• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة عن النوم وآدابه

خطبة عن النوم وآدابه
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2020 ميلادي - 23/6/1441 هجري

الزيارات: 30422

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن النوم وآدابه

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، إن الله تعالى قد أودع في خلقه آيات دالة عليه، يَهدي بها عباده إليه، فتشهد تلك الآيات الباهرة، والبيِّنات الظاهرة بأنه الرب المتفرد بالخلق والإيجاد، والرزقِ والإمداد، وأنه الإله الواحد الذي لا ينازعه مألوه في استحقاق العبادة، ولا يشاركه فيما هو له منها بقلةٍ ولا بزيادة.


فتنطق تلك الآيات المودَعَة في الكون بكمال قوَّته وقدرتِه، وبديعِ صنعه وحكمته، وتمامِ إبداعه في خَلْقه، وعظيمِ رحمته بعباده، فسبحانه من خالق عظيم، ومبدع حكيم، ورازق كريم، ومعبود رحيم!


ألا وإن من آيات الله بين أحياء خلقه: آيةَ النوم، وهي آية عظيمة من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته، فانظر أيها الإنسان في هذه الآية، تجد أن "حالة النوم حالة عجيبة من أحوال الإنسان والحيوان؛ إذ جعل الله له في نظام أعصاب دماغه قانونًا يسترد به قوة مجموعه العصبي، بعد أن يعتريه فشلُ الإعياء من إعمال عقله وجسده، فيعتريه شِبهُ موت يخدِّر إدراكه، ولا يعطِّل حركاتِ أعضائه الرئيسة، ولكنه يثبطها حتى يبلغ من الزمن مقدارًا كافيًا لاسترجاع قوته، فيفيق من نومته وتعود إليه حياته كاملة"[1].


وقد "جَبَل الله العباد على النوم، واضطرهم إليه، ولا قِوام لأبدانهم إلا به؛ إذ هو راحة لهم من السعي والنصب، فهو من أعظم نِعَمِ الله على عباده، فإذا نام المؤمن بقدر الحاجة، ثم استيقظ إلى ذكر الله ومناجاته ودعائه، كان نومُه عونًا له على الصلاة والذكر"[2].


قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [الروم: 23].

 

لقد تحدث الأطباء والعلماء - معشر المسلمين - عن فائدة النوم للإنسان، فذكروا "أن النوم ضروري؛ لكي ينسى الدماغ بعض الأفكار التي يجدها متطفِّلة، وأنه لو لم يحدث ذلك لشُحن الدماغُ بذكريات لا تطاق، ولأدَّى ذلك إلى الهلاوس والهذيان في يقظته"، و"الدماغ يقوم خلال النوم بتصفية حساباته والتخلص من المعلومات غير الملائمة".

 

كما ذكروا أيضًا: "أن إحدى وظائف النوم الهامة هي حل المشكلات والمعضلات، فكثير من العلماء يجد الحلول لمشكلة أعضلت عليه خلال النوم"، قال بعضهم: "ومهما أخذني أدنى نوم، كنت أرى المسائل بأعيانها في نومي، واتضح لي الكثير من المسائل".

 

"ويؤكد العلماء أن للنوم الهادئ وظيفةً مصححة ومرمِّمة وشافية للدماغ، والنوم له دور أساسي يمكِّن الدماغ من القيام بوظائفه على أكمل وجه أثناء اليقظة".

 

"ونجد في النوم أمنًا وأمانًا من القلق والخوف؛ لذا فقد غشَّى الله جنود المسلمين بالنعاس أمنة لهم في غزوة بدر، وربط على قلوبهم ليبعد عنهم القلق والخوف، وقد كانوا قلة أمام أعدائهم، قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾ [الأنفال: 11] [3].

 

عباد الله، بعد هذا أفلا نشكر الله تعالى على نعمته علينا بالنوم؟

إننا حينما نصاب أحيانًا بالأرق، ولا نجد إلى النوم سبيلًا، أو عندما نتفكر في أولئك الذي أسهرتهم الأمراض أو الهموم أو المخاوف أو الجوع الشديد، أو تشعب البال في غايات لم يستطيعوا الوصول إليها، فطار عن عيونهم المنام، وحلَّت في أجسادهم الأسقام؛ عندها سندرك حقًّا عظمةَ مِنَّة الله علينا بنعمة النوم، قال الشاعر:

فبتُّ أريد النومَ لا أستطيعه *** وقد تمنع النومَ الهمومُ الطوارقُ

 

أليس من النعمة عليك - أيها المسلم - أن تنام قرير العين بغير استخدام أدوية مساعدة على النوم، كما يستعملها ناس آخرون لزمهم الأرق، وبَعُدَ عن أعينهم النوم الطبيعي؟!

 

أيها الأحباب الكرام، إن النوم مظهر ضعف، ودليل حاجة؛ ولهذا تنزه الله عنه فقال عن نفسه المقدسة: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255].

 

وأما الإنسان فهو مخلوق ضعيف، فإذا أقبل على شؤون عيشه، وجدَّ فيها، أصابه التعبُ والفتور، والإعياء والذبول، وكسا قواه العقليةَ والبدنية الإرهاقُ والإجهاد، فعند ذلك يقلُّ إنتاجه، ويصيب عملَه التخبطُ وكثرة الأخطاء؛ فكم من حوادث سيرِ تحصل، وأعمالٍ دينية ودنيوية لم تُتقن، وسبب ذلك قلة النوم، أو حاجة الإنسان إليه وهو يدافعه عن نفسه؛ فلهذا كان من رحمة الله به أن سخر له النوم ليجد به الراحة بعد تعبه، ويتجدد له النشاط بعد كَلَله.

 

وهذه الحال الدالة على ضعف الإنسان، إنما هي في هذه الدنيا، أما في الآخرة فليس فيها نوم، لا في الجنة ولا في النار، فأما أهل الجنة فإنهم لا ينامون؛ لأن النوم أخو الموت، وهم لا يموتون [4]، ولأن الضعف حالة من حالات الإنسان في الدنيا، وأما في الجنة فهو سالم من ذلك الضعف، بل هو في أكمل قواه، كما أنه ينافي كمال النعيم الذي أبيح لأهل الجنة أن يتناولوا منه ما شاؤوا بلا انقطاع.

 

وكذلك أهل النار لا ينامون؛ لأن النوم يخالف ما يستحقونه من دوام العذاب والعقاب.

 

أيها المسلمون، إن الإسلام قد عُني بأمر النوم عناية كبيرة؛ فذكر له آدابًا وأحكامًا، يكسب المسلم العامل بها الثواب، وينال من خلالها الراحة والصحة في منامه، بل إن المسلم الساعي حال يقظته في عمل الصالحات، إذا نام واحتسب ذلك النوم مقويًا ومعينًا له على طاعة ربه، فإن نومه ذلك يصير عبادة يؤجر عليها، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي"[5]، وفي رواية: "فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"[6].

 

معناه: أني أنام بنية القوة، وإجمام النفس للعبادة، وتنشيطها للطاعة، فأرجو في ذلك الأجر كما أرجو في قومتي؛ أي: صلواتي، و"أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب؛ لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة، حصل الثواب"[7].

 

إن من نظر في هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام في النوم، فإنه سيجد قدوة حسنة في هذه الظاهرة الطبيعية اليومية، قال ابن القيم رحمه الله: "مَن تدبَّر نومه ويقظته صلى الله عليه وسلم، وجده أعدل نوم وأنفعه للبدن والأعضاء والقوى، فإنه كان ينام أول الليل، ويستيقظ في أول النصف الثاني، فيقوم ويستاك ويتوضأ، ويصلي ما كتب الله له، فيأخذ البدن والأعضاء والقوى حظها من النوم والراحة، وحظها من الرياضة، مع وفور الأجر، وهذا غاية صلاح القلب والبدن والدنيا والآخرة، ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه، وكان يفعله على أكمل الوجوه، فينام إذا دعته الحاجة إلى النوم على شقه الأيمن، ذاكرًا الله حتى تغلبه عيناه، غير ممتلئ البدن من الطعام والشراب، ولا مباشر بجنبه الأرض، ولا متخذٍ للفرش المرتفعة، بل له ضجاع من أدم حشوُهُ ليفٌ، وكان يضطجع على الوسادة، ويضع يده تحت خده أحيانًا"[8].

 

عباد الله، من آداب النوم التي دعا إليها الإسلام: التبكير، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا [9]، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أهمية التبكير في النوم، فذكرت أن "النوم المبكر والاستيقاظ المبكر يجعل الإنسان صحيحًا وغنيًّا وحكيمًا، وإن ساعة النوم قبل منتصف الليل تساوي ثلاث ساعات بعده"[10].

 

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام أيضًا: إطفاء النَّار والأنوار، وإغلاق الأبواب، وتغطية الآنية التي فيها طعام أو شراب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وغلقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمِّروا الطعامَ والشراب، ولو بعُودٍ تعرضه عليه) [11]، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) [12].

 

وهذا من حرص الإسلام على سلامة الإنسان، فمن كان لديه عند نومه نار مشتعلة فليطفئها، وأبواب مفتوحة يخشى منها دخول ما يؤذيه فليغلقها، أو أطعمة أو أشربة مكشوفة فليغطها.

 

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام: النوم على وضوء، وإزالة ما على اليدين من آثار دسومة اللحم ونحوه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة) [13].

 

و"تؤكِّد أبحاث علم الصحة أن على المرء - إن أراد النوم الهادئ - أن يغتسل قبل أن ينام، أو أن يغسل وجهه ويديه، وأن ينظف أسنانه بالمعجون والفرشاة، وهذه أمور تتوافق مع الهدي النبوي" [14]، السابق ذكره.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَامَ وَفِى يَدِهِ غَمَرٌ - أي: دسم ووسخ وزهومة من اللحم - وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) [15]، [16].

 

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام: عدم النوم في مكان خَطِر؛ كأن ينام المرء على سطح منزل غير مسوَّر، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ - أي: ستر وحاجب - فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) [17]، وسبب النهي: أن الإنسان في نومه لا يشعر فقد ينقلب من ذلك المكان إلى الأسفل فيضر نفسه، أو قد يقوم ومازالت آثار النوم عليه ويريد أن يمشي فيسقط.

 

فما أحرصَ الإسلامَ على سلامتك أيها المسلم!

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام كذلك: نفض الفراش وتسمية الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ لا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ) [18].

 

"ومعناه: أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه؛ لئلا يكون فيه حية أو عقرب أو غيرهما من المؤذيات"[19].

 

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام: الإتيان بأذكار النوم التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة، ومنها: قراءة آية الكرسي، والمعوِّذات، والأدعية الأخرى المأثورة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث، فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فلن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقرَبك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان)[20].

 

ومن الأدعية: ما جاء في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيت مضجعك... قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متَّ، متَّ على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول).

 

ومن آداب النوم التي دعا إليها الإسلام: النوم على الشق الأيمن، والحذر من النوم على البطن أو على الظهر، ففي حديث البراء السابق قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن).

 

"فالنوم على الشق الأيمن هو الوضع الصحيح؛ لأن الرئة اليسرى أصغر من اليمنى، فيكون القلب أخف حملًا، وتكون الكبد مستقرة لا مُعلَّقة، والمعدة جاثمة فوقها بكل راحتها، وهذا أسهل لإفراغ ما بداخلها من طعام بعد هضمه"[21].

 

"وأنفع النوم أن ينام على الشق الأيمن؛ ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقرارًا حسنًا؛ فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلًا، ثم يتحول الشق الأيسر قليلًا ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن؛ ليكون الغذاء أسرع انحدارًا عن المعدة، فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءةَ نومِه ونهايتَه، وكثرةُ النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب، وبسبب ميل الأعضاء إليه فتنصب إليه المواد، وأردأ النومِ النومُ على الظهر، ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم"[22].

 

و"النوم على الظهر يُسبب التنفس الفموي؛ لأن الفم ينفتح عند الاستلقاء على الظهر؛ لاسترخاء الفك السفلي، لكن الأنف هو المهيأ للتنفس؛ لما فيه من أشعار ومخاط لتنقية الهواء الداخل، ولغزارة أوعيته الدموية المهيأة لتسخين الهواء، وهكذا فالتنفس من الفم يعرض صاحبه لكثرة الإصابة بنزلات البرد والزكام في الشتاء، كما يسبب جفاف اللثة ومن ثم إلى التهابها"[23].

 

فلنحمد الله - معشر المسلمين - على نعمة هذا الدين العظيم الذي يحرص على صحة المسلم وسلامته، والذي يتجدد العلم كلَّ يوم شاهدًا بصدق من جاء به من عند ربه.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

 

فيا أيها المسلمون، إن النوم الذي يراد نيلُ فائدته، والظفرُ بثمرته، فيرتاح الإنسان به بعد تعبه، ويعود عقبه إلى نشاطه، وقوته؛ لابد أن تتوفر فيه أمور:

فإذا أردت أيها الأخ الكريم نومًا صحيًّا، فاختر نومَ الليل في المكان المظلم، وأطفئ الأنوار؛ فإن الليل هو الظرف الطبيعي الذي جعله الله للنوم؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [يونس: 67]، فـ"نوم النهار رديء؛ يورث الأمراض الرطوبية والنوازل... وأردؤه نومُ أول النهار، وأردأ منه النوم آخرَه بعد العصر"[24]، "وإن الظلام يعتبر من أهم العناصر التي تحتاجها الجملة العصبية أثناء النوم؛ ليتم ترميمها، وأن النوم العميق الذي لا بدَّ منه لراحة الأعصاب لا يحصل إلا مع هدوء الليل وظلمته... ودلَّت الأبحاث الحديثة أيضًا أن الضوء الأحمر ضارٌّ بالجهاز العصبي أثناء النوم... وأن العمل ليلًا والنوم نهارًا إذا استمر طويلًا يتعرض البدن للاضطرابات العصبية وانهيار الصحة العامة"[25].

 

وإذا احتاج الإنسان إلى النوم في النهار لسهر أو قيلولة، فلا يجعل بدنه بين الظل والشمس؛ فإن رسول الله قد نهى عن ذلك؛ لما يجلبه من الضرر على الجسد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ، فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ وَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ، فَلْيَقُمْ) [26].

 

فأمر البدن لا يستقيم إلا إذا سار العضو على وتيرة واحدة في جميع أعضائه، ففي ضوء الشمس إذا حصل ذلك في جزء من البدن دون الجزء الآخر، ودونما حاجة إلى ذلك، تشوَّشَ الدوران، واضطربت وظائف الأعضاء، وهذا ما يحصل عند الجلوس، أو النوم بين الظل والشمس [27].

 

غير أن هناك نومًا مستحبًّا في النهار، ألا وهو نومة القيلولة، وهي: نومة نصف النهار في الظهيرة [28]، ووقتها: قيل: قبل الزوال [29]، وقيل: بعد الزوال، ويدل عليه حديث سهل بن سعد: (ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة) [30].

 

وفي الحث على القيلولة يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (قيلوا؛ فإن الشياطين لا تقيل) [31].

 

وفائدة القيلولة: أنها تعين على قيام الليل، وتريح البدن قليلًا؛ ليستكمل أعماله في بقية نهاره.

 

ومن الصحة في النوم: أن يكون الإنسان معتدلًا في مقدار نومه؛ فقلةُ النوم ضرر، وكثرته كذلك، لكن أحوال الإنسان قد تتباين أحيانًا، فتختلق الحاجة إلى كمية النوم تبعًا لذلك؛ فمن أدى في النهار أعمالًا بدنية شاقة، أو أعمالًا ذهنية مرهقة، فيحتاج إلى نوم أطول من الأحوال العادية، ومن كان هادئ البال سعيدًا، غير متعب الجسم، فحاجته إلى النوم أقل ممن قبله [32].

 

كما أن مقدار النوم قد يختلف باختلاف العمر، فكلما تقدم المرء في السن قلَّ النوم لديه.

 

عباد الله، إن هناك ناسًا يشكون قلة الراحة في نومهم، بكثرة الأرق، وتوارد المزعجات المنامية، والاستيقاظ المثخَن بالإرهاق والضجر والألم، فإلى هؤلاء نقول:

إذا أردتم نومًا هادئًا تستيقظون منه سعداءَ مرتاحين، فعليكم أن تناموا مبكرين، وأن تتناولوا من العشاء ما لا يصل إلى حد الشِّبَع أو التُّخمة، فـ"تناول العشاء ضروري من الناحية الطبية؛ ففي تجارب أُجريت على البشر تبيَّنَ أن التقلصات المعدية تبدو مزعجة أثناء النوم عندما تكون المعدة خاوية، وتزداد الأحلام المزعجة، وتقلباتُ النائم وحركاته في فراشه، مما يدل على عدم حصوله على الراحة والاطمئنان التي هي مرجوة من النوم"[33].

 

وفي مقابل ذلك فإن الإكثار من العَشاء والنوم عقبه مضر، بل لا بد من إقلال منه، ومضيِّ وقتٍ بعد العَشاء يزيد على الساعة، ثم ينام الإنسان بعد ذلك.

 

ومن أسباب النوم الهادئ: تجنب الإجهاد الذهني ليلًا، والبُعد عن شرب المواد المنبهة كالشاهي والقهوة، ومتابعة الأخبار المزعجة والمقلقة والمحزِنة والمؤلمة؛ فإن لهذا الأشياء آثارًا سلبية على نوم الإنسان.

 

أيها المسلمون، فما أحسنَ أن يتبعَ المسلم هدي الإسلام في النوم، ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فينام مبكرًا على شِقِّه الأيمن، وعلى طهارة، آتيًا بأذكار النوم، قارئًا ما استطاع من آيات القرآن أو سامعًا لها، عازمًا على القيام لصلاة الليل، غيرَ عاكفٍ على مشاهدة صفحة الكترونية أو شاشة تلفازية تُمطره بمزعجات الليالي والأيام، وتعرض لعينيه وقلبه مشاهد اللهو والحرام، نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا للاقتداء بسيدِ الأنبياء، هذا وصلوا وسلِّمُوا على خير البشرية.



[1] التحرير والتنوير (21/ 36).

[2] جامع العلوم والحكم (48/4).

[3] ينظر: روائع الطب الإسلامي (1/ 54-56) بتصرف.

[4] حادي الأرواح (ص: 278).

[5] متفق عليه.

[6] رواه البخاري.

[7] شرح النووي على مسلم (6/ 295)، فتح الباري (8/ 62).

[8] زاد المعاد (4/ 219).

[9] متفق عليه.

[10] روائع الطب الإسلامي (1/ 51).

[11] متفق عليه.

[12] متفق عليه.

[13] متفق عليه.

[14] روائع الطب الإسلامي (1/ 63).

[15] أي وصله شيء من إيذاء الهوام؛ لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام؛ لرائحة الطعام في يده فتؤذيه؛ عون المعبود (10/ 237).

[16] رواه أبو داود، وهو صحيح.

[17] رواه أبو داود، وهو صحيح.

[18] متفق عليه.

[19] شرح النووي على مسلم (17/ 37).

[20] رواه البخاري.

[21] روائع الطب الإسلامي (1/ 67).

[22] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 220).

[23] روائع الطب الإسلامي (1/ 66).

[24] زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 221).

[25] روائع الطب الإسلامي (1/ 49،41).

[26] رواه أبو داود، وهو صحيح.

[27] روائع الطب الإسلامي (1/ 63).

[28] المعجم الوسيط (2/ 771)، لسان العرب (11/ 572).

[29] الإقناع للشربيني (1/ 116).

[30] متفق عليه.

[31] رواه أبو نعيم، وهو حسن.

[32] ينظر: روائع الطب الإسلامي (1/ 56).

[33] روائع الطب الإسلامي (1/ 60).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ترك فضول النوم
  • حديث كراهية النوم قبل العشاء
  • من أذكار النوم
  • النوم وهدي الإسلام فيه
  • ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة في قلبه
  • آداب الاستيقاظ من النوم للأطفال
  • النوم واليقظة
  • خطبة: آداب النوم

مختارات من الشبكة

  • التحلي بآداب النوم وسننه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الوضوء قبل النوم: النوم على وضوء سبب من أسباب استجابة الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من السنن المهجورة (1) عند النوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تسلية القوم بآداب النوم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أذكار النوم والاستيقاظ وآدابهما (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آداب النوم والاستيقاظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النوم في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيقاظ لآداب النوم والاستيقاظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درس تعليم آداب النوم للأطفال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أربعون حديثا في الأذكار تقال بالليل والنهار، وآداب النوم والاستيقاظ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب