• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: أهمية العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    المرأة بين حضارتين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    رجل يداين ويسامح (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    من فضائل لا إله إلا الله
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين
    د. ربيع أحمد
  •  
    خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ...
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    شموع (111)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أفبعذابنا يستعجلون (خطبة)

أفبعذابنا يستعجلون (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2020 ميلادي - 7/7/1441 هجري

الزيارات: 19894

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾

 

الحمدُ للهِ الذي بيده الإفناءُ والإنشاءُ، والإماتةُ والإحياءُ، والعافيةُ والبلاءُ، والسراءُ والضراءُ، سبحانهُ وبحمده، خلقَ الإنسانَ والأرضُ والسماءُ، والإصباحُ والمساءُ، والشجرُ والماءُ، والدوابُ والهواءُ.. سبحانهُ وبحمده، خزائنهُ ملأى، ويمينهُ سحّاءَ، ويَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ﴾ [هود: 7]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الغِنَى، وله العظمةُ ولهُ الكبرياءُ، ولهُ الأسمَاءُ الحُسنى، يفعلُ ما يُريدُ، ويحكُمُ ما يشاءُ، ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، إمامُ الأنبياءِ، وصفوةُ الأولياءِ، صاحبُ الوجهِ الوضاءِ، واليدِ البيضاءِ، والشريعة الغراءِ.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله السادةِ النجباءِ، وصحابتهِ البررةِ الأتقياءِ، والتابعينَ، وتابعِيهم بإحسانٍ، مادامتْ الأرضُ والسماءُ، أمَّا بعدُ:

 

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، اتقوا اللهَ حقَّ تقواهُ، فمن اتقى اللهَ وقَاهُ، ومن توكَّلَ عليهِ كفاهُ، ومن استعانَ به هداهُ، ومن استعاذَ به حماهُ، ومن أوى إليه آواهُ، وأسعدهُ وما أشقاهُ، ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].

 

معاشر المؤمنين الكرام، خلق الله الإنسان في هذه الحياة ليبتليه ويختبرَه: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1، 2]، وأنزل الله تعالى كتابه العظيم نورًا وهداية للعالمين, وفصل الله فيه الأحكام والعِظات، وما فرط فيه من شيء, ليكون كتاب هدايةٍ وبشارةٍ للمتقين، وإنذارًا ووعيدًا للمجرمين؛ قال تعالى: ﴿ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [فصلت: 1 - 4]، فهو كتاب بشارةٍ ونذارةٍ؛ كما قال الله تعالى في مطلع سورة الكهف: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ [الكهف: 1، 2]، وقال في مطلع سورة الفرقان: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقال تعالى في سورة الأحقاف: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأحقاف: 12]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴾ [الأنبياء: 45]، وكذلك قال الله عن رسوله الكريم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر: 24]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11].

 

وَإِنَّ مِن سُنَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في خَلقِهِ أَن يُنذِرَهُم بِالآيَاتِ وَيَبتَلِيَهُم بِالمَصَائِبِ، فَإِنْ هُمُ انتَبَهُوا وأنابوا، تَجَاوَزَ عَنهُم وَعَفَا، وَإِنْ هُم عاندوا وَأَصَرُّوا، فَعَلَ بهم مَا فَعَلَ بمن قَبلَهُم مِنَ العُصَاةِ المُعَانِدِينَ، حيث يملي لهم، ويمدهم في طغيانهم يعمهون، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

 

تأملوا جيدًا هذا السياق القرآني الرهيب: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 42 - 45].

 

لَقَد فَزِعَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى خسوف القمر فزعًا شديدًا، وَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، بَل وَرَدَ أَنَّهُ مِن عَجَلَتِهِ لَبِسَ دِرعًا لإِحدَى نِسَائِهِ، هَذَا وَهُوَ يَعلَمُ يَقِينًا أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلا قَد جَعَلَهُ أَمَنَةً لأُمَّتِهِ، وَأَنَّ العذاب لن ينزلَ وَهُوَ حَيٌّ؛ قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 33]، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ خَرَجَ فَزِعًا إِلى الصَّلاةِ، وَأَمَرَ بِالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ.

 

ومن يرى حَالُ الأُمَّةِ اليَومَ يرى حَالًا لا تَسُرُّ، جرأةٌ عجيبةٌ على المعاصي، واستخفاف بالمنكرات، يُخَوِّفُهُم رَبُّهُم فَلا يزدادُ بَعضُهُم إِلاَّ استخفافًا وَعِنَادًا، وفي الحديث: "كلُّ أُمتى مُعافى إلا المجاهرين"، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسَابِ، ونَعُوذُ بِاللهِ ممَّن لم يَقدُرِ اللهَ حَقَّ قَدرِهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِمَّن ﴿ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ﴾ [الجاثية: 8]، ونعوذ بالله ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، يَخرُجُ مِن مَعصِيَةٍ إِلى أَكبرَ مِنهَا، وَيَنتَقِلُ مِن دَاهِيَةٍ إِلى ما هو أَدهَى منها: ﴿ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 60].

 

تأملوا هذا السياق العجيب: ﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ [الشعراء: 204 - 207]، فمهما طال الإمهال، ومهما امتد العُمر فستأتي ساعة الحساب العسيرة: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26]، فإذا أتى العذابُ ذهبت المتع واللذاتُ، وحل محلها الندم والحسرات: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [يونس: 50، 51]، وفي الحديث الصحيح: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفتلته"، فسل من تمتَّع بأنواع الْمُتع، وتقلَّب في أنواع الملذات والشهوات، يكرع منها العمر كله، سلْهُ حينَ يأخُذهُ الله أخذَ عزيزٍ مُقتدِر، هل أغنى عنه ذلك المتاعُ شيئًا؟! لقد أملى لله لفرعون أربعين سنه: ﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 90، 91]، وأملى الله لكفار قريشٍ خمسةَ عشرَ عامًا، فما أُلقوا في القليب، قليب بدرٍ، ناداهم صلى الله عليه وسلم: يا أهل القليب، يا عُتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أُمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام، يناديهم بأسمائهم: هل وجدتم ما وَعَدَ ربُكم حقًّا، فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا؟ فقال أصحابه: يا رسولَ اللهِ، أتُنادي قومًا قد جيفوا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهُم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني".

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر: 81 - 85].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وتوبوا إليه فإنه يحب التوابين، واستغفروه بيقينٍ فهو خير الغافرين.

 

معاشر المؤمنين الكرام، اعلَمُوا علم يقين أَنَّهُ لا يَنتَفِعُ بِآيَاتِ اللهِ إِلاَّ المؤمنين المتبعين: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدَىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾، وقال سبحانه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]، وقال تعالى: ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 17، 18]، فالمؤمن المتبع، ذو القَلب الوَاعي، وَالفِكرِ الحَاضِر، هو من ينتفع بكلام الله وآياته؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، وقال جل وعلا: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴾ [الأنبياء: 45]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، وقال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الجاثية: 7، 8]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [لقمان: 7]، فكل مَن لم يَأخُذْ بِأَسبَابِ الهُدَى فَإِنَّهُ لَن يَهتَدِيَ، وَكل مَن لم يَفتَحْ بَصِيرَتَهُ عَلَى النُّورِ فَلَن يَرَاهُ، وَكل مَن عَطَّلَ مَدَارِكَهُ فلن يَنتَفِعْ بِهَا، وَمِن ثَمَّ فَلا عَجَبَ أَن تَكُونَ نهايَتُهُ إِلى الضَّلالِ وَالخَسَارَ، مَهمَا رَأَى بِعَينِهِ مِنَ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ وَالدَّلائِلِ الوَاضِحَاتِ، قَالَ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ * فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴾ [يونس: 101، 102].

 

ليت شعري، لو علم القاعدون مَاذا أَضاعوا وكَم أضاعوا، كَم من قريبٍ أبعدَه التباعُدُ، ولا يَزال قومٌ يتأخَّرون حتى يؤخِّرَهم الله، كيف يكون عاقلًا من باع نعيمًا خالدًا بشهوة ساعةٍ سرعان ما تفنى وتبقى تبعاتُها، ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39، 40].

 

فعالِجوا يا عباد الله قسوة القلوب بالتوبة، وداوِوا داءَ الغفلة بالإنابَة، من تفكَّر في العواقب أخَذ بالحذر، ومن أيقن طولَ الطريق تأهَّب للسفر، ومن سَلك سبيل أهلِ السلامة سلِم، ومن لم يَقبل نُصحَ الناصحين ندِم، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

نالَ السعادةَ من باتَ مُعافًى في بدنِه، آمِنًا في سِربه، عنده قُوتُ يومِه، قد جُعِل غناه في قلبه، فهو شاكرٌ لربِّه، راضِي بكسبِه، مستغفرٌ لذنبه، ومن أحب غير الله عُذِّب به، ومن أحبك لشيء أبغضك لفقده، علامة العاقل ثلاث: يتواضع لمن فوقه، ولا يزدري من تحته، ويُمسك الفضل من قوله، ومن حَمِدَ الدنيا ذمَّ الآخرة، ولا يكره لقاءَ الله إلا من أقام على سخطه، وما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدِّمه اليوم، وما كرِهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم، والميزانُ عند الله الأتقَى، وليس الأغنَى ولا الأقوى.

 

جاء في الحديث: اتَّقِ المحارمَ تكن أعبدَ الناسِ، وارْضَ بما قسم اللهُ لك تكن أغنى الناسِ وأَحْسِنْ إلى جارِك تكن مؤمنًا، وأَحِبَّ للناسِ ما تُحبُّ لنفسِك تكن مسلمًا، ولا تُكثِرِ الضحكَ، فإنَّ كثرةَ الضحكِ تُميتُ القلبَ، كن ورعًا تكن أعبدَ الناسِ، وكن قنعًا تكن أشكرَ الناسِ، وأَحِبَّ للناسِ ما تُحبُّ لنفسِك تكن مؤمنًا، وأحْسِنْ مجاورةَ من جاورَك تكن مسلمًا".

 

احفَظ عقلك بالحذر من خطراته، واحفظ جسمك بالحد من شهواته، واحفظ مالك بالترشيد في نفاقته:

خلقت من التراب فصرت حيًّا
وعُلمت الفصيح من الخطاب
وعدت إلى التراب فأنت فيه
كأنك ما خرجت من التراب

♦  ♦    ♦

الجَدُّ في الجِد والحرمانُ في الكسل *** فانصبْ تُصِبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ

♦    ♦    ♦

قدْ هيَّؤؤك لأمرٍ لو فطنتَ لهُ
فاربأ بنفسكَ أنْ ترعى مع الهملِ
وزَكِّ نفسكَ مما قد يدنِّسُها
واختر لها عملًا من أشرفِ العملِ

 

ويا بن آدم، عِش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمَل ما شئت فإنك مَجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان، اللهم صل وسلم على نبيك محمد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكسوف والخسوف (3) الخوف من العذاب
  • تفسير: (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب)
  • وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا آخرنا إلى أجل قريب
  • تفسير: (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا)
  • معنى العذاب المستقر الذي أصاب قوم لوط
  • تفسير: (ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)
  • أطب مطعمك (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من وحي عاشوراء (الطغاة قواسم مشتركة، ومنهجية متطابقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مشكاة النبوة (5) "يا أم خالد هذا سنا" (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أفشوا السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/1/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب