• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الكسوف: أحكام وعبر وآيات مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف (خطبة)

الكسوف: أحكام وعبر وآيات مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/7/2018 ميلادي - 15/11/1439 هجري

الزيارات: 50962

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكسوف: أحكامٌ وعبرٌ وآيات

مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف

 

الحمدُ للهِ ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5]، قسَّمَ عبادَه إلى مُؤمنٍ وكافر، وعلى الله قصدُ السبيلِ ومنكم جائر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملكِ العزيزِ القاهر، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسوله أتقى مأمورٍ وأهدى آمر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، أُولي الألباب والبصائر، وعلى التابعين لهم بإحسانٍ ما آمنَ بالحقِّ مُوقنٌ وشكَّ فيه حائرٌ، وسلَّم تسليماً.

 

أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى، وتفكَّرُوا في آياته وما يَخلُقه في سماواته وأرضه، وكيف جعل الله في سماواته سراجاً وقَمَراً منيراً، ثمَّ تفكَّرُوا كيف يسيرُ السراجُ والقمرُ بإذن الله في فَلَكِها الذي وضَعَها اللهُ فيه منذ خلَقَهُما حتى يأذن الله بخرابهما، لا يَنقصان عن سيرهما ولا يزيدان، فسبحان من سيَّرهُما بقدرته، ورتَّب نظامهما بحكمته، وهو الحكيمُ الرَّشيد.

 

عبادَ الله: إن الشمسَ والقمرَ آيتان من آيات الله، ينجليان بأمره وينكسفان بأمره ورحمته، فإذا أرادَ الله تعالى أن يُخوِّف عبادَه من عُقوبةِ معاصيهم كَسَفهُما باختفاءِ ضوئِهما كُلِّه أو بعضِه، إنذاراً للعبادِ، وتذكيراً لهم لعلهم يُحدثون توبةً.

 

ولذلك كثُرَ الكسوفُ في هذا العصر، فلا تكادُ تمضي السنةُ حتى يحدث كسوفٌ في الشمس أو القمر، أو فيهما جميعاً، وذلك لكثرة المعاصي والفتن.

 

أيها المؤمنون: إن الكسوف حدَثٌ خطيرٌ، وتنبيهٌ من الله تعالى لعباده وتحذيرٌ، ولقد روى أكثر من عشرين صحابياً رضي الله عنهم كسوف الشمس في عهد النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وفَزَعه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للصلاة، فجمع الشيخ الألباني رحمه الله الروايات الصحيحة في صلاته صلى الله عليه وسلم للكسوف، وما رأى فيها من العبر والآيات، وما خطب بعدها من النصائح والعظات، وهي كالتالي: (ركبَ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ غداة يوم مات ابنُه إبراهيم عليهما السلام، وكان يوماً شديدَ الحرِّ، فخُسفتِ الشمسُ، فأتى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من مركبه سريعاً، وذلك ضحىً، فمرَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بين ظهراني الحُجَر، فخرجَ فَزِعاً فأخطأ بدرعٍ حتى أُدرك برداءه - أي من شدَّة فزَعه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أخطأ في لباسه فأخذ دِرْعَ أهله وخرج يَجُرُّه جرَّاً ولم ينتظر ليلبسه حتى أتى المسجد، يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجدَ حتى انتهى إلى مُصلاَّه الذي كان يُصلِّي فيه، وقال الناس: إنما كُسفتِ الشمسُ لموتِ إبراهيم، فبعث صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُنادياً، فنادى: الصلاةُ جامعة، وثابَ الناسُ إليها، واصطَفُّوا وراءه، وخَرَجت نسوةٌ بين ظهري الحُجَر في المسجد، واجتمعَ إليهنَّ نساءٌ، فصلَّى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بأصحابه، بدأ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فكبَّرَ، وكبَّر الناس، ثمَّ افتَتَحَ القرآن، فقرأ قراءةً طويلةً، فجهَرَ فيها، وقام قياماً طويلاً جدَّاً نحواً من سورة البقرة، حتى قيل: لا يركعُ، وجعلَ أصحابُه يَخرُّون، وقالت أسماء: أتيتُ عائشةَ فإذا الناسُ قيام، وإذا هي تُصلِّي، فقلتُ: ما شأنُ الناسِ يصلُّون؟ فأشارت برأسها إلى السماء، فقلت: آية؟ قالت: نعم، فأطال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ القيامَ جداً حتى تجلاَّني الغَشْي، فأخذتُ قِربةً من ماءٍ إلى جنبي، فجعلتُ أصبُّ على رأسي من الماء، قالت: فأطال القيام حتى رأيتُني أُريدُ أن أجلس، ثمَّ ألتفتُ إلى المرأة التي هي أكبرُ مني، والمرأة التي هي أسقمُ مني، فأقولُ: أنا أحقُّ أن أصبر على طول القيامِ منكِ، ثمَّ ركعَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُكبِّراً، فأطال الركوع جداً، حتى قيل: لا يرفع، وركعَ نحواً مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فقام كما هو ولم يسجد، فأطال القيام جداً، حتى قيل: لا يركع، وهو دون القيام الأول، وقرأ قراءةً طويلةً هي أدنى من القراءة في الأولى، وأطال، حتى لو جاء إنسانٌ بعدما ركع، لم يكن عَلِمَ أنه ركع، ما حدَّث نفسه أنه ركع من طول القيام، ثمَّ ركعَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُكبِّراً، فأطال الركوعَ جداً حتى قيل: لا يرفع، وهو دون الركوع الأول، ثمَّ رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأطال القيام، حتى قيل: لا يسجد، ورفع صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يديه فجعل يُسبِّحُ ويَحمدُ ويُهلِّلُ ويُكبِّرُ ويدعو، ثمَّ كبَّرَ فسجَدَ سُجوداً طويلاً مثل ركوعه، حتى قيل: لا يرفع، وقالت عائشة: ما ركعتُ ركوعاً قطُّ ولا سجدتُ سجوداً قطُّ كان أطولَ منه، ثمَّ كبَّر ورفعَ رأسَه وجلس، فأطال الجلوسَ حتى قيل: لا يسجد، ثمَّ كبَّرَ فسجد فأطال السجود وهو دون السجود الأول، ثمَّ كبَّر ورفع، وقام قياماً طويلاً، هو دون القيام الثاني من الركعة الأولى، وقرأ قراءةً طويلةً، وهي أدنى من القراءة في القيام الثاني، ثمَّ كبَّرَ فركع، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثمَّ كبَّر فرفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم قرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثمَّ كبَّرَ فركعَ فأطال الركوعَ وهو دون الركوع الأول، ثمَّ رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأطال القيام حتى قيل: لا يسجد، ثمَّ تأخَّرَ وتأخَّرتِ الصُّفوفُ خلفَه حتى انتهت إلى النساء، ثمَّ تقدَّم وتقدَّمت الصفوف حتى قام في مقامه، ثمَّ كبَّر فسجد مثلما سجدَ في الركعة الأولى، إلا أنه أدنى منه، وجعل صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَبكي في آخر سُجودهِ ويَنفُخُ: أُفْ أُفْ، ويقولُ: ربِّ ألم تعدني ألا تُعذبهم وأنا فيهم؟ ربِّ ألم تعدني ألا تُعذبهم وهم يستغفرون؟ ونحنُ نستغفرُك، ثمَّ تشهَّدَ ثمَّ سلَّم، وقد تجلَّت الشمسُ، واستكملَ أربعَ ركعاتٍ في أربع سجدات، فلما انصرفَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رَقَى المنبر، فخطبَ الناس، فحمدَ الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أما بعد: أيها الناس! إن أهلَ الجاهليةِ كانوا يقولون: إن الشمسَ والقمرَ لا يَخسفان إلا لموتِ عظيم، وإنما آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتهِ، ولكن يُخوِّفُ الله به عبادَه، فإذا رأيتُم شيئاً من ذلك فافزعُوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره، وإلى الصدقةِ والعِتاقةِ والصلاةِ في المساجدِ حتى تنجلي، يا أُمَّةَ محمدٍ! إنْ من أحدٍ أغيرَ من اللهِ أنْ يَزنيَ عبدُهُ أو تَزنيَ أَمَتُهُ، يا أُمَّةَ محمدٍ! واللهِ لوْ تعلَمُونَ ما أَعْلَمُ لَبكيتُم كثيراً ولَضَحِكتُم قليلاً، ثمَّ رفَعَ يديهِ فقال: ألاَ هلْ بلَّغْتُ؟ إنَّهُ عُرِضَ علَيَّ كُلُّ شيْءٍ تُولَجونَهُ، فعُرِضَتْ علَيَّ الجنَّةُ، وذلك حينما رأيتموني تقدَّمتُ حتى قُمتُ في مقامي، ولقد مَدَدتُ يدي وأنا أُريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي ألا أفعل، ولو أخذتُه لأكلتُم منه ما بقيتِ الدُّنيا، ولقد عُرضت عليَّ النار وذلك حينما رأيتُموني تأخَّرتُ مخافة أن يُصيبني من لَفْحِها، فجعلتُ أنفُخُ خشيةَ أن يغشاكم حرُّها، ولقد رأيتُ جهنم يحطُم بعضُها بعضاً، فلم أرَ مَنظَراً كاليومِ قطُّ أفظع، ورأيتُ أكثرَ أهلها النساءَ، قالوا: لِمَ يا رسولَ الله، قال: لكفرهنَّ، قيلَ: أَيكفُرْنَ باللهِ؟ قال: يكفُرْنَ العَشيرَ، ويكفُرْنَ الإحسانَ، لو أحسنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثم رأت منكَ شيئاً قالت: ما رأيتُ منكَ خيراً قطُّ، ورأيتُ فيها امرأةً من بني إسرائيل طويلَةً سوداءَ تُعذَّبُ في هِرَّةٍ ربَطَتْها فلمْ تُطعِمْها ولم تَسْقِها، ولم تَدَعْها تأكُلُ مِن خَشاشِ الأرضِ حتى ماتت جُوعاً، فلقد رأيتُها تنهَشُها إذا أقبلت، وإذا ولَّت تنهَشُ أليتَها، ورأيتُ فيها سارقَ بدنتي رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ورأيتُ صاحب الْمِحْجَنِ أبا ثُمامةَ عمرو بن مالك بن لُحَي، وهو الذي سيَّبَ السوائبَ، يَجرُّ قُصْبَهُ في النار، كان يَسرقُ الحاج، فإنْ فُطِنَ له قال: إنما تعلَّق بمحجني! وعن غُفلَ عنه ذهَبَ به! وإنه قد أُوحيَ إليَّ أنكم تُفتنون في القبور كفتنة المسيح الدجال، فيُؤتى أحدُكُم فيُقالُ ما علْمُكَ بهذا الرَّجُلِ؟ فأمَّا المؤمنُ أوِ الْمُوقِنُ فيقولُ: هو محمدٌ، هو رسُولُ اللهِ، جاءنا بالبيِّناتِ والهُدَى فأَجبنا وأطعنا، ثلاثَ مِرارٍ، فيقالُ لهُ: نَمْ، قد كُنَّا نعلَمُ أنكَ تُؤمنُ بهِ، فنَمْ صالِحاً، هذا مَقعَدُك من الجنةِ، فأمَّا المنافقُ أو المُرتابُ فيقولُ: لا أدري، سمعتُ الناسَ يقولون شيئاً فقُلْتُ، فيُقال له: أجل، على الشكِّ عِشتَ، وعليهِ مِتَّ، هذا مَقعَدُكَ من النار، ثمَّ أمَرَهُم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يَتعوَّذوا من عذاب القبر، قالت عائشةُ: فكان رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعد ذلك يتعوَّذ من عذاب النار وعذاب القبر) الحديث.

 

وفقني الله وإياكم ووالدينا وأهلينا للعمل بما يُرضيه، وجنَّبنا أسبابَ سخطه ومعاصيه، إنه جوادٌ كريمٌ رؤوفٌ رحيمٌ.

♦   ♦   ♦

 

أمَّا بعدُ: فمن الأحكام المتعلِّقة بالكسوف:

أولاً: أن معرفة وقت الكسوف ليس من علم الغيب، قال أبو بكر بن العربي عن جماعة من العلماء: (إنه أمرٌ يُدرك بالحساب، وتقدير المنازل حسبما أخبر الله سبحانه في قوله جلَّ وعلا: ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾ [يس: 39] انتهى، فمعرفة وقت الكسوف مثل معرفة وقت غروب الشمس أو طلوعها، فلا فرق بين معرفة موعد غروبها في هذا اليوم بعد سنوات وبين معرفة موعد كسوفها، لأن الله أتقن كل شيء خلَقَه، وجعلَ للكون سُنناً ثابتة.

 

ثانياً: أن الكسوف قد يكون سبباً لأمرٍ مُخوِّف، وأمرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بما يُزيلُ الخوفَ من نزول العذابِ عند حُدوث الكسوف والخسوف، فقال: (إنَّ الشمسَ والقَمَرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، يُخوِّفُ اللهُ بهما عِبادَهُ، وإنهُمَا لا يَنْكَسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ الناسِ، فإذا رأيتُمْ منها شيئاً فصَلُّوا وادْعُوا اللهَ حتى يُكْشَفَ ما بكُم) رواه مسلم.

 

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله: (هذا بَيانٌ منهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنهُما سَبَبٌ لنُزُولِ عذابٍ بالناسِ، فإنَّ اللهَ إنما يُخوِّفُ عبادَهُ بما يَخافُونَهُ إذا عَصَوْهُ وعَصَوْا رُسُلَهُ، وإنما يَخافُ الناسُ مما يَضُرُّهُم، فلولا إمكانُ حُصُولِ الضَّررِ بالناسِ عندَ الخُسوفِ ما كان ذلكَ تخويفاً، قال تعالى: ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، وأَمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بما يُزِيلُ الخوفَ، أمَرَ بالصلاةِ والدُّعاءِ والاستغفارِ والصَّدقةِ والعِتْقِ حتى يُكْشَفَ ما بالناسِ) انتهى.

 

ولا يُنافي معرفة وقت الكسوف أن يكون الكسوف سبباً لعذاب أو حوادث معينة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإذا كانَ الكُسُوفُ لهُ أَجَلٌ مُسَمًّى لَمْ يُنافِ ذلكَ أنْ يكونَ عندَ أَجَلِهِ يجعَلُهُ اللهُ سَبَباً لِمَا يَقْضِيهِ مِن عذابٍ وغيرِهِ لِمَنْ يُعذِّبُ اللهُ في ذلكَ الوقتِ أو لغيرِهِ مِمَّنْ يُنزلُ اللهُ بهِ ذلكَ، كَما أنَّ تَعذيبَ اللهِ لمن عذَّبَهُ بالرِّيحِ الشديدةِ الباردَةِ كقَوْمِ عادٍ كانت في الوقتِ المُناسبِ وهو آخِرُ الشتاءِ كَما قد ذكَرَ ذلكَ أهلُ التفسيرِ وقَصَصِ الأنبياءِ؛ وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ «إذا رأى مَخيلةً - وهوَ السحابُ الذي يُخالُ فيهِ المطَرُ - أَقبلَ وأدبَرَ وتغيَّرَ وجهُهُ، فقالت لهُ عائشةُ: إنَّ الناسَ إذا رأَوْا مَخيلةً استبشَرُوا؟ فقالَ: يا عائشةُ وما يُؤمِّنُني؟ قدْ رأى قومُ عادٍ العذابَ عارضاً مُستَقبلَ أوديَتِهِم فقالوا: هذا عارضٌ مُمطرُنا، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]»، وكذلكَ الأوقاتُ الذي يُنزلُ اللهُ فيها الرَّحمةَ كالعَشَرِ الآخِرَةِ مِن رمَضانَ والأُوَلِ من ذِي الحِجَّةِ وكَجَوْفِ الليلِ؛ وغيرِ ذلكَ هيَ أوقاتٌ محدُودَةٌ لا تَتقَدَّمُ ولا تَتأخَّرُ، ويَنزِلُ فيها من الرحمةِ ما لا يَنزلُ في غيرِها، وقد جاءَ في بعضِ طُرُقِ أحادِيثِ الكُسوفِ ما رواهُ ابنُ ماجه وغيرُهُ في قولهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنهما لا يَنكسفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتهِ ولكنَّ اللهَ إذا تجلَّى لشيءِ مِن خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ») انتهى.

 

وقال الإمامُ ابن القيم رحمه الله: (لا نُنكرُ أن الله سُبحانَهُ يُحدِثُ عِنْد الكُسوفين من أقضيتهِ وأقدارهِ ما يكون بلاءً لقومٍ ومصيبةً لَهُم، ويجعلُ الكُسُوف سَبباً لذلك، ولهذا أَمرَ النبيُّ صلى الله عليهِ وسلمَ عندَ الكُسُوفِ بالفزَعِ إلى ذكرِ اللهِ والصلاةِ والعِتاقةِ والصَّدقَةِ والصِّيام لأنَّ هذهِ الأشياءَ تَدفَعُ مُوجبَ الكسوف الذي جعَلَهُ اللهُ سَبباً لِما جعله، فلولا انعقَادُ سَبَبِ التخويفِ لَما أَمرَ بدفع مُوجبهِ بهذهِ العِبادات، ولله تعالى في أيامِ دهرهِ أوقاتٌ يُحدثُ فيها ما يَشاءُ من البلاءِ والنعماءِ، ويَقضي من الأسباب بما يدفع مُوجب تلكَ الأسباب لمن قامَ بهِ أو يُقلِّلهُ أو يُخفِّفه، فَمَن فزَعَ إلى تلكَ الأسبابِ أو بَعْضها اندفعَ عنهُ الشَّرُّ الذى جَعَلَ اللهُ الكُسُوف سَببَاً لهُ أو بعضه) انتهى.

 

ثالثاً: العبرة في صلاة الكسوف بالرؤية لا بخبر أهل الحساب، قال ابن تيمية: (إنَّ صلاةَ الكُسُوفِ والخُسُوفِ لا تُصلَّى إلاَّ إذا شاهدنا ذلك) انتهى، وقال الشيخ ابن باز: (لو كانت صلاة الكسوف تُشرع بأخبار الحسَّابيين أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يُشاهدها إلا أهلُها، لبيَّن صلى الله عليه وسلم ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يُبيِّن ذلك بل بيَّن خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف، عُلمَ بذلك أن الصلاة لا تُشرعُ إلا لِمن شاهدَ الكسوف أو وَقَعَ في بلده) انتهى، وقال الشيخ ابن عثيمين: (لا يجوز أن يُصلَّى اعتماداً على ما يُنشر في الجرائد، أو يذكر بعض الفلكيين، إذا كانت السماء غيماً ولم يُرَ الكسوف؛ لأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ علَّق الحكم بالرؤية، فقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة»، ومن الجائز أن الله تعالى يُخفي هذا الكسوف عن قوم دون آخرين لحكمة يُريدها) انتهى، وقال أيضاً: (وإذا أُعلن عنه ولكنه لم يَبِن، فإنها لا تجوز الصلاة، لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتموه فصلوا») انتهى، وقال الشيخ ابن بسام: (لو قال الفلكيون: إنَّ القمرَ سيُخسف الليلةَ الفلانية، ولكننا لم نرَهُ أبداً لتراكم السُّحُب، فإنَّنا لا نُصلِّي صلاة الكسوف لمجرَّد قولهم، كما أنه لو حالَ دون منظرِ الهلال ليلة الشكِّ غيمٌ فإننا لا نصوم، ولو قال أهل العلم بالحساب: إنه سيُهِلُّ هذه الليلة) انتهى.

 

اللهمَّ صلِّ على محمدٍ، اللهُمَّ أنزِلْهُ الْمَقْعَدَ الْمُقرَّبَ عندكَ يومَ القيامَةِ، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بشأن الكسوف والخسوف
  • خطبة صلاة الكسوف
  • صلاة الكسوف
  • خطبة عن الكسوف
  • الكسوف والخسوف (3) الخوف من العذاب
  • وخسف القمر: حول موعظة النبي صلى الله عليه وسلم في أبواب الكسوف من صحيح البخاري
  • موعظة الخسوف والكسوف (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الكسوف أحكام وعبر وآيات، مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الكسوف والخسوف (4) ماذا يفعل في الكسوف؟(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • صـلاة الكسوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث صلاة الكسوف رواية ودراية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آية الكسوف والخسوف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفة صلاة الكسوف وأحكامها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة الكسوف من العمدة في الأحكام لتقي الدين المقدسي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( صلاة الكسوف )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب