• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الثناء والمجد في أن الله إذا قضى قضاء لهذه الأمة فإنه لا يرد

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2018 ميلادي - 24/7/1439 هجري

الزيارات: 13190

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الثناءُ والمجدُ

في أن اللهَ إِذَا قَضَى قَضَاءً لهذه الأمة فَإِنَّهُ لَا يُرَدّ

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102)

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ (النساء: 1)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ (الأحزاب: 70- 71)

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

عباد الله؛ كلُّ ما قضى الله في كونِه وقدَرِه فهو خير، وإن شعرنا نحن أنْ هناك بعضَ السوء أو بعضَ الشر، لكنْ في الحقيقة ما يفعله الله سبحانه وتعالى كلّه خير، وكلّه بقدر الله.

فهل يستطيع أن يخرج من قدر الله أحد؟ لا والله!

هذه الشمس تجري بقدر الله سبحانه وتعالى، والقمرُ مقدر بأمر الله، ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ (يس: 39، 40).

 

والماء ينزل من السماء بقدر الله، ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ (الحجر: 21)،

﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ (المؤمنون: 18).

والأرضُ قدَّر الله سبحانه وتعالى فيها أقواتاً وأغذيةً، ومشاربَ لمخلوقاتها؛ ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ (فصلت: 10).

فالأرزاق بقدَر الله الرّزّاق: ﴿ ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ (الطلاق: 2، 3).

وامرأة لوط عليه السلام؛ كان في قدر الله أنها من الهالكين، قال سبحانه: ﴿ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ (الحجر: 60).

وعودة موسى عليه السلام من مدينَ إلى مصرَ بقدر الله؛ ﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ﴾ (طه: 40).

والموت قَدَرٌ من الله على خلقه: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ* عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (الواقعة: 60، 61).

فالكون كلُّه مكوَّنٌ ومخلوق بقدر الله جلَّ جلاله: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ (الفرقان: 2)، ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ (الأحزاب: 38)، ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ (القمر: 49).

فالقدر علمُ الله سبحانه وتعالى الذي أوْدَعَه اللوحَ المحفوظ، وهو سِرٌّ من أسرار الله سبحانه وتعالى، لم يُطْلِع عليه أحدًا من خلقه؛ إلا من شاء هو سبحانه.

أما قضاء الله فهو تنفيذُ ما قدَّره الله سبحانه زمانا ومكانا.

 

والقضاء نوعان: مبرم، أي واقع لا محالة، قال سبحانه: ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (البقرة: 117)، وقضاء معلّق بفعل، أي إذا فعلتَ كذا قضى الله كذا.

وإليكم هذا الحديث النبوي الشريف، الذي يبيِّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم نفاذَ قضاءِ الله المبرمِ، وقدَرِه المحتوم ِفي خلقه، وهذا ما لا يتغيّرُ ولا يتبدّل وهو كائن لا محالة، ولو سأل الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام تغييره؛ لا يستجيب الله لهم فيه، وهو القضاء المبرم، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("إِنَّ اللهَ تَعَالَى زَوَى لِي الْأَرْضَ")، أَيْ: جَمَعَهَا لِأَجْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقرَّب الْبَعِيدِ مِنْهَا، حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِ كما يطلِع على الْقَرِيبِ مِنْهَا. (انظر النووي 9/ 268). قال:

("فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا")، وكأن الأرض بين يديه عليه الصلاة والسلام، في صورة مصغرة، فرأى بعيدَها وقريبَها، مشرقَها ومغربَها، قال الشيخ العباد حفظه الله:

[أي: إنَّ الله عزَّ وجلَّ زوى له الأرض فشاهدها، ورأى ما يصل إليه ملك أمته -من بعده-، وقد حصل ذلك في زمن بني أمية، حيث فُتِحت الفتوحاتُ في الشرق والغرب، حتى وصلَ عقبةُ بن نافعٍ إلى المحيط الأطلسي، ووصلت بعضُ الجيوشِ التي أرسلت إلى جهة المشرق إلى الصين، وإلى السند و -إلى- الهند، واتسعت رقعةُ البلاد الإسلامية، ودخل الناس في هذا الدين، وتحقق بذلك ما أخبر به الصادق المصدوق صلواتُ الله وسلامُه وبركاته عليه، وكذلك كان الأمر في عهد بني العباس.

 

ويُذْكر عن هارون الرشيد أنه مرت سحابةٌ ببغداد، فقال: (أمطري حيث شئت فخراجك سيأتي إلي)؛ لأنها -أي السحابة- تجاوزت بغداد فلم تمطر عليها، فقال: أين أمطرت فخراجك سيأتيني، بمعنى: أن الأرضَ التي سينزل فيها ذلك الماء سيصل خراجها إلى بغداد، وذلك إشارةٌ إلى اتساع رقعة البلاد الإسلامية.

 

فتحقَّق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه -وعلى آله وصحبه- وسلم؛ من افتتاح البلاد، ودخول الناس في هذا الدين الحنيف، مع أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وكذلك الذين جاءوا بعدهم، ممن سار على منوالهم في الفتوحات والجهاد في سبيل الله، كانوا أقلَّ عدداً من أعدائهم، وأقلَّ عُدداً.

 

ولكن؛ وُجدت عندهم قوَّةُ الإيمان التي هي سببُ كلِّ خير، وضَعْفُ الإيمانِ وعدمُ الاستقامةِ سببُ كلِّ شرٍّ وضَعفٍ وهوان؛ ولهذا -ثبت عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله -تعالى- عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"). رواه البخاري معلقا (ج4/ ص40)، (حم) (5115)، (الإرواء) (1269)، وصَحِيح الْجَامِع (2831)، وصححه في كتاب (جلباب المرأة المسلمة) (24).

 

فهذه الفتوحاتُ إنما حصلت بالصدق مع الله، وبقوة الإيمان والإخلاص، والجهادِ من أجل أن تكون كلمةُ الله هي العليا، وأن يهتديَ الناس، وأن يدخلوا في دين الله، فالمسلمون كانوا أقلَّ عدداً وعُدداً، وأعداؤهم الكفارُ كانوا أكثر عدداً وعُدَداً، ومع ذلك كان المسلمون يتفوقون ويتغلَّبون على الكفار؛ بسببِ ما أعطاهم الله من قوة الإيمان والصدق.

 

ولهذا جاء في صحيح البخاري: أن جيشاً ذهب إلى قتال الفرس، وكان أميرَهم النعمانُ بنُ مُقَرِّن [1]، وكان فيهم المغيرةُ بن شعبة، -رضي الله عنهم أجمعين-، فلما التقوا مع كبير الفرس؛ طلب كبيرُ الفرس واحداً من المسلمين يأتي للتفاوض والتفاهم معه، فذهب المغيرةُ بنُ شعبة رضي الله عنه، فقال له ذلك الزعيم -الفارسي-: (ما أنتم؟!) قَالَ: (نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الجُوعِ، وَنَلْبَسُ الوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِك؛َ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ، -تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ- إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ «أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ». (خ) (3159).

 

هذا الكلام جاء من قوة إيمان، ومن عزيمةٍ وإخلاصٍ لله عزَّ وجل؛ ولهذا لما تغيرَّت أحوال الناس هان المسلمون على أعدائهم، بعد أن كان الكفار يهابون المسلمين، صاروا هم الذين يهابون ويخافون الكفار؛ والسببُ في ذلك كلِّه ضعفُ الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي»]. انتهى قول العباد حفظه الله.

 

قال صلى الله عليه وسلم: ("وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ). (م) (2889)، ("يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ")، فـ[الأحمر هو الذهب، والأبيض هو الفضة، وكنوز كسرى وقيصر التي كانت من الذهب والفضة غنمها المسلمون في جهادهم للروم وللفرس، وأحضرت تلك الكنوز إلى المدينة -المنورة- وتولَّى قسمتها الفاروق رضي الله عنه بنفسه في المدينة.

وتحقق بذلك ما أخبر به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في قوله: (ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله). (خ) (3120)، (م) 75- (2918)، وقد تحقق ذلك وأنفقت في سبيل الله على يد الفاروق -عمر- رضي الله عنه وأرضاه]. من شرح العبّاد.

 

قال صلى الله عليه وسلم: ("وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ثَلَاثًا: أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ"). (جة) (3952)، (م) (2889)، وفي رواية أبي داود: ["وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ". (د) (4252)، يعني: بأن يصيبهم قحط عام يصير به هلاك وضرر الجميع، وأعطاه الله ذلك، فالقحط يحصل في بلد، ويحصل في بلد آخر الرخاء والخصب، لكن كونه يحصل لهذه الأمة -بمجملها- أنها تهلِك بالقحط، وقِلَّةِ المطر، -وأن تهلك- وتفنى بسبب ذلك، هذا لا يحصل -بإذن الله سبحانه-]. شرح سنن أبي داود للعباد.

 

وسأل صلى اللهُ عليه وسلم اللهَ عزّ وجلّ: (وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ")، أَيْ: لا يسلط عليهم الْكُفَّارَ، فيَسْتَأصِلُونهم، ويستبيحون ("بَيْضَتَهُمْ"). (م) (2889)، (ت) (2176)، -أَيْ: جَمَاعَتَهُمْ وَأَصْلَهُمْ، وَالْبَيْضَةُ أَيْضًا: الْعِزُّ وَالْمُلْك. النووي (9/ 268)، و[بيضتهم بمعنى: أنه يقضي -الكفار- على الإسلام والمسلمين، والإسلامُ باقٍ، ولا تخلو الأرض من قائم لله بحجته، ولو حصل ضعف في مكان حصلت قوة في مكان آخر، لكن لا تخلو الأرض ممن يقوم بأمر الله، ولكن الشيء الذي قد حصل هو كون بعضهم يقتل بعضاً، والفتن التي تكون بينهم تحصد بعضهم بالقتل، وحصولِ الأضرار الكبيرة، فقوله صلى الله عليه وسلم: ("وألا يهلك أمتي بسنة بعامة")، أي بسنة قحط تَعُمُّ البلاد.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ("وألا يسلِّط عليهم عدواًّ من سوى أنفسهم")، يعني: لن يوجد عدوٌّ ليس من المسلمين يستبيح بيضتهم، ويقضي على الإسلام والمسلمين؛ لأن الإسلام باقٍ وعزيز، ولكنه يكون قوياً في بعض الأزمان، ودون ذلك في بعض الأزمان.

لكنْ كونُه تخلو منه الأرض أو ينتهي؟ هذا لا يكون؛ بل لابد أن يكون هناك من يقوم بشرع الله، ولا يضرُّه من خالفه،...]. شرح سنن أبي داود للعباد.

 

("وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا")، (الشِّيَع): الفِرَق والجماعات. هذا طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله، لكن هذا أمر قدري وقضاء مبرم لا يستجيب لرسوله في ذلك، ("وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأسَ بَعْضٍ"). (جة) (3952).

 

("فَقَالَ لِي رَبِّي: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ")، [(إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً)، [يعني: ما قدَّره الله وقضاه فإنه لابد من وجوده، وكلُّ شيءٍ شاءه الله لا بدّ أن يكون، وكلُّ شيءٍ لم يشأْه الله لا يمكن أن يكون، ولهذا فإن عقيدة المسلمين في باب القدر تنبني على هاتين الجملتين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

 

ما سبق به قضاء الله وقدره لابد من وجوده، ولابد من حصوله، وما جرى به القضاء بأنه لا يكون فلا سبيل إلى كونه ووجوده، ولهذا يقول الشاعر:

فما شئتَ كانَ وإنْ لمْ أَشَأْ
وما شِئْتُ إِنْ لمْ تَشَأْ لمْ يَكُنْ

فما شئتَ يا الله؛ كان وإن لم أشأه أنا، وما شئتُ أنا إن لم تشأه، -يا الله- فإنه لا يكون؛ لأنه لا يكون ولا يقع في مُلْكِ اللهِ إلا ما قدَّره الله وقضاه.

 

والقدَرُ مُغَيَّبٌ، ولا يعلمُه إلا الله، ولكن يمكن أن يعرفَ الـمُقَدَّرُ بأمرين:

الأمر الأول: الوقوع، فإذا وقع الشيء فهو مقدَّر؛ لأنه لا يقع إلا مقدّر.

والأمر الثاني: حصول الإخبار به من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يدلُّ على أنه سبق به القضاءُ والقدر، وأنه لابدَّ أن يوجد ذلك المقدر، ولكنه عُرِفَ بإخبار الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام؛ بأنه سيحصل كذا وكذا، وأنه سيقع كذا وكذا، وسيجري كذا وكذا، فهذا لا بد وأن يوجد.

وهذا الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيوجد سبق به القضاء والقدر؛ ولهذا قال -الله عز وجل:- ("إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد")، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

ولهذا جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: ("وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"). (ت) (2516).

وكذلك في الدعاء، عندما ندعو فنقول: ("اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت). (خ) (7292)، فالذي قدَّره الله وأعطاه لا أحد يمنعه، وما قدَّر ألاَّ يكون فإنه لا سبيل إلى كونه، ولا سبيل إلى وجوده]. شرح سنن أبي داود للعباد.

يقول الله: ("وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ"). (م) (2889)، ("أَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ جُوعًا فَأُهْلِكَهُمْ بِهِ"). (جة) (3952)، -بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط، فَيَكُون فِي نَاحِيَةٍ يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَادِ الْإِسْلَام، فَلِلهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِه. (النووي) (9/ 268).-

("وَلَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا") -أَيْ: -من- نَوَاحِي الْأَرْض- لو اجتمعوا على المسلمين لن يستبيحوا بيضتهم، ولن يفنوهم، بأمر الله تعالى.

("حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا")، -أَيْ: بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ -والاقتتال والحروب بين المسلمين- بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ الله، لَكِنْ أَخَفَّ مِنْ الِاسْتِئْصَال، وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَة. (فتح).

 

("وَيَسْبِيَ")، أَيْ: يَأسِرُ، ("بَعْضُهُمْ بَعْضًا"). -والمسلمون كما نرى في زماننا هذا.- (م) (2889)، (ت) (2176)، [يعني: قضاءُ اللهِ وقدَرُه بأنه لا يهلكُهم بسنة بعامة، وألا يسلِّط عليهم عدوّاً من سوى أنفسهم، فقدَّر وقضى أنَّ بعضَهم يُهلِكُ بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً، ويضرُّ بعضهم بعضاً، وهذا يقع]. شرح سنن أبي داود للعباد.

قال صلى الله عليه وسلم: ("وَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ") -أَيْ: الدَّاعِينَ إِلَى الْبِدَعِ، وَالْفِسْقِ، وَالْفُجُور.-

[هذا هو الذي يخشاه النبي على -هذه- الأمة، وهو كونها تبتلى بمن يَضِلُّ -ويُضِلُّ-، سواءً كانوا هؤلاء الأئمة أئمةَ دعوةٍ وتبليغٍ وإرشادٍ، أو أصحابِ سُلْطَةٍ.

والإمامَةُ تكونُ بكونِه متبوعاً وغيرُه يتبعُه، وإنْ لم يكن والياً.

وقد يكون والياً، ويكونُ -له- مع إضلالِه قوةٌ تساندُ وتؤيِّدُ هذا الضلال، وتحتَضِنُ من يكونُ من أهلِ الضلال، فقال صلى الله عليه وسلم:

 

("وإنما أخشى على أمتي الأئمة المضلِّين")؛ لأنهم يحرفونهم ويصرفونهم عن الحق والهدى؛ بأن يضلُّوهم، ويخرجوهم من الجادَّة والاستقامة إلى الطرق المنحرفة، الخارجةِ عن الصراط المستقيم، كما قال الله عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (الأنعام:153). شرح سنن أبي داود للعباد.

 

("وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي، لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"). (د) (4252)، (ت) (2202)، (2229)، انظر الصَّحِيحَة (1582). وضع السيف في هذه الأمة منذ زمن بني أمية، -فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَد، يَكُونُ فِي بَلَدٍ آخَر، -قال العلماء:- وَقَدْ ابْتُدِئَ -وضعُ السيف في الأمة- فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنه- وَهَلُمَّ جَرًّا، لَا يَخْلُو عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأُمَّة، وَالْحَدِيثُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْله -سبحانه و- تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأسَ بَعْضٍ} عون المعبود (9/ 292).-

 

وهذا من قضاء الله وقدره على هذه الأمة، وَقد قَالَ الله سبحانه وتَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنةَ،ُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (البقرة: 253)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة مهداة، للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

ألا واعلموا أن ما يقع لهذه الأمة المباركة؛ أمَّةِ محمد صلى الله عليه وسلم، من قضاءِ الله وقدَره، مما ينغِّص عليهم عيشَهم، ويكدِّر عليهم صفوَهم، مما يلاقونه من ابتلاآت وآلام وعذابات، من عدوِّهم ومن أنفسهم، ومما عملته أيديهم، إنما هو تمحيص واختبار وكفَّارات، ولا يعذَّب منها؛ -من هذه الأمة- في الآخرة إلا القليل، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَن، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ"). (د) (4278) (ك) (8372)، (يع) (7277)، (طس) (4055)، انظر صَحِيح الْجَامِع (1396)، (1738)، الصحيحة (959).

[فأخبرنا ربنا -سبحانه وتعالى- في كتابه أنَّ هذه الأمةَ الإسلاميةَ أمَّةٌ مصطفاةٌ، ومرحومةٌ ومنصورة؛ مهما نزل بها من المصائب، و -مهما- حلَّ بها من الضعف والهوان.

 

أما الاصطفاء: فقد أورثها الله الكتابَ والحكمة، وجعلَها شهيدةً على الناس، وحسبُك أن يكون ظالِمها -أي المسلم الظالم من هذه الأمة- من جملة المصطفَين، مع أنه مأخوذ بظلمه، محاسَب على تفريطه، يقول الله:

﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فمنهم ظالمٌ لنفسِه وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ (فاطر:32)؛

﴿ فمنهم ظالمٌ لنفسِه ﴾ وهو العاصي تحت المشيئة، -إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه.-

﴿ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ﴾الذي أتى بالفرائض وترك المحارم.

﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾

 

فكلُّ خيرٍ لدَى أَيَّةِ أمَّةٍ من الأمم؛ ففي المسلمين أكثرُ منه، وكلُّ شَرٍّ في هذه الأمَّةِ؛ ففي غيرها أكثرُ منه، وحضارتُها هي حضارةُ العدلِ والرحمةِ والتسامح، حتى قال أحد الكفار: (ما عَرف التاريخُ فاتِحًا أرحمَ من المسلمين).

 

أمَّا كونُ هذه الأمّةِ أمةً مرحومة: فلأن الله جعل عقوبتها في الدنيا؛ وذلك بتسليطِ الأعداء عليها، وإلباسِها شِيَعًا؛ كلٌّ منها يذيقُ الآخرَ بأسَه، وابتلاها بالفقرِ والتقهقرِ الحضاري؛ كلُّ ذلكَ ليطهِّرَها ويخفِّفَ حسابَها، ويرفعَ درجاتِ طائفةٍ منها إلى منازلَ لم ليكونوا ليبلغوها بأعمالهم، فابتلاهم في أنفسهم]. النفحة القدسية في شرح الأربعين النووية لعبد الرحمن اليحيى التركي (ص: 130).

 

قال المناوي رحمه الله تعالى، في قوله صلى الله عليه وسلم:

[(أمتي هذه)،... -أي- أمَّةَ الإجابة، -أمَّةَ الإسلام؛ أمَّةَ محمدٍ عليه الصلاة والسلام،- (أمَّةٌ مرحومة)، أي -هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم- جماعة مخصوصة بمزيد -من- الرحمة، وإتمامِ النعمة، موسومة بذلك في الكتب المتقدمة، (ليس عليها عذاب في الآخرة)، بمعنى أن من عُذِّب منهم لا يحسُّ بألم النار -يوم القيامة-؛ لأنهم إذا دخلوها أُمِيتوا فيها، -كما ثبت ذلك في حديث آخر-... (إنما عذابُها في الدنيا الفتن) التي منها استيفاءُ الحدِّ ممن يفعل موجبه، وتعجيلُ العقوبة على الذنب في الدنيا؛ أي الحروب والهرْجُ فيما بينهم، (والزلازلُ)... أي الشدائدُ والأهوال -التي تصيب الناس في هذا الزمان-... (والقتلُ والبلايا)؛ لأنَّ شأنَ الأممِ السابقةِ يجري على طريق العدلِ، وأساسِ الربوبية، وشأنَ هذه الأمةِ يجري على منهجِ الفضلِ والألوهية، فمن ثَمَّ ظهرت في بني إسرائيلَ النياحةُ والرهبانيةُ، وعليهم في شريعتهم الأغلالُ والآصارُ، وظهرت في هذه الأمة السماحةُ والصديقيَّةُ، فَفُكَّ عنهم الأغلالُ ووضع عنهم الآصار]. فيض القدير (2/ 185)

 

فيا أبناءَ هذه الأمة! ارحموا هذه الأمة، ارحموها من الفتاوى المضلِّلة، والأهواءِ والأحكامِ التعسُّفيَّة الجائرة، ارحموا الأمَّة من الانقسام والاختلاف والافتراق، ارحموا الأمة؛ لا تسوقوها إلى الهلاك، ولا تجرُّوها إلى هُوَّةِ التِيهِ والضياع، ارحموا الأمة؛ من التفسيقِ والتبديعِ، والتكفير والتخوين والاتهامات الباطلة، ارحموا هذه الأمة؛ التي رحمها الله سبحانه وتعالى، وحكَم عليها بالخيرية، فهي أكبرُ نعمة، هذه الأمة أكبر نعمة فيها؛ نعمةُ الإسلام، ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ (آل عمران: 110)، فالحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة السُّنَّة.

 

وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين؛ محمدِ بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم فُكَّ أسر المأسورين، وسجن المسجونين، واقض الدين عن المدينين، ونفس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، وأرجع الغائبين إلى أهاليهم سالمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شافيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا إلى أهله رددته سالما غانما يا رب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأقم الصلاة؛ ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ﴾ (العنكبوت: 45).

 



[1] بفتح القاف، وكسر الراء المشددة، المزني، من تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 105).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني
  • ثناء الله على القرآن العظيم
  • الثناء على الله جل جلاله

مختارات من الشبكة

  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (7) ثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (6) ثناء جملة من الأنبياء على ربهم سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • {ختم الله على قلوبهم..}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقف الشيعة من آيات الثناء على عموم الصحابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الثناء الحسن وأثره على الإنسان وكيف يكسبه؟(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أبنية الصرف في تفسير روح المعاني لأبي الثناء الآلوسي - دراسة صرفية دلالية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير آية: ﴿ كزرع أخرج شطأه ﴾ في الثناء على الصحابة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
حميد - ليون 11-04-2018 03:41 AM

شكرا على دعمكم ونصحكم لنا والله يوفقنا للخير وللأمة الإسلامية أجمعين يا رب العالمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب