• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن عمر بن عبدالعزيز

خطبة عن عمر بن عبدالعزيز
سامي بن عيضه المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/7/2018 ميلادي - 11/11/1439 هجري

الزيارات: 140752

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن عمر بن عبدالعزيز


إن الحمد لله، الذي نشر بقدرته البشر، وصرف بحكمته وقدر، وابتعث محمدًا إلى كافة البدو والحضر، فأحل وحرم وأباح وحظر، وابتلاه في بداية النبوة بمداراة من كفر، فدخل دار الأرقم فاختفى واستتر، إلى أن أعز الله الإسلام برجال كأبي بكر وعمر، فصلوات الله عليه وعلى جميع أصحابه الميامين الغرر، وعلى تابعيهم بإحسان على السنة والأثر، صلوات الله عليه ما هطلت الغمائم بهتَّان المطر، وهدلت الحمائم على أفنان الشجر، وسلم تسليمًا كثيرًا على سيد البشر..


أيها المؤمنون:

أقدم اليوم رمزًا من رموز العدالة على مر تاريخ الإنسان، أقدمه لكم غضًّا طريًّا، وأنا أشعر بالحرج، لأنني مهما قلت، فسوف أقصر في سيرته وترجمته، إنه حياة لضمير الأجيال، إنه رمز لعدالة الإسلام.


كان واليًا تحبه الرعية، لأنه جعل القرآن قائده، والتقوى رائده، لأنه كان يُعظِّم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.


كان يحب أن يسمع الرأي الآخَر والنصيحة، فسرى حبه في قلوب الأطفال، وفي قلوب العجائز، وفي قلوب الفقراء، وفي قلوب المساكين.


من هو هذا العادل؟ أظن أني لا أضيف جديداً هذا اليوم إذا حدثتكم عنه، وهل يخفى القمر؟ إنه مجدد القرن الأول، إنه الرجل الذي لمّا مات، أمست مدن الإسلام في مناحة وفي مصيبة وعزاء.

والمسلمون مصابُهم متفرق ♦♦♦ في كل بيت رنةٌ وزفير


إنه الرجل الذي قال فيه الإمام أحمد: ليس أحد من التابعين قوله حجة إلا عمر بن عبد العزيز.


أيها الناس:

أنا لن أسرد حياته الشخصية، ولن أقدم ترجمة عن تفصيلات وجزئيات ما مرّ به، لكنني أَصِلُ بكم إلى سُدَّة الحكم يوم أن تولى عمر، كان شابًّا مترفًا من بني مروان، يغيِّر في اليوم الواحد ثيابه أكثر من ثلاث مرات، كان إذا مر بسكة شمَّ الناسُ طيبَه، كان يسكن قصرًا في المدينة، وعند والده قصر في الشام، وقصر في مصر، وقصر في العراق، وقصر في اليمن، وأراد الله لأمة محمد عليه الصلاة والسلام خيرًا، فتولى الخلافة.


حضر وفاة الخليفة، فرأى كيف يصرع الموت الولاةَ، وكيف يعقِر الموت الملوك، وكيف يشدخ الموت رؤوس العظماء.


رأى سليمان بن عبد الملك وهو منطرح على سرير المُلك كالطفل ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ﴾ [الأنعام: 94].


كان سليمان يعصره الموت عصرًا، وكان منطرحًا بين يدي ربه يقول: يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه، وكان يصرخ قائلاً:

أفلح من كان له كِبارُ ♦♦♦ إن بَنيَّ فتيةٌ صغار


يقول يا ليت أبنائي كباراً، يتولون الملك بعدي. فقد أفلح من كان أبناؤه كبارًا. قال عمر بن عبد العزيز أمامه: لا والله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 14، 15] . ومات سليمان، وكتب الخلافة لرجل في كتاب سرِّيّ، لم يُعلَم بعد.


ولما وارى الناس جثمان سليمان، قام رجاء بن حَيْوة أحد علماء المسلمين، فأعلن على المنبر أن خليفة المسلمين، وأمير المؤمنين للعالَم الإسلامي، عمر بن عبد العزيز.


فلما تلقى عمر بن عبد العزيز خبر توليته، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء، قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله، وذكر مصارع الغابرين، حتى بكى من بالمسجد.


يقول رجاء بن حيوة: والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا!! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملاً وعبئاً ومسئولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدق بأثاثه ومتاعه على فقراء المسلمين.


نزل عمر بن عبد العزيز في غرفة في دمشق أمام الناس؛ ليكون قريبًا من المساكين والفقراء والأرامل، ثم استدعى زوجته فاطمة، بنت الخلفاء، أخت الخلفاء، زوجة الخليفة، فقال لها: يا فاطمة، إني قد وليت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام - وتعلمون أن الخارطة التي كان يحكمها عمر، تمتد من السند شرقًا إلى الرباط غربًا، ومن تركستان شمالاً، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا - قال: فإن كنت تريدين الله والدار الآخرة، فسلّمي حُليّك وذهبك إلى بيت المال، وإن كنت تريدين الدنيا، فتعالي أمتعك متاعاً حسنًا، واذهبي إلى بيت أبيك، قالت: لا والله، الحياة حياتُك، والموت موتُك، وسلّمت متاعها وحليّها وذهبها، فرفَعَه إلى ميزانية المسلمين.


ونام القيلولة في اليوم الأول، فأتاه ابنه الصالح عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أبتاه، تنام وقد وليت أمر أمة محمد، فيهم الفقير والجائع والمسكين والأرملة، كلهم يسألونك يوم القيامة، فبكى عمر واستيقظ. وتوفي ابنه هذا قبل أن يكمل العشرين.


عاش عمر رضي الله عنه عيشة الفقراء، كان يأتدم خبز الشعير في الزيت، وربما أفطر في الصباح بحفنة من الزبيب، ويقول لأطفاله: هذا خير من نار جهنم.


يذهب فيصلي بالمسلمين، فكان أول مرسوم اتخذه، عزل الوزراء الخونة الظلمة الغشمة، الذين كانوا في عهد سليمان، استدعاهم أمامه وقال لشريك بن عرضاء: اغرُب عني يا ظالم رأيتك تُجلس الناس في الشمس، وتجلد أبشارهم بالسياط، وتُجوّعهم وأنت في الخيام والإستبرق. واستدعى الآخر وقال: اغرب عني والله لا تلي لي ولاية، رأيتك تقدم دماء المسلمين لسليمان بن عبد الملك. ثم عيّن وزراءه وأمراءه من علماء وصُلَحاء المسلمين.


وجعل سُمَّاره سبعة من العلماء، يسمرون معه بعد صلاة العشاء، واشترط عليهم ثلاثة شروط:

الشرط الأول: ألا يُغتاب مسلم.

الشرط الثاني: ألا يُقدِّموا له شِكاية في مسلم،

الشرط الثالث: ألا يمزح في مجلسه، إنما يذكرون الآخرة وما قرب منها، واستمر به الحال على هذا المستوى، واستدعى مهاجرًا أحد الوزراء، وقال: كن بجانبي، فإذا رأيتَني ظلمت مسلمًا أو انتهكت عرضاً، أو شتمت مؤمناً، فخذ بتلابيب ثوبي وقل: اتق الله يا عمر. فكان وزيره مهاجر يهزه دائمًا، ويقول: اتق الله يا عمر.


أما حياته الشخصية فحدّث ولا حرج، كان إذا صلى العشاء دخل مصلاه، فيستقبل القبلة، ويجلس على البطحاء، ويُمرّغ وجهه في التراب، ويبكي حتى الصباح.


قالوا لامرأته فاطمة بعد أن توفي: نسألك بالله، أن تصِفي عمر؟ قالت: والله ما كان ينام الليل، والله لقد اقتربت منه ليلة فوجدته يبكي وينتفض، كما ينتفض العصفور بلَّله القطْر، قلت: مالك يا أمير المؤمنين؟ قال: مالي توليت أمر أمة محمد، وفيهم الضعيف المجهد، والفقير المنكوب، والمسكين الجائع، والأرملة، ثم لا أبكي، سوف يسألني الله يوم القيامة عنهم جميعاً، فكيف أُجيب؟!


أيها الناس:

إذا لم نخرج بعمر بن عبد العزيز أمام العالَم، فبمن نخرج؟ وما النموذج الذي نُقدمه إذا لم نُقدّم هؤلاء؟

أتى إلى بيت المال يزوره، فشم رائحة طيب، فسدّ أنفه، قالوا: مالك؟ قال: أخشى أن يسألني الله - عز وجل - يوم القيامة لم شممت طيب المسلمين في بيت المال. إلى هذه الدرجة، إلى هذا المستوى، إلى هذا العُمق.


دخل عليه أضياف في الليل، فانطفأ السراج في غرفته، فقام يصلحه، فقالوا: يا أمير المؤمنين: اجلس قال: لا، فأصلح السراج، وعاد مكانه، وقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز.

كان عالماً مجتهداً يُفتي للمسلمين فتح الله عليه من فتوحاته، لأنه يتقي ربه، ويعدل في رعيته.


خرج في نزهة يومًا، فمروا به على حديقة من حدائق دمشق العاصمة، فوقف يبكي على سور الحديقة، قالوا: مالك؟ قال: هذا نعيم منقطع، فكيف بجنة عرضها السماوات والأرض، أوّاه، لا حُرمنا الجنة.


ومر يوم العيد، بعد أن صلى بالمسلمين، وهو على بغلته، مرَّ بالمقابر، فقال: انتظروني قليلاً - ذكر ذلك ابن كثير - انتظروني قليلاً فوقف الوزراء، والصلحاء، والأمراء، والناس، ونزل عن بغلته، فوقف على المقبرة، التي فيها الخلفاء من بني أمية، والتي فيها الأغنياء، وقال:

أتيت القبورَ فناديتها
أين المعظَّم والمحتقر؟
تفانوا جميعًا فما مخبرٌ
وماتوا جميعًا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضَوْا
أمالَك فيما مضى معتبر؟


وقف يومًا من الأيام وقال: والله لا أعلم ظالماً إلا أنصفتكم منه، ولا يحول بيني وبين الظالم أحد، حتى آخُذ الحق منه، ولو كان ابني. قال الناس: صدقت.


كان يدور في ظلام الليل يسأل: هل من مريض فأعوده، هل من أرملة فأقوم عليها، هل من جائع فأطعمه. يقول أحد ولاته: ذهبت إلى إفريقيا، أوزع الزكاة، فو الله ما وجدت فقيراً في طريقي، لقد أغنى عمر بن عبد العزيز الفقراء، فما بقي فقير، ولا جائع، ولا مَدين، ولا شاب أعزب!!


كان يُصلي الجمعة، فيقوم نوّابه، معهم دفاتر بأسماء الناس، فيوزع الأُعطيات على طلبة العلم، واليتامى، والمساكين، والمرضى، والأرامل، والمحتاجين، والمعوزين، فيهتفون بعد الصلاة: اللهم اسق عمر بن عبد العزيز من سلسبيل الجنة، ونحن نقول: اللهم اسق عمر بن عبد العزيز من سلسبيل الجنة.


دخل عليه زياد المولى أحد العلماء، فرأى وجهه شاحبًا باكيًا، أثر الدموع في أجفانه، أثر الجوع والفقر على خديه، ثوبه مُرقّع، قال: يا أمير المؤمنين: أين القصور التي كنت تسكنها، والملابس التي كنت تلبسها، والنعيم الذي كنت تعيشه، قال: هيهات يا زياد، ذهب ذلك، لَعلّي تغيرت عليك. قال: أي والله، قال: كيف بي لو رأيتني بعد ثلاث ليالٍ، إذا طُرحت في القبر، وقطعت أكفاني، وسار الدود على خدي، وأكل عيني، ووقع التراب على أنفي، والله لقد كنت أشدّ تغيرًا مما تراه!!


حضرته سكرات الموت، فجمع أبناءه السبعة أو الثمانية، فلما رآهم بكى واستعبر، ودمعت عيناه، ثم قال لأبنائه: والله ما خلّفت لكم من الدنيا شيئًا - عنده غرفة واحدة - إن كنتم صالحين فالله يتولى الصالحين، وإن كنتم فجَرة فلن أُعينكم بمالي على الفجور. تعالوا، فاقتربوا فقبّلَهم واحدًا واحدًا، ودعا لهم، وكأن قلبه يُسَلُّ من بين جوارحه، وخرج أبناؤه.


إنَّ من حفظ الله حفظه الله، ومن ضيّع الله ضيّعه الله، هذه سنة من سنن الله - عز وجل - ثم أمر عمر أبناءه بالخروج فخرج أطفاله أمام عينيه، ينظر إليهم، ومع كل طفل يخرج، قطَرَات من الدموع تسقط، وقال: أَدخِلوا أمّكم عليَّ، فدخلت امرأته، فودعها، وسألها أن تتقي الله، وأن تبقى على الزهد وعلى الفقر، لتكون زوجته في الجنة، ثم قال: يا فاطمة، إني أرى نفَرًا، ليسوا بإنس ولا جن، أظنهم ملائكة، فاخرجي عنّي، فخرجت زوجته، وأغلقت الباب، ودخل الملائكة على عمر بن عبد العزيز مبشرة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 30، 31].


مات عمر، وفتحت زوجته الباب فوجدته في عالم الآخرة، ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].


"هكذا فلتكن العدالة". إنني مقصر في سيرته وترجمته، عودوا إلى عمر، فبطون التاريخ مليئة بذكره، قد غمرت فضائله الكتب والموسوعات، رحم الله عمر بن عبد العزيز، رضي الله عن عمر بن عبد العزيز، جمَعنا الله بعمر بن عبد العزيز في الجنة.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العزيز الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

♦♦ ♦♦ ♦♦


الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.


أما بعدُ عبادَ الله:

من يتق الله يُحمد في عواقبهِ
ويكفهِ شرَّ من عزّوا ومن هانوا
من استجارَ بغير الله في فزعٍ
فإن ناصرهُ عجزٌ وخُذلانُ
فالزمْ يديك بحبل الله معتصمًا
فإنه الركنُ إن خانتك أركانُ


لما فتح عبد الله بن عليّ العباسي دمشق قتل في ساعة واحدة ستة وثلاثين ألفًا من المسلمين، وأدخل بغاله وخيوله في المسجد الأموي الكبير!! ثم جلس للناس، وقال للوزراء: هل يعارضني أحد؟ قالوا: لا. قال: هل ترون أحدًا سوف يعترض عليَّ؟ قالوا: لا، إن كان فالأوزاعي – والأوزاعي محدث فحل، إمام الدنيا، أمير المؤمنين في الحديث، كان زاهدًا عابدًا من رواة البخاري ومسلم – قال: تعالوا به. فذهب الجنود للأوزاعي، فما تحرك من مكانه، قالوا: يريدك عبد الله بن علي. قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. انتظروني قليلاً، فذهب، واغتسل، ولبس أكفانه، وتجهز للموت، ثم قال في نفسه: قد آن لك يا أوزاعي أن تقول كلمة الحق، لا تخشى في الله لومة لائم، قال الأوزاعي وهو يصف القصة: فدخلت فإذا أساطين من الجنود، قد جُعلوا على صفّين، وقد سَلّوا سيوفهم، فدخلت من تحت السيوف، حتى إذا بلغت إلى عبد الله بن علي العباس، وقد جلس على سريره، وبيده خيزران، وقد انعقد على جبينه عقدة من الغضب. قال: فلما رأيته، كان أمامي كأنه ذبابة. قال: فما تذكرت أحدًا؛ لا أهلاً، ولا مالاً، ولا ولدًا، إنما تذكرت عرش الرحمن، إذا برز للناس يوم الحساب!


قال: فرفع بصره وقد ظهر عليه الغضب، ثم قال: يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية التي أرقناها؟ قال الأوزاعي: حدثنا فلان عن فلان.. عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة))، فإن كان مَن قتلتهم مِن هؤلاء، فقد أصبت، وإن لم يكونوا منهم، فدماؤهم في عنقك.


قال الأوزاعي: فنكث بالخيزران، ورفعت عمامتي أنتظر السيف!! ورأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم ويرفعونها حتى لا يصيبها الدم. قال: وما رأيك في الأموال؟ قال الأوزاعي: إن كانت حلالاً فحساب وإن كانت حراماً فعقاب. قال: خذ هذه البدرة – كيس ملوء ذهبًا – قال الأوزاعي: لا أريد المال. قال: فغمزني أحد الوزراء، يعني خذها. فأخذ الأوزاعي الكيس، ووزعه على الجنود، حتى لم يبق فيه شيء، ثم رمى به وخرج، فلما خرج قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" قلناها يوم دخلنا، وقلناها يوم خرجنا!! ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 174].

بِعنا النفوس فلا خيار ببيعنا
أعظِمْ بقومٍ بايعوا الغَفَّارا
فأعاضنا ثمنًا ألذَّ من المنى
جنات عدنٍ تتحفُ الأبرارا
فلمثل هذا قم خطيبًا منشدًا
يروي القريضَ وينظمُ الأشعارا


أيها الناس:

احفظوا الله - عز وجل بالرجوع إليه، والتوبة من الذنوب والمخالفات. بحفظ قلوبكم من النفاق والرياء، والحقد والحسد، بالمحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، في أوقاتها، بخشوعها، وخضوعها، بأركانها، وواجباتها، وسننها. فقد قال نبيكم صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد، ألا وهي القلب)).


وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم أذهب القسوة عن قلوبنا، وانفعنا بسيرة سلفنا، وارزقنا الاستقامة على الدين والدعوة إليه حتى الممات، وأعذنا من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واكسر الكفرة وأعداء الدين، وفك أسرى المأسورين من المسلمين في كل مكان، وانصر الإسلام وأعز أهله، ولا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله
  • الرؤية الإسلامية للأدب عند عمر بن عبدالعزيز
  • في رحاب عمر بن عبدالعزيز
  • عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة
  • عمر بن عبدالعزيز والشعراء
  • مقتطفات من سيرة الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله
  • عمر بن عبدالعزيز
  • درر مختصرة من أقوال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله

مختارات من الشبكة

  • عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة لعبدالله بن الأهتم عند عمر بن عبدالعزيز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حمزة بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من كتاب المغازي والسير: وهب بن منبه وعاصم بن عمر بن قتادة(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • مخطوطة جزء فيه حديث ابن حيوية أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أبناء عبدالله بن عمر العدوي حياتهم وأثرهم في الحياة الاجتماعية والعلمية في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نموذج من خطب عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه (2)(مقالة - موقع د. محمد الدبل)
  • نموذج من خطب عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه (1)(مقالة - موقع د. محمد الدبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب