• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الهدوء لغة الأرواح الجميلة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (36) «من نفس ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

مضارة الزوجة (1)

مضارة الزوجة (1)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/10/2018 ميلادي - 30/1/1440 هجري

الزيارات: 20868

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مضارة الزوجة (1)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ ﴿ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 189]، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْوُدَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرُّومِ: 21]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْصَحَهُمْ لِخَلْقِهِ، وَكَانَ خَيْرَهُمْ لِأَهْلِهِ، وَحَثَّ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَحِفْظِ الْحُقُوقِ، وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَحَمُّلِ الْمَسْؤولِيَّاتِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَأَدَّوُا الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا، وَإِيَّاكُمْ وَبَخْسَهَا؛ فَإِنَّ الْوَفَاءَ غَدًا مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 38]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَكَنٌ لِلْآخَرِ وَلِبَاسٌ لَهُ؛ يَرْتَاحُ فِيهِ، وَيُفْضِي إِلَيْهِ بِخَاصَّتِهِ، وَيَأْمَنُهُ عَلَى أَسْرَارِهِ، وَيَحْفَظُ غَيْبَتَهُ، وَيُوصِلُ الْخَيْرَ إِلَيْهِ، وَيَدْرَأُ الضَّرَرَ عَنْهُ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الزَّوَاجِ. فَإِذَا انْقَلَبَ الْحَالُ فِيهِ إِلَى الْمُكَايَدَةِ وَالْمُنَاكَدَةِ، وَالسَّعْيِ بِالْإِضْرَارِ؛ كَانَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِمَقَاصِدِ الزَّوَاجِ، وَكَانَ الْفِرَاقُ بِإِحْسَانٍ خَيْرًا مِنَ اكْتِسَابِ الْآثَامِ.

 

وَبِمَا أَنَّ الْعِصْمَةَ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْمَرْأَةِ؛ فَإِنَّ إِضْرَارَهُ هُوَ بِهَا أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ إِضْرَارِهَا هِيَ بِهِ؛ وَلِذَا حَرَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّ الْمَرْأَةِ لِضَعْفِهَا، وَكَانَ النَّهْيُ عَنِ الْمُضَارَّةِ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ مُوَجَّهًا لِلرِّجَالِ لَا لِلنِّسَاءِ.

 

وَلِمُضَارَّةِ الزَّوْجَاتِ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ، يَكْثُرُ وُقُوعُهَا مِنَ الْأَزْوَاجِ، سَوَاءٌ عَلِمُوا ذَلِكَ أَمْ جَهِلُوهُ:

فَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: أَنْ يُمْسِكَهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا، وَلَا يُؤَدِّي حُقُوقَهَا عَلَيْهِ، وَيُلْجِئُهَا إِلَى افْتِدَاءِ نَفْسِهَا بِالْخُلْعِ، وَهَذَا لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا أَرَاذِلُ الرِّجَالِ، فَيَجْعَلُونَ قُوَّتَهُمْ عَلَى النِّسَاءِ، وَفِي هَذَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [النِّسَاءِ: 19]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهَا: «يَعْنِي: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ كَارِهٌ لِصُحْبَتِهَا، وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ فَيَضُرُّهَا لِتَفْتَدِيَ».

 

وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ مَا نَحَلَهَا زَوْجُهَا مِنْ مَهْرٍ بِمَا اسْتَحَلَّهُ مِنْهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ الْخَلَلُ مِنْهَا، وَكَانَتْ هِيَ الْكَارِهَةَ لِزَوْجِهَا، وَفِي هَذَا الشَّأْنِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 229]، وَهِيَ الْمُخَالَعَةُ بِالْمَعْرُوفِ، بِأَنْ كَرِهَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا، لِخَلْقِهِ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ نَقْصِ دِينِهِ، وَخَافَتْ أَلَّا تُطِيعَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ.

 

وَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: إِطَالَةُ أَمَدِ عِدَّتِهَا، فَيُطَلِّقُهَا لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُهَا، ثُمَّ إِذَا أَوْشَكَتْ عِدَّتُهَا عَلَى الِانْتِهَاءِ اسْتَرْجَعَهَا لِيُعَذِّبَهَا، أَوْ لِيَبْتَزَّهَا فِي مَالِهَا، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْرَاضِ الدَّنِيئَةِ. وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ بِالنِّسَاءِ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَهْيًا شَدِيدًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 231].

 

وَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: تَعْلِيقُهَا؛ فَلَا هُوَ أَمْسَكَهَا وَأَعْطَاهَا حُقُوقَهَا، وَلَا هُوَ طَلَّقَهَا لِتَقْتَرِنَ بِغَيْرِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا سَكَتَتْ عَنْ تَعْلِيقِهَا لِضَعْفِهَا وَبُعْدِ أَوْلِيَائِهَا عَنْهَا، وَعَدَمِ وُجُودِ نَصِيرٍ لَهَا. وَمِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَبْقَى مُعَلَّقَةً سَنَوَاتٍ بَلْ عُقُودًا، فَيَضِيعُ عُمْرُهَا بِتَعْلِيقِهَا، وَتَكُونُ مَعْدُودَةً فِي الْمُتَزَوِّجَاتِ وَهِيَ بِلَا زَوْجٍ.

 

وَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: أَنْ يَمْنَعَهَا حُقُوقَهَا مِنَ النَّفَقَةِ أَوِ السُّكْنَى أَوِ الِاسْتِمْتَاعِ، فَيُلْجِئُهَا -فِيمَا تَحْتَاجُهُ مِنْ نَفَقَةٍ- إِلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَتَقْصِيرُهُ فِي إِعْفَافِهَا يَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ الْحَرَامِ. فَإِنْ كَانَ يَرْغَبُ فِيهَا فَلْيُعْطِهَا حُقُوقَهَا، وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا عَنْهَا فَلْيُسَرِّحْهَا بِإِحْسَانٍ؛ لِيَرْزُقَهَا اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَهُ مِمَّنْ يَقُومُ بِحُقُوقِهَا. بَلْ لَوْ عَزَفَ عَنْ فِرَاشِهَا لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى، مُقَصِّرًا فِي حَقِّهَا؛ وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَبَتُّلَهُ، وَتَضْيِيعَهُ حَقَّ أَهْلِهِ، وَقَالَ لَهُ: «فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَأَنْكَرَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا اجْتِهَادَهُ فِي الْعِبَادَةِ، وَإِهْمَالَهُ حَقَّ أَهْلِهِ، وَقَالَ لَهُ: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ سَلْمَانُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: «أَنَّ كَعْبَ بْنَ سَوْرٍ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ زَوْجِي، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا، وَيَظَلُّ نَهَارَهُ صَائِمًا. فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَأَثْنَى عَلَيْهَا. وَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ، وَقَامَتْ رَاجِعَةً، فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَّا أَعْدَيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا؟ فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا جَاءَتْ تَشْكُوهُ، إِذَا كَانَتْ حَالُهُ هَذِهِ فِي الْعِبَادَةِ، مَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا؟ فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى زَوْجِهَا، فَجَاءَ، فَقَالَ لِكَعْبٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا لَمْ أَفْهَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَرَى كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، هِيَ رَابِعَتُهُنَّ، فَأَقْضِي لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ، وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا رَأْيُكَ الْأَوَّلُ بِأَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ الْآخِرِ، اذْهَبْ فَأَنْتَ قَاضٍ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ عُمَرُ: «نِعْمَ الْقَاضِي أَنْتَ». قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَالْوَطْءُ وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ».

 

وَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: فِعْلُ الْمُحَرَّمِ مَعَهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ؛ كَوَطْئِهَا حَالَ الْحَيْضِ أَوْ فِي الدُّبُرِ، فَيَضُرُّهَا فِي جَسَدِهَا كَمَا يَضُرُّهَا فِي دِينِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا مُطَاوَعَتُهُ فِيمَا أَرَادَ مِنْ مُحَرَّمٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 222]، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْأَزْوَاجِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي زَوْجَاتِهِمْ، وَأَنْ يُرَاقِبُوهُ سُبْحَانَهُ فِي حُقُوقِهِنَّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ»؛ أَيْ: أَسِيرَاتٌ مَحْبُوسَاتٌ بِقُيُودِ الزَّوْجِيَّةِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ، لَا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ شَيْئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: أَمْرُهَا بِأَمْرٍ مُحَرَّمٍ؛ كَالسُّفُورِ أَوْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ أَوْ تَرْكِ الْحِشْمَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيَفْعَلُهُ بَعْضُ الْأَزْوَاجِ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْأَسْفَارِ، وَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَمْرُهَا بِذَلِكَ، وَلَا طَاعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةً فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَمِنْ مُضَارَّةِ الزَّوْجَةِ: ضَرْبُ الزَّوْجَةِ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تُضْرَبُ إِلَّا فِي حَالِ نُشُوزِهَا بَعْدَ وَعْظِهَا وَهَجْرِهَا ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 34]. وَوَصَفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرْبَ النَّوَاشِزِ مِنَ النِّسَاءِ بِقَوْلِهِ: «فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمَعَ إِبَاحَةِ ضَرْبِ النَّاشِزِ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَضْرِبْ أَحَدًا مِنْ زَوْجَاتِهِ، وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا هُوَ أَفْضَلُ، وَلَمَّا أَغْضَبْنَهُ هَجَرَهُنَّ وَلَمْ يَضْرِبْهُنَّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنَ الرِّجَالِ مَنْ إِذَا غَضِبَ أَعْمَاهُ الْغَضَبُ فَتَنَاوَلَ زَوْجَتَهُ الْمِسْكِينَةَ بِاللَّكْمِ وَالرَّكْلِ وَالصَّفْعِ وَالضَّرْبِ حَتَّى يُدْمِيَهَا وَيُشَوِّهَ وَجْهَهَا، مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ، وَعَنِ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ، وَهَذَا مِنْ أَشَدِّ الْمُضَارَّةِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِيلَامًا جَسَدِيًّا وَمَعْنَوِيًّا بِإِهَانَتِهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ضَرْبُهَا أَمَامَ أَطْفَالِهَا، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَجَفَاءِ الطِّبَاعِ.

 

هَذَا؛ وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْحُقُوقَ الَّتِي عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ؛ لِئَلَّا يَقَعَ فِي مُضَارَّتِهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي، فَكَمْ مِنْ زَوْجٍ مُنْغَمِسٍ فِي الْإِثْمِ وَالظُّلْمِ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ الْجَهْلُ بِالْحُقُوقِ، وَإِحْسَانُ الظَّنِّ بِالنَّفْسِ. وَالْمُؤْمِنُ رَجَّاعٌ إِلَى الْحَقِّ، وَلَوْ جَاءَهُ الْحَقُّ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ؛ مِنْ وَلَدٍ وَزَوْجَةٍ وَأُخْتٍ، فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْحَقِّ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قَائِلِهِ، وَذَاكَ الَّذِي يَنْجُو مِنَ الظُّلْمِ وَتَضْيِيعِ الْحُقُوقِ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من المضارة
  • مضارة الزوجة (2)

مختارات من الشبكة

  • ماضي زوجتي كله علاقات(استشارة - الاستشارات)
  • قصة الشاب الأنصاري في أول زواجه مع زوجته وتسلط الجن عليهما(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أقارن بين زوجي وزوج صديقتي(استشارة - الاستشارات)
  • أريد أن أتزوجها دون علم زوجتي(استشارة - الاستشارات)
  • زوجتي خانتني، فهل أطلقها؟(استشارة - الاستشارات)
  • زوجتي ليست بيضاء(استشارة - الاستشارات)
  • أسجل البيت باسم أمي أم باسم زوجتي؟(استشارة - الاستشارات)
  • هل أتزوج صديق خطيبي السابق؟(استشارة - الاستشارات)
  • قاعدة الأولويات في الحياة الزوجية عندما يزدحم الوقت فابدأ بمن لا يعوض(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • انقطاع العلاقة الزوجية(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب