• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

أفي الله شك؟ (1) (خطبة)

أفي الله شك؟ (1) (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/3/2020 ميلادي - 27/7/1441 هجري

الزيارات: 14996

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفي الله شك؟

الحلقة الأولى

 

الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، ولحكمه خضع الخلق كلهم أجمعون، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [الروم: 26]، سبحانه وبحمده، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123]، سبحانه وبحمده، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، والصلاة والسلام على مَن بعثه الله تبارك وتعالى هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صـلى الله وسلم وبــارك وأنعـم عليـه، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأبرار، والتابعين وتابعيهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

 

فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله، فقد تعرف إليكم ربكم بأسمائه وصفاته وأفعاله، فاعرفوه حق معرفته، واقدروه حق قدره، واشكروه حق شكره، اصطفى لكم خير رسله وصفوة خلقه، ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]، وأنزل لكم خير كتبه وأفضل شرائعه، كتاب مبارك، ﴿ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]، ورغَّبكم في الجنة وشوَّقكم إليها، فسابقوا فيها وسارعوا إليها، وخوَّفكم النار وحذَّركم منها، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، وأعلمكم أن عداوة الشيطان لكم شديدة، ﴿ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6]، وكتب الموت على كل حي فاستعدوا له، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

معاشر المؤمنين الكرام، المتأمل في القرآن الكريم يجد أنه لم يتطرق للحديث عن وجود الله جل وعلا كثيرًا؛ وما ذاك - والعلم عند الله - إلا لأن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها لم تشكك في وجود الخالق جل وعلا؛ قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، وفي صحيح مسلم يقول ربنا تبارك وتعالى: ((إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم)).

 

وإن من المصائب الكبرى التي تفاقمت في هذه الأيام، وازداد انتشارها، ظاهرة الإلحاد وإنكار وجود الخالق جل وعلا؛ حيث نلاحظ ازدياد الجرأة على التصريح بالمعتقدات والأفكار الشاذة التي تحمل معاني الإلحاد والكفر والزندقة، والتشكيك في الثوابت والمقدسات.

 

ولا شك يا عباد الله أن الملحد أشد جرمًا من المشرك وعابد الصنم؛ لأن عابد الصنم مقر بوجود الله جل وعلا، وبأنه خالق كل شيء، بل ويتوجه إليه بكثير من العبادات، وإنما خلَّده في نار جهنم شِرْكُهُ، فهو يعبد مع الله غيره؛ قال تعالى: ﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97، 98]، فأين هذا ممن يجحد وجود الله تبارك وتعالى بالكلية؟ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 168، 169].

 

إخواني في الله، لقد قررت بعد تردد طويل أن أطرح هذا الموضوع الشائك على منبر الجمعة؛ لأن أول خطوة من خطوات علاج أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها أولًا، ولأن الرد على المنكرين منهج قرآني واضح؛ قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78، 79]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور: 35، 36]، ولأنه قد تبين أن استمرار تجاهل هذه الظاهرة قد ساهم في استفحالها، فلا بد والحال كذلك من مجابهتها؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251]، ولأن درهم وقاية خير من قنطار علاج، ولأن صفاء العقيدة من أعظم ما منَّ الله به على أبناء هذه البلاد المباركة، وهذا يحتم على كل غيور أن يبذل كل ما في وسعه حفاظًا عليها، وحمايةً لأجيالنا الغالية من هذه اللوثات الضالة، التي تبعثر تماسك المجتمع، وتفسد لحمته، وتزرع الشقاق والخلاف بين أبنائه.

 

معاشر المؤمنين الكرام، إن كنا نعترف بازدياد ظاهرة الإلحاد؛ فإن لذلك أسبابًا كثيرةً:

أولها: ضعف الحصانة العلمية والشرعية لكثير من أبناء المسلمين، فإذا صاحَبَ ذلك فضول قاتل، وجرأة على الخوض في أمور أكبر من طاقة العقل العادي، فقد أودى الإنسان بنفسه إلى التهلكة، وضل ضلالًا مبينًا، ولا نقول إن الخوض في هذه الأمور ممنوع مطلقًا، بل نقول إنه لا بد من استعداد علمي قوي قبل ذلك، وعلى يد شخص خبير، كمن يريد أن يغوص في أعماق البحار، فلا بد أن يتجهز بأجهزة خاصة، ولا بد أن يتدرب جيدًا، وأن يتدرج في ذلك تحت إشراف مدرب خبير، وإلا فما أسهل أن يغرق ويهلك!

 

ثاني الأسباب: ميل البعض نحو الانفلات من القيود الدينية، والاستعداد لأن يضحي عمدًا بتدينه؛ ليتمكن من تلبية شهواته المحرمة بلا أي قيود أو تأنيب نفس؛ وذلك يعني أن يقتل الإنسان ضميره ونفسه اللوامة؛ حتى لا يبقى في نفسه من ينازعه في المعصية.

 

ثالثها: انفتاح القنوات الفضائية وغيرها من وسائل التواصل والإعلام على نشر مثل هذا الفكر الضال، وفتح المجال لأربابه، وتمكينهم من طرح شبهاتهم، وتشكيك الناس في عقائدهم وأصول دينهم.

 

رابعها: التقليد الأعمى والانبهار بالأقوى، فكثيرًا ما تنتشر بعض الأفكار الخاطئة بين الشباب لا عن قناعة بها، ولكن تقليدًا لغيرهم من الشخصيات المشهورة، أو تأثرًا بالأصدقاء الذين انزلقوا في هذه الهاوية.

 

خامسها: اعتقاد البعض أن تنحية الغرب للدين هو السبب الأكبر لتقدمهم، فإذا أردنا أن نصل إلى ما وصلوا، فلا بد أن نتخلى عن الدين كما تخلَّوا، وهذا خلاف العقل والمنطق، فالعاقل يحسن إذا أحسن الناس، وإن أساؤوا تجنب إساءتهم.

 

سادسها: معاناة البعض من اضطرابات نفسية عصيبة؛ نتيجة تعرضهم لظروف قاسية، ومشاكل اجتماعية معقدة، تجعلهم يعيشون صراعًا فكريًّا مشوشًا، يفقدون به توازنهم وقدرتهم على التفكير الصحيح، فيكونون بذلك أكثر استجابة للأفكار الإلحادية من غيرهم.

 

سابعها: عدم مواكبة الكثير من المشايخ والعلماء للمستجدات المتسارعة، والتأخر في الرد على الشبهات، وترك الشباب فريسة لها، خصوصًا مع إحجام الكثير من الشباب عن مناقشة هذه الأفكار؛ خوفًا من أن يتعرض للإحراج أو التصنيف أو العقوبة.

 

معاشر المؤمنين الكرام، الإلحاد فكر ضالٌّ مدمر، له آثار ونتائج دنيوية سيئة جدًّا، خلافًا لما ينتظر الملحد من جزاء أخروي مروع؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 68].

 

فمن أسوأ نتائج الإلحاد الدنيوية: أن يقع الملحد فريسةً سهلةً للقلق والصراع النفسي؛ لأن الإلحاد عقيدة فارغة، قائمة على نفي الإله، فهو خواء روحي وعقلي لا يقدم حلولًا مقنعة؛ وحيث إن هناك تساؤلاتٍ كثيرة تظل تعتلج في نفس الملحد وعقله، تجعله يعيش صراعًا نفسيًّا رهيبًا: هل أنا على صواب أو على خطأ؟ ما هي الغاية من وجودي؟ ما هو مصيري بعد الموت؟ سلسلة طويلة من التساؤلات التي يزداد تأججها مع تعرض الملحد لما يذكره بالموت؛ كالأمراض وفقدان الأحبة، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22].

 

ومن نتائج الإلحاد السيئة: الأنانية والأثرة؛ فليس في عقيدة الملحد بذل للمعروف ولا تقديم للإحسان، فهو لا يفكر إلا في نفسه فقط، فهذه الدنيا هي جنته وفرصته، فإن لم يستغلها فاتته، ولأنه لا يؤمن بالآخرة؛ فهو لا يرجو ثوابًا ولا يخاف عقابًا؛ ولذلك فلا يُنتظَر منه برٌّ بوالد، ولا صلة لقريب، ولا وفاء لصديق، ولا إحسان لجار، فضلًا عن أن يقوم بمساعدة محتاج أو إغاثة ملهوف، إلا بقدر ما يعود عليه بالفائدة، فمصالحه الخاصة هي التي تشكل أخلاقه وتصرفاته.

 

ومن نتائج الإلحاد السيئة: الجنوح للجريمة والانحراف؛ فالإلحاد لا يربي ضميرًا، ولا يبني مراقبةً ذاتية، ولا يزكي أخلاقًا، ولا يضبط سلوكًا، بل العكس هو الصحيح، فالملحد محروم من التوجيه السليم، فاقد لما يردعه عن الممنوع والحرام، سوى نفسه وهواه وما يشتهيه، كسائر الحيوانات همه أن يملأ بطنه، وأن يقضيَ وطره بأي طريقة كانت.

 

ورابع النتائج السيئة: انهيار أنظمة المجتمع التكافلية؛ فالأسرة وغيرها من أنظمة المجتمع إنما تقوم على التعاون والتكافل، وعلى الإحسان والتراحم، وعلى البذل والتضحية؛ ابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة، وكل هذا ليس في عقيدة الملحد ولا من أخلاقه.

 

وخامس النتائج وأسوؤها: تمزق المجتمع وتفرقه، وتحوله إلى شِيَعٍ وأحزاب متصارعة متناحرة؛ قال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن...

♦    ♦    ♦

 

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

 

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هدى الله، وأولئك هم أولو الألباب.

 

معاشر المؤمنين الكرام، الإلحاد فكر غريب، وعقيدة فارغة، مصادم للعقل والمنطق، لا يسنده علم ولا دليل، دليله رد الدليل وجحده؛ قال تعالى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ﴾ [النمل: 14]، والجحود هو رد الحق بعد معرفته؛ قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]، والملحد حين جحد وجود الله تبارك وتعالى، فقد استبدله بإله آخر؛ فهو يؤمن بأن الكون والطبيعة أزلية قديمة، ليس لها بداية، وليس لها نهاية، وأنها قد أوجدت نفسها بنفسها عن طريق العشوائية والصدفة، ولكي نرد هذا الزعم ردًّا علميًّا ومنطقيًّا، نحتاج لأن نُعرَّف الصدفة تعريفًا دقيقًا يقيدها ويضبطها، ثم نثبت له ولغيره أن الكون له بداية وله نهاية، وأنه ليس بأزلي ولا قديم.

 

الصدفة أو العشوائية أو طبيعة الأشياء كما يحلو لهم أن يسموها كذبًا تعني عندهم: أن يتلاقى عنصرين أو أكثر بلا تنسيق، وبلا علم مسبق لأي منها، فتتداخل هذه العناصر بطريقة عشوائية غير منسقة، وبلا مرجح لاحتمال على آخر، فيتكون من ذلك التداخل مخلوق أكثر تطورًا من العناصر التي دخلت في تكوينه، ثم يظل هذا المخلوق المتطور يتقابل ويتداخل مع عناصر أخرى، أيضًا عن طريق الصدفة والعشوائية وبلا تخطيط ولا مرجح، وهكذا يظل هذا المخلوق عبر ملايين السنين ينتقل من تطور إلى آخر حتى يصل إلى الصورة الحالية، حيوانًا كان أو نباتًا أو أي شيء آخر، وكما هو واضح من شرح التعريف فأبرز صفات الصدفة أنها عمياء، بكماء، صماء، خرقاء، تخبط خَبْط عشواء، بلا عقل وبلا تفكير، وبلا حكمة وبلا تدبير.

 

والملحد حين يعتقد أن العالم أزلي قديم، ليس له بداية، وليس له نهاية، فهو اعتقاد باطل، تضافرت الأدلة العقلية والعلمية الموثقة على بطلانه، وعلى إثبات أن الكون له بداية وله نهاية، وأنه ليس بأزلي ولا قديم، فلو كان الكون أزليًّا قديمًا وبلا خالق كما يزعمون، فلا بد أن يكون الكون هو من خلق نفسه، والعقل والمنطق يرفض هذا تمامًا؛ لأن خالق الشيء لا بد أن يكون موجودًا قبل عملية الخلق؛ أي: لا بد من وجود الصانع قبل الصنعة، هذا من الناحية العقلية المنطقية، أما من الناحية العلمية، فهناك عدة أدلة:

أولها: أن هناك حقيقة علمية ثابتة توصل لها الفلكي المشهور (هابل)؛ وهي: أن المجرات والأفلاك عمومًا في تباعد مستمر عن بعضها، وبسرعات هائلة، وقد نسف هذا الاكتشاف خرافة أزلية الكون من جذورها، فلو كان الكون يتمدد منذ الأزل، لكانت النجوم والأفلاك قد تبعثرت وتشتتت، ولكان من المفترض ألا نرى أي جرم في السماء؛ لأنها ستكون قد تباعدت عن بعضها بمسافات لا نهائية.

 

ولو كان الكون أزليًّا لتساوت درجات حرارته، فمعلوم أن الحرارة تنتقل من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة حتى تتساوى تمامًا، فلو كان الكون قديمًا أزليًّا لفقدت كل النجوم حرارتها تمامًا، ولتساوت مع غيرها، وهذا ما لم يحدث، فالكون إذًا ليس أزليًّا.

 

وكذلك فقد اكتشف العلماء أن هناك نجومًا تنفجر وتموت، وأن هناك نجومًا تولد وتنشأ من جديد، ولو كان الكون أزليًّا، لاستقرت حالة الكون، وسكنت على حالة واحدة، أما والوضع لا يزال يتغير ويتبدل، فإن هذا لا يدل على الأزلية، إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة.

 

وطالما أننا بدأنا هذا الموضوع الشائك، فلا بد من استيفاء الحديث عنه؛ ولذا فسيكون لنا مع الإلحاد وقفة طويلة قد تمتد لعدة خطب قادمة بإذن الله، نبسط فيها الكلام عنه، ونقدم الأدلة المتنوعة التي تثبت وجود الخالق جل وعلا، ونرد على جميع شبه الملحدين ردًّا علميًّا ومنطقيًّا مقنعًا وشافيًا بإذن الله، بل وسنطرح عليهم أسئلةً كثيرةً عن الإلحاد نتحداهم أن يجيبوا على أي سؤال منها.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا * وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 81، 82]، ويا ابن آدم، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صلِّ وسلم على نبيك.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التوكل على الله تعالى
  • التوكل
  • التوكل على الله
  • حقيقة التوكل وثمرته
  • آيات عن الاستعانة والاستعاذة بالله
  • خطبة في التوكل على الله والاستعانة به
  • أفي الله شك؟ (2) (خطبة)
  • أفي الله شك (3) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (4) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (5) (خطبة)
  • ما لكم لا ترجون لله وقارا (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (6) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (7) (خطبة)
  • أطب مطعمك (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة أفي الله شك (4)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة أفي الله شك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (2)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (1)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي الله شك ؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي المال حق سوى الزكاة؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا أملك قدرا كافيا من الجمال(استشارة - الاستشارات)
  • الاختلاط أفيون الشعوب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب