• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

التوحيد في سورة الحج

التوحيد في سورة الحج
د. أمين الدميري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2019 ميلادي - 14/8/1440 هجري

الزيارات: 14897

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوحيد في سورة الحج

 

أركان الإسلام خمسة: الشهادتان، والصلاة والزكاة والصيام والحج، وانفرد الحج بسورة سُميت باسمه؛ ذلك أن الحج يشمل كل أركان الإسلام، ففيه التوحيد المتمثل في مناسكه وشعائره، وفيه الصلاة المتمثلة في الطواف، وفيه الزكاة فهو عبادة مالية (وبدنية)، وفيه كذلك الصيام المتمثل في الإمساك عن الرفث (وهو الجماع ومقدماته)، والامتناع عن محظورات تفسد الحج كما تفسد الصيام؛ (كالفسوق والجدال والكذب..).

 

♦ والسورة مكية مدنية، ففيها أربعة نداءات: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾، ونداء واحد: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾، ومنها ما نزل بمكة، ومنها ما نزل بالمدينة، ومنها ما بين ذلك كآية الإذن بالقتال، وهي قوله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39]، ذكر القرطبي قول ابن عباس: (نزلت عند هجرة رسول الله سلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ وروى النسائي والترمذي عن ابن عباس قال: "لَما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم ليهلكن، فأنزل الله: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾، وقال: حديث حسن).

 

♦ جاء في السورة أصناف الناس: بتصنيفات مختلفة:

التصنيف الأول: في قوله تعالى: ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ﴾ [الحج: 19]، وما بعدها، فقد ذكر المفسرون أنها في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه؛ (فقد تبارزا في بدر)، وقيل: الخصمان هما المسلمون وأهل الكتاب، وقيل المؤمنون والكافرون.

 

التصنيف الثاني: وهو أن الناس منهم الضلال الجهال المقلِّدين بغير علم، ومنهم الدعاة إلى الضلال، وهم رؤوس الكفر وأهل البدع والأهواء، ومنهم المذبذبون المترددون.

 

♦ أما الصنف الأول وهم الجهال التابعون المقلدون، ففيهم قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾ [الحج: 3]، وهؤلاء مآلهم مع قادتهم في الكفر.

 

♦ وأما الصنف الثاني وهم الدعاة إلى الضلالة، وهم رؤوس الكفر وقادة الفساد والإفساد المتبوعون؛ فقال الله تعالى فيهم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِي ﴾ [الحج: 8]، وهؤلاء قد جمعوا مع الأوصاف السابقة الكبر والتعالي على الناس، وهم أحقر وأنذل وأقذر الخلق!

 

♦ وأما الصنف الثالث هو "من يعبد الله على حرف"؛ أي: شك، فطريقه غير واضحة، لا علم ولا يقين ولا بيِّنة: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]، وهذا الصنف قائده هواه ومزاجه، ومحرِّكه مصلحته ومنفعتُه، لا يصمد أمام أدنى اختبار، وينهار مع أول ابتلاء أو فتنة!

 

موضوعات السورة:

1) إثبات البعث وقيام الساعة (من الآية 1-24).

2) حديث الحج (من الآية 25-37).

3) حديث السنن (38-60).

4) دلائل الألوهية (من آية 61 إلى آخر السورة).

 

أولًا: إثبات البعث:

إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثًا، ولن يتركهم سُدى؛ فقد خلقهم ليوحِّدوه؛ أي ليعبدوه وحده لا يشركوا به شيئًا، والخلق حتمًا سيموتون، فكان لا بد من البعث لحساب من عبد ومَن أشرَك، ومجازاة العابدين بالجنة والمشركين بالنار، وإلا فما قيمة الحياة؟ وما معنى إرسال الرسل وإنزال الكتب؟ مع العلم بأن الدنيا ليست داراً لمجازاة المحسنين ولا لمعاقبة المسيئين؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]:

نداء رهيب هو مطلع السورة: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾؛ لماذا؟ لأن ﴿ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾، وزلزلة الساعة أمر لا شك فيه، فهو واقع لا محالة، غير أن بعض الناس يشكون في ذلك ولا يصدِّقونه، لذا كانت مخاطبتهم وجدالهم بالحق والحقيقة لا بالباطل ولا بالجهل الذي يجادلون به.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ﴾ [الحج: 5]، ونقف عند "التراب"، هل في التراب حياة؟ وما قيمة هذا التراب؟ وهل يستطيع إنسان أن يصنع من التراب إنسانًا؟ لكن الله بقدرته وإرادته هو الذي خلق من التراب إنسانًا.. ثم يموت الإنسان، فيصير ترابًا، فهل في إعادته إنسانًا مرة ثانية أمرٌ صعب أو مستحيل؟ فهو سبحانه الذي بدأ الخلق وهو سبحانه الذي يُعيده وسيعيده؛ مثل آخر: ﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [الحج: 5] [الآية ذاتها]، أرض هامدة لا أثر لزرع ولا لحياة فيها، فإذا أُنزل عليها الماء، تهتز (تتشقق)، ويخرج منها نبات جذوره في الأرض؛ ليتغذى منها، وساقه إلى السماء، وهيَّأ الله له أسباب نمائه، وبعد اكتمال نُضجه وإثماره، يذبل ويموت كالإنسان حينما يهرم ويموت، فلماذا الشك في قدرة الله على البعث؟ ولماذا الجدال بالباطل وبغير علمٍ في يوم القيامة؟

 

أما الحقيقة التي لا جدال فيها، فهي: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ [الحج: 6، 7]، وذلك رغم أنف المجادلين والمشككين والمغالطين.

 

وكما جادل هؤلاء في أمر البعث، فقد جادلوا في صدق الرسول، وفي أن الله تعالى لن ينصره: ﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ [الحج: 15].

 

إن ظنونهم خاطئة؛ لأن قلوبهم فاسدة حاقدة، يملؤها الغيظ على الرسول وعلى المسلمين، يتمنون لهم الهزيمة والضَّعف والفقر والمذلة؛ لكنَّ ظنَّهم هذا ظن خائبٌ، وسوف يرون نصر الله تعالى لرسوله وأتباعه!

 

ثانيًا: حديث الحج:

أميل إلى القول بأن سورة الحج تجمع بين أواخر القرآن المكي وأوائل القرآن المدني، كما تمثل نقطة تحوُّل في تاريخ الدعوة؛ ففي صدرها - أي صدر السورة – كان الحديث عن الجدال ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ ﴾ [الحج: 3]، لكن المجادلين لم يغيروا مواقفهم بعد دحض مزاعمهم ورد شُبهاتهم؛ فكان لا بد من أن يتحول الجدال إلى الجلاد؛ وهو ما جاء ذكره في المقطع الثالث من السورة، قال تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾ [الحج: 39، 40] (وسأبين ذلك في الموضوع الثالث لاحقًا).

 

ومن المعلوم أيضًا أنه حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وبعدها، كانت الأصنام لا زالت تُعبَد بالكعبة، ولا يزال يسيطر عليها صناديدُ قريش، وكان الحج من الشعائر الباقية من دين إبراهيم عليه السلام، لكنها حُرِّفت وغُيرت، ودخلت فيها أهواء البشر وعقولهم؛ فلما جاء الإسلام أعاد هذه الشعائر والمناسك إلى ما كانت عليه من توحيد الله عز وجل، وضبط المناسك حسب ما جاء في شريعة الإسلام، وما كان من أجله وضع (بُنِي) البيت الحرام الذي أرسى قواعده إبراهيم عليه السلام.

 

لقد وضع البيت لعبادة الله وحده بلا شريك: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]؛ يقول ابن كثير: "﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ﴾: ذكر تعالى أنه بوأ إبراهيم مكان البيت؛ أي: أرشده إليه وأذِن له في بنائه، واستدل به كثير ممن قال: إن إبراهيم عليه السلام هو أول من بنى البيت العتيق، وإنه لم يُبن قبلَه؛ كما ثبت في الصحيحين (البخاري 3366 ومسلم 520) عن أبي ذر قلت: يا رسول الله، أي مسجد وُضع أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: بيت المقدس، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة".

 

والقضية هي أن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام (وذريته وأتباعه) - أن يُطهروا البيت الحرام من الأوثان، ومن كل مظاهر الشرك، وبعد أن رفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قواعد البيت، أمره الله تعالى أن يؤذن في الناس بالحج، (فلم يكن قبل ذلك حجٌّ)؛ قال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27]، ذكر ابن كثير أن إبراهيم عليه السلام قال: يا رب، كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم، فقال: نادِ وعلينا البلاغ، فقام على مقامه وقيل: على الحجر، وقيل: على الصفا، وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس، إن الله قد اتخذ بيتًا فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك، والله أعلم، وأوردها ابن جرير وغيره مطولًا..).

 

ويشتمل الحج على نُسك وشعائر تؤدَّى في مشاعر أو أماكن معينة في أوقات معينة، وبكيفية معينة لا دخل للعقل فيها؛ فهي أمور تعبُّدية توقيفية، تتجلى فيها العبودية لله عز وجل، فالعبادة هي الطاعة والامتثال لأوامر الله عز وجل، دونما تردد أو انتظار حتى يُستفتى العقل، فلا دخل للعقل في هذه الأمور؛ فلا بد للعقل من حدٍّ يقف عنده ويسجد لأمر الله؛ كما فعل إبراهيم عليه السلام حينما أمره ربُّه تعالى بذبح ولده، وحينما أمره ربه تعالى بترك ولده الرضيع وزوجه بجوار البيت، ولم يكن بعدُ ظاهرًا، كان مسلمًا مستسلمًا منقادًا ممتثلًا لأمر الله، وهذا هو التوحيد.

 

والتوحيد تعظيم لله عز وجل، وتعظيم حُرماته وشعائره وحدوده، وما أحلَّ وما حرَّم؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]؛ يقول الطبري: (قال مجاهد: الحرمة: مكة والحج والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه، وقال ابن زيد: الحرمات: المشعر الحرام والبيت الحرام، والمسجد الحرام والبلد الحرام؛ قال الطبري: ومن يجتنب ما أمره الله باجتنابه في حال إحرامه تعظيمًا منه لحدود الله أن يواقعها، وحرمة أن يستحلها، فهو خير له عند ربه)؛ وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]؛ يقول الطبري: (وتعظيم شعائر الله هو استحسان البدن (بضم الباء)، واستسمانها، وأداء مناسك الحج على ما أمر الله جل ثناؤه من تقوى قلوبكم..)، ومن هنا فإن تقوى القلوب تظهر وتتجلى في تعظيم حرمات الله وشعائر الله، وأداء النسك على أكمل وجه، وأحسن ما يكون؛ رجاء الثواب من الله تعالى، ولهذا قال عز وجل: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37]، والمعنى: ومع تعظيمكم للبدن، (وهي الإبل العظام الجسام، وهي أيضًا البقر والبعير السمان)، فإن الله تعالى لن يناله ولن يصل إليه من ذلك شيء، ولكنه دليلٌ منكم على تقواكم وتعظيمكم لله، واستحقاقكم للأجر والمثوبة؛ ﴿ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37].

 

أما المشركون عبَّاد الأوثان والآلهة المصنوعة، الذين لم يجتنبوا قول الزور وفعل الزور، [وهو الكذب والفرية على الله بقولكم في الآلهة: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]، وقولكم في الملائكة: هي بنات الله، ونحو ذلك من القول، فإن ذلك كذب وزور وشرك بالله]؛ قاله الطبري. فتبيَّن من ذلك أن الشرك بالله زور، وعبادة غير الله زور.

 

ثالثًا: حديث السنن:

1- سنة المدافعة: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ ﴾ [الحج: 40].

 

2- الظلم سبب الهلاك: ﴿ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾ [الحج: 45]، فكم من حضارات أُبيدت، وأهلكها الله عز وجل، لكن من يعتبر؟ لا يعتبر إلا أصحاب البصائر، أما العمي فهو عمي البصائر، والذين لهم قلوب لا يعقلون بها، وآذان لا يسمعون بها سماع تعقُّلٍ واستجابة؛ فهؤلاء لا يعتبرون؛ لأنهم سكرى بخمرة الحياة والمتع الفانية!

 

3- سنة الإمهال والإنظار: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [الحج: 48]، فالله عز وجل لا يعجِّل للظالمين بالعقوبة.

 

رابعًا: دلائل الألوهية:

1- هل يملك الليل والنهار وتعاقبهما غير الله؟ (آية 61).

2- هل أحدٌ غير الله يملك إنزال المطر وإخراج النبات؟ (آية 63).

3- من الذي مهد الأرض وسخَّرها لأهلها؟ ومن المميت؟ ومن الذى سيحيي الناس للحساب..؟ (آية 66).

 

نعم ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴾؛ أي جَحود لنعم الله التي أنعم بها عليه؛ فدلائل الوحدانية تملأ الآفاق، وتدل على عظمته وتنطق بوحدانيَّته، ثم هم يشركون به ويستنكفون عن عبادته، ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ... ﴾ [الحج: 71، 72].

 

ومع أنه - أي الإنسان - كفور، فهو عاجز ضعيف، ومع عجزه وضعفه، فهو متمرد على الله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74]، فالطالب: الآلهة وقيل: بني آدم، والمطلوب: الذباب، وقيل: المسلوب؛ أي ما سلبه الذباب من بني آدم حين قرصه، (وما قدروا الله حق قدره)؛ أي: ما عظَّموه وما وحَّدوه، وما أخلصوا له العبادة؛ لأنهم ما عرَفوه حقَّ المعرفة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التوحيد في سورة الحجر
  • التوحيد في سورة النحل
  • التوحيد في سورة الإسراء
  • التوحيد في سورة مريم
  • التوحيد في سورة طه (أسماء الله وصفاته)
  • التوحيد في سورة الأنبياء
  • التوحيد في سورة النور
  • التوحيد في سورة سورة الشعراء
  • تفسير آيات من سورة الحج [26-28]
  • منهجية الدعوة في سورة الحج

مختارات من الشبكة

  • تعريف توحيد الربوبية والأدلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حماية جناب التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام التوحيد - العقيدة - المستوى الأول(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • أقسام التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف التوحيد وأقسامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوحيد حق الله على العبيد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم التوحيد(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب التوحيد (6) ( باب تفسير التوحيد و شهادة أن لا إله إلا الله )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • كتاب التوحيد لسعيد بن هليل العمر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحاجة إلى تكرار دراسة علم التوحيد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب