• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه

ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2019 ميلادي - 15/6/1440 هجري

الزيارات: 28327

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثناء الأنبياء على الله تعالى (1)

ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1-3]، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الرَّبُّ الرَّحِيمُ الْحَلِيمُ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ، وَالْإِلَهُ الْعَلِيمُ الْقَوِيُّ الْقَدِيرُ الْمَتِينُ، مَا قَدَرَهُ النَّاسُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا عَبَدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ، وَهُوَ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَانَ يَذْكُرُهُ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، فَلَا يَفْتُرُ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاذْكُرُوهُ وَاشْكُرُوهُ، وَتَأَسَّوْا بِرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ دُنْيَاكُمْ وَأُخْرَاكُمْ بِيَدِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ مَصِيرَكُمْ وَمَرْجِعَكُمْ إِلَيْهِ، وَإِنَّ حِسَابَكُمْ وَجَزَاءَكُمْ عَلَيْهِ، فَعَلِّقُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَأَكْثِرُوا لَهُ الْمَدَائِحَ وَالنُّعُوتَ؛ فَهُوَ سُبْحَانُهُ يُحِبُّ الْمَدْحَ وَالثَّنَاءَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ قَرَأَ قَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّهُ يَلْفِتُ انْتِبَاهَهُ كَثْرَةُ ثَنَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَتَكْرَارُهُمْ لِصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الَّتِي يُمْدَحُ بِهَا.

 

وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ، وَمَكَثَ يَدْعُو قَوْمَهُ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَكَانَ فِي مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي دَعْوَتِهِ لِقَوْمِهِ. وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالشُّكْرِ، وَمِنْ شُكْرِهِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ كَثْرَةُ ثَنَائِهِ عَلَيْهِ: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 3]. عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحٌ عَبْدًا شَكُورًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا أَكَلَ وَشَرِبَ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

 

وَمِنْ ثَنَاءِ نُوحٍ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: صَدْعُهُ فِي قَوْمِهِ بِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوُجُوبِ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 23].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: إِعْلَانُهُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَالَمِينَ، وَإِقْرَارُهُ لِقَوْمِهِ بِأَنَّهُ رَسُولٌ نَاصِحٌ يُبَلِّغُ رِسَالَتَهُ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ قَوْمُهُ: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 61- 62].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: نَفْيُهُ عِلْمَهُ لِلْغَيْبِ، وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، وَإِثْبَاتُهُ الْإِرَادَةَ الْكَوْنِيَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْكَوْنِ إِلَّا بِأَمْرِهِ حَتَّى الاهْتِدَاءُ وَالضَّلَالُ ﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ [هُودٍ: 31]. إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [هُودٍ: 34].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: وَصْفُهُ إِيَّاهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اسْتَغْفَرَهُ، وَتَعْدَادُهُ نِعَمَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ، مَعَ بَيَانِ جُمْلَةٍ مِنْ مَظَاهِرِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى؛ كَإِنْزَالِ الْمَطَرِ، وَإِنْبَاتِ الزَّرْعِ، وَالْإِمْدَادِ بِالْأَمْوَالِ وَالْبَنِينَ، وَخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَظَاهِرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ﴾ [نُوحٍ: 10-20].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: وَصْفُهُ إِيَّاهُ سُبْحَانَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْقُدْرَةِ: ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [هُودٍ: 41]، وَلَمَّا زَعَمَ ابْنُهُ الْكَافِرُ أَنَّهُ يَعْتَصِمُ بِالْجَبَلِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى بَيَّنَ لَهُ قُدْرَتَهُ سُبْحَانَهُ وَقَالَ: ﴿ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ﴾، فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هُودٍ: 43].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نَجَاتِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ مِنْ شَرِّ الظَّالِمِينَ، وَسَأَلَهُ نُزُولًا مُبَارَكًا، مُثْنِيًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُنْزِلُ ضَيْفًا مُنْزَلًا فَإِنَّمَا يُنْزِلُهُ عَلَى قَدْرِ جِدَّتِهِ وَكَرَمِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ: ﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 28- 29].

 

وَمِنْ ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَدْرَكَتْهُ عَاطِفَةُ الْأُبُوَّةِ، وَدَعَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِنَجَاةِ ابْنِهِ الْكَافِرِ أَثْبَتَ أَنَّ وَعْدَهُ سُبْحَانَهُ حَقٌّ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ لَمَّا وَعَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ابْنِهِ الْكَافِرِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو أَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِلْمِ، وَتَعَوَّذَ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَأَقَرَّ بِقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ، وَأَعْلَنَ افْتِقَارَهُ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى! وَمَا أَجَلَّهُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَبِيٍّ عَلِيمٍ كَرِيمٍ ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هُودٍ: 45- 47].

 

فَكَانَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَثْرَةِ ثَنَائِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُسْتَحِقًّا تَزْكِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَسَلَامَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتِجَابَتَهُ لِدُعَائِهِ، وَإِنْجَاءَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَإِبْقَاءَ ذِكْرِهِ، وَجَعْلَ الْأَنْبِيَاءِ اللَّاحِقِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَهَذِهِ آثَارٌ جَمِيلَةٌ، وَمَآثِرُ جَلِيلَةٌ؛ جَزَاءَ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَثْرَةِ ثَنَائِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَدَعْوَتِهِ النَّاسَ إِلَى دِينِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 75-81].

 

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَأَنْ يَلْهَجَ بِحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ عَلَى آلَائِهِ وَنِعَمِهِ ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 36- 37].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَثْنُوا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ؛ فَهُوَ سُبْحَانُهُ أَهْلُ الثَّنَاءِ كُلِّهِ، وَأَهْلُ الْمَجْدِ كُلِّهِ: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غَافِرٍ: 64- 65].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْأَدَبَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ لِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، وَأَكْثَرُهُمْ أَدَبًا مَعَهُ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْقُرْآنِ ثَنَاءٌ كَثِيرٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى صَدَرَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُمْ أَفَاضِلُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَكَذَلِكَ كَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ حَيْثُ الْهَزِيمَةُ وَالْجِرَاحُ وَمَوْتُ الْأَحِبَّةِ وَالْأَصْحَابِ؛ لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّنَاءَ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ؛ فَرَغْمَ مَا أَصَابَهُمْ فَإِنَّ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلثَّنَاءِ، رَوَى عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

 

وَيَقْرَأُ الْمُؤْمِنُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 105]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 251]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 152]. فَأَيْنَ هُوَ ثَنَاءُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمُ الْقُرْآنَ، وَفَضَّلَهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَنَامِ؟! وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِرُّوا بِفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنْ يُكْثِرُوا مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، فَلَا يُذْكَرُ سُبْحَانَهُ إِلَّا مُعَظَّمًا، وَيُذْكَرُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعِ التَّعْظِيمِ، وَيُنَزَّهُ ذِكْرُهُ سُبْحَانَهُ عَنِ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ وَالْعَبَثِ، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَحْمِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ وَتَكْبِيرِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الثناء على الله وتنزيهه عن النقص (للأطفال)
  • ثناء الله تعالى على نفسه (1)
  • ثناء الله تعالى على نفسه - خطبة (2)
  • ثناء الملائكة على الله تعالى
  • ثناء الله على القرآن العظيم
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله تعالى
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (6) ثناء جملة من الأنبياء على ربهم سبحانه
  • الفوائد المهمات إلى جميع الدعاة من قصة نوح عليه السلام

مختارات من الشبكة

  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (7) ثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي في رؤية الكاتب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثناء عيسى عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الكليم عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الخليل عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: ثناء الله تعالى عليه في التوراة بحسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ختم الله على قلوبهم..}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحياء من الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في حمد الله تعالى والثناء عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملا علي القاري - رحمه الله -: حياته وأعماله وثناء العلماء عليه(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/2/1447هـ - الساعة: 15:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب