، والعلم - والعلم بالشيء لا يفيد إلا إذا طُبِّقَ عمليًّا، فالواجب على كل مسؤول أن يختار الوظائف والأعمال التي له التصرف فيها من يعلم أنه أكثر اتِّصافًا من غيره بهذه الصفات، كل واحد يعطي ما يناسبه من الوظائف في الإمارة والقضاء والإدارة والقيادة والتعليم والصحافة والإذاعة والكتابة والخدمة والحراسة وغيرها من الوظائف الكبيرة والصغيرة.

 

وإنني لأدعوك أن تقف معي قليلًا متأملًا موقف تلك المرأة الصالحة من رعاية غنمها حيث تشترط لتلك الرعاية هاتين الصفتين العظيمتين: القوة والأمانة؛ ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، لقد أدركت أن رعاية الغنم يجب أن تتوفر في صاحبها القوة ليستطيع بها القيام بواجب الأغنام، والأمانة ليؤدي عمله على خير ما يرام، وليحفظ مال مستأجره، ولا يفرط فيه. إنها لحكيمة تدعو إلى الحكمة التي هي وضع الأمور في مواضعها، وإسناد الأمور إلى مستحقيها، وإذا كان هذا الاهتمام بالنسبة لرعاية الأغنام فما بالك برعاية البشر، أليست أهم بكثير من رعاية الأغنام؟.

 

ومن أجل ذلك جاء النص النبوي الشامل، محمِّلًا كل فرد مسئوليته، ولم يدع مجالًا لإمام أو وزير أو زوجة أو ابن أو خادم بأن يخون في مسئوليته، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ عن رعيَّته؛ فالإمامُ راعٍ ومسئول عن رعيَّتِه، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والولد راعٍ في مال أبيه وهو مسئولٌ عن رعيَّته، والعبد راعٍ في مال سيدِه وهو مسئول عن رعيَّته، ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» متفق عليه. فالناس كلهم أمام هذا النص النبوي - الذي هو من جوامع الكلم - كلهم رعاة، وكلهم مرعيون، وكلهم محمل مسئولية رعيته، فليتق الله كل مسئول فيما ولاه الله، وليعمل قدر استطاعته لصالح رعيته؛ لئلا يموت وهو غاش لهم فيستحق وعيد الله، الذي أجراه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «ما من راعٍ يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لهم إلا حرَّم الله عليه رائحة الجنة» رواه مسلم.

 

كيف ينجو الراعي؟

تتلخص سبيل سلامة الراعي في أمرين:

الأول: أن يؤدي كل حق إلى مستحقه، وينصر كل مظلوم على ظالمه - ولو كان هو الظالم - في الأمور التي يباشرها بنفسه.

 

الثاني: أن يختار لكل وظيفة من يستحقها من رعيته، دون مجاملة لأحد قريبًا كان أو بعيدًا، بل ينظر إلى أحسن رجل يتوسم فيه القيام بالواجب في تلك الوظيفة، ويسندها إليه، فإن حصل تقصير ممن ولاه بعد ذلك فلا إثم عليه، بل هو مأجور؛ لأنه بذل جهده في الاختيار، سواء كبرت الولاية أم صغرت، وكل موظف في تلك الولاية يجب عليه ما وجب على الوالي العام، فمن قام بذلك فقد سلك سبيل النجاة، وبقدر توفيقه في الاختيار يكون نجاح عمله وثمرته في الدنيا والآخرة، ومن عكس فحابى القريب لقرابته، والصاحب لصحبته، وهو غير كفء أو كفاءته ناقصة، وترك من هو خير منه فقد سلك طرق الهلاك، وبقدر اختياره السيئ يكون فشل عمله، فالأول فائز في الدارين، والثاني خسر فيهما.

 

مواقف المسئولين من تطبيق هذه الصفات عمليا ونتائجها:

أخي المسلم إنك إذا ألقيت نظرة على موقف المسئول الأول عن هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدته رسم منهجًا واضحًا كاملًا لأمَّته في تطبيق هذه الصفات، باختيار الأكثر إنصافًا بها للوظيفة المراد إسنادها، في السلمِ والحربِ، والسفر والحضر، والإمارة، والقضاء، والصلاة، والجباية، وغيرها، وكتب السير والجهاد شاهدة بذلك في متناول يد كل قارئٍ، وفي إمكانك الرجوع إليها في "الصحيحين" وغيرهما من كتب السُّنَّةِ.

 

وتبعه على ذلك خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم، كلُّ واحد منهم على قدر استطاعته، وبما أداه إليه اجتهاده، وكانت الأمور في عصرهم على خير ما يرام، وكان المسلمون سادة الدنيا وحكامها وقتًا غير قليل بعدهم بسبب نهجهم الذي سلكوه، وإن كانت هناك بعض فوارق بين الخليفتين الأوليين أبي بكر وعمر رضي الله عنه، وعهد الخليفتين بعدهما، يعرف ذلك من اطلع على تاريخهم جميعًا رضي الله عنهم وأرضاهم.

 

ثم جاء بعد الخلفاء من مال عن جادتهم بعض الميل، فأسندت بعض الأمور إلى غير أهلها، وترك من هو أهل لذلك تبعًا للأهواء والأغراض، وتتابعت عل ذلك الأجيال، كلُّ جيلٍ يفوق من قبله في الفساد وسوء الاختيار، إلا من رحم الله، وهم قليل، فكانت النتائج وخيمة، والأحوال مضطربة، والفشل حليفًا لأغلب الأمم الإسلامية، يكثر ويقل في كل أمة بقدر كثرة الغش وقلته، وأصبح المسلمون أتباعًا بعد أن كانوا متبوعين، أذلاء بعد أن كانوا أعزاء، فقراء بعد أن كانوا أغنياء؛ والسبب في ذلك كله إسناد الأمور إلى غير أهلها.

 

نصيحة:

أيها المسلمون إني أدعوكم جميعًا إلى مراقبة الله الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون، بأن تسندوا كل وظيفة كبرت أم صغرت إلى من يستحقها، ولو كنتم غير راضين عنه لأغراض شخصية، ولا تولوا من لا يستحق الولاية ولو كان أقرب قريبٍ، فإنَّ الله تعالى يقول: ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ويقول: ﴿ الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]، فقرابة القريب وصداقة الصديق الذين تحابونه لقرابته أو صداقته لا تنفعكم شيئًا، بل قد تكون سببًا لفشلكم في الدنيا، وعذابكم في الآخرة، والآجال النافع الباقي خير من العاجل الضار الفاني. وليعلم كل مسئول ولى من لا يستحق الولاية وهو يعرف أن غيره أحق منه أنه خائن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولعباده، وأنَّ حبه لشهوات نفسه تغلب على حبه لله ولرسوله، فإن اختيار الأصلح اللاحق من محبوبات الله ورسوله، واختيار الأسوأ مما يبغضه الله ورسوله، وتارك الأول قد ترك ما يحب الله، ومختار الثاني قد اختار ما يبغض الله، وهذا يدل على خبث النية، وسوء القصد، نسأل العافية.

 

وليكن الختام بهذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

 

المصدر:

«مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية»، العدد: 4 ربيع الأول 1389هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نهاية الأمم
  • الأمم بين الصلاح والإصلاح
  • إنما الأمم الأخلاق
  • أمة الإسلام خير الأمم
  • أول الأمم حسابا يوم القيامة
  • طلاب الدنيا وطلاب الآخرة

مختارات من الشبكة

  • من عوامل نجاح المصطفى (صلى الله عليه وسلم)(مقالة - ملفات خاصة)
  • عوامل قوة الأوطان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • نزع الخافض دراسة في عوامل النصب في التراث النحوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النصر والهزيمة بين العوامل الذاتية والعوامل الغيبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن أكبر عوامل توحد المسلمين(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • عوامل تحقيق الأهداف (مستوحاة من سيرة سيد البشر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عوامل تربوية مؤثرة في البيوت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عوامل الاستقرار للعقد القابل للإبطال (PDF)(كتاب - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • عوامل انتشار الدين الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البنيوية: عوامل النشأة وأسباب التقوض(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب