• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

روعة الأسلوب الدعوي في القرآن الكريم: سيدنا شعيب نموذجا

روعة الأسلوب الدعوي في القرآن الكريم: سيدنا شعيب نموذجا
محمد عبدالشافي القوصي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2018 ميلادي - 26/2/1440 هجري

الزيارات: 23647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روعة الأسلوب الدعوي في القرآن الكريم

سيدنا "شُعَيب" نموذجًا


عرض القرآنُ الكريم أساليب الحوار وآدابه من خلال دعوة الأنبياء لأقوامهم، والمنهج الذي سلكوه لمدِّ الجسور مع المدعوين، وجرِّهِم إلى سماع كلام الله، كما عرض الخصال التي تحلَّوا بها؛ كالحلْم، والتواضُع، والصبر، وتحمُّل الأذى، وبذْل المعروف، وإنفاق العفو، والإخلاص، وحُسْن التوكُّل، والتدرُّج في القضايا الدعوية، والقدرة على الإقناع باستخدام أساليب الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والإغراء، والتلطُّف، والاسترحام، والنُّصْح، والتذكير، والتمنِّي والرجاء والدعاء، والتنبيه، والمحاججة، والتقرير، والعتاب، والتحذير، والتخويف، والتبكيت، وغير ذلك من الأساليب التي يمكن من خلالها الوصول إلى مفاتيح القلوب، وفِقْه النفوس، وشرح الصدور ... وقد لجأ سيدنا (شُعيْب) عليه السلام إلى كل هذه الأساليب، واستخدمها أثناء تبليغ دعوتهِ لقومه!

 

هذا؛ وقد ورد اسم (شُعيْب) في القرآن (11 مرة)، وقال عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ذاك خطيب الأنبياء))[1]، لبراعته في مجادلة قومه، وقد ذَكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أنبياء العرب في قوله: ((خمسة أنبياء من العرب: هود، وصالح، وشُعيْب، وإسماعيل، ونبيُّكَ يا أبا ذر))[2].


حيث أُرسِلَ شُعيْب عليه السلام إلى أهل "مديَن" وهم عرب أطراف الشام، وكانوا كُفَّارًا يقطعون السبيل، ويُفسِدون في الأرض، وكانوا من أسوأ الناس معاملةً؛ يبخسون المكيال والميزان، ويُطفِّفونَ فيهما، يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص، ويعبدون شجرًا اسمه "الأيكة"، وقد وردتْ أخبارُهم في خمس سورٍ: (الأعراف، هود، الحجْر، الشعراء، العنكبوت).

 

ومِن روعة الأسلوب القرآني أنهم لما نُسِبوا إلى عبادة "الأيْكة"؛ لم يقل القرآن "أخوهم" شعيب، بلْقطع نسب الأخوَّة بينهم للمعنى الذي نُسِبوا إليه - وإنْ كان أخاهم نسبًا - فقال: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 176، 177]؛ لكنه وصفه بـ"أخوهم" في مواضع أخرى؛ كما في سُوَر: (الأعراف، هود، العنكبوت)؛ أيْ: أخوهم في النَّسَب والقرابة.

 

قضايا الحوار وموضوعاته:

مِن عبقرية "شُعيْب" أنه حاور قومه في القضايا الكبرى، والموضوعات الجوهرية التي يقوم عليها الدِّين، ويتحقَّق بها الإيمان، ولم يُشغِلهم بالأمور الثانوية أو الهامشية؛ فقد دعاهم إلى وحدانية الله وطاعته، ثمَّ نهاهم عن التطفيف في الكيل والميزان، وحذَّرَهم من الإفساد في الأرض، والصدِّ عن سبيل الله، وفنَّد مزاعمهم الكاذبة، وصبَر على أذاهم، وأقام عليهم الحجَّة.

 

الدعوة إلى وحدانية الله:

بدأ "شعيبُ" دعوة قومه إلى "الوصية الأولى" التي نصَّتْ عليها جميع رسالات السماء، وهي: (الوحدانية)؛ لأنَّهم إذا آمنَوا بالله واليوم الآخِر، فسيمتثلون طوعًا للأوامر والنواهي: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 85]، ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [العنكبوت: 36]، ثمَّ حثَّهم على التقوى، بعدما أخبرهم أنه رسول مِن الله، لا يريد منهم أجرًا على هذا العمل: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 107 - 109].

 

تطهير المجتمع من الأمراض الاجتماعية والاقتصادية:

بعد أنْ دعاهم إلى إصلاح الاعتقاد، انتقل إلى إصلاح المجتمع وتطهيره من الآفات الاجتماعية والاقتصادية التي تتهدَّد وجودهم ومصيرهم، فنهاهم عن التطفيف في الكيل والميزان، وبخس الحقوق الذي يمحق البركة، ويسلب النعمة، فضلًا عن عذاب الآخِرة: ﴿ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ [الأعراف: 85]، وقال: ﴿ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ﴾ [هود: 84].


ثمَّ كرَّر عليهم هذه الدعوة - نظرًا لخطورتها - ولكن جاءت بصيغة الأمر؛ فقال لهم آمِرًا: ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، ثمَّ نهاهم عن الصدِّ عن سبيل الله: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85]، ﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 86].

 

أسلحة الحرب النفسية:

تعرَّضَ "شُعيْب" لِمَا تعرَّض له سائرُ المرسلين من ألوان الأذى والسخرية، والمطاردة، والمكايدة، والتهديد بالرجم والإخراج والقتل، والاتهام بالسفاهة والضلالة والسحر والجنون وغير ذلك من الصفات القبيحة التي تواصى بها الطُّغاةُ والمجرمون عبر العصور، وقد سجَّل القرآنُ الكريم ما جاء على لسان "أصحاب الأيكة" مِمَّا رموا بهِ نبيَّهم:

﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾ [الأعراف: 88]، ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 90] ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود: 87]، ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾ [هود: 91].

 

﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ* وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الشعراء: 185 - 187].

 

ولنْ نتوقف عند هذه المقولات الظالمة التي يطلقها أهلُ الضلال في مختلف العصور؛ لإسكات الحق وترهيبه، والصدِّ عنه، والبغي بغير الحق؛ لكننا سنتوقف فقط عند منطق "شُعيْب" وأسلوبه الراقي في محاوراته البليغة لقومه!

 

أساليب الحوار التي استخدمها "شُعيْب" عليه السلام:

حاور "شُعيْب" قومه بأروع ما جاد به اللسانُ العربيُّ من أساليب البيان، والتزام أدب الحوار وقواعده المثلى، فاستخدم ألفاظًا لطيفة، وكلمات تقطر مودةً وحنانًا، لتأليف القلوب، وإزالة الحواجز النفسية، فخاطبهم بأسلوب النداء: ﴿ يا قومِ ﴾ الذي تكرَّر (6 مرات في سورة هود)، وكل نداء منها يبني قاعدة، ويضع منهجًا، ويرسم طريقًا للدعاة، وقد جاءت على النحو التالي: ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ... ﴾ [هود: 84]، ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ... ﴾ [هود: 85]، ﴿ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا... ﴾ [هود: 88]، ﴿ وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ... ﴾ [هود: 89]، ﴿ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ [هود: 92]، ﴿ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ... ﴾ [هود: 93].

 

هذا؛ وقد تدرَّج (خطيبُ الأنبياء) مع قومه في أسلوب الدعوة: فبعدما خاطبهم بـ"أسلوب النداء" في قوله: ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [هود: 84]؛ استخدم "أسلوب الأمر"، فحضَّهم على الاستغفار والتوبة: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ﴾ [هود: 90]، ثمَّ استخدم "أسلوب النهي"، فحذَّرَهم مِن البغي والإفساد في الأرض ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]، ثمَّ انتقل إلى "أسلوب التذكير" بِنِعَم الله وآلائه؛ مثل: كثرة النسل بعد القِلَّة، والغِنَى بعد الفقر، فقال: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ... ﴾ [الأعراف: 86]، ثمَّ ذهب إلى "أسلوب المُحاجَجة" فقال: ﴿ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف: 85]، وفي هذا إشارة إلى المعجزات التي أجراها اللهُ على يديه، ولم يذكرها القرآنُ تفصيلًا، وإنْ كانت كلمة ﴿ بَيِّنَةٌ ﴾، قد دلَّت عليها إجمالًا، ثمَّ اعتمد "أسلوب الإقناع"؛ فقال: ﴿ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الأعراف: 89]، ثمَّ لجأ إلى "أسلوب الترغيب"، فقال: ﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 86]، ثمَّ مالَ إلى "أسلوب الإغراء" لمدِّ الجسور، وجرِّهم لسماع دعوته، فقال: ﴿ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ﴾ [هود: 84]، ثمَّ استخدم "أسلوب التنبيه"، ودعاهم إلى الإخلاص، ومراقبة الله، فقال: ﴿ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [هود: 86]، ومنه إلى "أسلوب التقرير" ﴿ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الشعراء: 188]، وخاطبهم بـ"أسلوب الشفقة" قائلًا: ﴿ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ﴾ [هود: 84]، ثمَّ خاطبهم بـ"أسلوب الاسترحام": ﴿ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].

 

وقد بلغ غاية الفصاحة ومنتهَى البلاغة حين جمع بين أسلوب الاستفهام، والنفي، والتمنِّي، والرجاء - في جملة واحدة -: إذْ نجد "أسلوب الاستفهام" في قوله: ﴿ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ [هود: 88]، ومنه إلى "أسلوب النفي": ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88]،ومنه إلى "أسلوب التمنِّي": ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ﴾ [هود: 88]، وختم بـ"أسلوب الرجاء" الذي جمع فيه بين التفويض والتوكُّل والإنابة، فقال: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

 

لكن القوم بالغوا في عداوة نبيِّهم، فاضطرَّ (خطيبُ الأنبياء) إلى تغيير خطابه الدعوي؛ لعلَّه يُجدي نفعًا، فلجأ إلى "أسلوب الترهيب" قائلًا: ﴿ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86]، ومنه إلى "أسلوب التحذير": ﴿ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 89]؛ أيْ: لا تحملنَّكم مخالفتي وبُغْضكم ما جئتكم به على الاستمرار في ضلالكم، فيحل بكم من العذاب ما حلَّ بالمكذِّبين من الأقوام السالفة.

 

ثمَّ لجأ إلى "أسلوب التوبيخ"، فقال: ﴿ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [هود: 92]، ومنه انتقل إلى "أسلوب التحقير": ﴿ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا ﴾ [الأعراف: 89].

 

ثمَّ تدرَّج صاعدًا إلى "أسلوب التهويل والتخويف"؛ فقال: ﴿ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [هود: 92]، ولَمَّا تَمادوا في كُفْرهم وعنادهم، لجأ إلى "أسلوب التهديد": ﴿ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴾ [هود: 93].

 

ولَمَّا بلغ الغباءُ بالقوم ذِروته، واستعجلوا العذاب؛ اضطروا نبيَّهم إلى اللجوء لـ"أسلوب الاستنصار"؛ حيثُ تضرَّع إلى الله، مُستنصِرًا إيَّاه على القوم المجرمين: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89].

 

وقد هلكَ "أصحابُ الأيكة" وحلَّ بهم العذاب؛ فنعاهم نبيُّهم إلى أنفسهم، بــ"أسلوب التبكيت والتقريع" مِن أجل تثبيت الحجَّة عليهم: ﴿ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 93]؛ أيْ: قد أبلغتكم رسالات ربي، ونصحتُ لكم، وحرصتُ على هدايتكم بكل ما أستطيع، فلستُ بآسِفٍ عليكم ولا حزين.

 

ماذا كانت نتيجة عناد "أصحاب الأيكة"؟

لقد عذَّبهم بثلاثة أنوع من العذاب: ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [الأعراف: 91]، ﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [هود: 94]، ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الشعراء: 189]؛ أيْ: ارتجفتْ بهم الأرض، فهرولوا - يمينًا وشمالًا - يَصطرخون، ثمَّ تنزَّلَتْ عليهم نارٌ من السماء! وهذا لون من ألوان الإعجاز في التسلسل النزولي للقرآن!

 

الخلاصة:

يُمكن الاستفادة من المنهج الدعوي الذي انتهجه سيدنا شعيب عليه السلام من عدة جوانب:

التدرُّج في الدعوة: فيبدأ الداعية بالقضايا الكبرى كتصحيح العقيدة، ثمَّ ينتقل إلى ما دونها، وعلى رأسها: المشاكل والأزمات المحيطة بمجتمع المدعوين، وأنْ يتطابق كلام الداعية مع فعله، وأنْ يتحلَّى بالصبر الجميل، وأنْ يتسلَّح بالعلم والمعرفة، وأنْ يتجمَّل بالفصاحة والبلاغة، مستخدِمًا كافة أساليب البيان التي يعرض من خلالها دعوته - كما رأينا من سيدنا شُعيْب - إلى جانب التلوين في الخطاب الدعوي؛ إذْ رأيناه يُكرِّر الدعوة إلى "التوحيد" بأكثر من أسلوب، فتارةً يقول: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [هود: 84]، وتارةً يقول: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [العنكبوت: 36]، كذلك: كرَّر الدعوة إلى طاعة الله بأكثر من أسلوب، فتارةً يقول: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 179]، وتارةً أخرى: ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الشعراء: 184].

 

أيضًا: التفنُّن في المجادلة، والبراعة في المحاورة، والرد بالأدلة العقلية، والشواهد الحسيَّة، والتذكير بالوقائع والأحداث المشاهدة.

أيضًا: التذكير بأنْعُم الله وأفضاله وآلائه، وأنَّه عنده حُسْن الثواب، وخير المآل.

أيضًا: الجمع بين ترغيب المدعوين وترهيبهم لإقامة الحجَّة عليهم.

 

وقبل ذلك كله: الدعاء، والإخلاص، والاستعانة بالله، واليقين بأنَّ التوفيق بيده سبحانه.



[1] رواه الحاكم بسنده.

[2] رواه ابن حبَّان في صحيحه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نظرات في قصة شعيب عليه السلام
  • قصة قوم شعيب عليه السلام
  • قصة شعيب عليه السلام (خطبة)
  • دروس وفوائد من قصة سيدنا شعيب

مختارات من الشبكة

  • الأسلوب القصصي الدعوي في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسلوب الأدبي والأسلوب العلمي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المناهج الحداثية وتنوع الأساليب اللغوية في النص القرآني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال الأسلوب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أثر القدوة وأهميتها في الدعوة إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفعيل أساليب الإشراف التربوي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بحوث في السيرة النبوية (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سمات الخطاب القرآني: دراسة في الأسلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب