• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ما بين النفخة ودخول الجنة

محمد محيي الدين حمادة الدمشقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2018 ميلادي - 23/7/1439 هجري

الزيارات: 15763

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما بين النفخة ودخول الجنة

 

عناصر الخطبة وخطتها:

- شرح موجز لطيف لقول الحقِّ سبحانه: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً..﴾

- أعظم وعدٍ وعدُ اللهُ عزَّ وجل لعبادِهِ المؤمنين وعده لهم بدخول الجنَّة.

- وصف مهيب لحال الخلائق يوم القيامة.

- وصف أرض المحشر التي سيحشر الناس عليها.

- الصراط والقنطرة وأحوال المارين عليهما.

- الصلوات الخمس وأثرها في الطريق الموصل إلى الجنة.

- أول الناس دخولاً للجنة.

- ذكر بعض أوصاف المؤمنين عند دخولهم جنة النعيم.

 

الحمدُ للهِ.. نحمدُهُ ونستهديهِ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلنْ تجدَ له وليًا مرشدًا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له: القائل في كتابه العزيز: ﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً ﴾.

وأشهدُ أنَّ سيدنا وعظيمنا وحبيبنا وقائدنا وإمامنا محمداً رسول الله: الذي بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة، وكشف الغمة، وجاهدَ في الله حق جهادِه حتى أتاه اليقين من ربه، فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزى نبيًا عن أمَّتِه، وهو القائل: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟!: قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) (صحيح البخاري)

 

أمَّا بعد إخوةَ الإيمانِ والعقيدة:

أوصيكُمْ ونفسيَ المخطئةَ المذنبةَ بتقوى الله عزَّ وجل، وأحثُّكُم على طاعته، وأحذِّركم وبال عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير..

 

أيها الأحبة الكرام:

أعيش اليوم معكم في رحاب وأنوار هذه الآيات الكريمة التي ابتدأت بها خطبتي وكلامي، وهي قول الحق سبحانه: ﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً ﴾. [الفُرْقَانِ:15- 16 ]

أي: قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الكافرين، أذلك العذاب المهين الذي أُعد لكم خير؛ أم جنة الخلد التي وعدها الله تعالى للمتقين!، والتي كانَتْ لَهُمْ بفضل الله وكرمه جَزاءً على أعمالهم الصالحة وَمَصِيراً طيباً يصيرون إليه..، لهم فيها ما يشتهون من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب ونحو ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهم فيها خالدون أبداً بلا انقطاع ولا زوال.. ﴿ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا ﴾ أي كان ذلك النعيم المقيم موعوداً حقيقًا أن يُسْأل ويطلب، لكونه مما يتنافس فيه المتنافسون، والمؤمنون سألوه قبل ذلك بقولهم:﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾[1].[آلِ عِمْرَانَ: 194]

قالَ العلماء: إنَّ أعظمَ وعدٍ وعده اللهُ عزَّ وجل لعبادِهِ المؤمنين هو وعده لهم بدخول الجنَّة، فيدخلوها حين يدخلوها وهم أكمل نوراً من القمر ليلةَ البدر..، قال صلى الله عليه وسلم وهو يصف حالهم: (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ - أي عرقهم -المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ -عُودُ الطِّيبِ-، وَأَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ (1))

إنها الجنَّة...التي هي رجاء المؤمنين الصالحين، ومهوى أفئدة السالكين، فما دمع العين ولا حرقة القلب ولا انزعاج الجوارح إلى العمل بطاعات وترك المحظورات؛ إلا لنيل تلك الجنان، التي وعد بها الحنان المنَّان سبحانه.

ولقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم الذي علمه لأصحابه وأمته من بعده: { اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ (2)}

وكل مؤمن حريص كل الحرص على هذا الدعاء النبوي: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ..."

دعاء ندعوه في سجودنا...، دعاء ندعوه ونحن نمرِّغ جباهنا في الأرض انكساراً وتذللاً للمولى؛ سائلين اللهَ عزَّ وجل أن يُدخلنا الجنَّة.. وهو القائل: ﴿ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا ﴾، فإذا ما خرجنا من الدنيا، ثمَّ نفخ في الصورِ النفخة الثانية، ثمَّ قامَ النَّاسُ بينَ يدي ربِّ العالمين سَأَلْنا الله عزَّ وجل ذلك الوعد.. وقلنا يا ربَّ العزة:

أنتَ وعدتَ مَن آمن أن تُدخلَهُ الجنَّة، وقد كنَّا من المؤمنين الموحدين الساجدينَ الراكعينَ...، ويأتي جواب رب العزة: أبشروا عبادي.. فقد أَعْدَدْتُ لكم مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر.

والنَّاسُ يومئذ -في ذلك الموقف العظيم والمشهد المهيب- حفاةٌ عُراةٌ غُرْلٌ -أي غيرَ مختونين- في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة..

سبحان الله.. سبحان المدبر..حفاةً عُراةً....! فأين هي مكاسبُ الدنيا، أينَ المالُ الذي حصَّلوه؟ أينَ الضِّياعُ التي كانوا يمتلكونها؟ أينَ البلادُ التي كانوا يحكمونها؟ أينَ المزارعُ التي كانوا قد اكتسبوها من هنا أو هناك؟، أين وأين.. لا يمتلكونَ شيئًا.. ﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مَرْيَمَ: 95 ]

اللهم ارحمنا يوم تبلى السرائر، وتبدى الضمائر، وتنشر الدواوين، وتنصب الموازين برحمتك يا أرحم الراحمين...

فيا نفسُ توبي فإِن الموتَ قد حانا
واعصِ الهوى فالهوى مازال فَتَّانا
في كل يوم لنا مَيْتٌ نشيعهُ
نرى بمصرعهِ آثارَ مَوْتانا
يا نفسُ مالي وللأموالِ أكنزُها
خَلْفي وأخرجُ من دنيايَ عريانا

ما أخوف هذه الآية: ﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ يأتون إلى اللهِ جميعاً هكذا بأعمالهم فقط، عراة غُرْلاً لا يملكون من متاع الدنيا شيئاً، يلجمهم العرق، تدنوا منهم الشمس، ويزدحم بعضهم من بعض، ومنهم من خصَّه الله بأن يظله الله تحت ظل عرشه - جعلني الله وإياكم من أهلها -.

أما أرض المحشر يومَ القيامة...فهي أرضٍ جديدة بَيْضَاء نَقِيَّة لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا بِخَطِيئَةٍ، حيث يبعث الله الخلائق ويحشرها على أَرض، وتحت سماءٍ جديدة ليحاسبهم ويجزيهم على أعمالهم. ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إِبْرَاهِيم: 48 ]

فهذهِ الأرض التي نعيش عليها منذُ آدمَ إلى قيامِ الساعة قد امتلأت بالفجورِ والمعاصي والآثام فلا يليق أن يحشر الناس عليها في يوم الحق، وإنَّما يُحشرونَ على أرضٍ غيرها.. كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ﴾ حتى إذا سألت عن الجبال، فسيأتيك الجواب من القرآن الكريم: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً، فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً، لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً، يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ﴾ [طَهَ: 105-108] ياله من يوم عظيم طويل عصيب ماذا أعددنا له؟!

نموتُ وأيامنا تذهبُ
ونلعب والموت لا يلعبُ
عجبتُ لذي لعب قد لها
عجبتُ ومالي لا أعجبُ
أيلهو ويلعبُ من نفسه
تموتُ ومنزلُهُ يُخربُ
أرى الليلَ يطلبنا والنهار
ولم أدر أيُّهما أطلبُ
أحاط الجديدان جمعاً بنا
فليس لنا عنهما مهربُ
وكلٌّ له مدة تنقضي
وكلٌّ له أثر يكتبُ (1)

 

 

أيها السادة الكرام: بعد أن يُحشرُ النَّاسُ في هذهِ الأرض..، يجيءُ اللهُ عزَّ وجل مجيئًا يليقُ بعظمته وجلاله من غير تكييف ولا تمثيل ليفصلَ بينَ العباد ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾ وذكر قيام الملائكة واصطفافهم؛ لتحقيق سلطانه وكبرياءِ ربوبيته، وتهويل يوم البعث العظيم. رضي الله عن أمير المؤمنين الفاروق عمر عندما قال: "والله لو أنَّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت لافتديت به من هول هذا المطلع العظيم ".

وعندما يشتدُّ البلاء بالناس - وهم في عرصات القيامة وقد طال انتظارهم ووقوفهم، وهم يعانون الحر والأهوال والكربات - يبحث العباد عن أصحاب المنازل العالية الكريمة ليشفعوا لهم عند ربهم كي ينفس عنهم ما هم فيه من البلاء، وليأتي سبحانه لفصل القضاء بين العباد، فيأتوا آدم عليه السلام، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ..؟ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا..؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي..،اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي..

وهكذا كلَّما ذهب الناس إلى نبي يستفتحون به: قال لهم: نفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي...، حتى يأتوا إلى نبي الله عيسى - عليه السلام - فيقول لهم: اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي.... اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله

عليه وسلم. فَيَأْتُونَ سيدنا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم – فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ! أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟

قال المصطفى: فَأَنْطَلِقُ فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثم يقول – سبحانه -: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ.

فَيُقَولُ لي: يَا مُحَمَّدُ.. أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ(1).

أيها الأحبة: ومن أشد أهوال ذلك اليوم وأشدها خطراً، المرور على الصراط، وهو جسر مضروب على متن جهنم، حيث يأمر الله سبحانه في ذلك اليوم أن تتبع كل أمة ما كانت تعبده، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ثم يذهب بهم جميعاً إلى النار. وتبقى هذه الأمة وفيها المنافقون، فيُنْصَبُ لهم صراط على ظهر جهنم، على حافتيه خطاطيف وكلاليب، قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه - وهو يصف الصراط: إنه جسرٌ أدق من الشعرة وأحدُّ من السيف. يضربه الله جل وعلا على ظهر جهنم ليمرَّ عليه المؤمنون إلى جنات النعيم والمشركون إلى جهنم وبئس المصير، فهو قنطرة بين الجنة والنار.

فيأمرهم سبحانه أن يمروا على ظهره، فيشتدُّ الموقف، وتعظم البلوى، ويكون دعوى الرسل يومئذ" اللهم سلِّم سلِّم" ويكون أول من يجتاز الصراط النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 71] أي: ما منكم أحد من بر أو فاجر، إلا وسَيَرِد على النار، المؤمن للعبور، والكافر للقرار ﴿ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ أي: كان وُرودهم إياها أمرًا محتومًا أوجبه الله تعالى على ذاته، وقضى أنه لا بد من وقوعه بمقتضى حكمته الإلهية.

ثم يقول الحق سبحانه: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ ننجي الذين اتقوا، فنخرجهم منها دون أن يذوقوا حرها ولهيبها، وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا، جاثين على ركبهم، عاجزين عن الحركة، من شدة ما يصيبهم من هولها وسعيرها.

ومرور الناس على الصراط فيه تفاوت وأيُّ تفاوت!

تفاوت عظيم وكبير، كل يسير بحسب عمله، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم كالطير، ومنهم يشد كشد الرحال. فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ، فقالَ أبو هريرة: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا..(1)) نسأل الله السلامة والعافية.

انظر يا عبد إلى عملك في الدنيا فبحسب عملك سيكون مرورك!

راجع نفسك.. راجع أعمالك.. فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل..

اُنظر لأعمالك في الدنيا... ماذا قدمتَ لآخرتك وموقفكَ بين يدي الله؟؟

ستجدُ من عملِكَ الصالح في الدنيا نوراً يضيءُ لك ذلكَ الطريق على جسر جهنم، وإنني لأحسبُ أولئك الذين يُصلون الصلواتُ الخمسِ جماعة، ويُصلون صلاةُ الفجرِ جماعة، وهم يتسارعون ويتسابقون إلى الصَّفُ الأول، وقد عملوا بأوامر الله وانتهوا عما نهى الله عنه؛ أن يكونَ نورُهُم أوسعَ نور، وهم ممن يمرون على الصراط سراعاً إلى الجنة إن شاء الله. قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَهُوَ زَائِرُ اللَّهِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ الزَّائِرَ (1)) وقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مبشراً: (إِنَّ اللَّهَ لَيُضِيءُ لِلَّذِينِ يَتَخَلَّلُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِنُورٍ سَاطِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)).

وإني لأُذكِّر أولئك الإخوة -الذين يتخلَّفون عن الصَّلاة في المسجد والمسجد قريب منهم- بقول رسول الله: (لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ(3)) قال بعضُ العلماءِ منهم الحنابلة - رحمهم الله -: أي لا صحة لصلاة جار المسجد إلَّا في المسجد، فالنفي نفي صحة..، لكن أقول للأمانة العلمية: إنَّ جمهور العلماء قالوا بصحة

صلاته مع نقصها من الأجر..(1).

أيها الأحبة: لا بدَّ من مجاهدة النفس والشيطان حتى تصبح صلاة الجماعة في نفوسنا وجوارحنا أمراً هيناً سهلاً لا تكلف فيه ولا حرج. قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات:40-41].

فهل نحنُ نستعدُّ لذلك اللقاء، لنرى ثمرةَ الطاعات نوراً وهَّاجاً على

الصراط؟!


أما والله لو علم الأنامُ
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
لقد خلقوا ليوم لو رأته
عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم حشر ثم نشر
وميزانٌ وأهوالٌ جسامُ
ونحن إذا أمرنا أو نهينا
كأهل الكهف أيقاظ نيام

 

وإنَّ مسؤولية الواحد منا لا تقتصر على نفسه فقط بل تتعدى ذلك إلى جميع أهله، فالله - جل جلاله - قد أوجب على المسلم أن يفعل ما بوسعه لوقاية نفسه وأهله من النار. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التَّحْرِيمِ: 6 ]

 

إذن سبيل وقاية أنفسكم وأهلكم من النار؛ أَن تلزموا أَنفسكم ترك المعاصي وفعل الطاعات، وتأخذوا أَهليكم بما تأخذون به أَنفسكم بجعلهم موضع عنايتكم بما تولونهم من نصح وإِرشاد حتى لا تكونوا في أَشد العذاب. وقد ورد في الأثر: «رحم الله رجلاً قال: يا أهلاه صلاتكم، صيامكم، زكاتكم، مسكينكم، يتيمكم، جيرانكم لعل الله يجمعكم معه في الجنة(1)» بل قيل: «إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من جهل أهله (2)».

 

وقد روي أَن سيدنا عمر- رضي الله عنه – حين نزلت هذه الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا" قال لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يا رسول الله: نحن نقي أَنفسنا فكيف لنا بأَهلينا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: تنهوهن عمَّا نهاكم الله عنه، وتأمروهن بما أَمركم الله به فيكون ذلك وقاية بينهن وبين النار(1).

 

بعضنا -أيها السادة- يظنُّ أنَّ واجِبنا في حقِّ أولادِنا هو أنْ نُطعمهُم ونُسقيهُم، ونحييهم حياة الرخاء والرفاه فقط..ونسينا أنَّ اللهَ عزَّ وجلْ جعلهم أمانةً في أعناقِنا، فأبناؤنا هم امتدادُنا وهم أمانتُنا، وهم رسالتُنا، ونحنُ رسالةُ من قَبلَنا، وهكذا إلى أن يرثُ الله الأرضَ ومن عليها، والواجب علينا جميعاً أن نأخذ بأيديهم إلى الله حتى نكون سبباً في سعادتهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة، ولا يكون ذلك إلا إذا أخذنا بأيدي أولادنا إلى المساجد، إلى دروس العلم، إلى مراكز العلم..وقد أكرمنا الله في هذا الحي بمركز "البيت الشامي" العلمي الدعوي، الذي يعلم أبناءنا هذا الدين العظيم، ويأخذ بيدهم إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، وإنَّ هذا المركز قد تم تأسيسه لهذا الغرض السَّامي، من هنا فإنه - و لله الحمد و المنة -يقدم خدماته حسبة لله تعالى بلا مقابل؛ وما أنشئ حين أنشئ إلا لنُحافظَ على الهويةِ الإسلامية لأبنائنا في غربتنا؛ لتبقى رايتُها مرفوعة، وهم محصَّنون ومحفوظون من طرق الإلحاد والضياع...حتى نراهم يوم القيامة- إن شاء الله - والنور أمامهم يجوز بهم الصراط إلى الجنة...،

والنار تناديهم من تحتهم: أسرعوا بالمرور عليَّ فإن نوركم أطفأ ناري.

 

أيها الإخوة الكرام: ثم ماذا بعد مجاوزة الصراط إلى الجنة؟!.

قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ -أي بعد مجاوزة الصراط- فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ... (هذه القنطرة هي في نهايةِ الصِّراطِ.. أي أننا بعد أن نجوزَ الصراط في مسافةٍ تظهرُ هذه القنطرة، وهي عظيمةٌ جدًا تتَّسعُ للمؤمنينَ جميعًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا(1)( وهذا القصاص -أيها الأحبة- غير القصاص الأول الذي في عرصات القيامة؛ لأن هذا قصاص أخصُّ من ذاك؛ وما هو إلا ليذهب الله الغل والحقد والبغضاء التي كانت في قلوب الناس، فيكون هذا الحبس على القنطرة بمنزلة التنقية والتطهير والتكميل فتكون النفوس بعد ذلك مُهيئة لدخولِ الجنَّة.كما قال تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الْحِجْرِ: 47]

 

ثم ماذا بعد مجاوزة القنطرة؟!

يقفُ النَّاسُ بعدَ ذلكَ على بابِ الجنَّة، فمَن الذي يجرؤ على أن يطرُقَ الباب ليؤذن للعباد بدخول الجنة وقد طال بهم الانتظار؟؟!

قَالَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فآتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ لي الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ (1)).

يقول النبيُّ-صلى الله عليه وسلم- وهو يصف باباً من أبواب الجنة: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ - أي بلد حمير وهي صنعاء عاصمة اليمن -، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى (1))

 

فيدخلُ نبيُّنا عليه الصلاة والسلام، ثم يدخُلُ من ورائِهِ الأنبياء، ثم فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، وفقراء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم-، ثمَّ الصالحون ثمَّ الأمثل فالأمثل، وهكذا كلٌّ حسبَ عمله، فتكونُ الأمكنةُ والنُّزل بحسب العمل، لكلِّ واحدٍ منَّا يكونُ نصيبُهُ حسبَ عمله في الدنيا، كما كان المرور على الصراط بقدرِ العمل؛ كذلك يكونُ حظُّهُ في الجنَّة بقدر عمله وسعيه وجهاده في الدنيا، بعضُهُم يكون في الفردوسِ الأعلى، وبعضُهم في رَبَضِ الجنَّة، وبعضُهم في وسطِ الجنَّة. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي الجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلاَهَا دَرَجَةً وَمِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ الأَرْبَعَةُ، وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ العَرْشُ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ(1))

 

وإنَّ في كل درجة من هذه الدرجات، وفي كل منزلة من هذه المنازل من النعيم المقيم الأبدي ما لا يتصوره عقل ولا يخطر ببال، قال الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)

 

ثم قَرأ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - راوي الحديث قول الله تعالى:

﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾(1). وقال تعالى في وصف بعض مشاهد النعيم للمؤمنين في الجنة: ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 71].

اللَّهم اجعلنا في الفردوسِ الأعلى واجعلنا نستعدُّ من هذه اللحظة لنكونَ عندَ نبيِّك، ومع نبيِّك،وتحت جناح نبيِّك عليه الصلاة والسلام في الفردوس الأعلى..

 

أيها الأحبة الكرام: الحديث يطيب بذكر الجنة وبذكر أهلها.. لكنَّ الوقت قد ضاق بنا ولا أريد أن أطيل عليكم أكثر من ذلك.. أقول هذا القول، واستغفر الله العظيم لي ولكم، فيا فوزَ المستغفرين، استغفروا الله(2).



[1] تفسير المراغي ( 18/158 بتصرف)، والتفسير الوسيط للقرآن الكريم (10/179 بتصرف).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم: (3149) واللفظ له، ومسلم برقم (2834).

والمجامر: جمع مجمرة، وهي: المبخرة، سميت مجمرة لأنه يوضع فيها الجمر ليفوح به ما يوضع فيها من البخور. والْأَلُوَّةُ: العود الذي يبخر به. قيل: جعلت مجامرهم نفس العود إمعاناً في النعيم المقيم.

(2) الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/710. برقم:( 1966)

(1) أبو العتاهية المتوفى سنة 211هـ، انظر جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب لأحمد الهاشمي (المتوفى: 1362هـ) 2/ 434

(1) من حديث الشفاعة الطويل وقد اختصرت بعضه، وقد رواه البخاري برقم: (4435)، ومسلم برقم:(501)، والترمذي برقم: ( 3148)

(1) صحيح مسلم 1/186 .برقم (195)

(1) قال الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وأحد إسناديه رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد 2/31

(2) قال الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. مجمع الزوائد 2/30

(3) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين1/246. قال السخاوي في المقاصد: أسانيده ضعيفة وليس له إسناد يثبت وقد صحَّ من قول علي. المقاصد الحسنة برقم:(1309)

(1) وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، ومالك، وقول للشافعيّة. قال الشوكاني: وهو أعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب. نيل الأوطار 3/154

(1) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي (14/351 )

(2) المرجع السابق.

(1)المرجع السابق.

(1) صحيح البخاري 5/2394. برقم: (6170)

(1) صحيح مسلم 1/188 .برقم (197 )

(1) من حديث الشفاعة الطويل وقد اختصرت بعضه، وقد رواه البخاري برقم: (4435)، ومسلم برقم:(501)، والترمذي برقم: ( 3148 )

(1) صحيح البخاري 6/2700 .برقم (6987)

(1) صحيح البخاري 3/1185 .برقم (3072).صحيح مسلم 4/2174.برقم (2824)

(2) ألقى الشيخ الداعية -حفظه الله- هذه الخطبة في مركز البيت الشامي الدعوي في غازي عنتاب-تركيا- يوم الجمعة في 7 /جمادى الاخرة /1436 هـ الموافق:27 ‏/3‏/ 2015م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجنة دار السلام
  • الجنة بلاد الأفراح (خطبة)
  • أيها الباحث عن الدرجات العالية كيف تفتح لك أبواب الجنة الثمانية؟
  • أعمال يسيرة لدخول الجنة

مختارات من الشبكة

  • مسألة نفخة البعث(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • مسائل في البعث: النفخة الأولى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • المؤاخاة في العهد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شيوع الحقد والبغض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجنة والنار وبعض ما يتعلق بهما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب