• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الشرح الممتع

تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الممتع
سلطان بن سراي الشمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2018 ميلادي - 26/2/1440 هجري

الزيارات: 28058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الشرح الممتع


مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله وعلى آله ومن ولاه.

ثم أما بعد: فهذا ملخص (باب فروض الوضوء وصفته) من كتاب الطهارة (لشرح الممتع على زاد المستقنع)؛ للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح، أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعة؛ إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمِّلة للباب، وذِكْر استدراكات الشيخ رحمه الله على المتن إن كان هناك استدراكات.


وهذا الملخص يستعين به - إن شاء الله - الطالب المبتدي، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي.

مع العلم أنه تم - ولله الحمد - تلخيص كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة، وكتاب الصيام، وكتاب الحج، وبعضها نزل هنا الباقي لم يتم تنزيله، وأني عازمٌ إن شاء الله على إتمام ما بدأت به.

 

نسأل لله الإعانة والتوفيق والسداد، وأن يكفينا شر الصوارف، وأن يبارك لله لنا في أوقاتنا، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكتب الأجر لكل من أسهَم في إخراج هذا العمل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


ومن كان لديه اقتراحات أو ملاحظات فليراسلنا على هذا الميل:

bensrray@hotmail.com

سلطان بن سراي الشمري

♦   ♦   ♦


بابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ

الفَرض في اللُّغة يدلُّ على معانٍ أصلها: الحَزُّ والقطع، فالحزُّ قطعٌ بدون إِبانة، والقطعُ حزٌّ مع إبانة.
والفرض في الشرع عند أكثر العلماء مرادفٌ للواجب، أي بمعناه، وهو ما أُمِرَ به على سبيل الإِلزام. يعني: أَمَرَ اللَّهُ به ملزمًا إِيَّانا بفعله.


والمراد بفروض الوُضُوء هنا أركانُ الوُضُوء، وبهذا نعرف أن العُلماء رحمهم الله قد ينوِّعون العبارات، ويجعلون الفروضَ أركانًا، والأركان فروضًا.


والدَّليل على أن الفروض هنا الأركان: أن هذه الفروض هي التي تتكوَّن منها ماهيَّة الوُضُوء، وكلُّ أقوال أو أفعال تتكوَّن منها ماهيَّةُ العبادة فإِنَّها أركانٌ.


والوُضُوء في اللُّغة: مشتَقٌ من الوَضَاءةِ، وهي النَّظَافَةُ والحُسْنُ.

وشرعًا: التعبُّدُ لله عز وجل بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة.


فإن قيل: هذا حدٌّ غيرُ صحيح لقولك: بغسل الأعضاء، والرَّأس لا يُغسل؟

فالجواب: أنَّ هذا من باب التغليب.


وقوله: «وصفَتِهِ» معطوفةٌ على فُروض، وليست معطوفةً على وُضُوء، يعني: وباب صفة الوُضوء.

والصِّفة: هي الكيفيَّة التي يكونُ عليها، وللوُضُوء صفتان: صفةٌ واجبةٌ، وصفةٌ مستحبَّةٌ. [ص183].


قوله: ( فروضُهُ سِتَّةٌ: غَسْلُ الوجْهِ، والفَمُ والأَنْفُ منه):

قوله: «فُروضُهُ سِتَّةٌ»، دليلُ انحصارها في ذلك هو التَّتبُّع.

قوله: «غسل الوجه»، هذا هو الفرض الأول، وخرج به المسحُ، فلا بُدَّ من الغسل.

والغَسلُ: أن يجري الماء على العضو.


وقوله: «الوجه» هو ما تحصُل به المواجهةُ، وحَدُّه طولًا: من منحنى الجبهة إِلى أسفل اللحية، وعرضًا من الأُذن إلى الأذن، وقولنا: من منحنى الجبهة؛ وهو بمعنى قول بعضهم: من منابت شعر الرَّأس المعتاد؛ لأنه يصِل إِلى حَدِّ الجبهة وهو المنحنى، وهذا هو الذي تحصُل به المواجهة؛ والدَّليل قوله تعالى: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ [المائدة: 6].


وقد سبق حكم مسترسل اللِّحية - أنه يجب غسل المسترسل منها على المشهور من المذهب، وهو الأقرب في ذلك.


قوله: «والفمُ والأنفُ منه»؛ أي: من الوجه، لوجودهما فيه فيدخلان في حَدِّه، وعلى هذا فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوُضُوء، لكنهما غير مستقلَّين، [ص183-184].


قوله: (وغَسْلُ اليَدَيْن):

هذا هو الفرضُ الثَّاني، وأطلق المؤلِّف رحمه الله لفظ اليدين، ولكن يجب أن يقيد ذلك بكونه إلى المرفقين؛ لأنَّ اليد إِذا أطلقت لا يُرادُ بها إِلا الكف؛ والمِرْفَقُ: هو المفْصلُ الذي بين العضد والذِّراع.


وسُمِّي بذلك من الارتفاق؛ لأن الإِنسان يرتفق عليه، أي: يتَّكئ.

والدَّليل على دخول المرفقين قوله تعالى: ﴿ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ [المائدة: 6] وتفسير النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها بفعله، [ص184-185].


قوله: (ومَسْحُ الرَّأْسِ ومنهُ الأَذُنَان):

قوله: «ومسحُ الرَّأس»، هذا هو الفرضُ الثَّالثُ من فُرُوض الوُضُوء، والفرقُ بين المسح والغسل: أنَّ المسحَ لا يحتاج إِلى جريان الماء، بل يكفي أن يغمس يده في الماء؛ ثم يمسح بها رأسَه، وإِنَّما أوجب الله في الرأس المسحَ دون الغسل، وحَدُّ الرَّأس من منحنى الجبهة إِلى منابت الشَّعر من الخلف طولًا، ومن الأُذن إِلى الأُذن عرضًا، وعلى هذا فالبياض الذي بين الرَّأس والأُذنين من الرَّأس.


واختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا غسل رأسه دون مسحه، هل يجزئه أم لا؟

ولا ريب أنَّ المسح أفضلُ من الغسل، وإِجزاء الغسل مطلقًا عن المسح فيه نظرٌ، أما مع إِمرار اليد، فالأمر في هذا قريب.


ولو مسح بناصيته فقط دون بقيَّة الرَّأس فإِنَّه لا يجزئه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، ولم يقل: «ببعض رؤوسكم» والباء في اللغة العربية لا تأتي للتبعيض أبدًا.


قوله: «ومنه الأذنان»؛ أي: من الرَّأس، والدَّليل مواظبته صلى الله عليه وسلم على مسح الأُذُنين؛ [ص185-187].


قوله: (وغَسْلُ الرِّجْلَيْن): وهذا هو الفرض الرَّابع من فروض الوُضوء، وأطلق رحمه الله هنا الرِّجلين، لكن لا بُدَّ أن يُقالَ: إلى الكعبين، كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6]، ولأن الرِّجل عند الإِطلاق لا يدخل فيها العَقِبُ.


والكَعْبَان: هما العظمان النَّاتئان اللذان بأسفل السَّاق من جانبي القدم، وهذا هو الحقُّ الذي عليه أهل السُّنَّة؛ [ص188].


قوله: (والتَّرتيبُ): وهو أن يُطهَّر كلُّ عضو في محلِّه، وهذا هو الفرض الخامس من فروض الوُضُوء.


مسألة: هل يسقط التَّرتيبُ بالجهل أو النسيان على القول بأنَّه فرض؟

قال بعض العلماء: يسقط بالجهل والنسيان لأنهما عُذْر، وإِذا كان التَّرتيب بين الصَّلوات المقضيات يسقط بالنِّسيان فهذا مثله.

وقال آخرون: لا يسقط بالنِّسيان؛ لأنه فرضٌ، والفرض لا يسقط بالنسيان.


والقياس على قضاء الصَّلوات فيه نظر؛ لأنَّ كلَّ صلاة عبادةٌ مستقلة، لكن الوُضُوء عبادةٌ واحدة.

 

ونظير اختلاف الترتيب في الوُضُوء اختلاف التَّرتيب في رُكوع الصَّلاة وسُجودها، فلو سجد قبل الرُّكوع ناسيًا، فإِن السُّجود لا يصح لوقوعه قبل محلِّه، ولهذا فالقول بأنَّ الترتيب يسقطُ بالنِّسيان، في النَّفس منه شيء، نعم لو فُرِضَ أن رجلًا جاهلًا في بادية ومنذ نشأته وهو يتوضَّأ؛ فيغسل الوجه واليدين والرِّجلين، ثم يمسح الرَّأس، فهنا قد يتوجَّه القول بأنه يُعذر بجهله، كما عَذَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُناسًا كثيرين بجهلهم في مثل هذه الأحوال؛ [ص189-190].


قوله: (والمُوَالاةُ وهي: ألا يؤخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشِفَ الذي قَبْلَه):

قوله: «والموالاة»، هذا هو الفرض السَّادس من فروض الوُضُوء، وهي أن يكون الشَّيء مواليًا للشيء؛ أي: عَقِبَه بدون تأخير، وقال بعضُ العلماء: إن الموالاة سُنَّةٌ وليست بشرط؛ لأن الله أمَر بغسل هذه الأعضاء، وهذا حاصل بالتَّوالي، والتفريق.


والأَوْلَى: القول بأنها شرط؛ لأنها عبادة واحدة لا يمكن تجزئتها.

قوله: «وهي ألا يؤخِّر غَسْل عُضْوٍ حتى يَنْشِفَ الذي قَبْلَه»، هذا تفسير المؤلِّف رحمه الله للموالاة.


وهذا بشرط أن يكون ذلك بزمنٍ معتدل خالٍ من الرِّيح أو شِدَّة الحرِّ والبرد.


وقوله: «الذي قبله»؛ أي: الذي قبل العضو المغسول مباشرة، فلو فُرِضَ أنَّه تأخَّر في مسح الرَّأس، فمسحه قبل أن تَنْشِف اليدان، وبعد أن نَشِفَ الوجه، فهذا وُضُوء مجزئ؛ لأنَّ المراد بقوله: «الذي قبله»؛ أي: قبله على الولاء، وليس كُلَّ الأعضاء السَّابقة.


وقولنا: في زمن معتدل، احترازًا من الزَّمن غير المعتدل، كزمن الشِّتاء والرُّطوبة الذي يتأخَّر فيه النَّشَاف، وزمن الحرِّ والرِّيح الذي يُسرع فيه النَّشاف.


وقوله: «الموالاة» يُستثنى من ذلك ما إِذا فاتت الموالاة لأمرٍ يتعلَّق بالطَّهارة.


مثل: أن يكون بأحد أعضائه حائلٌ يمنع وصول الماء «كالبوية» مثلًا، فاشتغل بإزالته فإِنه لا يضرُّ، وكذا لو نفِد الماء وجعل يستخرجه من البئر، أو انتقل من صنبور إلى آخرَ، ونَشِفت الأعضاء فإِنَّه لا يضرُّ؛ [ص191-192].


قوله: (والنيَّةُ شرطٌ): وهي القصد، ومحلُّها القلبُ ولا يعلم بالنيَّات إلا الله عزّ وجل.

والنيَّةُ شرطٌ في جميع العبادات.


والكلامُ على النيَّة من وجهين:

الأول: من جهة تعيين العمل ليتميَّز عن غيره، فينوي بالصَّلاة أنَّها صلاة وأنَّها الظُّهر مثلًا، وبالحجِّ أنه حجٌّ،

وبالصِّيام أنَّه صيام، وهذا يتكلَّم عنه أهل الفقه.


الثَّاني: قصدُ المعمول له، لا قصد تعيين العبادة، وهو الإِخلاص وضدُّه الشِّرك، والذي يتكلَّم على هذا أرباب السُّلوك في باب التَّوحيد وما يتعلَّق به، وهذا أهمُّ من الأوَّل، لأنَّه لُبُّ الإِسلام وخلاصة الدِّين، وهو الذي يجب على الإِنسان أن يهتمَّ به.


وينبغي للإنسان أن يتذكَّر عند فعل العبادة شيئين:

الأول: أمر الله تعالى بهذه العبادة حتى يؤدِّيها مستحضرًا أمر الله، فيتوضَّأ للصَّلاة امتثالًا لأمر الله؛ لأنَّه تعالى قال: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ [المائدة: 6].

لا لمجرد كون الوُضُوء شرطًا لصحَّة الصَّلاة.


الثاني: التأسِّي بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لتتحقَّق المتابعة.

وهل يَنطِقُ بالنيَّة؟ على قولين للعلماء، والصَّحيحُ أنَّه لا ينطق بها، وأن التعبُّد لله بالنُّطق بها بدعة يُنهى عنها، ويدلُّ لذلك أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه لم يكونوا ينطقون بالنيَّة إِطلاقًا، ولم يُحفظ عنهم ذلك، ولو كان مشروعًا لبيَّنه الله على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم الحالي أو المقالي، فالنُّطق بها بدعةٌ سواءٌ في الصَّلاة، أو الزَّكاة، أو الصَّوم.


أما الحجُّ فلم يرد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: نويت أن أحُجَّ أو نويت النُّسك الفلاني، وإِنما يلبِّي بالحجِّ فيُظهر النِّيَّة، ويكون العقد بالنيَّةِ سابقًا على التلبية، ولهذا قال بعض العلماء رحمهم الله: لو أنَّ الله كلَّفنا عملًا بدون نيَّة؛ لكان من تكليف ما لا يُطاق؛ [ص193-196 ].


قوله: (لِطَهَارةِ الأحْداثِ كلِّها):

الحَدَثُ: معنًى يقوم بالبَدَن يمنع من فعل الصَّلاة ونحوها، هذا في الأصل.


وأحيانًا يُطلقُ على سَبَبِهِ، فيُقال: للغائط حَدَثٌ، وللبول حَدثٌ، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إِذا أحدث حتى يتوضَّأ».


وخرج بقوله: «طهارة الأحداث»: طهارة الأنجاس، فلا يُشترطُ لها نيَّةٌ، فلو عَلَّق إِنسانٌ ثوبه في السَّطح، وجاء المطرُ حتى غسله، وزالت النَّجَاسةُ طَهُرَ؛ مع أن هذا ليس بفعله، ولا بنيَّته.


وكذلك الأرض تصيبها النَّجَاسة، فينزل عليها المطر فتطهُر، وما ذكره المؤلِّف: مذهب مالك، والشَّافعي، وأحمد.


وهو الصَّوابُ أن الوُضُوء عبادةٌ مستقلِّة، بدليل أن الله تعالى رتَّب عليه الفضلَ والثَّوابَ والأجرَ، ومثلُ هذا يكون عبادةً مستقلّةً، وهو قول جمهور العلماء.


وإِذا كان عبادة مستقلَّة، صارت النيَّةُ فيه شرطًا، بخلاف إزالة النَّجاسة فإِنَّها ليست فعلًا، ولكنها تَخَلٍّ عن شيء يُطلب إِزالته، فلهذا لم تكن عبادة مستقلَّة، فلا تُشتَرطُ فيها النيَّة.


وقوله: «كلِّها» أراد به شُمول الحدث الأصغر والأكبر، والطَّهارة بالماء والتيمُّم؛ [ص196-197 ].


قوله: (فَيَنْوِي رَفْعَ الحدث، أو الطَّهارة لِمَا لا يُبَاحُ إِلا بها، فإِن نوى ما تُسَنُّ لَهُ الطهارةُ كَقِرَاءةٍ):

قوله: «فينوي رَفْعَ الحدث»، هذه الصُّورة الأولى للنيَّة، فإِذا توضَّأ بنيَّة رفع الحدث الذي حَصَل له بسبب البول مثلًا صحَّ وُضُوءُه، وهذا هو المقصود بالوُضُوء.


قوله: «أو الطَّهارة لما لا يُبَاح إِلا بها»، وهذه هي الصُّورة الثَّانية؛ أي: ينوي الطَّهارة لشيء لا يُباح إِلا بالطَّهارة؛ كالصَّلاة والطَّواف ومسِّ المصحف، فإِذا نوى الطَّهارَة للصَّلاة ارتفعَ حدثُه، وإِن لم ينوِ رفع الحدث؛ لأن الصَّلاة لا تصحُّ إلا بعد رفع الحدث.


قوله: «فإن نوى ما تُسنُّ له الطَّهارة كقراءة»، هذه هي الصُّورة الثالثة؛ أي: نوى الطَّهارة لما تُسَنُّ له، وليس لما تجب كقراءة القرآن، فإِن قراءة القرآن دون مسِّ المصحف تُسَنُّ لها الطَّهارة، بل كلُّ ذِكْرٍ فإِن السُّنَّة أن يتطهَّرَ له؛ فإذا نوى ما تُسَنُّ له الطَّهارةُ ارتفع حدثُه؛ لأنَّه إِذا نوى الطَّهارةُ لما تُسَنُّ له، فمعنى ذلك أنه نوى رفع الحدث؛ فصار للنيَّة ثلاثُ صُور:

الأولى: أن ينويَ رفع الحدث.

الثانية: أن ينويَ الطَّهارةَ لما تجبُ له.

الثالثة: أن ينويَ الطهارةَ لما تُسَنُّ له؛ [ص197-198].


قوله: (أو تجديدًا مَسْنُونًا ناسيًا حدَثَه ارتَفَعَ):

هذه الصُّورة الرَّابعة؛ أي: تجديدًا لوُضُوءٍ سابق عن غير حدث، بل هو على وُضُوء، فينوي تجديدَ الوُضُوء الذي كان متَّصفًا به.


لكن اشترط المؤلِّفُ رحمه الله شرطين:

الشرط الأول: أن يكونَ ذلك التجديدُ مسنونًا؛ لأنه إِذا لم يكن مسنونًا لم يكن مشروعًا، فإِذا نوى التَّجديدَ وهو غير مسنونٍ، فقد نوى طهارةً غير شرعية، فلا يرتفع حدثُه بذلك.


وتجديد الوُضُوء يكون مسنونًا إِذا صَلَّى بالوُضُوء الذي قبله، فإِذا صلَّى بالوُضُوء الذي قبله، فإِنه يُستحبُّ أن يتوضَّأ للصَّلاة الجديدة.


الشرط الثَّاني: أن ينسى حدثَه، فإِن كان ذاكرًا لحدثه، فإِنه لا يرتفع، وهذا من غرائب العلم! إذا نوى الشَّيءَ ناسيًا صَحَّ، وإِذا نواه ذاكرًا لم يصحَّ.


فإِذا كان ذاكرًا لحدثه، فلا يرتفع؛ لأنَّه حينئذٍ يكون متلاعبًا، فكيف ينوي التجديدَ وهو ليس على وُضُوء؛ لأن التَّجديد لا يكون إلا والإِنسان على طهارة؛ [ص198-200].


قوله: (وإِن نوى غُسْلًا مَسْنُونًا أجْزَأَ عن واجب، وكذا عكْسُهُ):

قوله: «وإن نوى غُسْلًا مسنونًا أجْزَأَ عن واجبٍ»، وظاهر كلام المؤلِّف - وهو المذهب -: ولو ذكر أن عليه غسْلًا واجبًا، وقيَّده بعض الأصحاب بما إِذا كان ناسيًا حدثه؛ أي: ناسيًا الجنابة، فإِن لم يكن ناسيًا فإِنَّه لا يرتفع؛ لأن الغُسْل المسنون ليس عن حدث، وإذا لم يكن عن حدث، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيَّات»، وهذا القول - وهو تقييده بأن يكون ناسيًا - له وجهةٌ من النَّظر.


وتعليلُ المذهب: أنه لما كان الغُسْل المسنونُ طهارةً شرعيَّة كان رافعًا للحدث، وهذا التَّعليل فيه شيء من العِلَّة؛ لأنَّه لا شَكَّ بأنَّه غُسْلٌ مشروع، ولكنه أدنى من الغُسْل الواجب من الجنابة، فكيف يقوى المسنونُ حتى يجزئ عن الواجب الأعلى؟ لكن إن كان ناسيًا فهو معذور.


أما إذا علم ونوى هذا الغسل المسنون فقط، فإن القول بالإجزاء في النفس منه شيء.


قوله: «وكذا عكسه»؛ أي: إِذا نوى غُسلًا واجبًا أجزأ عن المسنون لدُخُوله فيه، وإذا نوى الغُسْلين الواجب والمستحبَّ، أجزأ من باب أولى، وإِنْ جعل لكلٍّ غُسْلًا فهو أفضل؛ كما اختاره الأصحاب رحمهم الله.


الغُسْل الواجب مع المسنون له أربع حالات:

الأولى: أن ينويَ المسنونَ دونَ الواجبِ.

الثانية: أن ينويَ الواجبَ دونَ المسنونِ.

الثالثة: أن ينويَهما جميعًا.

الرابعة: أن يغتسل لكلِّ واحد غسلًا منفردًا؛ [ص200-202].


قوله: (وإِن اجتمعت أحداثٌ تُوجِبُ وُضوءًا):

أي: بأن فعل من نواقض الوُضُوء أشياءَ متعدِّدة، كما لو بَالَ، وتغوَّط، ونامَ، وأكل لحم إِبل، ونوى الطَّهارة عن البول، فإنه يجزئ عن الجميع.


ولكن لو نوى عن البول فقط على ألا يرتفع غيرُه، فإِنَّه لا يجزئ إلا عن البول، والصَّحيح: أنه إِذا نوى رفع الحدث عن واحد منها، ارتفع عن الجميع، حتى وإِنْ نوى ألا يرتفع غيرُه؛ لأن الحدَثَ وصفٌ واحد وإِن تعدَّدت أسبابه، فإِذا نوى رفعه من البول ارتفع؛ [ص202-203].


قوله: (أو غُسْلًا، فَنَوى بطَهَارَتِهِ أحَدَها ارتفعَ سَائِرُها، ويجبُ الإِتيانُ بها عند أوَّلِ واجباتِ الطَّهَارةِ، وهو التَّسْمِيَةُ):

قوله: «أو غُسْلًا فَنَوى بطَهَارَتِهِ أحَدَها ارتفعَ سائُرها»؛ أي: اجتمعت أحداث توجب غُسْلًا؛ كالجماع، والإِنزال، والحيض، والنِّفاس بالنسبة للمرأة، فإذا اجتمعت ونوى بغُسْلِهِ واحدًا منها، فإنَّ جميعَ الأحداث ترتفعُ.

وما يُقال في الحدثِ الأصغر، يُقالُ هنا.


قوله: «ويجب الإتيان بها عند أوَّل واجبات الطَّهارة، وهو التَّسمية»؛ أي: يجبُ الإِتيان بالنيَّة عند أوَّل واجبات الطَّهارة، وهي التَّسمية، وهذا على المذهب من أنَّ التسمية واجبةٌ مع الذِّكر، والصَّحيح أنَّها سُنَّةٌ، والنيَّة: عزمُ القلب على فعل الطَّاعة تقرُّبًا إلى الله تعالى؛ [ص 203-204].


قوله: (وتُسنُّ عِنْدَ أوَّل مسنوناتِها إِن وُجد قَبْلَ واجبٍ):

أوَّلُ مسنونات الطَّهارة غسل الكفَّين ثلاثًا، فإذا غسلهما ثلاثًا قبل أن يُسمِّي صار الإِتيان بالنيَّة حينئذٍ سُنَّةٌ.

وقوله: «إِن وُجِدَ» الضَّمير يعود على أوَّل المسنونات.


وقوله: «قبل واجب»؛ أي: قبل التَّسمية، فلو غسل كَفَّيه ثلاثًا قبل أن يُسمِّيَ، فإِنَّ تَقَدُّمَ النِّيةِ قبلَ غسلِ اليدين سُنَّةٌ.


والنيَّةُ لها محلاَّن:

الأول: تكونُ فيه سُنَّةٌ، وهو قبل المسنون إِنْ وُجِدَ قبل واجبٍ.


الثاني: تكون فيه واجبةً عند أوَّل الواجبات؛ فإنَّه لا يمكن أن يقرِّب الإنسانُ الماء؛ ثم يشرع في الوُضُوء من غير نيَّة؛ ولهذا لا بُدَّ أن تكون النيَّةُ سابقةً حتى على أوَّل المسنونات؛ [ ص204-205 ].


قوله: (واستصحابُ ذِكْرِها في جميعها، ويجبُ استصحاب حُكْمِها):

قوله: «واستصحاب ذكرها في جميعها»؛ أي: يُسَنُّ استصحاب ذكرها، والمرادُ ذكرُها بالقلب؛ أي: يُسَنُّ للإِنسان تذكُّرُ النيَّةِ بقلبه في جميع الطَّهارة، فإِن غابت عن خاطره، فإنه لا يضرُّ؛ لأن استصحاب ذكرها سُنَّةٌ.


ولو سبقَ لسانُه بغير قصده، فالمدارُ على ما في القلب.

قوله: «ويجب استصحابُ حكمها»، معناه ألا ينوي قطعها.


فالنيَّةُ إِذًا لها أربع حالات باعتبار الاستصحاب:

الأولى: أن يستصحب ذكرها من أوَّل الوُضُوء إِلى آخره، وهذا أكمل الأحوال.


الثانية: أن تغيبَ عن خاطره، لكنَّه لم ينوِ القَطْعَ، وهذا يُسمَّى استصحابَ حكمِها؛ أي: بَنَى على الحكم الأوَّل، واستمرَّ عليه.


الثالثة: أن ينويَ قطعها أثناء الوُضُوء، لكن استمرَّ مثلًا في غسل قدميه لتنظيفهما من الطِّين، فلا يصحُّ وُضُوءُه لعدم استصحاب الحكم لقطعه النيَّة في أثناء العبادة.


الرابعة: أن ينويَ قطع الوُضُوء بعد انتهائه من جميع أعضائه، فهذا لا يَنتقضُ وُضُوءهُ؛ لأنَّه نوى القطع بعد تمام الفعل.


قاعدة: قَطْعُ نيَّةِ العبادة بعد فعلها لا يؤثِّر، وكذلك الشكُّ بعد الفراغ من العبادة، سواء شككتَ في النيَّة، أو في أجزاء العبادة، فلا يؤثِّر إِلا مع اليقين؛ [ص205-206].


قوله: (وصفةُ الوضوء: أن ينويَ، ثُمَّ يُسمِّي، ويغسلَ كفَّيه ثلاثًا ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ، ويَسْتَنْشِقَ):

قوله: «وصفة الوُضُوء»، المؤلف رحمه الله ساق صفة الوُضُوء المشتملةَ على الواجب، وغير الواجب.

قوله: «أن ينويَ»، النيَّةُ شرطٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما الأعمال بالنيَّات».

قوله: «ثم يُسمِّي»، التسميةُ واجبةٌ على المذهب، والصَّحيح أنَّه سُنَّةٌ.

قوله: «ويغسل كفَّيه ثلاثًا»، والدَّليل فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، فإِنَّه كان إذا أراد أن يتوضَّأ غسل كفَّيه ثلاثًا وهذا سُنَّةٌ.

قوله: «ثم يَتَمَضْمَضَ»، المضمضةُ: أن يُدخل الماء في فمه ثم يمجَّ،

وهل يجبُ أن يُدير الماء في جميع فمه أم لا؟

قال العلماء رحمهم الله: الواجبُ إدارته في الفم أدنى إدارة، وهذا إذا كان الماء قليلًا لا يملأ الفم، فإن كان كثيرًا يملأ الفم فقد حصل المقصودُ.


وهي يجب أن يزيلَ ما في فمه من بقايا الطعام، فيخلِّلَ أسنانه ليدخلَ الماءُ بينها؟

الظَّاهر: أنه لا يجب.


وهل يجبُ عليه أن يزيلَ الأسنانَ المركَّبةَ إِذا كانت تمنعُ وصول الماء إِلى ما تحتها أم لا يجب؟

الظَّاهر أنه لا يجب، وهذا يُشبه الخاتمَ، والخاتم لا يجب نزعُه عند الوُضُوء، بل الأَوْلى أن يُحرِّكَه لكن ليس على سبيل الوجوب؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يلبسه ولم يُنْقَلْ أنه كان يُحرِّكه عند الوُضُوء، وهو أظهرُ من كونه مانعًا من وصول الماء من هذه الأسنان، ولا سيَّما أنه يَشُقُّ نزع هذه التركيبة عند بعض النَّاس.


قوله: «ويستنشقَ»، الاستنشاق: أن يجذِبَ الماء بنَفَسٍ من أنفه.


وهل يجب الاستنثار؟

قالوا: الاستنثار سُنَّةٌ، ولا شَكَّ أن طهارة الأنف لا تتمُّ إلا بالاستنثار بعد الاستنشاق؛ حتى يزول ما في الأنف من أذًى.

وهل يبالغ في المضمضة والاستنشاق؟

قال العلماء: يبالغُ إِلا أن يكونَ صائمًا لقوله صلّى الله عليه وسلّم للقيط بن صَبِرَة: «... وبالغْ في الاستنشاق إِلا أن تكونَ صائمًا».


وكذلك لا يبالغُ في الاستنشاق إِذا كانت له جيوب أنفيَّة زوائد؛ لأنَّه مع المبالغة ربما يستقرُّ الماء في هذه الزوائد، ثم يتعفَّن، ويصبح له رائحة كريهة ويصابُ بمرض، أو ضرر في ذلك؛ [ص208-210].


قوله: (ويَغْسلَ وجْهَهُ مِنْ منابتِ شَعْر الرأس إِلى ما انحَدَرَ من اللَّحْيين والذَّقن طُولًا، ومن الأُذُنِ إِلى الأُذُنِ عَرْضًا، وما فيه من شَعْرٍ خفيفٍ، والظاهر الكثيفَ).


قوله: «ويغسلَ وجهه»، الوجه ما تحصُلُ به المواجهةُ، وهو أشرف أجزاء البدن.

قوله: «من منابت شعر الرأس»، المرادُ: مكان نبات الشَّعر المعتاد بخلاف الأفْرَع، والأنْزَع.

فالأفرع: الذي له شعرٌ نازل على الجبهة.

والأنزع: الذي انحسر شعرُ رأسه.

وقوله: «من مناب شعر الرَّأس»، هكذا حدَّه المؤلِّفُ رحمه الله، وقال بعضُ العلماء: من منحنى الجبهة من الرَّأس؛ لأن المنحنى هو الذي تحصُل به المواجهة، وهذا أجود.


قوله: «إلى ما انحدر من اللَّحْيَين والذَّقن طولًا»، الذَّقن: هو مجمعُ اللَّحْيَين، واللَّحْيَان: هما العظمان النَّابت عليهما الأسنان.


فما انحدَر من اللَّحيين، وكذلك إذا كان في الذَّقن شعرٌ طويلٌ، فإِنه يُغسل؛ لأن الوجه ما تحصُل به المواجهةُ، والمواجهةُ تحصُل بهذا الشَّعر فيكون غسله واجبًا.


وقد ذكر ابنُ رجب هذا في «القواعد»، وصحَّحَ أنَّه لا يجب غسل ما استرسل من اللَّحيين والذَّقن والأحوَطُ والأَوْلى غسلُ ما استرسل من اللَّحيين والذَّقن.

قوله: «ومن الأُذُن إِلى الأُذن عرضًا»، والبياضُ الذي بين العارض والأُذُن من الوجه.

والشَّعر الذي فوق العظم الناتئ يكون تابعًا للرَّأس، هذا حَدُّ الوجه.


قوله: «وما فيه من شعر خفيف، والظَّاهرَ الكثيف»، الخفيفُ: ما تُرى من ورائه البشرةُ، والكثيف: ما لا تُرى من ورائه.


فالخفيفُ: يجب غسله وما تحته؛ لأن ما تحته إِذا كان يُرى، فإنَّه تَحصُلُ به المواجهة، والكثيف يجب غسلُ ظاهرهِ دونَ باطنهِ؛ لأن المواجهةَ لا تكون إلا في ظاهر الكثيف.

 

وكذلك يجب غسلُ ما في الوجه من شعر كالشَّارب والعَنْفَقَةِ والأهداب والحاجبين والعارضين، ويُستحبُّ تخليل الشَّعر الكثيفِ.

قوله: «مع ما استرسل منه»، «استرسل»؛ أي: نَزَلَ.

 

وظاهرُ كلام المؤلِّفِ، ولو نزلَ بعيدًا، فلو فُرِضَ أنَّ لرَجُلٍ لحيةً طويلة أكثر مما هو غالب في النَّاس، فإنَّه يجب عليه غسل الخفيف منها، والظَّاهر من الكثيف؛ [ص 210-212].


قوله: (ثمَّ يديه مع المرفقين):

أي: اليُمنى ثم اليُسرى، ولم يَذْكُرْ هنا التَّيامنُ؛ لأنه سبق في سُنَن الوُضُوء.

وقوله: «مع المرفقين»، تعبير المؤلِّف مخالفٌ لظاهر قوله تعالى: ﴿ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ [المائدة: 6]؛ لأن المعروف عند العلماء أن ابتداء الغاية داخل لا انتهاؤها، بمعنى: أنك إِذا قُلت لشخص: لك من هذا إِلى هذا، فما دخلت عليه «من» فهو له، وما دخلت عليه «إلى» فليس له، فظاهر الآية أن المرفقين لا يدخلان، لكنهم قالوا: «إلى» في الآية بمعنى «مع»، وأن الغاية داخلة فيها بدليل السُّنَّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه توضَّأ حتى أشرع في العَضُد، وقال: هكذا رأيت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يفعل، ومقتضى هذا أنَّ المرفق داخل، وهو الجواب الصَّحيح.


وقوله: «مع المرفقين» تعبير المؤلِّف بـ «مع» من باب التَّفسير والتوضيح؛ [ص212-214].


قوله: (ثم يمسح كلّ رأْسِه مع الأُذُنَيْن مَرَّةً واحدةً):

قوله: «ثم يمسحُ كُلَّ رأسه مع الأُذنين مَرَّةً واحدةً»؛ أي: لا يغسلُه، وإنَّما يمسحُه، وهذا من تخفيف الله تعالى على عباده؛ وقوله: «مع الأُذنين» دليلُ ذلك:

1 - ثبوته عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسحُ الأُذنين مع الرَّأس.

2 - أنَّهما من الرَّأس.

3 - أنَّهما آلة السَّمع، فكان من الحكمة أن تُطَهَّرا حتى يَطْهُرَ الإِنسانُ ممَّا تلقَّاه بهما من المعاصي؛ [ص214-215].


قوله: (ثُمَّ يَغسل رجْلَيْه معَ الكعبين):

الكلامُ على قوله: «مع الكعبين» كالكلام على قوله: «مع المرفقين»، وكلمة «مع» ليس فيها مخالفةٌ للقرآن؛ لأن «إلى» في قوله تعالى: ﴿ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6] بمعنى «مع» لدلالة السُّنَّة على ذلك؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنه توضَّأ فغسل ذراعيه حتى أشرع في العَضُد، ورجليه حتى أشرع في السَّاق، وقال: هكذا رأيتُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يفعلُ، وعلى هذا فالكعبان داخلان في الغسل، وهما: العظمان الناتئان في أسفل السَّاق، فيجبُ غسلُهما، وهذا الذي أجمع عليه أهل السُّنَّة؛ [ص215].


قوله: (ويغسلُ الأقطعُ بقيَّة المفْرُوضِ، فإن قُطِعَ من المَفْصِل غَسَلَ رَأْسَ العَضُد منه):

قوله: «ويغسلُ الأقطعُ بقيَّة المفروضِ»، أراد رحمه الله أقطعَ اليدين، بدليل قوله: «غَسَلَ رأسَ العَضُد منه»،


فيغسلُ الأقطعُ بقيةَ المفروض، ولا يأخذ ما زاد على الفرض في المقطوع.

فمثلًا: لو أنه قُطِعَ من نصف الذِّراع، فلا يرتفعُ إلى العَضُدِ بمقدار نصفِ الذِّراع؛ لأن العَضُدَ ليس محلًّا للغسل، وإِنما يغسلُ بقيَّة المفروضِ؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وهذا اتقى الله ما استطاع.


قوله: «فإِن قُطِعَ من المَفْصِل غَسَلَ رَأْسَ العَضُد منه»، يعني إِذَا قُطِعَ من مفصل المِرْفق غَسَلَ رأسَ العَضُد؛ لأن رأس العَضُد مع المرفق في موازنة واحدة.

 

وقد سبقَ أنه يجبُ غسلُ اليدين مع المرفقين، ورأسُ العَضُدِ داخلٌ في المرفق، فيجب غسلُه، وإِن قُطِع من فوق المفصل لا يجبُ غسلُه؛ [ص217].


قوله: (ثم يرفعُ بصرَهُ إلى السَّماءِ):

هذا سُنَّةٌ إِن صحَّ الحديث، وهو ما رُويَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «من توضَّأ فأحسن الوُضُوء، ثم رفع نظره إلى السَّماء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فُتحت له أبواب الجنَّة الثمانية، يدخل من أيِّها شاء»؛ [ص218].


قوله: (ويقولُ ما وَرَدَ):
وهو حديث عمر رضي الله عنه: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التَّوابين، واجعلني من المتطهِّرين، فإِنَّ من أسبغ الوُضُوء، ثم قال هذا الذِّكر، فُتِحَتْ له أبوابُ الجنَّة الثَّمانية، يدخل من أيِّها شاء»، وناسب أن يقول هذا الذِّكر بعد الوُضُوء؛ لأن الوُضُوء تطهيرٌ للبَدَن، وهذا الذِّكر تطهيرٌ للقلب؛ لأن فيه الإخلاص لله.


ولأن فيه الجمع بين سؤال الله أن يجعله من التَّوابين الذين طهَّروا قلوبهم، ومن المتطهِّرين الذين طهَّروا أبدانهم.


وقال بعض العلماء: إِن هذا الذِّكر يُشَرعُ بعد الغسل والتيمُّم أيضًا؛ لأن الغسلَ يشتمل على الوُضُوء وزيادة، فإِن من صفات الغسل المسنونة أن يتوضَّأ قبله، ولأنَّ المعنى يقتضيه.

 

وأمَّا التيمُّم فلأنه بدل على الوُضُوء، وقد قال الله تعالى بعد التيمم: ﴿ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، فكان مناسبًا.


والاقتصار على قوله بعد الوُضُوء أرجح؛ لأنَّه لم يُنقل بعد الغُسل والتَّيمم، وكلُّ شيء وُجِدَ سَبَبُهُ في عهد النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يمنعْ منه مانع، ولم يفعله، فإِنه ليس بمشروع، نعم، لو قال قائل باستحبابه بعد الغُسل إِن تَقَدَّمهُ وُضُوء لم يكن بعيدًا إِذا نواهُ للوُضُوء.


وقول هذا الذِّكر بعد الغسل أقربُ من قولِه بعد التيمُّم؛ لأنَّ المغتسل يصدق عليه أنه متوضِّئ؛ [ص219-220].


قوله: (وتُبَاحُ معونتُه)؛ أي: معونة المتوضِّئ؛ كتقريب الماء إليه وصَبِّه عليه، وهو يتوضَّأ، وهذه الإباحة لا تحتاج إلى دليل؛ لأنها هي الأصل، وقد دَلَّ أيضًا على ذلك أن المغيرةَ بن شعبة رضي الله عنه صَبَّ الماءَ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يتوضَّأ؛ [ص 220].


قوله: (وتنشف أعضاؤُه).

التنشيف بمعنى: التجفيف.

والدليل عدم الدليل على المنع، والأصل الإباحة.


فإن قلت: كيف تجيب عن حديث ميمونة رضي الله عنها بعد أن ذكرت غسل النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: (فناولته ثوبًا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يده).

فالجواب: أن هذا قضية عين تحتمل عدة أمور:

إما لسبب في المنديل؛ كعدم نظافته، أو يخشى أن يبله بالماء وبلله بالماء غير مناسب أو غير ذلك.


وقد يكون إتيانها بالمنديل دليلًا على أن من عادته أن ينشف أعضاءه وإلا لم تأتِ به.

والصواب: ما قاله المؤلفُ أنه مباحٌ؛ [ص221].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من فروض الوضوء مسح الرأس
  • من فروض الوضوء: غسل الرجلين
  • من فروض الوضوء الترتيب
  • من فروض الوضوء الموالاة
  • تلخيص باب نواقض الوضوء من الشرح الممتع
  • تلخيص باب الحيض من الشرح الممتع
  • تلخيص باب المياه من الشرح الممتع
  • تلخيص باب الاستنجاء من الشرح الممتع

مختارات من الشبكة

  • تلخيص باب السواك وسنن الوضوء من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فروض الكفايات ودورها في نهضة المجتمعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الغسل من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الآنية من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من كتاب الطهارة من الشرح الممتع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تلخيص لباب المبني والمعرب والمنصوبات والتوابع في النحو العربي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة لعامة الأمة (فروض الوضوء) مترجما للغة الإندونيسية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب