• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

أيها العالم الحر المستنير تعرفوا على الهادي البشير والسراج المنير

أيها العالم الحر المستنير تعرفوا على الهادي البشير والسراج المنير
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2018 ميلادي - 4/6/1439 هجري

الزيارات: 13615

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أَيُّهَا الْعَالَمُ الْحُرُّ الْمُسْتَنِيْرُ

تَعَرَّفُوا عَلَى الْهَادِي الْبَشِيْر وَالسِّرَاجِ الْمُنِيْر

صلى الله عليه وسلم


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70- 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

أيها العالم الحرُّ المستنيرُ! تعرفوا على الهادي البشير، والسراجِ المنير، محمد صلى الله عليه وسلم، إنه رسول الله، إنه خليل الله، إنه حبيب الله، إنه نبيُّ الله، هيَّا فلنجعل هذه الخطبةَ في هذا اليوم؛ يومِ الجمعة في هذا المسجد، من أكثر ما يصلُ إليه صلى الله عليه وسلم، صلاة وتسليما، فصلوا عليه، صلى الله عليه وسلم، نريد أن يصعد إلى السماء كثرةُ الصلاة والسلام من هذا المسجد أكثر من غيره المساجد، عليه الصلاة والسلام.

 

لقد سئل صلى الله عليه وسلم: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟) (مَتَى جُعِلْتَ نَبِيًّا؟) (مَتَى كُتِبْتَ نَبِيًّا؟) قَالَ: ("وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالجَسَدِ")[1].

وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ الْفَزَارِيِّ - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ("إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ؛ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّيَ الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي؛ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ")[2].


هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه كتابة نبوته، لكنه لم يُنبَّأ إلا بعد الأربعين من عمره عليه الصلاة والسلام.

 

لقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشً، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ")[3].


قَال الْبُخَارِيُّ رحمه الله [4]: [هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف،ِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ، بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ، بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ].

 

لقد ولد عليه الصلاة والسلام من أبوين طاهرين عفيفين، عبدِ اللهِ بن عبد المطلب، وآمنةَ بنتِ وهب، عَنْ الـمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، قَالَ: (جَاءَ العَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئًا، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الـمِنْبَرِ)، فَقَالَ: ("مَنْ أَنَا؟")، فَقَالُوا: (أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ). قَالَ: ("أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا، وَخَيْرِهِمْ نَسَبًا)[5].


ولأنه بشر صلى الله عليه وسلم، فكما أن له ولادةً وبداية، فله نهاية ٌكبقية البشر وسائر الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، قال سبحانه: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

فهو بشر يحتاج لما يحتاجه البشر؛ من طعام وشراب وملبس ومسكن.

ويصيبه ما يصيبهم؛ يصيبه الألم ويصيبه النعيم، يبكي ويضحك، ويصحُّ ويمرض. بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

جسمُه المقدَّس وبدنه المطهَّر؛ من لحم ودم وعظم وعصب، وإحساس وشعور.

 

فهو صلى الله عليه وسلم ليس ربًّا ولا إلهاً ولا ملكا، بل هو عبد الله ورسوله، وصفه ربه بذلك في العبودية، في أعظم المواقف، وأعلى المقامات، ففي مقام الدعوة؛ قال الله: ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴾ [الجن: 19].

 

وفي مقام الإسراء والقُرْب من الله؛ قال سبحانه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

وفي مقام الوحي والتنزيل؛ وصفه بالعبودية، فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1]، ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10]، ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9].

 

وفي مقام العناية والحفظ والكفاية؛ قال سبحانه: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 36].

 

ومن رفعةِ مكانتِه عند ربه، وعلوِّ منزلته على الخلق أجمعين، لم ينادِه ربُّه باسمه المجرد في القرآن الكريم، الاسم مجردا؛ (محمد) لم يدعوه بذلك، افتح من سورة الفاتحة إلى سورة الناس لن تجد كلمة (يا محمد)، كما نادى سائر الأنبياء: ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾ [البقرة: 33]، ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ [البقرة: 35]، ﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 19].

 

﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ﴾ [هود: 46]، ﴿ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [هود: 48].

 

﴿ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴾ [هود: 76]، ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 104- 105].

 

﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [طه: 11- 12)، ﴿ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [النمل: 9- 10]، ﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 144].

 

﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [آل عمران: 55]، ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾ [المائدة: 110].

وغير ذلك من الآيات والنصوص القرآنية.

 

أما عند مناداة حبيبه ومصطفاه صلى عليه الله وسلم، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [المائدة: 67]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ﴾ [الأنفال: 65]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب: 45- 48].

 

ولم يذكر نبينا صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد، ذكر فقط للإخبار اسم (محمد) في أربعة مواضع، منها:

﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 40 - 41]، ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]، كلُّ واحدة، وكلُّ كلمة فيها (محمد) تأتي بعدها كلمة رسول أو نبي كما سبق، إلا في آيةٍ واحدة في سورة محمد، قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 2].

 

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لرؤيته هيبة، وتعلوه جلالة، (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ). [6]، (أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تَرْعُدُ فَرَائِصُهُ)، فَقَالَ لَهُ: ("هَوِّنْ عَلَيْكَ! فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأكُلُ الْقَدِيدَ")[7].


(الْفَرَائِص): جَمْع فَرِيصَة، وَهِيَ لَحْمَة تَرْتَعِد عِنْد الْفَزَع، وَالْكَلَام كِنَايَة عَنْ الْفَزَع.

و(الْقَدِيد): اللَّحْم الْمُمَلَّح الْمُجَفَّف فِي الشَّمْس[8].

وكان يقول: «أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ»[9].


وأصحابه لا يطيلون النظر إلى وجهه الكريم؛ مهابةً وجلالة، قال عمرو ابن العاص رضي الله تعالى عنه: (...وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ..)[10].


رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعْه توكُّله على الله من الأخذ بالأسباب، يأخذ بالسبب ويتوكل على الله: فقد هاجر صلى الله عليه وسلم متخفِّيًا عن قريش، وثبت أَنَّه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، أَوْ لَبِسَ دِرْعَيْنِ). [11] من حديد حتى يتقي السلاح.

 

وأَمَرَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ).[12] حول المدينة.

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ)، ... أهـ. [13]، يعصب رأسه من الألم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

 

ويأخذ بالأسباب (وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا). [14]، يريد أن يغزوَ أناسًا في جهة الشرق، فيذهب بجيشه جهة الغرب، تورية وأخذًا بالأسباب لتتعلم أمته.

 

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى غَيْرَهَا، وَكَانَ يَقُولُ: ("الْحَرْبُ خَدْعَةٌ"). [15] أو خُدْعة.

 

فالمخلوقات تعرفه، والكائنات تجلُّه وتوقِّره وتقدِّره، صلى الله عليه وسلم، لقد سبح (الْحَصَى بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم)[16].

 

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، فَخَرَجْنَا فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ)[17].

حتى الكائنات تصلي وتسلم عليه صلى الله عليه وسلم، فكل الْمَخْلُوقَاتِ مقرَّة بِنُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله - تعالى - عنهما قَالَ: (أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، حَتَّى إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ) - أي بستان - (مِنْ حِيطَانِ بَنِي النَّجَّارِ، إِذَا فِيهِ جَمَلٌ، لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْه، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ)، - دخل البستان، دخل على الجمل الهائج - (فَدَعَا الْبَعِيرَ، فَجَاءَ وَاضِعًا مِشْفَرَهُ) - الـمِشْفَر: الشَّفَة الغليظة - (إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ)، - سجد أمام النبي صلى الله عليه وسلم، - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("هَاتُوا خِطَامًا") -الخِطام: كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به- فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: ("إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ"). وفي رواية: ("إِلَّا كَفَرَةُ الْجِنِّ وَالْأَنْسِ")[18].


وحنّ جذع النخلة الذي كان يخطب مستندا إليه، عندما اتخذ منبرا فتركه؛ أي ترك الجذع وصعد إلى المنبر، فحنَّ لما فقد من الذكر، خرج صوت حنين، كأنه صوت بكاء طفل صغير، قَالَ أبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه: (سَمِعْنَا الْخَشَبَةَ تَحِنُّ حَنِينَ الْوَالِهِ)، -(الوالِه): المرأة إذا مات لها ولد، وكل أُنثى فارقت ولدها فهي والِهٌ[19].

 

(حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِنْبَرِ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ)، (فَأَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنْ الذِّكْرِ، وَلَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ")، (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى، صَلَّى إِلَيْهِ)، -أي جعله سترة أمامه.

 

قَالَ أُبَيٌّ: (فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ، أَخَذْتُ ذَلِكَ الْجِذْعَ، فَكَانَ عِنْدِي فِي بَيْتِي حَتَّى بَلِيَ فَأَكَلَتْهُ الَأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا)[20].

وكَانَ الْحَسَنُ البصري - رحمه الله تعالى - إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ثُمَّ قَالَ: (يَا عِبَادَ اللهِ! الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللهِ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ). صلى الله عليه وسلم.

 

وقَدِمَ الشَّجَرُ إلَيْه عندما دعاه صلى الله عليه وسلم، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله - تعالى - عنهما قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُدَاوِي وَيُعَالِجُ)، -فالظاهر أنه سمع أنه يقال عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه مجنون، ﴿ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51]، كما قالوا عن نوح عليه السلام، ﴿ وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾ [القمر: 9].

 

فجاء يداوي النبي صلى الله عليه وسلم!- فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ تَقُولُ أَشْيَاءً، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُدَاوِيَكَ؟!) -أراد أن يداوي النبي صلى الله عليه وسلم، فداواه النبي صلى الله عليه وسلم،- (فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى اللهِ). ثُمَّ قَالَ: ("هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟!) -وَعِنْدَهُ نَخْلٌ وَشَجَرٌ- (فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَذْقًا مِنْهَا)، -(العَذْق) بالفتح: النَّخْلة، وبالكسر: العُرجُون بما فيه من الشَّمارِيخ- (فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ)، -هذا القنو وهو أعوج، يرفع رأسه- (وَيَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ")، (فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ)، فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: (وَاللهِ لَا أُكَذِّبُكَ بِشَيْءٍ تَقُولُهُ أَبَدًا)، -من الذي عالج مَن؟ من الذي داوى من يا عباد الله؟- ثُمَّ قَالَ -هذا العامري-: (يَا آلَ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ! وَاللهِ لَا أُكَذِّبُهُ بِشَيْءٍ)[21].


هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وسلم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

جاء في فَضْل مَنْ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرَه، ما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله - تعالى - عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي")، - وطوبى اسم شجرة عظيمة جدا في الجنة - ("وَطُوبَى، ثُمَّ طُوبَى، ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي")[22].


فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المؤمنين به حقَّ الإيمان، وأن يوفقنا سبحانه لاتباع هديه وطريقتِه، فيقتدي به الساسةُ في سياسته، والقادةُ والملوكُ والرؤساءُ يقتدوا به في قيادته، والقضاة في قضائه، والمفتون في فتاواه.

 

ونسأل الله أن يقتدي به الأزواجُ في معاملة أهليهم، والآباءُ والأجدادُ في تربية أولادهم والأحفاد، والجيرانُ والأصحابُ في معاملة بعضهم بعضا، وأهلُ التجارة والصناعة في تجاراتهم وصناعتهم.

 

ونسأل الله أن يقتديَ به الأئمةُ والخطباءُ والدعاةُ في الرفق واللين والتخفيف على الناس، وتحبيبِ الدين والسنة عليهم، ويجتنبوا العنف والشدة.

ونسأل الله أن تقتديَ به النساءُ المسلماتُ في اتباع هديه بطاعةِ الأزواج، وتربيةِ الأولاد، وعدم التبرُّج والسفور.

 

إنه صلى الله عليه وسلم سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْض يوم القيامة، فقد ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ")[23].


يا من آمنتم به صلى الله عليه وسلم ولم تروْه، يا من أحاطت بكم الخطايا والذنوب، والديون والهموم والكروب، أكثروا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، واستمعوا إلى ما رواه أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟!) -أي كم أجعل لك من دعائي يا رسول الله؟- -قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: مَعْنَاهُ: أُكْثِرُ الدُّعَاءَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ دُعَائِي صَلَاةً عَلَيْك[24].

 

فَقَالَ: ("مَا شِئْتَ")، قُلْتُ: (الرُّبُعَ؟)

قَالَ: ("مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"). قُلْتُ: (النِّصْفَ؟)

قَالَ: ("مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ")، قُلْتُ: (فَالثُّلُثَيْن)؟


قَالَ: ("مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ")، قُلْتُ: (أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟! -أَيْ: أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْكَ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْتُ أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي[25].

 

قَالَ: ("إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ"). [26] -يَعْنِي: إِذَا صَرَفْتَ جَمِيعَ أَزْمَانِ دُعَائِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ، أُعْطِيتَ مَرَامَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[27].

 

كيف لا! يا عباد الله! و﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر ذنوب المخطئين، وفكَّ أسر المأسورين، وسجن المسجونين، واقض الدين عن المدينين، اللهم نفس كرب المكروبين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وأنت يا مؤذن أقم الصلاة؛ فـ﴿ ... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] (ت) 3609، (حم) (16623)، (20596)، (23212).

[2] (حب) (6404)، (الصحيحة) (1546)، (1925).

[3] (ت) 3605، (م) (2276)، (حم) (17027).

[4] البخاري (ج5/ ص44).

[5] (ت) (3532).

[6] (م) 45 - (1000).

[7] (جة) (3312)، انظر صحيح الجامع (7052)، والصحيحة (1876).

[8] حاشية السندي على ابن ماجه (6/ 309).

[9] (خ) (2864).

[10] (م) 192- (121).

[11] (د) (2590).

[12] (س) (3176).

[13] (خ) (467).

[14] (خ) (2947).

[15] (خ) (2787) (م) 54- (2769)، (د) (2637)، (حم) (15820).

[16] انظر ما صححه الألباني في ظلال الجنة: (1146).

[17] (ت) (3626), انظر الصَّحِيحَة: (2670).

[18] (حم) (14372)، (مي) (18)، صَحِيحَ الْجَامِع: (2409)، والصَّحِيحَة: (3311)، (طب) (18524).

[19] لسان العرب (13/ 561).

[20] (خ) (876)، (1989)، (جة) (1414)، (1415)، (ت) (505)، (حم) (2236)، (14244)، (21289)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

[21] (طب) (12595)، (ت) (3628)، الصَّحِيحَة: (3315)، (حب) (6523).

[22] (حم) (11691)، (17426)، صَحِيح الْجَامِع: (3923)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (3736) الصَّحِيحَة: (3432).

[23] (حم) (12491)، الصَّحِيحَة تحت حديث: (1571).

[24] تحفة الأحوذي (6/ 249).

[25] تحفة الأحوذي (6/ 249).

[26] (ت) (2457)، (ك) (3578)، صَحِيح الْجَامِع: (7863)، الصَّحِيحَة: (954)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1670).

[27] تحفة الأحوذي (6/ 249).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صدر حديثاً (السراج المنير لمقاصد الشيخ ماء العينين في التفسير)
  • أنتن السراج المنير
  • السراج المنير
  • السراج المنير (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • صدر حديثاً (المستنير في القراءات العشر) لأحمد بن علي البغدادي (ت496هـ) محققاً(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • روح العالم رجال أشرق بهم العالم بنور الوحي لأحمد الطويان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخصات اقتصادية (4) العالم الثالث ثلاثة أرباع العالم(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • العليم - العالم - العلام جل جلاله، وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العالم بالفقه دون أصوله، والعالم بأصول الفقه دون فروعه: هل يعتد بقولهما في الإجماع؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البوسنة: رئيس العلماء يستقبل وفدا من رابطة العالم الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مركز أبحاث عالمي: تراجع الإلحاد وارتفاع نسب التدين بين سكان العالم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مثل العالم العامل والعالم غير العامل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول تقرير منظمة مؤتمر العالم الإسلامي عن الإسلاموفوبيا بالعالم الغربي(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب