• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

وقال ربكم ادعوني استجب لكم

وقال ربكم ادعوني استجب لكم
د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2019 ميلادي - 10/6/1440 هجري

الزيارات: 19552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقال ربكم ادعوني استجب لكم


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]، اللهم يا مثبت القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك.

 

من آداب الدعاء: استقبال القبلة، وأن يبدأ دعاءه بتحميد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يدعو، وبعد الفراغ من دعائه يستغفر الله، ويسأل الله أن يستجيب له.

 

وروى أبو داود عن ابن عباس قال: المسألة (ويعني بها إذا سألت الله حاجة) - أن ترفع يديك حذوَ منكبيك أو نحوهما، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال (ويعني به الاجتهاد في الدعاء) أن تمدَّ يديك جميعًا.

 

وروي عن مالك بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها).

وروِي عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ربَّكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرًا).

 

والأوقات المفضلة لاستجابة الدعاء: يوم عرفة، وشهر رمضان، وعند الإفطار ويوم الجمعة، والثلث الأخير من الليل، ووقت السحر، وأثناء السجود، وعند نزول الغيث، وبين الأذان والإقامة، وعند الصف للصلاة، وعند التقاء الجيوش، وعند رقة القلوب والخوف من الله، ودُبر الصلوات المكتوبات.

 

روى أحمد وأصحاب السنن عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

 

وروى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء).

 

فعلى المسلم أن يجعل الدعاء عبادة، فيدعو الله في كل حين في الرخاء وفي الشدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن سرَّه أن يستجيب الله تعالى له، فليُكثر الدعاء في الرخاء)؛ رواه الترمذي.

 

ومن رحمة الله ولُطفه بعباده أنه يستجيب لهم دعاء الخير، ولا يستجيب لهم دعاء الشر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [يونس:11].

 

يقول ابن كثير: يخبر الله تعالى عن حِلمه ولطفه بعباده، أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم وأموالهم وأولادهم في حال ضَجرهم وغضبهم، وأنَّه يعلم منهم عدم القصد بالشر، ويستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم وأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ﴾.

 

والمعنى أنه لو استجاب الله لهم كلما دعوا لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك؛ كما جاء في الحديث عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها استجابة، فيستجيب لكم).

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع الله عز وجل، غضِب الله عليه)؛ تفرد به الإمام أحمد.

 

ومن فضل الله تعالى وكرمه على عباده - أنه حثَّ عباده إلى أن يدعوه، وتكفل لهم بالإجابة، فأحبُّ العباد عند الله مَن سأل الله فأكثر سؤاله، وأبغض العباد عند الله من لم يسأل الله، وليس أحد كذلك إلا الله؛ كما قال سفيان الثوري، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:

الله يغضب إن تركتَ سؤالَه *** وبنيُّ آدم حين يُسأل يغضب

 

قال ابن كثير في تفسيره: عن القشيري عن أبيه عن جده أنَّ أعرابيًّا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنُناجيه أم بعيد فنُناديه، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ﴾ [البقرة: 186].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي)؛ أخرجاه في الصحيحين، وهذا لفظ البخاري، وقال مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحمٍ، ما لم يستعجل، فقيل: يا رسول الله، وكيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت، فلم أرَ يستجاب لي، فيستحسر عن ذلك ويدع الدعاء)؛ (أي: ويترك الدعاء).

 

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب، حتى تعجل له في الدنيا، أو تؤخَّر له في الآخرة إذا لم يعجل أو يقنط؛ قال عروة: قلت: يا أماه: كيف عجلته وقنوطُه، قالت: يقول: سألتُ فلم أُعطَ، ودعوتُ فلم أُجَب.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم ينصب وجهَه لله عز وجل في مسالة، إلا أعطاها إيَّاه، إمَّا أن يجعلها له (في الدنيا)، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة)؛ رواه أحمد بإسناد لا بأس به.

 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحمٍ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث؛ إما أن يعجل له دعوته (في الدنيا)، وإمَّا أن يدَّخرها في الآخرة، (فيجازيه عليها يوم القيامة)، وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذًا نُكثر، قال: الله أكثر)؛ رواه أحمد والبزار، وأبو يعلى بأسانيد جيدة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: (وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها)؛ أي: بدلًا من أن يستجيب له دعاءه، يصرف عنه شرًّا وبلاءً، ومن المؤكد أن صرف هذا الشر والبلاء خير لهذا العبد الداعي من الأُمنية التي دعا الله أن يحقِّقها له، والله أعلم بما هو الخير لعبده.

 

وقد يكون خيرًا من هذا وذاك أن يدَّخر له هذا الدعاء؛ ليُجازى عليه في الآخرة بدلًا من أن يجازى عليه في الدنيا، بجلب الخير أو بصرف الشر، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدعو الله المؤمن يوم القيامة حتى يُوقفه بين يديه، فيقول الله: يا عبدي، إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك، فهل كنت تدعوني، فيقول: نعم يا رب، فيقول الله عز وجل: أما إنَّك لم تدعني بدعوة إلا أستجيب لك، أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغمٍّ وكرب نزل بك أن أُفرج عنك، ففرَّجت عنك؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول الله تبارك وتعالى: إني عجَّلتُها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا لغمٍّ وكرب نزل بك، فلم تر فرجًا، قال: نعم يا رب، فيقول الله سبحانه: إني ادَّخرت لك بها في الجنة كذا وكذا، ودعوتني في حاجة أقضيها لك في يوم كذا وكذا، فقضيتُها، فيقول: نعم يا رب، فيقول الله سبحانه: إني عجَّلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك، فلم تر قضاءها؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول سبحانه: إني ادَّخرت لك بها في الجنة كذا وكذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا يدع - (أي: فلا يترك) - الله دعوة دعا بها عبده المؤمن، إلا بيَّن له؛ إمَّا أن يكون عجَّل له في الدنيا، وإما أن يكون ادَّخر له في الآخرة، قال: فيقول المؤمن في ذلك المقلم: يا ليته لم يكن عجل له شيئًا من دعائه)؛ رواه الحاكم. وقال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة: ضعيف.

 

والمعنى أن المؤمن يتمنى في ذلك المقام أن يكون كل ما دعا به من أجل حاجة في الدنيا، قد ادُّخِر له في الآخرة.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجاب الدعاء، وقد تسليت كثيرًا بقصة دعائه له صلى الله عليه وسلم على كسرى، فأحببت أن أرويها مفصلة في هذه الموعظة.

 

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبًا إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، من بينها كتابٌ كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى بن هرمز ملك الفرس، بعثه مع عبدالله بن حذافة؛ لأنه كان يتردد على كسرى كثيرًا، وهذا لفظ الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهِد أنْ لا اله إلا الله، وأني رسول الله إلى الناس كافة؛ لينذر من كان حيًّا، أسلِم تسلَم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس، فجاء عبدالله بن حذافة إلى كسرى وسلَّمه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا من يقرأ له الكتاب، فإذا فيه: من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، فلما سمع هذا، ثارت حفيظته وصاح من فوره، فتناول الكتاب ومزَّقه قبل أن يعلم ما فيه واستخفَّ به، وقال: من هذا الذي يدعوني إلى دينه ويبدأ باسمه قبل اسمي؟ أيكتُب إليَّ بهذا وهو عبدي؟ وأمر بإخراج حامل الكتاب من قصره فأُخرج، فلما رأى ذلك قعد على راحلته وسار، فلما ذهبت عن كسرى سَورةُ غضبه، بعث فطلب حامل الكتاب، فلم يجده، فلما وصل عبدالله بن حذافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على كسرى، فقال: اللهم مزِّق ملكه، وقال: مزَّق الله ملكه كما مزَّق كتابي.

 

ثم بعث كسرى إلى أمير له باليمن يقال له: (باذان)، بعث إليه بكتاب يقول فيه: بلغني أن رجلًا من قريش خرج بمكة يدَّعي أنه نبي، فسِرْ إليه واستتبْه، فإن تاب وإلا، وفي رواية: فابعث من عندك إلى الحجاز رجلين جلدين قويين فليأتياني به، فبعث باذان بابويه وقيل: اسمه (قهرمانة)، وكان كاتبًا حاسبًا بكتاب فارس، وبعث معه رجلًا من العرب يقال له: خرخسرة، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره أن يخبرا محمدًا صلى الله عليه وسلم بما قاله ملك الفرس، وأن يذهب محمد معهما إلى كسرى، ومما كان في كتاب كسرى: لتدخلنَّ (يا محمد) في أمري (وفي طاعتي)، أو لأتينك بنفسي ومن معي، وأمر الله أسرع من ذلك، فأمَّا كتابك، فأنا أعلم به منك، فيه كذا وكذا، ولم يفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب كسرى ولم يقرأه.

 

وقال باذان لمبعوثه بابويه: ائت بلد هذا الرجل وكلِّمه، وائتني بخبره، فخرج بابويه ومعه خرخسرة حتى قدما الطائف، فوجدا رجالًا من قريش من المشركين، فسألاهم عن محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هو بالمدينة، واستبشر هؤلاء المشركون وفرحوا، وقال بعضهم لبعض: أبشروا، فسيقضي ملِك الفرس على محمد، فقد نصب له كسرى وأعدَّ له العدة لقتاله واستئصاله، وكُفيتم الرجل، ويريدون بذلك أنه لا حاجة أن تقاتل قريش محمدًا، فسيقاتله عوضًا عنهم كسرى، ويقضي عليه وينجيهم من شره.

 

فتوجَّها إلى المدينة وقدِما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلَّمه بابويه فقال له: إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى عميله الملك باذان أمير اليمن يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتب باذان هذا فيك إلى ملك الملوك، فيشفع لك عنده، فينفعك بما يقدر عليه ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمتَ، فهو مهلكك ومُهلك قومك، ومخرِّب بلادك.

 

وقد دخل مبعوثَا كسرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حلقا لحاهما وأعفَيا شواربهما، فكرِه رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر اليهما، وقال: ويلكما، مَن أمركما بهذا؟ قالا: ربنا؛ يعنيان: كسرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقصِّ شاربي، فأعلَماه بما قدما له، ودفعا إليه بكتاب باذان، فلما قُرِئ له الكتاب وعلِم ما فيه وما يطلبه منه باذان، تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهما إلى الإسلام وفرائصُهما ترعد هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لهما: ارجعا حتى تأتيان غدًا، فأُخبركما بما أُريد.

 

وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء أن الله قد سلَّط على كسرى ابنه (شيرويه)، فقتله في شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا، بعدما مضى من الليل كذا وكذا.

 

قال الواقدي: قتل شيرويه أباه كسرى ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى من سنة سبع من الهجرة النبوية لست ساعات مضت من تلك الليلة.

 

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثي كسرى، فلما أتياه قال لهما: إن ربي قتل ربكما، فقد سلَّط عليه ابنه، فقتله في شهر كذا، وفي الليلة الفلانية، والساعة الفلانية.

 

فعجِبا من ذلك، ثم قالا: وبماذا نخبر الملك باذان، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: أخبراه عني أن سلطاني سيبلغ إلى منتهى الخف والحافر، وقولا له: إنك إن أسلمت أعطيتُك ما تحت يدك وملَّكتك على قومك، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرخسرة منطقة (ومنطقة بكسر الميم: ما يحزم به على البطن)، فيها ذهب وفضة، وكان أهداها له بعض الملوك، وكانت حمير قوم اليمن تُسمي خرخسرة صاحب المعجزة، والمعجزة المنطقة بلغة حمير.

 

فخرَجا ورجعا إلى باذان أمير اليمن، وأخبراه بما أخبرهما به محمد صلى الله عليه وسلم، وقال باذان: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لأرى الرجل نبيًّا كما يقول، ولننظرنَّ، فإن صدق وكان ما قال حقًّا، فإنه لَنبيٌّ مرسل، وإن لم يكن صادقًا فسنرى فيه رأينا.

 

فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه يُخبره بقتل كسرى، أما بعد، فقد قتلتُ كسرى، ولم أقتله إلا غضبًا لفارس، فإنه قتل أشرافهم، فتفرَّق الناس، فإذا جاءك كتابي هذا فخُذ لي بالطاعة مِن قِبَلك، وانظُر الرجل الذي كان كسرى يكتب إليك فيه، فلا تزعجه حتى يأتيك أمري فيه.

 

فلما أتاه كتاب شيرويه، أسلَم وأسلم معه أبناء فارس الذين كانوا باليمن، فبعث باذان بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وشرط قبول الدعاء الذي يكون في أمر عام يهم الأمة أن تأمر هذه الأمة بالمعروف وتنهى عن المنكر. وشرط قبول الدعاء الذي يكون في أمر خاص يهم الفرد الداعي - أن يأكل من كسب حلالٍ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء (يدعو الله): يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟ رواه مسلم.

 

والمعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن ثمة رجلًا يطيل السفر البعيد الشاق، متفرق شعر الرأس لعدم الاعتناء بنظافته ودهنه وتَرجيله، مُغبر الوجه والثياب، بسبب ما يصيبه من وعثاء الطريق وغباره؛ أي: هو رجل كادح، ترك زينة الدنيا، فتوافرت عنده كل الأسباب الموجبة لاستجابة الدعاء، ولم يمنع من أن يستجيب الله دعاءه إلا أكلُه الحرام، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تليتُ هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [البقرة: 168]، فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا سعد، أطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبَّل منه عملٌ أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه مِن سُحت (وحرام)، فالنار أَولى به)؛ رواه الطبراني في الصغير (ضعيف).

 

اللهم اجعلنا من الطيبين الذين لا يأكلون إلا الطيبات، وأغنِنا بالقناعة والرزق الحلال عن الطمع، وكل كسب حرامٍ ومال حرام، اللهم آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا من استجبتم لربكم في رمضان استجيبوا له سائر الأيام (خطبة)
  • وقال ربكم ادعوني أستجب لكم

مختارات من الشبكة

  • الليلة التاسعة: قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم....)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب