• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

هل تسوؤك سيئتك؟

هل تسوؤك سيئتك؟
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/2/2018 ميلادي - 1/6/1439 هجري

الزيارات: 17379

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل تسوؤك سيئتك؟

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَهتَمُّ المَرءُ بِصِحَّةِ جَسَدِهِ، وَيَحرِصُ عَلَى سَلامَتِهِ مِنَ الأَمرَاضِ وَالآفَاتِ؛ لِيَعِيشَ في دُنيَاهُ مُرتَاحَ البَالِ مُطمَئِنَّ النَّفسِ هَادِئًا، وَذَاكَ في الحَقِيقَةِ أَمرٌ مَطلُوبٌ وَتَصَرُّفٌ مَرغُوبٌ فِيهِ؛ إِذِ الجَسَدُ أَمَانَةٌ، وَالمُحَافَظَةُ عَلَيهِ مَسؤُولِيَّةٌ، وَتَقوِيَتُهُ مَطلَبٌ يُستَعَانُ بِهِ عَلَى تَحقِيقِ الغَايَةِ مِنَ وُجُودِ الإِنسَانِ في هَذِهِ الحَيَاةِ، أَلا وَهِيَ عِبَادَةُ اللهِ وَعِمَارَةُ الكَونِ بِطَاعَتِهِ، وَالإِكثَارُ مِمَّا يُرضِيهِ وَالتَّزَوُّدُ بِمَا يُقَرِّبُ إِلَيهِ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ مَا هُوَ أَجدَرُ بِالاهتِمَامِ الدَّائِمِ وَالفَحصِ المُستَمِرِّ، لِلتَّأَكُّدِ مِن صِحَّتِهِ وَعَدَمِ اعتِلالِهِ، أَلا وَهُوَ مُستَودَعُ الإِيمَانِ وَمَعدِنُهُ، الَّذِي يَشحَنُ الجَوَارِحَ بِطَاقَتِهَا وَيُمِدُّهَا بِقُوَّتِهَا، ذَلِكُم هُوَ القَلبُ، الَّذِي إِن صَلَحَ كَانَ في صَلاحِهِ صَلاحُ الجَسَدِ كُلِّهِ، وَإِن فَسَدَ فَسَدَ بِهِ الجَسَدُ، وَتَدَهوَرَت حَيَاةُ الإِنسَانِ وَإِن كَانَ في في أَكمَلِ صِحَّةٍ وَأَتَمِّ قُوَّةٍ وَأَوفَرِ غِنًى. وَكَمَا أَنَّ لِصِحَّةِ الجَسَدِ مُؤَشِّرَاتٍ وَلِعِلَّتِهِ عَلامَاتٍ، فَإِنَّ ثَمَّةَ مَقَايِيسَ وَمَوَازِينَ، يُمكِنُ لِلمَرءِ أَن يَكتَشِفَ بِهَا مُستَوَى الإِيمَانِ في قَلبِهِ، فَيَطمَئِنَّ إِن كَانَ عَالِيًا، وَيَتَدَارَكَهُ إِن كَانَ عَلِيلاً، ذَلِكُم أَنَّ تَدَنِّيَ الإِيمَانِ آفَةٌ تُصِيبُ القُلُوبَ بَينَ حِينٍ وَآخَرَ، وَقَد تَصِلُ بِبَعضِهَا إِلى أَن يُصبِحَ كَالثَّوبِ الخَلِقِ البَالِي، وَمَن ذَا الَّذِي يُرِيدُ أَن يَرَاهُ رَبُّهُ في ثَوبٍ خَلِقٍ مُتَهَالِكٍ؟! قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخلَقُ في جَوفِ أَحَدِكُم كَمَا يَخلَقُ الثَّوبُ، فَاسأَلُوا اللهَ أَن يُجَدِّدَ الإِيمَانَ في قُلُوبِكُم " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَوُجُودُ الإِيمَانِ وَقُوَّتُهُ في قَلبِ العَبدِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَيسَت في عِصمَتِهِ مِنَ الزَّلَلِ أَو بَرَاءَتِهِ مِنَ الخَطَأِ، فَمَا مِنَّا مِن أَحَدٍ إِلاَّ وَهُوَ ذُو ذَنبٍ وَخَطَأٍ، وَلا مَنَاصَ لابنِ آدَمَ مِنِ اقتِرَافِ السَّيِّئَاتِ وَالوُقُوعِ في الزَّلاتِ، وَلَكِنَّ المَقصُودَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَلاَّ تَستَولِيَ المَعَاصِي عَلَى القَلبِ وَتُطَوِّقَهُ الذُّنُوبُ، وَتَرِينَ عَلَيهِ المُوبِقَاتُ وَيَقَعَ في سِجنِ الكَبَائِرِ، حَتَّى يَطمَئِنَّ إِلى مَا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الأَخطَاءِ الشَّنِيعَةِ فَلا يَستَنكِرَهَا، وَيَستَمرِئَ مَا يَقَعُ فِيهِ مِن مُخَالَفَاتٍ فَظِيعَةٍ فلا يَدفَعَهَا.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ حِينَ يُذنِبُ العَبدُ ثم يُذنِبُ دُونَ شُعُورٍ بِاستِيَاءٍ أَو حُزنٍ، وَيَتَعَدَّى حُدُودَ اللهِ وَيَتَجَاوَزُهَا دُونَ خَوفٍ مِنَهُ أَو وَجَلٍ، وَتَستَعبِدُهُ نَفسُهُ وَتَقُودُهُ شَهَوَاتُهُ ثم لا تَتَحَرَّكُ فِيهِ شَعرَةٌ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَد وَصَلَ إِلى الحَظِيظِ وَسَقَطَ في القَاعِ، وَقَلَّ إِيمَانُهُ وَكَادَ يَزُولُ وَيَضمَحِلُّ، وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ رَجُلٌ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: مَا الإِثمُ؟ قَالَ: " إِذَا حَاكَ في نَفسِكَ شَيءٌ فَدَعْهُ " قَالَ: فَمَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: " إِذَا سَاءَتكَ سَيِّئَتُكَ وَسَرَّتكَ حَسَنَتُكَ فَأَنتَ مُؤمِنٌ " رَوَاهُ الإِماَمُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

فَهَل نَحنُ كَذَلِكَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ -؟! هَل نَحنُ نَفرَحُ وَنُسَرُّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ نَفعَلُهَا؟! وَهَل تَسُوؤُنَا وَتُحزِنُنَا سَيِّئاتُنَا الَّتِي نَرتَكِبُهَا؟! قَد يَعتَرِفُ أَحَدُنَا بِالخَطَأِ وَلا يُنكِرُ التَّقصِيرَ، مُقَرًّا أَنَّهُ مَا زَالَ عَلَى حَالٍ غَيرِ مَرْضِيَّةٍ، فَهَل يَكفِي مِثلُ هَذَا الشُّعُورِ دُونَ أَن يَتلُوَهُ تَغيِيرٌ؟! إِنَّ وُجُودَ الشُّعُورِ في القَلبِ دُونَ أَن يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ في تَغَيُّرِ الوَاقِعِ وَتَبَدُّلِ الحَالِ، إِنَّهُ لا يَعدُو أَن يَكُونَ مُجَرَّدَ أَمَانِيَّ بَاطِلَةٍ، يَعبَثُ الشَّيطَانُ بِهَا في حَيَاةِ المَرءِ، وَيُضَيِّعُ عَلَيهِ أَيَّامَهُ وَيَقطَعُهُ عَنِ الوُصُولِ إِلى رَبِّهِ، وَيَحُولُ بِهَا بَينَهُ وَبَينَ التَّوبَةِ النَّصُوحِ الَّتِي يَطهُرُ بِهَا قَلبُهُ، وَتَزكُو نَفسُهُ وَتَصلُحُ جَوَارِحُهُ.

 

كَمَ مِنَّا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن تَمُرُّ بِهِ شُهُورٌ وَسَنَوَاتٌ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعاصِيهِ غَارِقٌ في مُخَالَفَاتِهِ، وَلا يَزَالُ يَعِدُ نَفسَهُ بِالتَّغَيُّرِ وَيُمَنِّيهَا بِالتَّحَوُّلِ، وَلَعَلَّهُ أَن يَفجَأَهُ المَوتُ وَهُوَ مَا زَالَ عَلَى حَالِهِ، فَيَندَمَ وَلاتَ حِينَ مَندَمٍ! كَم مِنَّا مَن تَعَوَّدَ السَّهَرَ وَتَركَ صَلاةِ الفَجرِ بِصُورَةٍ يَومِيَّةٍ، وَكَم فِينَا مِمَّن لا يُفَرِّقُ بَينَ صَلاتِهِ وَحدَهُ وَصَلاتِهِ مَعَ الجَمَاعَةِ! وَكَم مِن مُمتَنِعٍ عَنِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَكم مِن هَاجِرٍ لأَخِيهِ المُسلِمِ شُهُورًا وَسَنَوَاتٍ، وَقَاطِعِ رَحِمٍ يُصِرُّ عَلَى قَطِيعَتِهِ، وَمُوَظَّفٍ يُقَصِّرُ في عَمَلِهِ، وَبَائِعٍ يَغُشُّ في بَيعِهِ وَشِرَائِهِ، وَمُتَسَاهِلٍ بِأَكلِ الرِّبَا، وَمُقَصِّرٍ في تَربِيَةِ مَن تَحتَ يَدِهِ مِن زَوجَةٍ وَأَبنَاءٍ، وَشَابٍّ يُتَابِعُ المَوَاقِعَ الإِبَاحِيَّةَ في القَنَوَاتِ أَو في الشَّبَكَاتِ، وَمُتَلَذِّذٍ بِسَمَاعِ الأَغَانِيِّ وَالمَزَامِيرِ، وَمُدمِنٍ لِلتَّدخِينِ وَشُربِ المُفَتِّرَاتِ أَوِ المُسكِرَاتِ، وَمُصِرٍّ عَلَى حَسَدِ إِخوَانِهِ وَحَملِ الحِقدِ عَلَيهِم، وَابتِلائِهِم بِمَا لَيسَ فِيهِم، وَالكَذِبِ عَلَيهِم في الشَّكَاوَى وَالفُجُورِ في الخُصُومَاتِ، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِن مُخَالَفَاتٍ، فَإِلى مَتَى نَكتَفِي بِالاعتِرَافِ بِخَطَئِنَا وَتَقصِيرِنَا، مَعَ المُضِيِّ فِيهِ وَالإِصرَارِ عَلَيهِ؟! مَتَى يَشعُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِخَطَرِ مَا هُوَ عَلَيهِ، فَتَسُوءَهُ سَيِّئَتُهُ حَقًّا وَصِدقًا، وَيُبَادِرَ بِتَركِهَا وَالإِقلاعِ عَنهَا وَالتَّوبَةِ إِلى اللهِ مِنهَا وَالنَّدَمِ عَلَيهَا؟!

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يُسَرُّ المُؤمِنُ بِالحَسَنَةِ وَلا يَستَاءُ لِلسَّيِّئَةِ، إِلاَّ لِعِلمِهِ بِاللهِ، وَرَجَائِهِ مَا عِندَهُ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الحَسَنَاتِ، وَخَوفِهِ مِمَّا أَعَدَّهُ مِنَ العَقَابِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ المُؤمِنَ يُوقِنُ بِنَفعِ الحَسَنَةِ في الدُّنيَا وَفَضلِهَا في الآخِرَةِ، فَيَفرَحُ بِهَا لِذَلِكَ وَيُسَرُّ، وَأَمَّا مَنِ استَحكَمَت غَفلَةُ قَلبِهِ وَنَقَصَ إِيمَانُهُ؛ فَإِنَّهُ لا يَستَحضِرُ عَظَمَةَ مَن عَصَاهُ، وَلا يَرَى لِسَيِّئَتِهِ ضَرَرًا عَلَيهِ في دُنيَاهُ، وَلا يَتَصَوَّرُ أَنَّهُا قَد تَكُونُ هِيَ المُوبِقَةَ لَهُ في أُخرَاهُ، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ يَرَى مَعصِيَتَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنفِهِ فَأَومَأَ إِلَيهِ بِيَدِهِ فَطَارَ، بَينَمَا يَرَى المُؤمِنَ لِنَقَاءِ قَلبِهِ وَصَفَاءِ نَفسِهِ ذَنبَهُ كَالجَبَلِ الَّذِي يَخَافُ أَن يَقَعَ عَلَيهِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلْنَكُنْ عَلَى شَفَقَةٍ مِن ذُنُوبِنَا، وَلْنَحذَرْ مِنهَا غَايَةَ الحَذَرِ، فَقَد وَصَفَ اللهُ المُؤمِنِينَ المُتَّقِينَ بِالشَّفَقَةِ في دُنيَاهُم مِن أُخرَاهُم، فَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 48، 49] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57، 61]. وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ [الشورى: 17، 18] وَقَالَ - تَعَالى - عَن عِبَادِهِ المُتَّقِينَ: ﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 26 - 28] وَوَصَفَ أَهلَ الجَنَّةِ المُكرَمِينَ فَقَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾ [المعارج: 27، 28] وَمَن لم يُشفِقْ مِن ذُنُوبِهِ هُنَا، فَسَيُشفِقُ يَومَ لا يَنفَعُ الإِشفَاقُ وَلا يُنجِي النَّدَمُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [الشورى: 22] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهَ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَروِي عَن رَبِّهِ - جَلَّ وَعَلا - أَنَّهُ قَالَ: " وَعِزَّتي لا أَجمَعُ عَلَى عَبدِي خَوفَينِ وَأَمنَينِ، إِذَا خَافَنِي في الدُّنيَا أَمَّنتُهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي في الدُّنيَا أَخَفتُهُ في الآخِرَةِ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

اللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا وَسَلِّمْهَا مِن كُلِّ آفَةٍ، وَرُدَّنَا إِلَيكَ رَدًّا جَمِيلاً وَوَفِّقْنَا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ،، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَخَافُوهُ في السِّرِّ وَالنَّجوَى ﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴾ [الليل: 14 - 17].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ السُّرُورُ بِالحَسَنَةِ عُجبًا يَرَى بِهِ العَبدُ نَفسَهُ وَيَتَكَبَّرُ عَلى غَيرِهِ، وَلا غُرُورًا يَطمَئِنُّ بِهِ إِلى أَعمَالِهِ وَيَعتَمِدُ عَلَيهَا، مُنصَرِفًا عَنِ اللهِ الَّذِي هَدَاهُ وَيَسَّرَهُ لِليُسرَى، ظَانًّا أَنَّهُ إِنَّمَا نَالَ هَذَا الفَضلَ وَحَازَ الشَّرَفَ عَلَى عِلمٍ عِندَهُ أَو لِقُوَّةٍ مِنهُ وَحدَهُ، وَلَكِنَّ السُّرُورَ بِالحَسَنَةِ فَرَحٌ بِرَحمَةِ اللهِ، وَشُكرٌ لَهُ عَلَى مَا أَولاهُ، وَثِقَةٌ فِيمَا عِندَهُ. كَمَا أَنَّ الاستِيَاءَ مِنَ السَّيِّئَةِ في المُقَابِلِ، لَيسَ يَأسًا مِن رَوحِ اللهِ وَلا قُنُوطًا مِن رَحمَتِهِ، وَلا حُكمًا عَلَى النَّفسِ بِالهَلاكِ أَو سُوءَ ظَنٍّ أَو جَزَعًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَلَمٌ يُصِيبُ المُؤمِنَ المُستَنِيرَ القَلبِ، وَوَخزٌ في ضَمِيرِهِ، وَقَلَقٌ يَأخُذُ بِهِ بَعدَ الذَّنبِ كَمَا يَأخُذُ الأَلَمُ وَالقَلَقُ بِاللَّدِيغِ، فَلا يَهدَأُ بَالُهَ وَلا تَرتَاحُ نَفسُهُ حَتَّى يَشعُرَ بِخُلُوِّ جَسَدِهِ مِن أَثَرِ السُّمِّ وَشِفَائِهِ مِنهُ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ الله - أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَحَذَارِ مِنَ التَّهَاوُنِ وَالتَّسَاهُلِ، وَمَن لم يَنزَعِجْ لِمَعصِيَتهِ وَلم يَرتَعْ لَهَا قَلبُهُ، فَلْيَعلَمْ أَنَّ المَعَاصِيَ قَد تَرَاكَمَت عَلَى قَلبِهِ وَأَظلَمَ بِهَا فُؤَادُهُ، فَحَجَبَتهُ عَن رُؤيَةِ مَا يُحِيطُ بِهِ مِنَ الشُّرُورِ وَالآفَاتِ، وَقَطَعَتهُ عَن سُلُوكِ طَرِيقِ النَّجَاةِ، فَلْنُبَادِرْ إِلى التَّوبَةِ مَا دُمنَا في زَمَنِ المُهلَةِ، فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يَقبَلُ التَّوبَةَ وَيَعفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل تسرك حسنتك وتسوؤك سيئتك؟
  • هل تسوؤك سيئتك؟

مختارات من الشبكة

  • هل تسوؤك سيئتك (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • زوجي الفصامي تسوء حالته الصحية والنفسية(استشارة - الاستشارات)
  • الغلو في الصالحين: نتائج وخيمة وآثار سيئة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأذكار الماحيات للذنوب والخطايا والسيئات (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الصيام سبب لتكفير السيئات(مقالة - ملفات خاصة)
  • المشي إلى الجماعات يكفر الذنوب والسيئات (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج ودراسة حديث: "ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: منهم: رجل عنده امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها"(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الصلاة تكفر السيئات وترفع الدرجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار السيئة لضعف الوازع الأخلاقي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب