مسلسل الأولية رواية الصدر محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي (664-754)

مسلسل الأولية

رواية الصدر محمد بن محمد بن إبراهيم المَيْدُومي

(664-754)

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فهذا جزءٌ فيه حديث الرحمة المسلسل بالأولية، من رواية مسند عصره الصدر محمد بن محمد بن إبراهيم المَيْدُومي رحمه الله.

وقع الجزء ضمن مجموع من الأجزاء الحديثية في مكتبة شهيد علي في تركيا، ومكانه في الأصل قبيل جزء البطاقة لحمزة الكِنَاني، ولكن لتشوش ترتيب المجموع وفقدان بعض محتوياته: تغير موضع الجزء إلى (ق129/أ-ب)، وبقيت معظم السماعات التابعة له في موضع آخر مع جزء البطاقة (ق163/أ إلى 171/ب).

وهذا المسلسل يُروى عن الميدومي مفرَدًا، ويروى مع جزء البطاقة ملحَقًا به، كما في النسخة التي اعتمدت عليها، حيث تداخلت سماعاتهما[1].

وتجد في هذه الطباق خطوط وسماعات جملة من الحفاظ والمحدّثين، مثل إسماعيل بن جماعة، ونصر الله الكناني، وابن حيدرة الدجوي، وإبراهيم التنوخي البعلي، وأبي الفَرَج الغزي ابن الشيخة، والصدر المناوي، وابن الكلوتاتي، والأقفهسي، والتقي الفاسي، وابن حجر، والشهاب أحمد البوصيري، وأرفقتُ صور ما كان فيه رواية المسلسل منها.

ومن الفوائد أن الحافظ ابن حمزة الحسيني لما خرّج للميدومي مشيخته ابتدأها بالمسلسل المذكور، انظر لها: المجمع المؤسس (2/507) والضوء اللامع (7/174) [2].

ترجمة الميدومي:

هو مسند عصره المعمر الرحلة صدر الدين أبو الفتح محمد ابن المحدّث الشرف أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن عنان بن موسى بن إسماعيل بن عبد الله بن مكي، القرشي، البَكْري، الخطيب، المعروف بالمَيْدُومي، نسبة لبلدة مَيْدوم قرية من أعمال البَهْنَساوية في مِصْر، وُلد بمصر رابع عشر شعبان سنة 664، اعتنى به أبوه كثيرًا وبكّر في إسماعه، ولم يُوجد له مع ذلك حضورٌ على طريقة أبناء المحدّثين.

فأسمعه من النجيب الحَرّاني، وعبد الله ابن علاق، وإسماعيل ابن عزّون، فكان خاتمة أصحابهم، وسمع أيضًا من الشريف إبراهيم بن محمد ابن مُناقِب، وعبد الرحيم بن يوسف ابن خطيب المزة، والقطب محمد بن أحمد القسطلاني، وأبي بكر ابن الأَنْماطي، وشامية بنت الحسن البكري، وعبد الله بن أحمد بن فارس، وغازي الحلاوي، ومحمد بن مرتضى ابن العفيف، وجماعة، وذكر التقي الفاسي بعض عيون مسموعاته، وساق جملة منها النذرومي في ثبته، وابن حجر في المجمع المفهرس.

وأجاز له أحمد بن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، والكمال ابن عبد، والتوزري، والإمام النووي، وزينب بنت مكي، والفخر ابن البخاري، وآخرون.

كان خطيبًا بمنية الشيرج من نواحي القاهرة، وإمامًا بالجامع الناصري بمِصْر.

ذكره الحافظ قطب الدين في تاريخ مصر فقال: كان من أهل الدين والخير والصلاح، ثقة، يكتب خطًّا حسنًا. ومات القطب قبله بعشرين سنة.

وقال ابن السبكي: كان حَسَن الخُلُق متوددًا، حسن الخط.

وقال عبد الرحمن بن يوسف الصنهاجي (في ثبت النذرومي): الإمام الشيخ المعمر المسند الأصيل.

وقال ابن حمزة الحسيني (في ثبت النذرومي): الشيخ المسند الرحلة الخطيب الإمام مسند الآفاق، وملحق الأصاغر بالأكابر، والأحفاد بالأجداد.

وقال التقي الفاسي: كان خَيِّرًا.

وقال ابن حجر: الشيخ المسند الأصيل.

وخرج له أبو الحسن ابن أيبك: جزءاً عن الشيوخ الذين أجازوا له، ومات قبله، وخرَّج له الحافظ محمد بن علي بن حمزة الحسيني معجماً بالسماع والإجازة.

وحدّث دهرا طويلًا، وانتُفع به، وراج حديثه، وسمع منه الأكابر، مثل العلائي، وابن رجب، وابن الملقن، والعراقي، والهيثمي، والبلقيني، وغيرهم، وسمع منه جمع غفير في مصر، ورحل إلى القدس بعد سنة 750 فأكثروا عنه[3].

توفي بمصر في العشر الآخر -وقال النذرومي: في الأوسط- من رمضان سنة 754، ودُفن بالقَرَافة، رحمه الله وإيانا رحمة واسعة.

انظر: ذيل العبر للحسيني (4/161)، وأعيان النصر للصفدي (5/195)، ومعجم التاج السبكي (438)، والوفيات لابن رافع (2/161)، وثبت النذرومي (27/ب، ومواضع متعددة)، ومعجم مريم بنت الأذرعي (1)، ومشيخة المراغي (ص247 و273)، وذيل التقييد (1/217)، والدرر الكامنة (4/157)، والمشيخة الباسمة (رقم 144)، والنجوم الزاهرة (10/291).

فوائد في الآخرية:

يظهر بتتبع الطرق أن الصدر الميدومي رحمه الله انفرد بعلوِّ رواية المسلسل بالأولية، وسمعه عليه الأكابر من الحفاظ والمحدّثين والمسندين، ومعظم رواية المتأخرين للمسلسل جاءت من طريقه، وقال ابن حجر عن طريقه في معجمه (956): إنها أعلاها وأشهرها.

وهو آخر من حدّث عن النجيب الحَرّاني، كما في قال الحسيني، والصفدي، وابن السبكي، وابن رافع، والعراقي في الأربعين العشارية (1)، والجمال المراكشي في مشيخة المراغي، وابن حجر في الدرر؛ وفي المشيخة الباسمة؛ وفي مشيخة مريم بنت الأذرعي، والسخاوي في الضوء اللامع (6/101)، وغيرهم.

وتأخر ممن أخذ المسلسل عنه: أحمد بن محمد الواسطي[4] (745-836)، ومحمد بن أحمد التَّدْمُري الخليلي (750-838)، فالأول أخذه سماعًا، والآخر حضورًا في الثانية أو الثالثة. انظر: ذيل التقييد (1/218) والمجمع المؤسس (1/428) والمعجم لابن فهد (344 و379) والضوء اللامع (2/106 و7/81 و11/233) والتحفة اللطيفة (2/427) والأنس الجليل (2/171).

وذُكر أن آخر من روى عنهما -وعن غيرهما من أصحاب الميدومي؛ كالقِبابي- هو إبراهيم بن علي القَلْقَشندي (831-922)، فقد روى المسلسل سماعًا على الواسطي وإجازة مكاتبة عن الخليلي، ولعل آخريته باتصال السماع؛ فقد بقي بعده البرهان إبراهيم بن محمد بن أبي شريف المقدسي (833-923) وله إجازة من القبابي.

وعاش بعده عبد القادر النويري (829-924) وهو خاتمة من وقفت عليه من المجازين باستدعاء النجم ابن فهد سنة 836، وأجاز فيه الواسطي والقبابي وفاطمة من أواخر أصحاب الميدومي.

انظر: جزء أسانيد لصحيح البخاري (ص74 بتحقيقي)، وثبت إبراهيم بن الأحدب (139/ب)، والكواكب السائرة (1/108)، وفهرس الفهارس (2/964).

وممن سمعه من القلقشندي: أحمد بن محمد بن يشبك اليوسفي سادس شعبان سنة 914، كما في ثبت مسموعاته عليه (ق3/ب، نسخة الخيّال)، ولابن يشبك رواية عن ابن أبي شريف أيضًا.

ومنهم أيضًا: يوسف بن زكريا الأنصاري، وإبراهيم بن عبد الرحمن العمادي، وتسلسل لنا من طريقهما، ولله الحمد.

لطيفة في السابق واللاحق:

سمع المسلسل من الميدومي الحافظ العلائي، ورواه عنه في مسلسلاته التي خرّجها سنة 741، وعاش بعد هذا قرابة القرن من سمعه على الميدومي مثله، كما تقدم.

والله المستعان، وعليه التكلان.

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

أخبرنا الشيخ صَدْرُ الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم المَيْدومي، وهو أول حديث سمعناه منه، قال: حدثنا أبو الفَرَج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحَرّاني، وهو أول حديث سمعته منه، قال: أنا الحافظ أبو الفَرَج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجَوْزي، وهو أول حديث سمعتُه منه، قال: حدثنا الإمام أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك النَّيْسابُوري، وهو أول حديث سمعته منه، قال: أخبرنا والدي الإمام أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثنا الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن مَحْمِش الزِّيَادي، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البَزّاز، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، وهو أول حديث سمعته منه، قال: حدثنا سفيان بن عُيَيْنَةَ، وهو أول حديث سمعته منه، عن عَمْرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عَمْرو بن العاصي، عن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«الراحمون يرحمهم الرحمن -تبارك وتعالى- ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».

* * *

قال ابن الحَكَم: هذا أول حديث سمعته من ابن عُيَيْنَة.

وقال أبو حامد أحمد ابن البَزّاز: هذا أول حديث سمعته من ابن الحكم.

وقال أبو طاهر محمد ابن الزيادي: هذا أول حديث سمعته من أبي حامد البزاز.

وقال أبو صالح النيسابوري: هذا أول حديث سمعته من أبي طاهر الزيادي.

وقال أبو سعد إسماعيل: هذا أول حديث سمعته من من والدي أبي صالح.

وقال ابن الجوزي: هذا أول حديث سمعته من أبي سعد إسماعيل.

وقال أبو الفَرَج الحَرّاني: هذا أول حديث سمعته من ابن الجوزي.

وقال أبو الفتح المَيْدُومي: هذا أول حديث سمعته من النجيب أبي الفَرَج الحَرّاني.

والحمد لله وحده، وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله.