• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هضم النفس في ذات الله (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    المندوبات في الوصايا عند الحنابلة: دراسة فقهية ...
    سمر بنت عبدالرحمن بن سليمان السكاكر
  •  
    رحلة القلب بين الضياع واليقين
    ريحان محمدوي
  •  
    حق المساواة بين الناس في الإسلام
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الغضب من لهيب النيران
    شعيب ناصري
  •  
    فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    هديه - صلى الله عليه وسلم - في التداوي بسور
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الحياء (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    من أقوال السلف في حكم الاحتفال بالمولد النبوي
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    أتعجبون من غيرة سعد؟! (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من مائدة التفسير: سورة العصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الخوف والرجاء (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة: كيف نربي شبابنا على العقيدة الصافية؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حقيقة الدنيا في آية
    محمد بن عبدالله العبدلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (2)

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (2)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/5/2019 ميلادي - 18/9/1440 هجري

الزيارات: 20899

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (2)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، الْكَرِيمِ التَّوَّابِ، ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غَافِر: 3]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يُهْرَعُ الْعِبَادُ إِلَيْهِ فِي مُلِمَّاتِهِمْ، وَيَسْأَلُونَهُ حَاجَاتِهِمْ، فَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيُجِيبُ دَاعِيًا، وَيَقْبَلُ تَائِبًا، وَيَرُدُّ غَائِبًا، وَيُعْطِي سَائِلًا، وَيَشْفِي مَرِيضًا، وَيُغْنِي فَقِيرًا، وَيَفُكُّ أَسِيرًا ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 29]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَرَّفَنَا رَبَّنَا، وَعَلَّمَنَا دِينَنَا، وَقَرَّأَنَا قُرْآنَنَا، وَدَلَّنَا عَلَى مَا يَنْفَعُنَا، وَحَذَّرَنَا مِمَّا يَضُرُّنَا، وَعَزَّ عَلَيْهِ عَنَتُنَا، وَحَرِصَ عَلَيْنَا أَكْثَرَ مِنْ حِرْصِ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْنَا، وَادَّخَرَ دَعْوَتَهُ شَفَاعَةً لَنَا، فَإِذَا أُذِنَ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ قَالَ: «أُمَّتِي أُمَّتِي» حَتَّى يُخْرِجَ أَهْلَ الْكَبَائِرِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مِنْهُمْ مِنَ النَّارِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا عَشْرَ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةَ بِالطَّاعَاتِ، فَصُونُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ الْحَرَامِ، وَاحْفَظُوا جَوَارِحَكُمْ مِنَ الْآثَامِ، وَالْزَمُوا الْمَسَاجِدَ، وَانْشُرُوا الْمَصَاحِفَ، وَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ، فَلَا يَرَاكُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا إِلَّا قَانِتِينَ رَاكِعِينَ سَاجِدِينَ، وَلَا تَتَحَرَّكُ أَلْسِنَتُكُمْ إِلَّا بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ فَإِنَّهَا زَمَنٌ جَلِيلٌ عَظِيمٌ، وَلَيَالٍ مَعْدُودَةٌ، فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فُضِّلَتْ عَلَى أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا تَجِدُوا خَيْرًا ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غَافِرٍ: 40].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ اللَّيَالِي لَيَالِي الدُّعَاءِ، وَتَرَوْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا يُتَمْتِمُونَ بِأَدْعِيَتِهِمْ، وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَاتِهِمْ، وَخَيْرُ الدُّعَاءِ أَجْمَعُهُ وَأَكْمَلُهُ، وَهُوَ مَا جَمَعَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَأْثُورًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دُعَاءً حَكَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ: «أَجْمَعُ مَا وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ» وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ «مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَأَحَبُّ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى»، بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الدُّعَاءِ: «عَلَيْكِ بِالْجَوَامِعِ الْكَوَامِلِ» ثُمَّ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الدُّعَاءِ وَكَوَامِلِهِ. وَدُعَاءٌ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ أَزْوَاجِهِ إِلَيْهِ -وَهِيَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، وَوَصَفَهُ بِالْجَوَامِعِ الْكَوَامِلِ؛ لَحَرِيٌّ أَنْ يَحْفَظَهُ الْمُؤْمِنُ، وَيَفْهَمَ كَلِمَاتِهِ، وَيَتَدَبَّرَ مَعَانِيَهُ، وَيُكَرِّرَهُ فِي دُعَائِهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْعَظِيمَةِ.

 

وَذَلِكُمُ الدُّعَاءُ هُوَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَحْمَدَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ»، ثُمَّ ذَكَرَهُ لَهَا، وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا».

 

فَهَذَا الدُّعَاءُ النَّبَوِيُّ الْمُبَارَكُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكَرِّرَهُ؛ لِمَا فِي الدُّعَاءِ بِهِ مِنَ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْتِزَامِ سُنَّتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الدُّعَاءِ وَكَوَامِلِهِ، وَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَوْصَاهَا بِهِ.

 

قَالَ الصَّنْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْحَدِيثُ تَضَمَّنَ الدُّعَاءَ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّهِمَا، وَسُؤَالَ الْجَنَّةِ وَأَعْمَالِهَا، وَسُؤَالَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ كُلَّ قَضَاءٍ خَيْرًا، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ سُؤَالُ اعْتِقَادِ الْعَبْدِ أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَهُ خَيْرٌ، وَإِلَّا فَإِنَّ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَى اللَّهُ بِهِ خَيْرٌ وَإِنْ رَآهُ الْعَبْدُ شَرًّا فِي الصُّورَةِ. وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ تَعْلِيمُ أَهْلِهِ أَحْسَنَ الْأَدْعِيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ خَيْرٍ يَنَالُونَهُ فَهُوَ لَهُ، وَكُلَّ شَرٍّ يُصِيبُهُمْ فَهُوَ مَضَرَّةٌ عَلَيْهِ».

 

وَاللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي عَلَى الْعَبْدِ بِمَا يَضُرُّهُ وَبِمَا يَنْفَعُهُ، بِمَا يُلَائِمُهُ وَبِمَا لَا يُلَائِمُهُ. فَإِذَا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَاهُ لَهُ خَيْرًا فَإِنْ كَانَ مَا يَسُرُّ وَيَنْفَعُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ خَيْرٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَضُرُّ وَمَا يَسُوءُ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَادَ هَذَا الضَّرَرُ خَيْرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ إِذَا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ فَقَدْ يَصْرِفُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِهَذَا الْقَضَاءِ الَّذِي كَرِهَهُ سُوءًا لَا يَعْلَمُهُ، وَهَذَا عَلَى وَفْقِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 216].

 

وَفِي سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْخَيْرَ وَالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنَ الشَّرِّ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا، وَلَا تُشْمِتْ بِي عَدُوًّا حَاسِدًا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَهَذَا الدُّعَاءُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الْحِجْرِ: 21]، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154]، ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾ [هُودٍ: 123]، وَلَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ: ﴿ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ﴾ كَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ: ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 7].

 

وَلَوْ كَانَتِ الْخَزَائِنُ بِيَدِ أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ لَهَلَكَ النَّاسُ: ﴿ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 100]، وَفِي دَحْضِ حُجَّةِ الْمُشْرِكِينَ: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴾ [ص: 9]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾ [الطُّورِ: 37].

 

فَالْعَبْدُ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مَا فِي خَزَائِنِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَسْتَعِيذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِمَّا فِي خَزَائِنِهِ مِنَ الشَّرِّ؛ وَذَلِكَ يَجْمَعُ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مِنَ الدُّعَاءِ أَنْفَعَهُ وَأَجْمَعَهُ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِقَبُولِهِ وَاسْتِجَابَتِهِ، وَأَنْ يَسْتَعْمِلَنَا جَمِيعًا فِي طَاعَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبَ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 186].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ التِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَاتِ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غَافِرٍ: 60].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اجْتَهِدُوا فِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةِ؛ فَهِيَ خَاتِمَةُ الشَّهْرِ وَأَفْضَلُهُ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِيهَا الْتِمَاسًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَاعْتَكَفَ نِسَاؤُهُ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ، تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ كُلَّ عَامٍ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى». فَيَنْبَغِي لِمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ الِاعْتِكَافُ أَنْ يَشْغَلَ وَقْتَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْقِيلِ وَالْقَالِ، وَلَا بِالنَّظَرِ فِي الْجَوَّالِ؛ فَإِنَّهُ يَسْرِقُ الْأَوْقَاتِ، وَرُبَّمَا أَوْجَبَ الْآثَامَ.

 

وَمَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الِاعْتِكَافُ فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يَلْزَمَ الْمَسْجِدَ فِي غَيْرِ وَقْتِ عَمَلِهِ، وَأَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ بِالصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْعِبَادَةِ مَا وَسِعَهُ اجْتِهَادٌ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».

 

فَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَاصْدُقُوا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِقِيَامِ الْعَشْرِ كُلِّهَا، وَكَأَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهَا هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَنْ يَخْذُلَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ صَدَقَ مَعَهُ، وَاجْتَهَدَ فِي تَحَرِّيهَا، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 1-5].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (1)
  • سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (3)

مختارات من الشبكة

  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الله تعالى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه يوم وليلة الجمعة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله همه وغفر له ذنبه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان كريم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مما لا يحيط به وصف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به في جوف الليل(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/3/1447هـ - الساعة: 11:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب