• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عداوة الشيطان للإنسان
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تحريم الحلف بالملائكة أو الرسل عليهم الصلاة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها
    بدر شاشا
  •  
    مناقشة بعض أفكار الإيمان والإلحاد (WORD)
    الشيخ سعيد بن محمد الغامدي
  •  
    مجلس ختم صحيح البخاري بدار العلوم لندن: فوائد ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الإمامة في الدين نوال لعهد الله وميراث الأنبياء ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    هشام بن حسان ومروياته عن الحسن المرفوعة: جمعا ...
    حصة بنت صالح بن إبراهيم التويجري
  •  
    دعاء الشفاء ودعاء الضائع
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي ...
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات
علامة باركود

حقوق الأجراء (خطبة)

حقوق الأجراء (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/10/2019 ميلادي - 6/2/1441 هجري

الزيارات: 18560

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الأُجَراء

 

الْحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُوَّةُ لَيْسَتْ فِي التَّسَلُّطِ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِينِ، وَبَخْسِ حُقُوقِهِمْ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ، وَالْوُلُوجِ مِنْ كُلِّ بَابٍ يُؤَدِّي إِلَى مَالٍ وَدُنْيَا، دُونَ النَّظَرِ إِلَى حِلِّهِ وَحُرْمَتِهِ إِنَّمَا الْقُوَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ فِي السَّيْطَرَةِ عَلَى النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا، وَكَبْحِ جِمَاحِهَا، أَنْ تَظْلِمَ الْآخَرِينَ أَوْ تَبْخَسَ حُقُوقَهُمْ، فِي مُرَاقَبَةٍ دَائِمَةٍ لِلَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ اسْتِحْضَارِ قُوَّةِ اللَّـهِ تَعَالَى وَبَطْشِهِ، وَسُرْعَةِ انْتِقَامِهِ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَهَذَا تَذْكِيرٌ بِلُزُومِ أَدَاءِ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا، فِي زَمَنٍ تَهَاوَنَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِحُقُوقِ الْأُجَرَاءِ وَالْعُمَّالِ؛ يَسْتَأْجِرُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَجِيرًا فَيُؤَدِّي عَمَلَهُ كَامِلًا، فَيَدْفَعُ الطَّمَعُ صَاحِبَ الْعَمَلِ إِلَى المُمَاطَلَةِ وَالتَّأْخِيرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ، وَهَذِهِ الظَّاهِرَةُ الظَّالِمَةُ تَنُمُّ عَنْ قَسْوَةِ قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ المُسْتَقْدِمِينَ وَالمُسْتَأْجِرِينَ لِلْأُجَرَاءِ، وَتُظْهِرُ مَدَى جَشَعِهِمْ وَطَمَعِهِمْ وَاسْتِبْدَالِهِمْ شُكْرَ نِعْمَةِ المَالِ كُفْرًا، فَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ نُفُوسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ قُلُوبٍ لَا تَخْشَعُ.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ فِي الِاسْتِئْجَارِ وَالِاسْتِقْدَامِ أَنْ يُفَضَّلَ الْكَافِرُ عَلَى المُسْلِمِ، فَيَسْتَقْدِمُ صَاحِبُ الْعَمَلِ خَدَمًا أَوْ عُمَّالًا كَافِرِينَ، رِجَالًا كَانُوا أَمْ نِسَاءً مِنْ بِلَادٍ فِيهَا مُسْلِمُونَ مُحْتَاجُونَ إِلَى هَذَا الْعَمَلِ ﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 221] وعن عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّ أَبَا مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفَدَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَعَهُ كَاتِبٌ نَصْرَانِيٌّ، فَأَعْجَبَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا رَأَى مِنْ حِفْظِهِ فَقَالَ: قُلْ لِكَاتِبِكَ يَقْرَأُ لَنَا كِتَابًا، قَالَ: إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ لَا يَدْخُلُ المَسْجِدَ، فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهَمَّ بِهِ وَقَالَ: لَا تُكْرِمُوهُمْ إِذْ أَهَانَهُمُ اللَّهُ، وَلَا تُدْنُوهُمْ إِذْ أَقْصَاهُمُ اللَّهُ، وَلَا تَأْتَمِنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

 

وَبَعْضُ أَرْبَابِ الْعَمَلِ -هَدَاهُمُ اللَّهُ- يَظْلِمُونَ الْأُجَرَاءَ فَيُكَلِّفُونَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ، أَوْ مَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْعَمَلِ؛ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِأَمْرِ اللَّـهِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المَائِدَةِ: 1] أَوْ يَكْتُبُ الْعَقْدَ بِعِبَارَاتٍ وَاسِعَةٍ فَجَّةٍ تَحْتَمِلُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ؛ لِئَلَّا يُحْتَجَ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ؛ ظَانًّا أَنَّهُ بِهَذِهِ الْحِيَلِ يَخْرُجُ مِنَ الْإِثْمِ، جَاهِلًا أَوْ مُتَجَاهِلًا وُجُوبَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ وَاضِحًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

 

وَمِنْ ظَوَاهِرِ تَقْدِيمِ الدُّنْيَا عَلَى حَقِّ اللَّـهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ: مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ المُسْلِمِينَ مِنْ مَنْعِ عُمَّالِهِمْ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ؛ حَتَّى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَرُبَّمَا اضْطَرُّوهُمْ إِلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ أَلْزَمُوهُمْ بِالْفِطْرِ فِي الصِّيَامِ الْوَاجِبِ، أَوْ مَنَعُوهُمْ مِنَ الْحَجِّ مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي عَقْدِ الْعَمَلِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أَجِيرُ المُشَاهَرَةِ -أَيِ: الَّذِي اسْتُؤْجِرَ بِالشَّهْرِ- يَشْهَدُ الْأَعْيَادَ وَالْجُمُعَةَ وَلَا يَشْتَرِطُ لِذَلِكَ-أَيْ: أَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْعَقْدِ بِلَا شَرْطٍ- قِيلَ لَهُ: فَيَتَطَوَّعُ بِالرَّكْعَتَيْنِ قَالَ: مَا لَمْ يَضُرَّ بِصَاحِبِهِ.

 

وَمِنْ عَظِيمِ الظُّلْمِ وَالْإِثْمِ: تَأْخِيرُ دَفْعِ مُسْتَحَقَّاتِ الْأَجِيرِ وَالمُمَاطَلَةُ فِيهَا، وَتَوْقِيعُهُ مُكْرَهًا عَلَى اسْتِلَامِهَا وَهُوَ لَمْ يَسْتَلِمْهَا، وَتَهْدِيدُهُ عِنْدَ التَّذْكِيرِ بِحَقِّهِ بِإِلْغَاءِ عَقْدِهِ وَتَسْفِيرِهِ، وَكَمْ فِي هَذَا الصَّنِيعِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ مِنَ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ، يَمْنَعُ ضَعِيفًا حَقَّهُ، وَيَأْكُلُ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ!!

 

إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بِلَادِهِ، وَيُفَارِقْ أَوْلَادَهُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ، فَكَيْفَ تُسْتَغَلُّ حَاجَتُهُ، وَتُؤَخَّرُ حُقُوقُهُ؟! وَإِذَا كَانَ تَأْخِيرُ الْحَقِّ أَوْ مَنْعُهُ مَعَ عَدَمِ حَاجَةِ الْأَجِيرِ إِلَى حَقِّهِ ظُلْمًا فَكَيْفَ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ؟


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «...إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمُهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أُعْطِيَ بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ».

 

وَلِعَظِيمِ حَقِّ الْأَجِيرِ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطَى أُجْرَتَهُ فَوْرَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا مِنْ دُونِ تَأْخِيرٍ وَلَا مُمَاطَلَةٍ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَتَأْخِيرُ إِعْطَاءِ الْأَجِيرِ حَقَّهُ مُخَالِفٌ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظُلْمٌ وَبَغْيٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ كَافِرًا؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَيْسَ مُسَوِّغًا لِظُلْمِهِ وَأَكْلِ حَقِّهِ، لِذَا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى تَوْبَةٍ تَامَّةِ الشُّرُوطِ، وَأَهَمُّ شَرْطٍ فِيهَا أَدَاءُ حُقُوقِ أُجَرَائِهِ الَّذِينَ ظَلَمَهُمْ، وَطَلَبُ الْعَفْوِ مِنْهُمْ، مَعَ الْإِقْلَاعِ عَنِ الظُّلْمِ فَوْرًا، وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ أَدَاءِ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا.

 

أَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [الْقَصَصِ 26-28].

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ أُجَرَاءُ كُفَّارٌ دَعْوَتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ؛ فَالدَّعْوَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهِدَايَةُ الْعِبَادِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ عِنْدَ اللَّـهِ تَعَالَى.

 

وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْعَمَلِ أَنْ يُعَلِّمَ أَجِيرَهُ المُسْلِمَ الضَّرُورِيَّ مِنْ دِينِهِ؛ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ دِينِهِ، وَكَمْ مِنْ أُجَرَاءَ مُسْلِمِينَ عَمِلُوا عِنْدَ مُسْلِمِينَ، جَاؤُوا مِنْ بِلَادِهِمْ لَا يَفْقَهُونَ شَيْئًا مِنْ دِينِهِمْ، وَمَكَثُوا سَنَوَاتٍ عِدَّةً ثُمَّ رَجَعُوا كَمَا هُمْ، وَهَذَا تَقْصِيرٌ مِنْ مُشَغِّلِيهِمْ.

 

وَعِرْضُ الْأَجِيرِ مَحْفُوظٌ لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ أَنْ يَحْتَقِرَهُ أَوْ يَزْدَرِيَهِ أَوْ يَغْتَابَهُ أَوْ يَشْتُمَهُ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ».

 

وَبَعْضُ النَّاسِ يَتَسَاهَلُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَتَجِدُهُ يُخَاطِبُ خَادِمَهُ أَوْ أَجِيرَهُ بِالْعِبَارَةِ الَّتِي يَحْقِرُهُ بِهَا فِي لَوْنِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ جِسْمِهِ أَوْ لِسَانِهِ.

 

وَإِذَا أَخْطَأَ الْأَجِيرُ حَاسَبَهُ صَاحِبُ الْعَمَلِ عَلَى قَدْرِ خَطَئِهِ وَفْقَ المَشْرُوعِ مِنَ المُحَاسَبَةِ، وَلَا يَتَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ يَظْلِمُهُ أَوْ يَبْخَسُهُ حَقَّهُ بِسَبَبِ خَطَئِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ، وَذَكَرُوا أَحْكَامَ الْعُقُودِ وَشُرُوطَهَا وَمَا يُعْمَلُ عِنْدَ اخْتِلَالِ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَا يُعْذَرُ أَصْحَابُ الْعَمَلِ بِجَهْلِهِمْ أَوْ تَجَاهُلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مَوْجُودُونَ، وَسُؤَالُهُمْ عَمَّا يَحْدُثُ مُمْكِنٌ، وَسُبُلُ الْعِلْمِ مُيَسَّرَةٌ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، اتَّقُوهُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَالمَعْصِيَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّـهِ تَعَالَى يَغْفِرُهَا اللهُ لَكَ بِتَوْبَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ مِنْهُ تَعَالَى؛ لَكِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا حَتَّى تُقْبَلَ التَّوْبَةُ، وَحُقُوقُ اللَّـهِ تَعَالَى تُبْنَى عَلَى المُسَامَحَةِ، أَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَتُبْنَى عَلَى المُشَاحَّةِ.

 

وَإِذَا دَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَى ظُلْمِ الضَّعِيفِ -حِينَمَا نَظَرْتَ إِلَى ضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ- فَتَذَكَّرْ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَقْوَى مِنْكَ، وَأَنَّهُ يَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَأَنَّ دَعْوَةَ المَظْلُومِ تَرْتَفِعُ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّـهِ تَعَالَى حِجَابٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّـهِ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقــوق الأجــراء
  • الأجير .. من يستحق؟
  • لم فرق الفقهاء بين الأجير الخاص والأجير المشترك في الضمان؟

مختارات من الشبكة

  • حقوق الجيران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الحيوان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المرأة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المرأة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/2/1447هـ - الساعة: 14:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب