المد والقصر عند ورش

كتاب النجم اللامع في نظم أصول ورش عن نافع

المد والقصر عند ورش

والمدُّ بَعْدَ الهمزِ مدٌّ مشبعٌ في كِلْمةٍ أَوْ في اثنتينِ تحَصلا فالحكمُ في حال اتصاله مدهُ ستًّا ومثلهُ في انفصالهِ مُثلا وإذا قبيل المدِّ همزٌ ماثلٌ فاقْصرهُ مقدار اثنتينِ مُبدلا أو بالتوسطِ أرْبعًا أو أشْبعَنْ مقْدارَ ستٍّ في التلاوةِ أطولا واسْتثنِ همْزًا بَعْدَ إسْكانٍ أتى وصْلًا صحيحًا نَحْوَ (قرآنًا) عَلا والهمزُ بعد الوصلِ يُبْدل دائمًا مِنْ جنسهِ والقصْر فيه تأَصَّلا ومثالهُ ائتُوني ب (إيتُوني) وفي مِثْل (ائتنا) قلْ (إيتنا) مُتأملا وكذا ب (اُوتمنَ) التي في الذكْر أبـ ـدلْ همزها واوًا وكنْ به مُتمثِّلا والمدُّ بعد الهمزِ وقْفًا إنْ أتى عوضًا عنِ التنوين قَصرْ مُبْدلا في نحْو (ماءً) أو (دعاءً) أَبْدلنْ واستثنِ ألفًا بعدَ همْزٍ أُصلا (كتَبوَّءوا) ونَظيرُها فاحْكمْ لها بثلاثةِ البدلِ الذي بِه أُعْمِلا واجعلْ (يُؤاخذكم) و(إسرائيل) في اَلذكْر والأمثالُ منْها مُعَزلا و(ألانَ) مثلهُ (عادًا الأولى) بها وجهانِ عن ورشٍ عنِ الداني كِلا فالقصرُ أو بثلاثةِ البدلِ الذي فيها و(لاشِينٌ) بقصرٍ فَضلا واللينُ بالإشباعِ أو بتوسُّطٍ يُتلى ووجهُ القصرِ عندهُ أُهمِلا إلا اثنتينِ المدُّ يعزلُ فيهما (الموءودةُ) الأولى وَثَنِ ب(موْئلا) والخُلفُ في سوْءاتكمْ يُروى وما منْها تصرفَ إذْ بهَا بدَلٌ تَلا فإذا قَصرتَ اللينَ فيها جازَ فِي (ءَاتٍ) ثَلاثة أوجهٍ وتُقبلَا وإذا تلوتَ توسُّطًا فتوسُّطٌ يجْري على (ءَاتٍ) فَمُدَّهُ سلْسلا واللينُ دون الهمْزِ فيه لورْشِنا وجْهان حالَ الوقفِ حصْرًا أُعْمِلا وهُما التوسُّطُ أرْبعًا أوْ قَصْرُهُ في نحْو (خوفٍ) بالوصالِ تَعَطَّلا والخلفُ يُروى فِي (ألم) عَلى وجْهين عندَ العنكبوتِ مُعَولا وَجْهٌ بقَصْر المدِ حُرك مُوصَلا بالفتحِ مِنْ هَمْزٍ بُعَيدهُ نُقِلا (والطُّولُ) ستًّا حَال وقْف مِثْلما جَمْعُ الأئمةِ كُلهمْ قدْ رَتلا

الشرح:

(والمدُّ) في اللغة معناه الزيادة، وفي الاصطلاح إطالة الصوت بحرف المد إذا التقى بحرف همز أو حرف ساكن.

وحروف المد ثلاثة: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، وكلها تجمعها كلمة (نوحيها).

وضد المد هو القصر، ومعناه لغة: الحبس، ويطلق القصر، ويراد به معنيان:

الأول: ترك إطالة الصوت وإثبات حرف المد من غير زيادة على حركتين فيكون هنا مقداره حركتان فقط.

الثاني: ترك المد بالكلية؛ كقراءة (أنسنيه) بكسر الهاء فقط دون مدها، فيقال: تقرأ بالقصر؛ أي: بترك المد فيها، مثل القصر في مد البدل، وهو أحد الوجوه الثلاثة فيه، مقداره حركتان في مثل (ءامن).

فإذا أتى المد (بعد الهمز) فهو في مذهب ورش (مد مشبع) مقداره ست حركات سواء جاء (في كلْمة) واحدة بسكون اللام - إذ يقال كلْمة وكلِمة - كنحو: (وجيء بالنبيئين) و (سوء)، (أو) جاء (في) كلمتين (اثنتين) و(تحصل) فيهما نحو (قو أنفسكم) و (في أمها رسولًا) و(أمره إلى الله).

(فالحكم) الذي يختص بالمد عند الإمام ورش (في حال اتصاله)؛ أي: في كلمة واحدة هو إشباعه ست حركات، فـ (مده) بهذا المقدار (ستًّا)، (ومثله) المد (في) كلمتين حيث ظهر بهما (انفصاله)، وهو المسمى بالمد المنفصل (أعمل) فيه الإشباع مقدار ست حركات، فكلا المدَّيْن المتصل والمنفصل مقدارهما ست حركات بالإشباع، والفرق بينهما في الحكم، وهو أن المد المتصل واجب، والمد المنفصل جائز، وقد تقدَّمت أمثلتهما.

(وإذا) جاءك (قبيل المد)؛ أي: قبله (همز ماثل) ظاهر، فهذا هو مدُّ البدل، وحكمه أن له ثلاثة وجوه: أولها القصر (فاقصره مقدار) حركتين (اثنتين مبدلًا) الألف مدًّا؛ ولذلك يُسمَّى مد البدل؛ قال شيخنا أبو الفرح (سمي مد البدل؛ لأن أصل الكلمة بهمزتين: الأولى متحركة، والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية من جنس حركة الأولى) - تقريب المعاني في القراءات السبع ص (68)، وثانيها (أو بالتوسط) ومقداره (أربعًا)، والوجه الثالث (أو أشبعن) وهو الإشباع، ويُقال له الطول أيضًا بـ (مقدار ست) حركات (في التلاوة) على مذهب ورش، وهو بهذا المقدار يكون (أطولا) مقارنة بغيره.

وتنطبق أحكام مد البدل عليه، سواء كان الهمز فيه محققًا أو مغيَّرًا بالتسهيل أو بالنقل أو الإبدال، وسيأتي تعريف التسهيل والنقل والإبدال في باب الهمز وأحواله إن شاء الله.

ومثال الهمز المحقق (أي المنطوق) في مد البدل هو: (إيمانًا) (أوتوا) (ءامن)، ومثال الهمز متغير بالتسهيل: (ءالهتنا خير أم هو) (جاء ءال فرعون) (قال آمنتم له)، ومثال الهمز المتغير بالنقل - معنى بالنقل؛ أي: غير منطوق -: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]، ومثال الهمز المتغير بالإبدال: (من السماء ءاية) و(هؤلاء ءالهة).

(واستثن) من أحكام مد البدل السابقة ثلاثة أصول، وهي:

الأصل الأول: كل كلمة احتوت (همزًا) (بعد) حرف فيه (إسكان أتى) موصولًا بها (وصلًا) وكان حرفًا أصليًّا من الكلمة (صحيحًا نحو): (قرآنًا علا) وتكرم فهو قرآن مبارك يعلو، ولا يُعلى عليه، كما قال تعالى ﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴾ [عبس: 13، 14]، فكلمة (علا) حكاية حاله ووصفه، وأيضًا نحو كلمة (مسئولًا) و(مذؤومًا) و(الضمئان) ونحوها، وخرج باشتراط الساكن الصحيح ما كان ساكنًا ولم يكن صحيحًا؛ نحو: (جاءوا)، فإن قبل الهمز ألفًا، وهي سكون ميت غير صحيح، وكذلك (سوءاتكم)، وخرج بكلمة موصول ما لم يكن متصلًا بالكلمة؛ نحو: (من ءامن) و(من أوتي).

الأصل الثاني: إذا وقع حرف المد (و) يقصد به هنا (الهمز بعد) همزة (الوصل) نحو (ائتوني) ونحو (اؤتمن) فحكمه أنه (يبدل دائمًا) بمد (من جنسه)؛ أي: من جنس حركة همزة الوصل يبدل الهمز بعدها وفي هذه الحالة (و) نظائرها يكون مد (القصر) هو حكم مد البدل و(فيه تأصل) في مذهب ورش عن نافع رحمهما الله، ورفع مقامهما في عليين.

(و) همز الوصل المكسور (مثاله) (اتوني) تبدل ياء بـ (إيتوني) (و) كذلك (في مثل) كلمة (أتنا) قل (إيتنا) بإبدال الهمز ياء (متأملا) متدبِّرًا جمالية هذه القراءة الفريدة على هذا الوجه، فإذا كان همز الوصل مضمومًا يبدل المد واوًا؛ نحو (اؤتمن) تبدل واوًا (أوتمن).

(وكذا) بمعنى كذلك (بـ) كلمة (اؤتمن) (التي في الذكر) وهو القرآن، في قوله تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ ﴾ [البقرة: 283] في سورة البقرة (أبدل همزها) (الثاني) (واوًا) فتصبح (أوتمن)، وحكمه القصر مقدار حركتين (وكن به متمثلًا) في الحكم على نظيره أنى جاء في القرآن، فهو أصل مستثنى من أحكام مدِّ البدل العامة عند الإمام ورش.

(و) الأصل الثالث: إذا وقع (المد) (ألفًا) (بعد الهمز وقفًا)؛ أي: موقوفًا عليه، فـ (إن أتى) على هذا النحو وكان (عوضًا عن التنوين)، ففي هذه الحالة لا تأخذ بالوجوه الثلاثة؛ ولكن (قصر)؛ أي: خذ بوجه مدِّ القصر فقط (مبدلًا)؛ أي: مبدلًا الألف مدًّا بالقصر مقدار حركتين، والمعنى: إذا كانت الألف التي بعد الهمز هي ألف جاءت عوضًا عن التنوين ف(في نحو: ماء أو دعاء) ففي هذه الحالة (أبدلن) الألف مدًّا بالقصر كما تقدم، (و) يشترط في هذه الألف أن تكون عوضًا عن التنوين، وليست أصلية؛ لذلك (استثن) ما شابه هذه الكلمات إذا احتوت (ألفًا)؛ أي: ألفًا جاء فيها (بعد همز)، وكان أصليًّا وليس عوضًا عن تنوين، فكونه (أصل) في هذه الكلمة منع أن تكون الكلمة مستثناة من جواز الوجوه الثلاثة في مد البدل، فحكمه والحالة هذه هو جواز ثلاثة البدل: وهي القصر والتوسُّط والإشباع؛ (كتبوَّءُوا) في قوله تعالى: ﴿ تَبَوَّءُوا الدَّارَ ﴾ [الحشر: 9]، فالألف الأخيرة في فعل (تبوءوا) هي ألف أصلية؛ لذلك جاز في مد البدل ثلاثة أوجه، (ونظيرها) كما في قوله تعالى: ﴿ تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ﴾ [الشعراء: 61] و﴿ رَأَى الْقَمَرَ ﴾ [الأنعام: 77]، وغيرها (فاحكم لها) (بـ) جواز (ثلاثة البدل)، وهي القصر والتوسُّط والإشباع، وهذا الحكم هو (الذي به أُعمل) في مذهب ورش في مد البدل عمومًا كما تقدم؛ وإنما وقع الاستثناء في كلمات وأصول وهي التي نحن بصدد تفصيلها.

(واجعل) من الأمور المستثناة من حكم مد البدل كلمتان أيضًا، وهما: الكلمة الأولى (يؤاخذكم) فكل ما تصرف من هذه الكلمة يستثنى من حكم البدل، والكلمة الثانية: (إسرائيل) فالمد في هاتين الكلمتين حكمه هو القصر مقدار حركتين أينما جاءا في الذكر، (و) كذلك (الأجناس منها) أنى وكيف جاءت في القرآن؛ نحو: (تؤاخنا) (تؤاخني) (يؤاخذ) أو (بنو إسرائيل) أو (بني إسرائيل) (معزلا)؛ أي: معزولًا عن حكم المد الذي هو (القصر والتوسُّط والإشباع)؛ إذ لهاتين الكلمتين حكم القصر استثناء.

ووقع الخلاف في كلمتين (و) هما الكلمة الأولى: حرف (الآن) في سياق الاستفهام في موضعين في سورة يونس في قوله تعالى: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾ [يونس: 91]، وقوله تعالى: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ ﴾ [يونس: 51]، وأما كلمة (الآن) في غير سياق الاستفهام ففيها الوجوه الثلاثة؛ كنحو: ﴿ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾ [يوسف: 51] ﴿ الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 71]، و(مثله) الكلمة الثانية وهي (عاداً الأولى) في سورة النجم؛ حيث ورد في التلاوة (بها وجهان عن ورش عن الداني) أبي عمرو ف (كلا) الوجهين رويا عن الإمام ورش، وأيضًا عن الإمام أبي عمرو الداني، والوجهان المرويان في هاتين الكلمتين هما:

(فـ) الوجه الأول: استثناؤهما وذلك بمدِّ البدل بـ (القصر) مقدار حركتين كبقية القرَّاء.

الوجه الثاني: (أو بثلاثة البدل)، وذلك بتسويتهما بمدِّ البدل (الذي) هو الأصل، فيجوز (فيها) في هذه الحالة: القصر والتوسُّط والإشباع.

وكلا الوجهين مرويان عن أبي عمرو الداني في كتابيه: (الجامع) روى فيه القصر وكتابه (التيسير) وروى فيه ثلاثة البدل، وهي: القصر، والتوسط، والإشباع.

والوجه المقدم الذي نص عليه الشاطبي رحمه الله هو مد القصر (و) الذي اختاره شيخنا وأستاذنا أبو الفرح سيد (لاشين) هو المد (بقصر) البدل، و(فضل) ذلك لتنصيص الشاطبي عليه؛ حيث قال:

وعاد الأولى وابن غلبون طاهر *** بقصر جميع الباب قال وقولا

وهو المروي عن الإمام طاهر بن غلبون شيخ الإمام الداني كما نص عليه شيخنا أبو الفرح سيد لاشين نقلًا عن الإمام المقري الضباع في كتابه "إرشاد المريد إلى مقصود القصيد" صفحة 51-52 (انظر: تقريب المعاني في القراءات السبع؛ لشيخنا سيد لاشين ص 70).

اللين المهموز:

(واللين) المهموز هو أن يجتمع حرف اللين (الياء أو الواو الساكنتان المفتوح ما قبلهما) مع همز في كلمة واحدة؛ مثل: (سوء) (سوءة) (سوءاتهما) (شيء) (شيئًا) (كهيئة) (استيئس) (استيئسوا).

(و) لورش في مد (اللين) المهموز وجهان هما المد (بالإشباع) مقدار ست حركات (أو) المد (بتوسُّط) أربع حركات، فبهذين الوجهين (يتلى) اللين المهموز عند ورش في حالتي الوصل والوقف، (و) أما (وجه) المد بـ (القصر عنده)؛ أي: عند الإمام ورش رحمه الله (أُهمل) فلا قصر في اللين المهموز عنده في حالتي الوقف والوصل (إلا) كلمتين (اثنتين) عند ورش استثناهما لذلك، ف (المد) بأوجهه (يعزل فيهما) فلا يعمل به مطلقًا في كلمة (الموءودة) وهي (الأولى)، والقصر في كلمة (الموءودة) مختص بقصر الواو الأولى بعد الميم فقط، (وثن) (بـ ) الكلمة الثانية، وهي (موئلا)، فهاتان الكلمتان لا مد فيهما، وإن كان فيهما اللين المهموز؛ حيث في كليهما حرف الهمز وحرف اللين، وهو الواو وما قبله مفتوح، إلا أن المد يتعطَّل فلا يعمل به عند ورش استثناء من القاعدة في باب اللين المهموز.

والخلف في سوءاتكم جار وما *** منها تصرف إذ بها بدل تلا

(والخلف) عن ورش (في) كلمة (سوءاتكم) (جار) ومعمول به في الرواية (و) كل (ما منها تصرف) (إذ) اجتمع اللين المهموز (بها) وهو (سوْء ــ) مع مد (بدل) (تلا) هذا اللين المهموز وهو تتمة كلمة سوءات (ــ ءات).

(فإذا قصرت)؛ أي: تلوت بقصر المد بمقدار حركتين في (اللين) المهموز في (سوءاتكم) وهو الواو في (سوء ــ) فـ (فيها جاز) لك (في) مد البدل في الكلمة نفسها وهو (ــءات) مدها بثلاثة البدل وهي (ثلاثة أوجه): القصر والتوسط والإشباع (و) هذا الوجه (تُقبل) في مذهب ورش، فهو أحد الوجهين في اجتماع اللين المهموز مع مد البدل في كلمة (سوءات).

(وإذا تلوت) اللين المهموز في كلمة (سوءات) وهو الواو في نصفها الأول وهو (سوء ــ) (توسُّطًا)؛ أي: بمد التوسُّط أربع حركات (فـ) مد (توسط) آخر بمقدار أربع حركات سـ (يجري) بالمقابل (على) مد البدل في (ــءات) وهي النصف الأخير من كلمة (سوءات)، (فـ) يقتضي الأمر (مده) بذلك المقدار مدًّا (سلسلا) مزينًا مرتلًا، فهذا هو الوجه الثاني عن ورش في اجتماع اللين المهموز مع مد البدل في كلمة سوءات.

قال شيخنا ملخصًا ما ورد من خلاف عن ورش في ذلك: (ورد خلاف عن أهل الأداء عن ورش في واو (سوءات) وما تصرف منها؛ نحو: (بدت لهما سوءاتهما) (يواري سوءاتكم) والخلاصة في كلمة (سوءات) على النحو التالي:

قصر الواو مع قصر البدل بمقدار حركتين، قصر الواو مع توسط البدل بمقدار أربع حركات، قصر الواو مع مد البدل بمقدار ست حركات، توسط الواو مع توسط البدل بمقدار أربع حركات)؛ انظر: تقريب المعاني في القراءات السبع لشيخنا لاشين، ص (73).

اللين غير المهموز:

(و) في حالة مد (اللين) غير المهموز؛ أي: (دون همز) فـ (فيه لورشنا وجهان) في (حال الوقف حصرًا) حيث (أعملا) بشرط الوقف على هذا اللين العري عن الهمز (و) هذان الوجهان (هما) مد (التوسُّط أربعًا)؛ أي: مقدار أربع حركات، وهذا هو الوجه الأول، (أو اقصره)؛ أي: مده بالقصر مقدار حركتين (في نحو خوف) و(ضير) و(بيت) ونحوه، وهذا هو الوجه الثاني، وهذان الوجهان في حال التلاوة (بالوصال)؛ أي: بالوصل (تعطَّلا) فهما مرويان عن ورش حال الوقف فقط، أما في حالة الوصل فلا مدَّ في اللين غير المهموز مطلقًا؛ وإنما المد مخصوص باللين المهموز حال الوصل والوقف كما تقدم.

(والخلف) عن الإمام ورش رحمه الله (يروى) في فواتح الصور (في) (ألم) (أحسب) على (وجهين) اثنين (عند) بداية سورة (العنكبوت معولا)؛ أي: عليه المعول.

(وجه بقصر المد) في (الميم) عند قراءتها (وصلا) بـ(أحسب)؛ حيث يصبح الميم (محركًا) (بالفتح) (من) جرَّاء نقل حركة (همز) (أحسب) التي (بعيده)، فالفتح في همز (أحسب) (نُقل) إلى الميم فتحرك الميم بالفتح عند الوصل.

(والطول) وهو الوجه الثاني عن ورش، ومعناه: الإشباع فهو مرادف له في اصطلاح القُرَّاء (ستًّا) في (حال وقف) على (ألم) (مثلما جمع الأئمة كلهم) وهم بقية القُرَّاء السبعة، (قد رتلا)، فكل منهم قرأ مد الميم في (ألم) بالإشباع ست حركات سواء في العنكبوت أو غيرها.

♦   ♦   ♦

خلاصة باب المد والقصر

تعريف المد:

المد في اللغة معناه الزيادة، وفي الاصطلاح: (إطالة الصوت بحرف المد عند ملاقاته همزًا أو سكونًا).

وحروف المد ثلاثة: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، وكلها تجمعها كلمة (نوحيها).

أقسام المد:

وينقسم المد إلى قسمين: مد أصلي، ومد فرعي (أي: غير طبيعي لسبب طارئ).

فالمدُّ الأصلي هو الطبيعي حيث لا يتوقَّف على سبب، ومقداره حركتان؛ مثل: (قال) و(قيل) و(يقول).

والمد الفرعي هو المد الذي يتوقَّف على سبب، وهذا السبب أحد اثنين، وهما: همز أو سكون.

فأما المد الذي سببه الهمز، فثلاثة أنواع هي: مد المنفصل، ومد المتصل، ومد البدل.

الأول: المد المنفصل: وهو أن يكون حرف المد في آخر الكلمة، والهمز في بداية الكلمة الأخرى؛ نحو: (فِي أُمِّهَا) في قوله تعالى: ﴿ حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ﴾ [القصص: 59]، ونحو: ﴿ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [البقرة: 275]، ونحو: ﴿ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾ [البقرة: 4]، وحكمه عند ورش الجواز، ومقداره هو الإشباع ست حركات.

الثاني: المد المتصل: وهو أن يأتي حرف المد والهمز في كلمة واحدة نحو: (جيء بالنبيئين) (أو تعفو عن سوء) (فمن شاء فليؤمن)، وحكمه عند ورش الوجوب، ومقداره هو الإشباع ست حركات.

الثالث: مد البدل وهو كل همز ممدود سواء كان ألفًا أو واوًا أو ياء؛ نحو: (ءامنوا) (إيتوني) (أوحي)، وحكمه عند ورش: الجواز، ومقداره عنده ثلاثة أوجه: القصر حركتان (كبقية القُرَّاء)، والتوسُّط أربع حركات، والإشباع ست حركات.

ما يستثنى من أحكام مدِّ البدل:

ويستثنى من هذا ثلاثة أصول وكلمتان:

فالأصول الثلاثة المستثناة من مد البدل هي:

الأصل الأول: إذا وقعت الهمزة بعد ساكن صحيح موصول في كلمة واحدة؛ نحو: (قرآنًا) و(مسئولًا) و (مذؤومًا) و (الظمئان) وأمثالها.

الأصل الثاني: إذا وقع حرف المد بعد همزة الوصل؛ نحو: (ايذن لي) و(ايت بقرآن) (اوتمن أمانته) (ايتنا).

الأصل الثالث: إذا كانت الألف التي بعد الهمز عوضًا عن التنوين حالة الوقف (وتُسمَّى مدَّ العِوَض)؛ نحو (دعاءْ) و(نداءْ) و(فداءْ) (ماءْ).

وأما إذا كانت الألف أصلية، فيجوز لورش حال الوقف على المد الأوجه الثلاثة: القصر والتوسط والإشباع في نحو ﴿ رَأَى الْقَمَرَ ﴾ [الأنعام: 77]، وقوله تعالى: ﴿ تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ﴾ [الشعراء: 61]، ﴿ تَبَوَّءُوا الدَّارَ ﴾ [الحشر: 9]، وعند الوصل يحذف المد عملًا بقاعدة التقاء الساكنين حيث يحذف السابق، وحكم مد البدل في هذه الأصول الثلاثة المذكورة هو القصر عند ورش.

والكلمتان المستثناتان هما:

الكلمة الأولى: (إسرائيل) كيفما جاءت في القرآن (بني إسرائيل) (بنو إسرائيل).

والكلمة الثانية: (يؤاخذكم) كيف جاءت في القرآن جمعًا أو مفردة نحو: (يؤاخذ) (فلا تؤاخذني) (تؤاخذنا)، وحكمهما القصر عند ورش، إلا في حالة الوقف على (إسرائيل) فيكون حكمها حكم المد العارض للسكون.

الكلمات التي ورد فيه خلاف عن ورش في مد البدل:

وهناك كلمتان في القرآن فيهما لورش في مد البدل وجهان مرويان عنه وهما:

الكلمة الأولى: (الآن) في سياق الاستفهام في موضعين في سورة يونس في قوله تعالى: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾ [يونس: 91]، وقوله تعالى: ﴿ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ ﴾ [يونس: 51]، وأما كلمة (الآن) في غير سياق الاستفهام ففيها الوجوه الثلاثة؛ كنحو: ﴿ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾ [يوسف: 51] ﴿ الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 71].

والكلمة الثانية: (عَاد الْأُولَى) في سورة النجم.

والوجهان المرويان في هاتين الكلمتين هما:

الوجه الأول: تسويتهما بمد البدل، فيجوز فيهما في هذه الحالة القصر والتوسط والإشباع.

الوجه الثاني: استثناؤهما وذلك بمد البدل بالقصر مقدار حركتين كبقية القراء.

والوجه المقدم هو مد القصر.

مد اللين:

وينقسم مد اللين إلى قسمين: مد لين مهموز، ومد لين غير مهموز.

أولًا: اللين المهموز

تعريف اللين المهموز:

اللين المهموز هو أن يجتمع حرف اللين (الياء أو الواو الساكنتان المفتوح ما قبلهما) مع همز في كلمة واحدة؛ مثل: (سوء) (سوءة) (سوءاتهما) (شيء) (شيئًا) (كهيئة) (استيئس) (استيئسوا).

حكم مد اللين المهموز:

ولورش في مد اللين المهموز وجهان هما: التوسُّط بأربع حركات، والمد المشبع بمقدار ست حركات في حالتي الوصل والوقف.

ما يستثنى من مدِّ اللين المهموز:

ويستثنى من ذلك كلمتان هما: (الموءودة) في سورة التكوير، وكلمة (موئلا) في سورة الكهف، فالمدُّ فيهما هو مدُّ القصر فقط، وليس فيهما مد التوسط أو الإشباع عند ورش، والقصر في كلمة (الموءودة) مختص بقصر الواو الأولى بعد الميم.

الوجوه المروية في كلمة (سوءات) وما تصرف منها عن ورش:

وفي كلمة (سوءات) وما تصرف منها وجهان مرويان عن الإمام ورش رحمه الله:

الوجه الأول: قصر الواو ويقابله ثلاثة البدل في مد البدل في كلمة سوءات وهي (ــءات).

الوجه الثاني: توسط الواو ويقابله توسط البدل.

ثانيًا: اللين غير المهموز:

تعريف اللين غير المهموز:

وهو حيث يجتمع حرف اللين وهو الياء أو الواو الساكنتان المفتوح ما قبلهما، مع حرف غير الهمز في كلمة واحدة؛ نحو: (ضير - خوف) ونحوها.

حكم مد اللين غير المهموز:

وفي حالة مد اللين غير المهموز؛ مثل: (خوف) و(ضير) و(بيت) ونحوه، فلورش وجهان في حالة الوقف فقط، وهما: القصر والتوسط.

أوجه مد الميم في (الم) في بداية العنكبوت عند ورش:

وفي باب مد حروف فواتح الصور اختص ورش في سورة العنكبوت في قوله تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ ﴾ [العنكبوت: 1، 2] بوجهين هما:

الأول: القصر لكونه ينقل حركة الهمزة في (أحسب) إلى الميم قبلها فتحرك الميم بالفتح عند الوصل.

الثاني: الإشباع ست حركات كبقية القراء.

والحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم.