• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

تحفيز الهمة على الرفق والرحمة

تحفيز الهمَّة على الرفق والرحمة
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2019 ميلادي - 20/7/1440 هجري

الزيارات: 16872

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحفيز الهمَّة على الرفق والرحمة


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

عباد الله؛ تحفيز الهمة على الرفق والرحمة، تحفيز الهمم، همم الناس، على أن يرحم بعضهم بعضاً.

إن الرَّحْمَةَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، والآداب العالية الرفيعة، قَالَ سبحانه وتَعَالَى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ"). (ك) (100)، (مي) (15).

 

وللرحمة والتَّراحم بين الخلائق فَضْلٌ عظيم، وأجر جسيم، فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"). (ت) (1924)، (د) (4941).

 

أيها الناس، أيها المسلمون، تراحموا ولا تُصِرُّوا على العنف والغلظة والقسوة، وأنتم تعلمون أن ما تفعلونه لا يجوز، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ("ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللهُ لَكُمْ، وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"). (خد) (380)، (حم) (6541).

 

(الأقماع) جمع قُمع، وهو: الإناء الذي يُجعل في رأس الظرف ليُملأ بالمائع، شبَّه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تَعِي شيئا مما يُفرغ فيها، فكأنه يَمرُّ عليها مُجتازا كما يمر الشراب في القُمع.

 

(وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ)، أَيْ: على الذنوب، العازمين على المداومة عليها. فيض القدير (1/ 607). -أَيْ: يَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ تَابَ، تَابَ الله عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَسْتَغْفِرُونَ (فتح).

 

وقَالَ صلى الله عليه وسلم عن البكاء على الميت بدموع، ولا صراخ فيه، ولا عويل أو لطم، أو شق للجيوب أو نتف للشعر، قال: ("هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ"). (خ) (1224)، (م) (11) - (923).

 

الرحمة؛ أين مكان الرحمة في جسم الإنسان؟ هل هي في قلبه؟ أم هل هي في رأسه؟ أم في كبده؟ أم في رئته؟ يجيب عن ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد ورد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: (إِنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ، وَالرَّحْمَةَ فِي الْكَبِدِ، وَالرَّأفَةَ فِي الطِّحَالِ، وَالنَّفَسَ فِي الرِّئَةِ). (خد) (547). وأثبت علماء الطب الحديث أن الذي يشرب الخمر يتشمع كبده، وينزع الله من قلبه الرحمة على أولاده -وعلى غيرهم-.

 

فمن يبحث عن لين قلبه والرحمة، فعليه بمسح رؤوس الأيتام ورحمتهم، وإطعامِ المساكين، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَشْتَكِي قَسَاوَةَ قَلْبِهِ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ؟") فَقَالَ: (نَعَمْ!) قَالَ: ("ارْحَمِ الْيَتِيمَ، وَامْسَحْ رَأسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ"). أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 214). وفي رواية: ("إِنْ أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ، فَأَطْعِمْ الْمَسَاكِينَ، وَامْسَحْ رَأسَ الْيَتِيمِ"). (حم) (7566).

 

وديننا حثنا على الرَّحْمَةِ بمخلوقات الله سبحانه وتعالى، حتى بِالْحَيَوَانِ وذلك بِإِطْعَامِهِ وَسِقَايَته، وعدمِ القسوة عليه، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضَّالَّةِ مِنْ الْإِبِلِ تَغْشَى حِيَاضِي)، -إبل ليس لها صاحب، عندما ترى تجمع الإبل مثلها، وترد على البئر أو الحوض، تأتي هذه الإبل الضالة،- (وَقَدْ مَلَأتُهَا مَاءً لِإِبِلِي)، -الحياض مليئة، وهو تعب وهو ينزع من الماء-، (فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ إِنْ سَقَيْتُهَا؟!) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("نَعَمْ! فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرٌ"). (حم) (17617).

 

(الحرَّاء) من -الْحَرَارَةُ فِي الْأَصْلِ -وهي- ضِدُّ الْبُرُودَةِ، وَأُرِيدَ بِهَا هُنَا الْحَيَاةُ، لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تُلَازِمُهَا. نيل الأوطار (10/ 492).

ومن الرحمة سقايةُ الكلابِ ونحوها، وفيها أجر ومغفرة من الله سبحانه وتعالى، فـعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في قصة الرجل الذي سقى الكلب، وأثابه الله سبحانه، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ! وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْراً؟!) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"). (خ) (2234)، (م) (2244). (يَأكُلُ الثَّرَى)، أَيْ: يَلْعَق التُّرَاب النَّدِيّ، وَفِي الْمُحْكَم الثَّرَى التُّرَاب، وَقِيلَ: التُّرَاب الَّذِي إِذَا بُلَّ لَمْ يَصِرْ طِينًا لَازِبًا. (فتح الباري).

 

وغفر سبحانه وتعالى لزانية بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل؛ لرحمتها كلبًا كان شديدَ العطش فسقته، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، رَأَتْ كَلْبًا يَلْهَثُ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، يُطِيفُ بِبِئْرٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ"). (خ) (3143)، (م) 154- (2245)، (م) 155- (2245).

 

فأين هذا الخُلُق ممن يمنع الناس من حقِّهم في الماء؟ إنَّ حرمان الإنسانِ والحيوانِ مما يحتاجه من الغذاء والشراب؛ جريمةٌ لا تغتفر، ينتقم الله من فاعليها في الآخرة إن نجوا من العقوبة عليها في الدنيا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("عُرِضَتْ عَلَيَّ جَهَنَّمُ") -رآها صلى الله عليه وسلم- ("يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا")؛ -تعذب في قطة لها- ("فلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ مِنْ الْجُوعِ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، فَهِيَ إذَا أَقْبَلَتْ تَنْهَشُهَا")، -تُعَذَّب بالقطة يوم القيامة- ("وَإذَا أَدْبَرَتْ تَنْهَشُهَا، وَغُفِرَ لِرَجُلٍ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَن الطَّرِيقِ"). (خ) (712)، (1154)، (2236).

 

اعلموا عباد الله! أنّ رحمةَ مخلوقات الله بسقاية الماء أجرها يجري إلى يوم القيامة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ حَفَرَ مَاءً، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى مِنْ جِنٍّ، وَلَا إِنْسٍ، وَلَا طَائِرٍ، وَلَا سَبُعٍ، إِلَّا آجَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"). (تخ) (1/ 331)، (خز) (1292)، (حَرَّى): عَطْشىَ، وَهِيَ تَأنِيث حَرَّان.

 

ولا يجوز الاعتداء على الأولاد أمام الأمهات، ولا التفريقُ بينهم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً)، -الحُمَّرة: طَائِر صَغِير -لونه أحمر- كَالْعُصْفُورِ- (مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ، فَجَعَلَتْ تَرِفُّ عَلَى رَأسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ("مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟! رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا، رَحْمَةً لَهَا")، (وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا)، فَقَالَ: ("مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟!")، قُلْنَا: (نَحْنُ!) قَالَ: ("إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ"). (د) (2675)، وفي رواية: ("لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللهِ عز وجل"). (حم) (4018). فكيف بمن يعذب الأبرياء دون وجه حقٍّ؟!


وليس من الرحمة تجويعُ الحيوان وإتعابُه، وتحميلُه فوق طاقته، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: (كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ -أي: عند قضاء حاجته- هَدَفٌ) -الهدف: كُلّ بِنَاء مُرْتَفِع مُشْرِف- -من البنيان ونحوه- (أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ)، -مجموعة من النخيل- (فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا) -الْحَائِطُ: الْبُسْتَانُ مِنْ النَّخْلِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، وَهُوَ الْجِدَارُ- (لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ) -سراة البعير: أعلى -سنامه وظهره، والذِّفْرَى مِنْ الْبَعِير مُؤَخِّر رَأسه-. فَقَالَ: ("مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْجَمَلِ؟! لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟!")، فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: (لِي يَا رَسُولَ اللهِ!) فَقَالَ: ("أَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟! فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ"). (م) 79- (342). تجيعه: لا تطعمه الطعام الكافي، وأدأبه: أجهده بملازمة العمل والإكثار منه، وأتعبه فوق طاقته.

 

وليس من الرحمة إظهارُ السكينِ وسنُّها أمام البهيمة قبل الذبح، والبهيمة تنظر؛ فالبهائم تعرف الموت وأسبابَه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله -تعالى- عنهما قَالَ: (أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِّ الشِّفَارِ)، -أي سن السكاكين،- (وَأَنْ تُوَارَى عَنْ الْبَهَائِمِ)، -لا يكون على مرأى ولا على مسمع من البهيمة،- وَقَالَ: (إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ). (جة) (3172)، (حم) (5864). يعني يسرع الذبح حتى لا يطول ألـمُها ويكون فيها عذاب لها. فالرحمة مطلوبة حتى عند الذبح، عَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسِ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ فَأَرْحَمُهَا)، -يعني أثناء الذبح يرحم-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ"). (حم) (15630).

 

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ رَحِمَ وَلَو ذَبِيحَةَ عُصْفُورٍ، رَحِمَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"). (طب) (8/ 234 ح7915).

 

فالرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ مطلوب، وضربُه دون حاجةٍ غير مرغوب، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله -تعالى- عنها قَالَتْ: (خَرَجَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَادِيَةِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَعْطَى نِسَاءَهُ بَعِيرًا بَعِيرًا غَيْرِي)، -كل واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان من نصيبها بعير، إلا عائشة رضي الله عنها، قالت:- فَقُلْتُ: (يَا رَسُول اللهِ! أَعْطَيْتَهُنَّ بَعِيرًا بَعِيرًا غَيْرِي؟!) وتطييباً لخاطرها قالت: (فَأَعْطَانِي بَعِيرًا آدَدَ صَعْبًا، لَمْ يُرْكَبْ عَلَيْهِ)، -ليس ميسرا للسير، ويقولون ليس مطبَّع- (فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ)، فَقَالَ لِي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("يَا عَائِشَةُ! ارْفُقِي بِهِ، فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"). (م) 78، 79- (2594).

 

ولا يجوز اتخاذ ظهور الحيوان منابر لتبادلِ الحديث، هذا راكب حماره، وهذا راكب بغلته، ويتحدثان وهما واقفان، هذه ليست منابر، انزل على الأرض تحدث كما شئت، هذه الدواب جعلت لشيء معين ليس لهذا.

 

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ، فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ"). (د) (2567).

 

ارحموا الإنسان وارحموا الحيوان، وارفقوا بالدواب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ، فَإِنَّ الْأَيْدِيَ مُعَلَّقَةٌ، وَالْأَرْجُلَ مُوثَقَةٌ"). (هق) (11441)، (طس) (4508)، (أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ)، أَيْ: لا تضعوا الأحمال على الدوابّ حتى يَحينَ موعد الرَّحيل لا قبله، وقت الرحيل ضعها، لكن قبل ذلك تبقى واقفة وعليها الحمل، واجعلوا الحِمل وسط ظهر الدابة، فإنه إن قُدِّمَ عليها أضرَّ بيديها، وإن أُخِّرَ أضرَّ برجليها.

 

إن السلف الصالح ذا الشفقة والرحمة على الدواب؛ إذا نزلوا أثناء سفرهم لا يُصلّون حتى يحلّوا الرحال، وينزلوا الأحمال، عن ظهور الدواب والجِمَال: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلاً، لَا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ". (د) (2551)، (طس) (1376)

 

-قَالَ الْخَطَّابِيُّ -شارحا للحديث-: أَيْ: لَا نُصَلِّي سُبْحَة الضُّحَى -قدر الركعتين- حَتَّى نَحُطّ الرِّحَال -عن الجمال والدواب- وَنُلَجِّم الْمَطِيّ، وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يَطْعَمَ المسافر والرَّاكِبُ إِذَا نَزَلَ حَتَّى يَعْلِفَ الدَّابَّة. عون المعبود (5/ 452).

 

إنّ الرحماء لا يأكلون طعاما، حتى يقدِّموا لدوابِّهم ما تأكله، أين نحن من هذه الأخلاق؟

وإذا كان وَسْم؛ وهو التعليم على الوجه لتُعرف أنها لفلان وَضَرْبُ وَجْهِ الْحَيَوَان لا يجوز، فكيف بتعذيب الإنسان، وضربِه على وجهه؟! عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (مَرَّ حِمَارٌ برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كُوِيَ فِي وَجْهِهِ)، -عالجوه بكييه في وجهه بالنار- (تَفُورُ مِنْخِرَاهُ دَمًا)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، ثُمَّ نَهَى عَنِ الْكَيِّ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، وَالضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ"). (م) 106- (2116)، (ت) (1710).

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ". (س) (4442)، (حم) (3133)

فكيف بمن مَثَّل وعذَّب الإنسان؟!

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

إذا كانت الرحمةُ بالحيوان مطلوبة، وحثَّ عليها شرعنا الحنيف، فكيف بالرحمة بالإنسان عموماً، وبالمسلمين خصوصاً؟

 

إن الذين يتجاوزون حدودهم بالاعتداء على النفس الإنسانية، دون وجه حقٍّ، سيرون نتيجة أعمالِهم في الدنيا قبل الآخرة!

فالرجل مثلاً؛ ليست رجولته بضرب زوجة ضرباً مبرِّحاً، تسيلُ منه الدماء، وتُكسَّر منه الأعضاء، ويمزَّق به اللحم، ويزرقُّ منه الجلد، ما هذا؟ هذا مخالف للمطلوب الشرعي في معاملتها بالمودة والرحمة، كما قال سبحانه: ﴿... وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

قد تستفزُّ المرأةُ زوجَها بلسانها، لكنّ هذا لا يعفيه من مسئوليته، عن غِلظته وقسوته، ثبت عن لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا -يَعْنِي الْبَذَاءَ-)، قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("فَطَلِّقْهَا إِذًا")، -هذا هو أحد الحلول- قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ)، قَالَ: ("فَمُرْهَا يَقُولُ: عِظْهَا؛ فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ") -أي: زوجتك- ("كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ"). (د) (142).

 

وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ». (خ) (5204).

وخير الرجال خيرهم لأهله خُلُقًا، أحسن الناس عند النبي صلى الله عليه وسلم في الدين أحسنهم أخلاقاً مع أهله زوجته وأولاده، كما ثبت ذلك في الحديث. (ت) (1162).

 

فمِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الرِّفْقُ في كلُّ شيء، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ، فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ"). (خد) (464)، (ت) (2013).

 

وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ، يُحْرَمْ الْخَيْرَ كُلَّهُ"). (م) 74- (2592)، (د) (4809)، (جة) (3687).

 

وقال سبحانه يصف رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

فالرفق مطلوب حتى مع من يخالفنا في الدين، ومع من يتطاول أحياناً علينا بلسانه، وبألفاظه فلابد من الرفق معه، فـعَنْ عَائِشَةَ رضي الله -تعالى- عنها قَالَتْ: (دَخَلَ يَهُوديٌّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ)، -يقصد الموت عليك يا محمد! وكلمة السام قد تدخل على بعض الناس،- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("وَعَلَيْكَ")، قَالَتْ عَائِشَةُ: (فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَعَلِمْتُ كَرَاهِيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ، فَسَكَتُّ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ من اليهود، عائشة تعطيهم ما يستحقون فالنبي لا يوافقها على ذلك،- فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ)، فَقَالَ: ("وَعَلَيْكَ")، (فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَعَلِمْتُ كَرَاهِيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ، ثُمَّ دَخَلَ الثَّالِثُ)، فَقَالَ: (السَّامُ عَلَيْكَ)، -هنا عائشة رضي الله عنها لم تصبر، لأنهم يدعون على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتبه ولم يفطن لهذا، قالت:- فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: وَعَلَيْكَ السَّامُ، وَغَضَبُ اللهِ وَلَعْنَتُهُ، إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَتُحَيُّونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَمْ يُحَيِّهِ اللهُ؟!) -وبدل أن يلوم النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي لام عائشة رضي الله تعالى عنها، انظروا إلى خلق الإسلام،- فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ)، (فَإِنَّ اللهَ رَفِيقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ)، (وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) (وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ) (فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ") -الكلام البذيء الذي فيه قسوة،- (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟) (قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ) (فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ)... (خ) (5678)، (5683)، (خ) (6528)، (م) 11- (2165)، (م) 77- (2593).

 

يهودي يدعو على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت، بألفاظ موهمة، ترد عليهم عائشة رضي الله تعالى عنها بما يستحقون، بالكلام الغليظ، ولم تستخدم الضرب ولم تستخدم التعذيب، فيلومها صلى الله عليه وسلم، ويطلب منها الرفق في معاملة اليهودي بحسن الألفاظ!

 

فكيف بمن يستخدم مع غيره شتى وسائل العنف والضرب؟ فماذا سيقول صلى الله عليه وسلم، لو عرض ذلك عليه وعرضت عليه أعمال هؤلاء الناس؟! سيأتي يومٌ يحاسَب فيه المجرم، ويعاقب فيه الظالم، فـ[يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ يُقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَتُحِيطُ بِالظَّالِمِ الْمَظَالِمُ، وَتَصْعَدُ الْقُلُوبُ إِلَى الْغَلاصِمِ، وَلَيْسَ لِمَنْ لا يَرْحَمُهُ الإِلَهُ عَاصِمٌ]. التبصرة لابن الجوزي (1/ 80)، قَالَ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلامُ: ("لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، -التي ليس لها قرون- مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ"). (م) 60- (2582)

 

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، -من فوق الصراط ولا يبقى أمامهم إلا الجنة- فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا». (خ) (6535).

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، اللهم قنا شر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، ونفس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

وأقم الصلاة؛ ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علو الهمة
  • أسرار الهمة العالية
  • رفع الهمة
  • علو الهمة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الحديث الثالث: الرفق في الأمور كلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرفق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحفيز من منظور اقتصادي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تحفيز الهمم (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تربية أولادنا (3) أساليب تربوية: التربية بالتحفيز (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحفيز وسراب النجاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أثر التحفيز في النفس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحفيز النفس لمشروع ناجح(استشارة - الاستشارات)
  • التحفيز على الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • كلمات في التحفيز الذاتي(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب