• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ألم نجعل له عينين (خطبة)

ألم نجعل له عينين (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2018 ميلادي - 26/2/1440 هجري

الزيارات: 22531

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألم نجعل له عينين[1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الإنسان، هل فكرتَ في حبيبتيك المطلّتينِ على أعلى وجهك، والمشرقتينِ أسفلَ جبينك، والمنيرتينِ لك دروبَ حياتك؟ هل فكرتَ في جمالهما، وجمالك بهما، وفي منافعهما الدينية والدنيوية؟

إن العين ضياء الحياة، ونافذة إلى رؤية ما في هذا الوجود من مخلوقات بديعة، ومصالحَ مرادة ليستفاد منها، ومضار مؤذية لكي يُبتعد عن طريقها. والبصر طريق من طرق سعادة الإنسان في الحياة، وتحفة كريمة رزقه الله إياها، يقول تعالى ممتنًا عليه: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾ [البلد: 8]، وقال: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، وقال: ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الملك: 23].


كم من إنسان لا يعرف نعمة عينيه، ولا قدرَ منة البصر عليه، ألم يعلم بأن الشريعة جعلت في التعدي على إذهاب البصر الدية كاملة مائة من الإبل، وفي إذهاب العينين الدية كاملة أيضًا، وفي إذهاب إحداهما نصف الدية، وحكم الشرع الحكيم بأن من فقأ عين إنسان فُقئت عينُه، قال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45].


ولعظم المنة بنعمة البصر رتّب الله تعالى على ذهابه بالعمى جزاءً عظيمًا ألا وهو الجنة، إذا ما احتسب صاحبه المسلم المصيبة بذلك، وسمى الله العينين بالحبيبتين والكريمتين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه - يريد عينيه - فصبر عوضته منهما الجنة)[2].


وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: (إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم أرض له ثوابًا دون الجنة إذا هو حمدني عليهما) [3][4].


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله: إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم أرضَ له ثوابًا دون الجنة)[5].


فيا أيها المبصر الغافل عن نعمة البصر، انظر إلى من فقد نور عينيه كلتيهما فصار ضريرا، أو فقد إحداهما فأصبح بعين واحدة، أو من يعاني مرضًا بهما وألمًا اشتد عليه فيهما، انظر إلى هؤلاء، واحمد الله على نعمة عينيك وإشراق بصرك الذي سلم من كل ما سبق.


أيها الأحباب الكرام، إن البصر نعمة كغيره من النعم خلقه الله تعالى للإنسان ليستعمله فيما أمره به وفيما أباحه له، ويبتعد به عن رؤية ما حرم الله النظر إليه، وسيُسأل العبد عن ذلك يوم القيامة: هل شكر الله تعالى بتسخيره فيما لا يغضب الله أو لا؟

قال تعالى: ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].


عباد الله، هناك أشياء ينبغي على المسلم النظر إليها، وأشياء أخرى يكره النظر إليها، وهناك أيضًا نظرات يُدعى المسلم إليها، ونظرات أخرى يُنهى عنها، فمِن شكرِ الله على نعمة العينين: صرفُ النظر وحالِ النظرات إلى ما يحب، وكف البصر وحركة العين عما يبغض.


فما أحسنَ أن نعرف ذلك حتى نسعى إلى ما يحب الله فنغنم الأجر، وما أجمل أن نعلم ما يكره الله النظر إليه، وندري النظرات التي لا يحبها؛ حتى لا نقع في الإثم والسخط.


إن مما ينبغي على المسلم النظر إليه: المصحفَ للقراءة فيه، فالنظر فيه عبادة من العبادات، فكم من خير للمسلم المبصر من هذه العبادة! فإنه يقرأ في كتاب الله تعالى ويتأمل في آياته فيجد من الكلام ما يبهج نفسه، ويريح قلبه، ويزيد رصيد حسناته، ويشغل وقته بما هو نافع، فلا تستولي عليه الوساوس والخواطر غير الصالحة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: "الم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)[6].


ومما ينبغي على المسلم النظر إليه: كتب العلم النافع، فيقرأ المرء فيها ليعرف دينه، فيكون على نور وبصيرة في تعامله مع الله ومع نفسه ومع الخلق، فينتفع بذلك وينفع غيره. وكذلك من القراءة المحبوبة: القراءة في كتب العلم الدنيوي التي بها منفعة في هذه الحياة.


ومما ينبغي على المسلم النظر إليه: الحقائق والبراهين الدالة على الحق، فمن كان باحثًا عن الحق صادقًا في طلبه رأى بعينيه ما يهديه إلى الصراط المستقيم، وأما من كان لا يريد الحق فإنه ولو شاهد الحقائق فإنه لن يقبلها؛ لأن على بصره غشاوة الجحود والكراهية، قال تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 7]، وقال: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 18].


ومما ينبغي على المسلم النظر إليه: كتاب الكون المفتوح، فيقرأ المتأمل في هذا الوجود الآيات المنشورة الدالة على عظمة الخالق سبحانه وقدرته، وعلمه وحكمته ورحمته، فكم فيه من آيات منظورة تهدي الناظر إليها إلى معرفة الخالق العظيم، وسلوك صراطه المستقيم، وتحثه على توحيد ربه الواحد والإيمان به.


قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾ [الملك: 3] ﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 4].


وقال: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190] ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].


وقال: ﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101]. وقال: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [العنكبوت: 20].


وقال: ﴿ أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ [الغاشية: 17] ﴿ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴾ [الغاشية: 18] ﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴾ [الغاشية: 19] ﴿ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ [الغاشية: 20].


سئل أعرابي عن الدليل على الله فقال: البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، أما تدل على الصانع الحليم العليم القدير؟![7].


ومما ينبغي على المسلم النظر إليه: مصارع العصاة، وآثار الطغاة الذين كذبوا الرسل، وحادوا عن طريق الحق، فأنزل الله عليهم عقابه، فمن نظر إلى ذلك متفكراً أخذ من تلك الرسوم العافية، والأطلال البالية، والمشاهد الصامتة العبرةَ والعظة، حينما يعلم أسباب عقوبة أهلها وعاقبتهم الوخيمة، قال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]. وقال: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137]، وقال: ﴿ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾ [الحج: 45] ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].


ومما ينبغي على المسلم النظر إليه: تخوم الإسلام وثغور المسلمين، من أجل حراستها، وحماية المسلمين أن يؤتَوا من قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)[8].


وهنا أمران:

الأول: أن حراسة ثغور المسلمين يمكن أن تشمل الثغور الحسية، وهي الأصل، والثغور المعنوية، وذلك بالنظر في الشبهات حول الإسلام ودفعها، ورد عادية الغزوات الفكرية المتجهة نحو دين الله، خاصة في هذه الأيام.


الثاني: ذكر الحديث عبادة من عبادات العين إلى جانب عبادة النظر ألا وهي: عبادة البكاء من خشية الله تعالى، وهذه العبادة هي دأب الصالحين، وأثر وصول الحق إلى شغاف قلوبهم، يقول تعالى: ﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ [الإسراء: 107] ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ﴾ [الإسراء: 108] ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)[9].


أيها المسلمون: للعين لغة تدل عليها حركاتها التي تعبر بها عن بعض الأحوال كالعطف والحنان، والرحمة والتوجع، والحب والخير، والسخرية والاستهزاء، والإشارة إلى فعل منكر، وغير ذلك.


فمن النظرات التي تنبغي على المسلم: نظرة العطف والحنان والحب للوالدين، فإنها من البر، ومما يدخل السرور على الأبوين، ويباين هذه النظرة ويضادها نحو الوالدين: نظرة الحقد والغضب، أو الاشمئزاز والبغض، أو السخرية والاحتقار، وهذه النظرات من العقوق؛ لأنها تدخل على الوالدين الحسرة والألم.


ومن النظرات التي تنبغي على المسلم: نظرة العطف والرحمة باليتامى، وهي نظرة تدعو إلى الإحسان إليهم، وتعويضهم حنان الأبوة الذي فقدوه.


ومن النظرات التي تنبغي على المسلم: نظرة التوجع والرحمة بالمساكين والأرامل والمحتاجين والمظلومين، وصاحب هذه النظرة ذو قلب حي ومشاعر كريمة.


عباد الله، إن هناك أشياء يكره الله النظر إليها؛ لأمور تستوجب ذلك:

فمما حرمه الله من ذلك: نظر الرجال إلى النساء، والنساء إلى الرجال، من غير الأزواج والمحارم، فالله عز وجل قد أمر الرجال والنساء بغض البصر فقال: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30] ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ.. ﴾ [النور: 31].


"قال سعيد ابن أبي الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن؟ قال: اصرف بصرك عنهن؛ يقول الله عز و جل: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾[10].


قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولما كان مبدأ ذلك من قِبل البصر جعل الأمر بغضه مقدمًا على حفظ الفرج؛ فإن الحوادث مبدأها من النظر كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر، ثم تكون نظرة ثم تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة؛ ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات"[11].


إن الإنسان يُعفى عنه من نظر الفجأة، ولكنه لا يعفى عن قصد النظر وتكراره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة)[12].


وعن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فقال: (اصرف بصرك)[13].


وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر[14].


إن غض البصر ابتغاء وجه الله دليل على أن صاحبه قد بلغ مرتبة عالية في الإيمان فصار لا يرى إلا ما يحب الله، وبذلك يصبح وليًا من أولياء الله ومن أهل محبته، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) [15].


قال القرطبي رحمه الله: " البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته. ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله"[16].


إن بعض الناس قد تمر به امرأة أو يمر بامرأة في الطريق فيسرِّح طرفه فيها، وينظر إلى محاسنها، وهو بهذا الفعل قد خان في عينه، ولم يتأدب بآداب الطريق التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].


وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والجلوس في الطرقات). فقالوا: ما لنا بدٌّ[17]، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: (فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها). قالوا: وما حق الطريق؟ قال: ( غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر )[18].


أيها الأحباب الفضلاء، إن إطلاق النظر إلى الحرمات خطرُه على صاحبه كبير، فالنظرة سهم من سهام إبليس إن لم تقتل صاحبها جرحته، وقد يستصغر بعض الناس هذا الذنب ولا يدري ما عواقبه وآثاره!


قال بعض أهل العلم: " والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان؛ فإن النظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولابد، ما لم يمنع منه مانع، وفى هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده؛ ولهذا قال الشاعر:

كلُّ الحوادث مبداها من النظرِ
ومعظمُ النار من مستصغر الشررِ
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها
كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طرف يقلبه
في أعين العِين موقوفٌ علي الخطر
يسر مقلتَه ما ضرَّ مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضررِ"[19].


وقال آخر: "أكثر فساد القلب من تخليط العين، ومادام باب العين موثقًا بالغض فالقلب سليم من كل آفة، فإذَا فُتِحَ طَارَ الطَّائرُ، وَرُبَّمَا لمَ يَعُد بَعدُ "[20].


إن الناظر نظرة الحرام لا يعود بفائدة، بل يعود بضرر كبير على نفسه يفسد قلبه وخاطره وجسده، وربما قاده إلى الفاحشة، قال الشاعر:

وكنتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رائِداً
لقَلْبِكَ يوماً أَتْعَبَتْكَ المَناظِرُ
رَأَيْتَ الذي لا كُلهُ أنتَ قادِرٌ
عليهِ، ولا عن بَعْضِهِ أنتَ صابِرُ[21]


وقال الآخر:

نظرُ العيونِ إلى العيون هو الذي
جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا
ما زالتِ اللحظاتُ تغزو قلبه
حتى تشحّط بينهن قتيلاً[22]


إن العين كنز ثمين وُهِبه الناظرُ فكان يحتاج إلى حفظ وصيانة، وأعظم طريق لحفظه: غضه عن الحرام.

"وقد ثبت علمياً بالأبحاث والدراسات الطبية أن تكرار النظر بشهوة إلى الجنس الآخر وما يصاحبه من تولد رغبات جامحة لإشباع الغرائز المكبوتة، كل ذلك يفضي بالشخص إلى مشاكل عديدة قد تصل إلى إصابة جهازه التناسلي بأمراض وخيمة؛ مثل احتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي، وأحياناً العقم الكلي، كما أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية في المجتمعات الغربية أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراض النفسية، وأن التفسخ الأخلاقي والتحلل الجنسي في تلك المجتمعات إنما هي بعض من نتائج عدم وجود دستور ديني أو قيود أدبية أخلاقية ينظم عمل هذه الحاسة النبيلة، ويرشد استخدامها في الحياة بما يتوافق مع صحة الإنسان البدنية والنفسية"[23].


أيها الأحبة الفضلاء، إن مَن غض بصره عن حرمات الناس أورثه ذلك خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة؛ فبغض البصر يُحفظ البدن والروح، وتُصان النفس عن قالة السوء، ويسلم دين صاحبه من الآثام، ويسلم قلبه من سبب من أعظم أسباب فساده. هذا في الدنيا.


وأما في الآخرة: فغض البصر سبب من اسباب النجاة من النار والفوزِ بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترى أعينهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين كفت عن محارم الله)[24].


وقال صلى الله عليه وسلم : (اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا الأمانة إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم)[25].


أحبتي الفضلاء، إن تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات يشمل النظر إلى الذوات والنظر إلى الصور الثابتة أو المتحركة، المعروضة على شاشات التلفاز أو الحاسوب أو الجوال أو في الصحف والمجلات، أو الصور الإعلانية في المحلات والشوارع، أو الملصقة على بعض المصنوعات، بل قد يكون النظر إلى الصور أشد فتنة من النظر إلى الذوات؛ لما في الصور من عوامل التحسين والتزيين، وكم تساهل بعض الناس في النظر إلى الصور أكثر من تساهلهم إلى النظر إلى الذوات الحقيقية، وأضرتهم أيما ضرر!


عباد الله، من سمات هذه الشريعة: التيسير، ومراعاة المصالح وأحوال النفوس، فإذا كان الأصل تحريم نظر الرجل إلى المرأة غير الزوجة أو المحرمة عليه إلا أنه يستثنى من هذا الأصل بعض الصور التي يجوز للرجل أن ينظر إلى غير زوجته وحرماته، فمن ذلك:

جواز النظر من أجل العلاج، فيجوز للطبيب أن ينظر من المريضة إلى الموضع الذي يحتاج إلى تطبيب، ولكن بشروط، فمن ذلك: أن لا يجاوز حدود الموضع المحتاج إلى علاج إلى غيره، وأن يكون بحضور محرم أو زوج، وأن لا يكون هناك طبيبة يمكنها أن تعالج ذلك المرض.


ومن الصور أيضًا: جواز نظر الخاطب إلى المخطوبة، والمخطوبة إلى خاطبها؛ لأن ذلك أدعى للقناعة والاتفاق. فعن المغيرة بن شعبة: أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه و سلم: (انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)[26].


وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)[27].


أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أيها المسلمون، ومما حرم الله النظر إليه: العورات، فلا يجوز أن ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة، ولا يجوز أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل، سواء كان ذلك رؤية حقيقية أو رؤية للصورة. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة)[28].


ومما حرم الله النظر إليه: خبايا الناس وخفاياهم، وذلك بتتبع عثراتهم والبحث عن عوراتهم، من أجل الإضرار بهم وهم أبرياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)[29].


أيها الفضلاء، هناك نظرات يبغضها الله تعالى، على المسلم أن يبتعد عنها، فمن ذلك:

نظرة الحسد، فلا يحل للمسلم أن ينظر هذه النظرة إلى ما فضل الله غيره عليه ببعض النعم، بل عليه أن يصرف بصره، ويسأل الله من فضله. ويدخل في هذا نظرة العائن إلى الأجسام والأموال، وهذه النظرة الضارة تعدٍّ وإيذاء، فمن كان عائنًا أو يخشى أن يصيب غيره بعينه فليدعُ بالبركة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدعُ له بالبركة؛ فإن العين حق)[30].


ومن ذلك أيضًا: نظرة الاحتقار والاستهزاء، والتهوين من الشأن.

ومن ذلك: الإشارة بالعين إلى إيذاء مسلم بأي نوع من أنواع الأذى.

ومن ذلك أيضًا: نظرة الإعجاب بالدنيا، والافتتان بها، خصوصًا ما عند الكفار من متاعها؛ لأن هذه النظرة تؤدي إلى ازدراء نعم الله تعالى، وتسوق إلى اللهو بالحياة الفانية ونسيان الحياة الباقية، قال تعالى: ﴿ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].

 

ومن ذلك كذلك: النظر إلى المنكرات وهي تُعمل، وإلى حرماتِ الله وهي تنتهك، وإلى نفوسٍ بريئة تُظلم، فينظر الناظر إليها غير مبالٍ ولا مهتم، وعنده قدرة على تغيير المنكر ونصرة المظلوم، ولم يفعل!


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)[31].


عباد الله، لا يجوز للمسلم أن يحرف الحقائق فيكذب فيها زيادة أو نقصًا أو تبديلاً، ولا يجوز له أن يقول: إنه رأى كذا ولم ير، أو يقول: إنه لم ير وقد رأى، سواء كان ذلك في يقظته أو منامه، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (من تحلَّم بحُلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل)[32].


أيها المسلمون، فبعد هذا علينا أن نشكر الله تعالى على نعمة العينين، ونعمة البصر بهما، ومن شكر الله: استعمال ذلك فيما يحب الله تعالى، والبعد عما يسخطه تعالى.


وأما من بُلي من المسلمين بالعمى فلا يحزن، بل عليه أن يصبر ويرضى بقدر الله؛ فإن الصبر على ذلك من أسباب دخول الجنة. وعليه أن يوقن بأن الخير فيما اختاره الله، ولعل في ذهاب بصره صيانة له عن إطلاق بصره في الحرمات، وقد يعوضه الله نوراً في بصيرته يغنيه عن نور البصر، كما قال ابن عباس:

إنِ يأخذ اللهُ من عينيَّ نورهما
ففي لساني وقلبي منهما نورُ
قلبي ذكيٌّ وعقلي غير ذي دخل
وفي فمي صارم كالسيف مأثورُ[33].

هذا وصلوا وسلموا على خير البشرية....



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 24 /2 /1440هـ، 2 /11 /2018م.

[2] رواه البخاري.

[3] رواه ابن حبان، وهو حسن.

[4] قال ابن بطال: " هذا الحديث أيضًا حجة في أن الصبر على البلاء ثوابه الجنة، ونعمة البصر على العبد وإن كانت من أجل نعم الله تعالى فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا لنفاد مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة. فمن ابتلي من المؤمنين بذهاب بصره في الدنيا فلم يفعل ذلك به لسخط منه عليه، وإنما أراد تعالى الإحسان إليه إما بدفع مكروه عنه يكون سببه نظر عينيه لا صبر له على عقابه في الآخرة أو ليكفر عنه ذنوبًا سلفت لا يكفرها عنه إلا بأخذ أعظم جوارحه في الدنيا ليلقى ربه طاهراً من ذنوبه أو ليبلغ به من الأجر إلى درجة لم يكن يبلغها بعمله وكذلك جميع أنواع البلاء، فقد أخبر عليه السلام أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه. وجاء عنه عليه السلام: (إن أهل العافية في الدنيا يودون لو أن لحومهم قرضت بالمقاريض في الدنيا؛ لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء) فمن ابتلي بذهاب بصره أو بفقد جارحه من جوارحه فليتلق ذلك بالصبر والشكر والاحتساب وليرض باختبار الله له ذلك ليحصل على أفضل العوضين وأعظم النعمتين وهي الجنة التي من صار إليها فقد ربحت تجارته وكرمت صفقته، ولم يضره ما لقي من شدة البلاء فيما قاده إليها". شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال (9/ 377).

[5] رواه أبو يعلى، وهو صحيح.

[6] رواه الترمذي، وهو صحيح.

[7] تفسير الرازي: مفاتيح الغيب (2/ 91).

[8] رواه الترمذي، وهو صحيح.

[9] متفق عليه.

[10] صحيح البخاري (5/ 2299).

[11] الجواب الكافي (ص: 105).

[12] رواه الترمذي وأبو داود، وهو حسن.

[13] رواه مسلم.

[14] رواه البخاري.

[15] رواه البخاري.

[16] تفسير القرطبي (12/ 223).

[17] ( بد ) غنى عنه.

[18] متفق عليه.

[19] الجواب الكافي (ص: 106).

[20] المدهش (ص: 363).

[21] الحماسة البصرية (ص: 156).

[22] ديوان الصبابة (ص: 26).

[23] أسباب الشفاء من الأسقام والأهواء (ص: 251).

[24] رواه الطبراني، وهو حسن.

[25] رواه أحمد، وابن حبان، وهو حسن.

[26] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو صحيح.

[27] رواه أبو داود والبزار، وهو صحيح.

[28] رواه مسلم.

[29] رواه أبو داود والترمذي، وهو صحيح.

[30] رواه الحاكم والطبراني، وهو صحيح.

[31] رواه مسلم.

[32] رواه البخاري.

[33] سير أعلام النبلاء (3/ 357).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألم نجعل له عينين؟ ولسانًا وشفتين؟
  • الإصابة بالعين: حقيقتها وعلاجها
  • آفة العين وطرق الوقاية والعلاج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باخع..(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتخذ الألم صديقا تغنم!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المزاج - الألم - التشاؤم(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب