• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

رفع الملامة في بيان من لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة

رفع الملامة في بيان من لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2018 ميلادي - 18/5/1439 هجري

الزيارات: 18680

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رفعُ الملامَة في بيان

من لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70- 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كلِّ قولٍ وعملٍ يقرِّب إلى النار، اللهم آمين.

 

اللهمّ اجعل مجيئنا إلى هذا المسجد واجتماعنا فيه اجتماعا مرحوما، واجعل تفرُّقنا من بعده تفرُّقا معصوما، ولا تجعل فينا ولا منَّا ولا بيننا شقيًّا ولا محروما، اللهمّ آمين.

 

والمحروم يوم القيامة من حُرِم نظر الله، ومن حُرم كلام الله، من حُجب عن الله سبحانه وتعالى هو المحروم، نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة.

 

لذلك؛ من يرى الله جل جلاله يومَ القيامة ناجٍ، ومن يكلِّمه ربُّه فائز، ومن زكَّاه الله وطهره من ذنوبه فهو رابح.

ومن احتجبَ عنه ربُّه سبحانه فهو معذَّب، ومن قاطعه فلم يكلمْه خالقُه فهو محروم، ومن لم يزكِّه ويطهره من ذنوبه فهو الخاسر.

 

فمن هم الخاسرون المحرومون من كلام الله لهم، وتزكيته ونظره إليهم؟

إنهم الذين كتموا العلوم َالنافعةَ التي يحتاج إليها الناس، خصوصًا علومَ الدين الصافيةَ، وأحكامَ الشريعةِ النقيَّةَ، ولا يبثُّونها للناس إلاّ مقابل شيء من حطام الدنيا فقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ [البقرة: 174- 175].

 

إنه... وعيد شديد لهؤلاء الذين كتموا ما أنزل الله على رسله، من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله، أن يبيِّنوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوَّض عنه بالحطام الدنيوي، ونبذَ أمرَ الله، فأولئك عليهم أربعُ عقوبات:

1- ﴿ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ﴾ [البقرة: 174]؛ لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه في الدنيا، إنما حصل لهم بأقبح المكاسب، وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم.

 

2- ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [البقرة: 174]؛ بل قد سَخِط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظمُ عليهم من عذاب النار.

 

3- ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة: 174]؛ أي: لا يطهِّرهم من الأخلاق الرذيلة، وليس لهم أعمال تصلح للمدح والرضا والجزاء عليها، وإنما لم يزكِّهم سبحانه؛ لأنهم فعلوا أسباب عدم التزكية التي أعظم أسبابها العمل بكتاب الله، والاهتداء به، والدعوة إليه.

 

4- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ فهؤلاء نبذوا كتاب الله، وأعرضوا عنه، واختاروا الضلالة على الهدى، والعذاب على المغفرة، فهؤلاء لا يصلح لهم إلا النار، فكيف يصبرون عليها، وأنى لهم الجَلَدُ عليها[1]؟

 

أمَّا من استخفّ بالله العظيم، وتهاون باسم المنتقم الجبَّار جلَّ جلاله! فحلف بالله كاذبا؛ من أجل أن يروِّجَ بضاعةً أو سلعةً، ولينالَ من الدنيا حظًّا فانيا، فعليه خمس عقوبات، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77].

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [آل عمران: 77]، ويدخل في ذلك كُلُّ من أخذَ شيئا من الدنيا في مقابَلةِ ما تركَه من حقِّ الله أو حقِّ عباده، وكذلك من حلف على يمين يقتطع بها مالَ معصومٍ من الناس، فهو داخل في هذه الآية، والعقوباتُ الخمسُ هي:

1- ﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ﴾ [آل عمران: 77]؛ أي: لا حظَّ ولا نصيبَ لهم من الخير.

2- ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 174]؛ يوم القيامة غضبًا عليهم وسَخَطًا؛ لتقديمهم هوى أنفسهم على رضا ربهم.

3- ﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 77]؛ نظر رحمة أو مغفرة.

4- ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة: 174]؛ أي: لا يطهِّرهم من ذنوبهم، ولا يزيل عنهم عيوبهم.

5- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174]؛ موجعٌ للقلوبِ والأبدان، وهو عذابُ السخط والحجاب، وعذابُ جهنم، نسأل الله العافية[2].


ومن هؤلاء المحجوبون عن الله عزَّ وجل المختالون المتكبرون على خلق الله، وهم من طوَّلوا ثيابَّهم اختيالا، وجرُّوا ملابسَّهم تكبُّرا، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلِ الْإِزَارِ")[3].


وفي رواية؛ عَنْ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِحُجْزَةِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي سَهْلٍ)، الحُجْزَة: مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيل. [4] - وَهُوَ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: ("يَا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، لَا تُسْبِلْ إِزَارَكَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلِينَ")[5].


والمنَّان - أيضا - بما يعطي، يتصدق ويمن على الناس، فـعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ". [6]، فالمنان من يذكُر ما أعطاه وتصدق به ولو لواحد، يقال: (الـمِنَّةُ تَهدِم الصَنيعة)[7].


كذلك - ومن لا يبيع ولا يشتري إلا بيمين كاذبة، هذا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عجيب، وهو الحلف بالله كاذبا، إنه ما أجلَّ اللهَ جلَّ جلاله، ولا عرفَ عظمة الله سبحانه، استمعوا إلى هذا الحديث العجيب، لقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ؛ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ، وعُنُقُهُ مُنْثَنٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَهو يَقُولُ: سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ: لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا"[8].


("إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ) أَيْ: أذن لي أن أحدث عن عظمة جُثَّة ديك من خَلْق الله تعالى، يعني: عن ملك في صورة ديك، وليس بديك حقيقة...

(قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ)، أَيْ: وصلتا إليها، وخرقتاها من جانبها الآخر.


(وعُنُقُهُ مُنْثَنٍ تَحْتَ الْعَرْشِ)، أي تحت عرش الإله سبحانه (وَهو يَقُولُ: سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ) الله جل جلاله: (لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ: لا يعلمُ عظمةَ سلطاني وسطوةَ انتقامي (مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا")[9].

الديك يعلم وهذا الذي يحلف بالله كاذبا لا يعرف مدى عظمة الله.


وجمع هذه الصفات الثلاثة؛ المسبل والمنان والذي يحلف بالله كاذبا جمعها حديثُ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله -تعالى- عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: (خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟!) قَالَ: "الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ"[10].


[(ثلاثة) من الناس (لا يكلمهم الله) تكليم رضا عنهم، أو كلاما يسرّهم، أو لا يرسل لهم الملائكةَ بالتحية، و -لا يرسل لهم- ملائكة الرحمة.

 

ولما كان لكثرة الجمع مدخل عظيم -يكون على جمع من الناس، ومرأى ومسمع منهم قال:- في مشقة الخزي قال: (يوم القيامة)، -أي أن هذه الفضائح تكون يوم القيامة- الذي من افتضح في جمعه لم يفُز، (ولا ينظر إليهم) نظر رحمة وعطف ولطف، (ولا يزكيهم)؛ -ولا- يطهرهم من الذنوب، أو لا يثني عليهم، (ولهم عذاب أليم) مؤلم موجع، يعرفون به ما جهلوا من عظمته، واجترحوا من مخالفته -سبحانه-، وكرَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال أبو ذر: (خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟!) قال:

(المسبل إزاره)؛ - وهو الذي يرخي ثوبه خلفه كالطاووس، متكبِّرا مختالا على عباد الله - أي المرخي له، الجارُّ طرفيه خيلاء، وخَصَّ الإزار؛ لأنه عامَّةُ لباسهم، فلغيره من نحو قميص حكمه، -أي الذي يطيل ثوبه خيلاء.

 

(والمنان الذي لا يعطي) غيره (شيئا إلا مَنَّهُ)؛ [11] أي اعتدّ - وامتنَّ - به على من أعطاه، أو المراد بالمنِّ النقصُ من الحق، والخيانةُ من نحو كيل ووزن ومنه: ﴿ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴾ [القلم: 3]؛ أي منقوص.

 

(والمنفِّق سلعته) بشد الفاء؛ أي الذي يروِّج بيع متاعه (بالحلِف) بكسر اللام وسكونها (الكاذب) أي الفاجر، -نسأل الله السلامة.

 

قال الطيبي: جمع الثلاثة في قرن؛ لأن المسبلَ إزارَه هو المتكبِّر المرتفعُ بنفسه على الناس ويحتقرهم.

والمنَّان؛ إنَّما مَنَّ بعطائه لِما رأى من علوِّه على المعطَى له.

 

والحالف البائع يراعي غبطة نفسه، وهضمِ صاحبِ الحقّ، والحاصل من المجموع احتقار الغير، وإيثار نفسه، ولذلك يجازيه الله باحتقاره له، وعدم التفاته إليه، كما لوح به؛ لا يكلمهم الله...][12].

 

ومن المحرومين من كلام الجبّار جلّ جلاله، ونظرِه إليهم، وتزكيتِه لهم سبحانه؛ من يمنع فضل الماء عمَّن احتاج إليه، وهو الماء الزائد عن الحاجة، وهذا يكون في أصحاب الآبار وأصحاب المياه، الذين يمنعون ما زاد أن يشرب منه ابنُ السبيل أو الحيوان ونحو ذلك، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ، وَلَا يُمْنَعُ نَقْعُ الْبِئْرِ". [13]، و(نَقْعُ الْبِئْرِ، يَعْنِي فَضْلَ الْمَاءِ)[14].

فلا يمنع هذا يا عباد الله.

 

وكذلك أمر آخر من الذين لن يروا الله سبحانه وتعالى، والله يحرمهم من كلامه ومن رؤيته؛ مبايعةُ الإمام والملك والرئيس، والخليفة والأمير وانتخابُه، وتأييدُه من أجل الدنيا، فإن أعطاه وفَى له، وإلاّ؛ خانه وخرج عليه، وأثار الفتن في البلاد، وسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل قال فيه عليه الصلاة والسلام: ("وَمَنْ بَايَعَ") -وانتخب واختار- ("إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، ...")، فإن وجدت من إمامك معصيةً أو مخالفة؛ فقد قال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما في نهاية الحديث:... فـ(أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ)[15].


وهؤلاء المحرومون من نظر الله وتزكيته مصداق ذلك ما ثبت عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ"). ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [آل عمران: 77] [16].

 

وكلمة ("يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ") فإذا كان الحيوان لا يمنع من الماء، فكيف يمنع إنسان؟! و-لَا شَكَّ فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ مَا فَعَلَ، وَشِدَّةِ قُبْحِهِ، فَإِذَا كَانَ مَنْ يَمْنَعُ الْمَاشِيَةَ فَضْلَ الْمَاءِ عَاصِيًا، فَكَيْفَ بِمَنْ يَمْنَعُهُ الْآدَمِيَّ الْمُحْتَرَم؟

أمَّا إن كَانَ -الآدمي هذا غير محترم- اِبْنُ السَّبِيلِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، لَمْ يَجِبْ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُما[17].

 

الحربيّ هذا الذي يقاتل المسلمين فيه لا تقدم له الماء، لذلك هذا الرجل الذي منع الماء يأتي يوم القيامة،- ("فَيَقُولُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ").

 

(وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا")؛ -أَيْ: عَاهَدَ الْإِمَامَ الْأَعْظَم -وانتخبه-. [18]- ("لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا)، -أبايعك يا فلان؟ نعم لكن أكون وزيرا، أكون محافظا أكون مسئولا، أن تعطيني كذا من المال، فهذا لا يبايعه إلا لدنيا،- ("فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا") ("مَا يُرِيدُ") ("وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا، لَمْ يَفِ لَهُ") -أَيْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَة، مَعَ أَنَّ الْوَفَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا[19].

 

قال ابن حجر: - فِي الْحَدِيث وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي نَكْثِ الْبَيْعَةِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَام، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفَرُّقِ الْكَلِمَة، وَلِمَا فِي الْوَفَاءِ مِنْ تَحْصِينِ الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ، وَحَقْنِ الدِّمَاء، ... فَمَنْ جَعَلَ مُبَايَعَتَهُ لِمَالٍ يُعْطَاهُ، دُونَ مُلَاحَظَةِ الْمَقْصُودِ فِي الْأَصْلِ، - وهو حفظ الأمن والأمان، - فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا، وَدَخَلَ فِي الْوَعِيد الْمَذْكُور، وَحَاقَ بِهِ إِنْ لَمْ يَتَجَاوَزْ اللهُ عَنْهُ.

 

وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللهِ، وَأُرِيدَ بِهِ عَرَضُ الدُّنْيَا، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَصَاحِبُهُ آثِمٌ[20].

 

وممن لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، ثلاثة آخرون قرنوا في حديث واحد، وكلهم محرومون من تكليم الله لهم، وتزكيته ونظره إليهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ")[21].

 

وفي رواية؛ عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ")، - أَيْ: شيخ ٌكبيرُ السن، ويكون زانيا - ("وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ،...")[22].

أي فقير متكبرٌ على خلق الله جل جلاله.

 

الثلاثة هؤلاء لماذا جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد؟ انظروا إلى الترابط بينهم، الشيخ الزاني والملك الكذاب والعائل المستكبر، فـ [تَخْصِيصُه صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ؛ "الشَّيْخ الزَّانِي، وَالْمَلِك الْكَذَّاب، وَالْعَائِل الْمُسْتَكْبِر"، بِالْوَعِيدِ الْمَذْكُور سَبَبُه أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اِلْتَزَمَ الْمَعْصِيَة الْمَذْكُورَةَ مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ، وَعَدَمُ ضَرُورَتِه إِلَيْهَا، وَضَعْفُ دَوَاعِيهَا عِنْدَه -وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ-؛ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَة مُزْعِجَة، وَلَا دَوَاعِيَ مُعْتَادَة، أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ، وَالِاسْتِخْفَاف بِحَقِّ الله تَعَالَى، وَقَصْدَ مَعْصِيَتِه، لَا لِحَاجَةٍ غَيْرهَا.

 

فَإِنَّ الشَّيْخ لِكَمَالِ عَقْله، وَتَمَام مَعْرِفَته بِطُولِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَان، وَضَعْفِ أَسْبَابِ الْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ لِلنِّسَاءِ، وَاخْتِلَالِ دَوَاعِيهِ لِذَلِكَ، عِنْدَهُ مَا يُرِيحُهُ مِنْ دَوَاعِي الْحَلَال فِي هَذَا، وَيُخَلِّي سِرَّهُ مِنْهُ، فَكَيْف بِالزِّنَا الْحَرَام؟! - فعنده الحلال ويتركه، فكيف يزني؟ إذا عقوبته شديدة.

وَإِنَّمَا دَوَاعِي ذَلِكَ الشَّبَاب، وَالْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّة، وَقِلَّة الْمَعْرِفَة، وَغَلَبَة الشَّهْوَة، لِضَعْفِ الْعَقْل، وَصِغَر السِّنّ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ -الحاكم الرئيس الإمام- لَا يَخْشَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُدَاهَنَتِه وَمُصَانَعَتِه؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يُدَاهِنُ وَيُصَانِعُ بِالْكَذِبِ وَشِبْهِه مَنْ يَحْذَرُهُ، وَيَخْشَى أَذَاهُ وَمُعَاتَبَتَه، أَوْ يَطْلُبُ عِنْدَه بِذَلِكَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْفَعَة، وَهُوَ -أي الإمام- غَنِيٌّ عَنْ الْكَذِبِ مُطْلَقًا.

 

وَكَذَلِكَ الْعَائِلُ الْفَقِيرُ، قَدْ عَدِمَ الْمَال، وَإِنَّمَا سَبَبُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاء، وَالتَّكَبُّر وَالِارْتِفَاع عَلَى الْقُرَنَاء؛ -والناس هو الثروة في المال و- الثَّرْوَة فِي الدُّنْيَا، لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِيهَا، وَحَاجَاتُ أَهْلهَا إِلَيْهِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَه أَسْبَابُهَا، فَلِمَاذَا يَسْتَكْبِر -هذا الفقير- وَيَحْتَقِرُ غَيْره -من عباد الله؟!

 

فَلَمْ يَبْقَ فِعْلُه؛ أي فعل هذا الفقير المستكبر، وَفِعْلُ الشَّيْخِ الزَّانِي، وَالْإِمَام الْكَاذِب، إِلَّا لِضَرْبٍ -أو نوع- مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ الله تَعَالَى][23].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

نذكِّر بمن حرموا من تزكية الله سبحانه ومن نظره وكلامه؛ وهم من يكتمون علوم الشريعة، والمتكبرون المختالون بإسبال ثيابهم، والذين يمنون بعطاياهم، وَالْمُروِّجون سِلعهم بالأيمان الكاذبة، ومن يمنعون فضول الماء عمن يحتاجونه، ومبايعة الإمام والرئيس من أجل الدنيا، والشَيْخٌ الزَاني، وَالـمَلِكٌ الكَذَّابٌ، وَالفقير مُسْتَكْبِرٌ.

 

ونضيف إليهم يا عباد الله! ولا ينظر الله جل جلاله إلى من يعملون عمل قوم لوط، فيأتون أدبارَ الرجال أو النساء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله -تعالى- عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا يَنْظُرُ اللهُ عز وجل إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا")[24].

ولو كانت زوجته؟ ولو كانت زوجته! عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَأتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا: ("هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى")[25].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا")[26].


وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ أَتَى حَائِضًا") -أي جامعها- ("أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم")[27].

 

و -الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ -على هذا الفعل المنكر والعياذ بالله، إن كان في الزوجة فكيف بغيرها يا عباد الله؟- كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ[28].

 

إنّ المرأةَ التي تكْفُرُ زوجها فتعصيه ولا تطيعُه لا ينظر الله إليها يوم القيامة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ")[29].

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ")، فَقِيلَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَنْ الْفُسَّاقُ؟!) قَالَ: ("النِّسَاءُ")، فَقَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَوَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا، وَأَخَوَاتِنَا، وَأَزْوَاجَنَا؟!) قَالَ: ("بَلَى؛ وَلَكِنَّهُنَّ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ، وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ")[30].

ألا واعلموا عباد الله! أن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى بعض المصلين الذين يصلون فرادى أو في جماعات، فماذا فعل هؤلاء في صلاتهم حتى لا ينظر الله إليهم؟ إنهم الذين لَا يُقِيمُ أحدهم صُلْبَهُ في صلاته: عَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا يَنْظُرُ اللهُ عز وجل إِلَى صَلَاةِ رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ")[31].


وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ")[32].

[(لا تجزئ) عمَّا وجب، ولا تسقط ما كُلِّف به العبد، -في هذه الصلاة في الدنيا،- (صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبَه في الركوع) عند الانتصاب منه، -أي عندما يرفع رأسه، ويقول: (سمع الله لمن حمده)، فأقل شيء تقوله: (ربنا ولك الحمد)، أو يزيد عليها: (حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ... الخ)، أما مباشرة كاللعبة!! ما ينبغي هذا يا عباد الله.

 

(والسجود) عند القعود بين السجدتين، وهذا هو الاطمئنان الذي ... في هذين الركنين، اللذَين تساهل الناس فيهما فعلا، وتساهل العلماء عن النكير قولًا][33].

 

ألا وصلوا وسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

اللهم اجعلنا ممن تُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتُزَكِّيهِمْ، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وتتفضّل عليهم بالنعيم المقيم.

«اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، لا ضالِّين ولا مضلِّين، اللَّهُمَّ اهْدِنَا وَاهْدِ بِنَا، وَانْصُرْنَا وَانْصُرْ بِنَا.

اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، اللهم يا مصرِّفَ القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، اللَّهُمَّ وَنسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَشَوْقًا إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.

اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ».

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] انظر (تفسير السعدي) (ص: 82).

[2] انظر تفسير السعدي (ص: 136).

[3] (س) (5332)، (ن) (9699)، انظر الصحيحة (1656).

[4] فتح الباري.

[5] (حم) (18176)، (جة) (3574)، (ن) (9704)، (ش) (24835)، انظر (صَحِيح التَّرْغِيبِ (2039).

[6] (س) (5672).

[7] الصحاح (6/ 2207).

[8] (طس) (7324)، (ك) (7813) صَحِيح الْجَامِع (1714)، الصَّحِيحَة (150) صَحِيح التَّرْغِيبِ (1839).

[9] انظر (فيض القدير) (ج2/ ص208).

[10] (م) 171- (106).

[11] [("وَالْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّةً")، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، أَيْ إِلَّا مَنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ]. تحفة الأحوذي (4/ 337).

[12] (فيض القدير) للمناوي (3/ 329)، وانظر (التنوير شرح الجامع الصغير) للصنعاني (5/ 227، 228).

[13] (جة) (2479).

[14] (حب) (4955)، (الصحيحة) (2388).

[15] (م) 46- (1844).

[16] (خ) (2358).

[17] النووي (1/ 220).

[18] عون المعبود (7/ 468).

[19] شرح سنن النسائي (6/ 143).

[20] (فتح الباري).

[21] (م) (107)، (س) (2575).

[22] (كنز) (43821)، صَحِيح الْجَامِع (3072)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1788).

[23] بتصرف من شرح النووي (1/ 219).

[24] (ت) (1166)، (جة) (1923)، صَحِيح الْجَامِع (7802)، المشكاة (3194).

[25] (ن) (8996)، (حم) (6706)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (2425) غاية المرام (234).

[26] (د) (2162)، (حم) (10209)، صَحِيح الْجَامِع (5889)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (2432).

[27] (ت) (135)، (جة) (639)، وصححه الألباني في الإرواء: (2006)، والمشكاة (551).

[28] تحفة الأحوذي (1/ 162).

[29] (ن) (9135)، (ك) (2771)، انظر الصَّحِيحَة (289)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1944).

[30] (حم) (15704)، (ك) (2773)، انظر الصَّحِيحَة (3058).

[31] (حم) (10812)، (16326)، (طب) (ج8ص338) ح (8261)، انظر الصَّحِيحَة (2536)، وقال الأرناؤوط: حسن.

[32] (س) (1027)، (ت) (265)، (د) (855)، (جة) (870).

[33] التنوير شرح الجامع الصغير (11/ 88).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة)
  • من لا يكلمهم الله جل جلاله كلام رضا ومحبة
  • الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة (خطبة)
  • تنبيه الغافل اللاه بمن لا يكلمهم الله

مختارات من الشبكة

  • رفع اليدين في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علامات الرفع في اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عرض كتاب: رفع الارتياب في بيان أحكام إجازة القراءة والسماع عن بعد ومن وراء حجاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سنن الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإقالة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم رفع الحدث والخبث من ماء زمزم(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • مخطوطة رفع الإشكال عن صيام ستة أيام من شوال(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • رفع الإشكال عن صيام ستة أيام من شوال للحافظ العلائي(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم رفع اليدين يوم الجمعة عند دعاء الإمام(مقالة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • فائدة في النحو والإعراب(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب